جدل أمريكي صهيوني حول التطبيع مع المملكة السعودية .. بقلم توفيق المديني

تسعى إدارة الرئيس الأمريكي جوبايدن إلى ترسيخ رغبتها في التوسط في اتفاق تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية و الكيان الصهيوني ،وهي مستعدة لتقديم ضمانات أمنية للرياض، فضلا عن مساعدتها في برنامج نووي مدني من أجل تحقيق اتفاق التطبيع”.ولهذا ما انفك الرئيس الأمريكي يرسل بين الحين والآخر المسؤولين الأمريكيين إلى الرياض للتباحث مع القادة السعوديين حول هذا الموضوع.
فقدى قام بزيارة الرياض مؤخرًا ،ما تصفه الصحافة الأمريكية بـ”قيصر” البيت الأبيض في الشرق الأوسط بريت ماكغورغ، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، التي تأتي بعد نحو شهر من زيارة سابقة لمستشار الأمن القومي جيك سوليفان إلى الرياض، للهدف ذاته.ويشير تتابع الزيارات الأمريكية إلى “تصميم واشنطن على التوصل إلى تسوية طويلة”.
حدود وساطة بايدن في تطبيع العلاقات بين السعودية والاحتلال
يرى الكاتب غيديون راتشمان، في تقريره الذي نشره بصحيفة “الفاينانشيال تايمز، تحت عنوان: بعنوان “مساعي بايدن الضائعة للتوصل إلى اتفاق سعودي إسرائيلي”، أنَّ “واشنطن مستعدة لتقديم ضمانات أمنية للرياض، فضلا عن مساعدتها في برنامج نووي مدني من أجل تحقيق اتفاق التطبيع”
وأضاف الكاتب : “يقول أنصار الخطوة إنَّ اتفاق جو بايدن الكبير يبرز مكاسب تبدو مغرية، ومن شأنه أن يعزز السلام والرخاء والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، كما يدعم الولايات المتحدة في صراعها على النفوذ العالمي أمام الصين، فضلا عن كونه يعد إنجازا دبلوماسيا يتفاخر به بايدن في الوقت المناسب قبل الانتخابات الرئاسية عام 2024”.
ورأى الكاتب:أن الحديث عن اتفاق مرتقب “يأتي في وقت اتسمت فيه العلاقات السعودية الأمريكية بالتوتر في ظل إدارة بايدن، بعد أن أعرب الحاكم الفعلي للسعودية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عن غضبه من نشر تقرير من جانب الحكومة الأمريكية اتهمه بالتورط المباشر في اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الأمر الذي دفع إلى وصف الاستقبال الرسمي للرئيس الصيني، شي جين بينغ، عندما زار السعودية، بأنه أكثر دفئا بشكل ملحوظ من الاستقبال الذي حظي به بايدن”.
و”كانت الصين، وليس الولايات المتحدة، هي التي ساعدت في التوسط في إبرام سلام بين إيران والسعودية في مارس/آذار الماضي، كما انضم السعوديون مؤخرا إلى مجموعة بريكس، وهو ما يبدو على نحو متزايد وكأنه رد بكين على مجموعة السبع”، وفقا للكاتب الذي أكد “أن كل هذه الخطوات هيأت حالة من عدم الارتياح لدى واشنطن”.
وقال راتشمان إن “إدارة بايدن أرادت الانفصال عن الشرق الأوسط والتركيز على صعود الصين، بيد أن مغازلة الرياض وبكين ساعدت في إقناع البيت الأبيض بأن إعادة الانخراط في المنطقة خطوة ضرورية، وجزء من المنافسة العالمية على النفوذ أمام الصين”.
أما الكاتب الأمريكي توماس فريدمان، فقد نشر مقال في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية يوم 6سبتمبر 2023، تحدث فيه عن اتفاق السلام والأمن المعقد الذي يحاول فريق بايدن التوصل إليه بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية و الكيان الصهيوني .
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته “عربي21″، إنه بالنظر إلى التعديلات العديدة التي يمكن أن تتخذها هذه الصفقة، فإن هناك خيارًا وحيدًا يصب في مصلحة الولايات المتحدة. فهي صفقة من شأنها تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والسعودية، وتعزيز العلاقة الأمنية بين الولايات المتحدة والسعودية، والتقدم بشكل ملموس في حل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين؛ ولكنها تفعل كل ذلك بشروط من شأنها أن تسبب بالتأكيد تفكك الائتلاف الحاكم الإسرائيلي الحالي، الذي يقوده العنصريون اليهود اليمينيون المتطرفون الذين لم يتمتع أمثالهم بسلطات الأمن القومي في “إسرائيل” من قبل.
وبحسب الكاتب؛ فإن “من المؤسف أن هذه ليست النسخة التي يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الترويج لها. فلا يمكن التطبيع مع حكومة إسرائيلية غير طبيعية. ولن تصبح أبدًا حليفًا مستقرًا للولايات المتحدة أو شريكًا للسعودية. وفي الوقت الحالي فإن حكومة إسرائيل ليست طبيعية”.
وذكر الكاتب أن رئيس الموساد السابق، تامير باردو، حذر مؤخرًا من أن هذا التحالف الإسرائيلي، الذي قام نتنياهو بإنشائه لإبقاء نفسه خارج السجن بتهم الفساد، يشمل “أحزابًا عنصرية فظيعة”.
لقد تم بناء هيكل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية المستمر منذ 75 سنة حول إنقاذ “إسرائيل” من التهديدات العربية والإيرانية الخارجية. لذا فإن من الصعب على الدبلوماسيين الأمريكيين، والجيش الأمريكي، والمواطنين الأمريكيين، والمنظمات اليهودية الأمريكية أن يدركوا أن دورهم حاليًا يتمحور حول إنقاذ “إسرائيل” من التهديد اليهودي الإسرائيلي الداخلي، الذي يتجلى في الحكومة نفسها.
رفض إسرائيل للبرنامج النووي السعودي مقابل التطبيع
جدد رئيس وزراء دولة الكيان الصهيوني ، ورئيس المعارضة الحالي، يئيرلابيد معارضته لإمكانية موافقة الولايات المتحدة على برنامج نووي سعودي في إطار مباحثاتها مع الرياض حول اتفاق تطبيع محتمل، قائلا: “الديموقراطيات القوية لا تعرض مصالحها الأمنية للخطر في سبيل حل مشاكل سياسية”.
واجتمع لابيد الثلاثاء 5 سبتمبر 2023 مع كبار المسؤولين في البيت الأبيض ومستشاري إدارة الرئيس جو بايدن، بينهم عاموش هوخشتاين، المستشار الخاص لشؤون الطاقة، وبيرت مكغورك، مبعوث بايدن الخاص للشرق الأوسط.
وبعد الاجتماع انطلق مكغورك على رأس بعثة إلى المملكة السعودية ، لبحث مجموعة واسعة من القضايا الإقليمية، أبرزها التطبيع مع “إسرائيل”، كما سيجتمع مع بعثة فلسطينية، بحسب ما أعلن البيت الأبيض.
وقال لابيد: إنه “قلق من إمكانية تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية.. هذا يعرض أمن إسرائيل للخطر”.ويجري لابيد اجتماعات عمل مع مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ، بالإضافة إلى لقاء سيجمعه مع سفير الاحتلال في الولايات المتحدة مايك هرتسوغ، إذ أكد مكتبه أن هذه الاجتماعات يجريها في إطار زيارة إلى واشنطن تهدف إلى “تعزيز علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة”.وأضاف المكتب: “في إطار الاجتماع مع المبعوثين الخاصين نوقشت قضايا إقليمية مختلفة تتعلق بالشرق الأوسط والخليج”.
وفي 13 آب/ أغسطس الماضي، قال لابيد: “نرفض سباق تسلح نووي في منطقة الشرق الأوسط يمكن أن يعرّض إسرائيل للخطر”، محذرا من أن “توقيع اتفاق التطبيع مع السعودية بالشكل المطروح أو المعلن من خلال وسائل الإعلام الغربية سيقود إلى سباق تسلح نووي في المنطقة”، بحسب موقع “واللا” الإسرائيلي.وكان لابيد، قد أعلن معارضته لأي اتفاق تطبيع مع السعودية يتضمن تخصيب اليورانيوم في الرياض بدعوى تهديده لأمن “إسرائيل” والمنطقة.
ويذكر أن مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، ووزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، دعوا الشهر الماضي وزير الشؤون الاستراتيجية لدى الاحتلال، رون ديرمر، إلى أن تقوم حكومة نتنياهو بتقديم تنازلات للفلسطينيين كجزء من كل اتفاق مستقبلي مع السعودية.
ولم يبد ديرمر انفتاحا على اتخاذ خطوات كبيرة من جانب تل أبيب تجاه الفلسطينيين في سياق التطبيع مع السعودية، معتبرا أن “التنازل الإسرائيلي سيكون بمثابة استعداد لقبول برنامج نووي مدني في السعودية”.
ويأتي هذا بعد استبعاد سوليفان إمكانية “الإعلان القريب” عن التطبيع بين السعودية والاحتلال، وإمكانية حصول المملكة على قدرات نووية مدنية.وبعد ذلك أكد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أن “سياسة إسرائيل لا تزال تقضي بعدم امتلاك جيرانها في الشرق الأوسط برنامجا نوويا”، وذلك ردا على تصريحات وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، الذي قال إن تل أبيب قد توافق على مطلب السعودية بالحصول على برنامج نووي مدني.
وفي سياق تعثر مسار التطبيع بين المملكة السعودية و الكيا ن الصهيوني، من جراء تداعياته على صعيد السياسة الداخلية الإسرائيلية ، قال الجنرال الإسرائيلي تامير هايمان هو مدير معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، والرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، أن “اتفاق التطبيع الناشئ يتضمن عدة مطالب سعودية من الولايات المتحدة: تحالفا دفاعيا ثنائيا، وهذا مطلب بالغ الأهمية، سيعزز المملكة إلى حد كبير، واستعراض قوتها الإقليمية، ويمنع إيران من مهاجمتها مرة أخرى، ومن وجهة النظر الأمريكية فإنه قد يؤدي لدخولها في حرب مع إيران، بما يتعارض مع سياستها الحالية بالتركيز على الصين وروسيا، كما أن هذا التحالف يتطلب موافقة مجلس الشيوخ بأغلبية 67 عضوا، ما يعني أن موافقة الحزبين مطلوبة للموافقة على الصفقة”.
وأضاف الجنرال في مقال نشرته القناة الإسرائيلية 12 وترجمته “عربي21” أن “المطلب السعودي الثاني يشمل الموافقة على تخصيب اليورانيوم على أراضيها، مع أن المقصود ليس بناء مفاعل نووي، كما أن مطلب المملكة مختلف، لأنها ترغب بالسيطرة على إنتاج الوقود النووي، وهذه بالضبط القدرة التي تسعى إيران لتحقيقها منذ سنوات عديدة، ولهذا السبب عارضت إسرائيل الاتفاق النووي، أما المطلب الثالث فيتعلق بحصول المملكة على مزيد من الأسلحة النوعية الأمريكية، وهي بالتأكيد ليست أفضل مما لدى إسرائيل، ما سيضع المملكة في أفضلية نسبية مطلقة أمام أعدائها، وفي توازن نوعي معين ضد إسرائيل”.
وأشار إلى أن “المطلب الرابع يتضمن الملف الفلسطيني، سواء إعلان الالتزام بحل الدولتين، أو حق الفلسطينيين بتقرير المصير، وفتح قنصلية أمريكية في شرق القدس، وقنصلية فلسطينية في واشنطن، وتغيير وضعية الوفد الفلسطيني في الأمم المتحدة، وإجراءات مماثلة لتسريع التنمية الاقتصادية الفلسطينية، بما فيها تطوير حقل الغاز أمام غزة، وإنشاء ميناء بحري وجوي في أراضي غزة، وتسهيل الإفراج عن أموال الضرائب الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل على المعابر الحدودية، وتسهيل التنقل بين المناطق، والمناطق الصناعية المشتركة، وتجديد النقاش حول بروتوكول باريس الاقتصادي”.
وأوضح أن “المطلب السعودي الخامس يتضمن وقف النشاط الإسرائيلي الأحادي الجانب بعدم ضم الأراضي الفلسطينية، وتجميد البناء في المستوطنات، ومنع إنشاء بؤر استيطانية إضافية، وتجنب الدخول للأراضي الفلسطينية خاصة المنطقة “أ” قدر الإمكان، ونقل مزيد من الأراضي لسيطرة السلطة الفلسطينية، وفصل الكيان الفلسطيني عن إسرائيل، أي إنجاز اتفاق جديد لخريطة الطريق، من خلال عملية تدريجية، مع أنه على عكس الاتفاق مع الإمارات العربية المتحدة، فلن يتم هذه المرة تجميد الضم “فقط” إرضاء للمملكة، رغم أنه في ظل الظروف الحالية لا يتعلق الأمر بـ”دولة فلسطينية داخل حدود 67 وعاصمتها شرق القدس”.
خاتمة:في ضوء خيارات تنوع الشراكات مع الصين وروسيا،و انضمامها إلى منظمة البريكس ،وعودة العلاقات الدبلوماسية بينها وبين إيران،بإمكان أن تقود المملكة السعودية سياسة عربية رسمية، تدافع بشراسة عن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية وعاصمتها القدس،من دون أية علاقة تطبيعية مع الحكومة الصهيونية الفاشية بقيادة نتنياهو.أمَّا الحماية الأمنية التي تبحث عنها السعودية من أمريكا ، فيجب أن تكون جزءًا من الأمن القومي العربي، وهذا يقتضي من القادة السعوديين وغيرهم من القادة العرب الوطنيين، إعادة بناء النظام الإقليمي العربي وفق مقتضيات روح العصر،وانتهاج سياسة عربية مقاومة للمخططات الأمريكية الصهيونية التي تستهدف تصفية الصراع العربي-الصهيوني، وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Bu məqalədə, Pin-up Casino-nun daha əla bonusları haqqında danışacağıq və nəyin sizi gözləyə biləcəyini təsvir edəcəyik. bunun sayəsində Nedeni ise reklam alanların deneme bonusu vermediğini bir çok kez denk geldiğimizi biliyoruz. pul üçün Buna görə hər hansı vahid platformada bunu izləyən bir internet kullan? pin up mərc Kazino kataloqlarında təqdim olunan Pin Up casino seyrək rəngarəng slot maşınları demo rejimində işə salına bilər. etmək imkanı