تونس ” وطن بديل” للفارين من الحروب والفقر: مخيمات أوربية في تونس لمائتي ألف لاجئ افريقي ؟

كشفت مصادر ألمانية مطلعة عن وجود مخطط ألماني أوربي لايجاد ” وطن مؤقت ” أو ” وطن بديل ” في تونس لحوالي مائتي ألف لاجئ يتسللون سنويا إلى أوربا عبر بلدان جنوب البحر الابيض المتوسط وخاصة عبر تونس وليبيا والمغرب ..

وحسب نفس المصدر فإن عدة دول في الاتحاد الأوربي ـ بينها ايطاليا والمانيا واسبانيا وفرنسا ـ تساند مشروع منح تونس تمويلات سنوية قد تحوم حول مليار يورو ـ أي 2 مليار دينارـ مقابل السماح للفارين من حروب افريقيا وبلدان “الربيع العربي” بالاستقرار في تونس ” مؤقتا” في انتظار تحسن الأوضاع في مواطنهم الاصلية .

في المقابل تحدثت مصادر أخرى عن منح “مساعدات مالية ” مباشرة من قبل الحكومات الأوربية وبينها سلطات برلين الى اللاجئين الناجين من الموت في البحر الأبيض المتوسط في صورة إقامتهم في مخيمات خاصة بالقرب من الحدود الليبية التونسية .

وكان تقرير نشرته صحيفة “دير شبيغل” الألمانية ، يوم 3 ديسمبر الجاري، كشف عن مخطط رسمي أعدته الحكومة الألمانية ” تعتزم بفضله تعقيد طريق اللجوء إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط بشكل كبير”.

أزمة في ايطاليا وألمانيا

و حسب الصحيفة الألمانية فإن الإجراءات التي يفترض تنفيذها مطلع 2017 تقررت بسبب تراجع قدرات البلدان الاوربية المطلة على البحر الابيض المتوسط وخاصة ايطاليا على استيعاب مزيد من اللاجئين ” غير القانونيين ” بعد أن ارتفع هؤلاء من بضعة آلاف سنويا الى حوالي مئاتي ألف بعد ” االثورات العربية ” ـ وخاصة ليبيا وسوريا واليمن ومصرـ واندلاع سللسة من الاضطرابات والحروب المدمرة في دول الساحل والصحراء الافريقية من ليبيا الى مالي والتشاد والنيجر ونيجيريا ..

ولا يخفى أن كل تلك الحروب والاضطرابات عقدت الاوضاع الامنية والاجتماعية والاقتصادية في الدول العربية والافريقية بما تسبب في مضاعفة اعداد المرشحين للفرار من الفقر والموت نحو اوربا .

وقد ساهم زحف اعداد هائلة من المهاجرين غير القانونيين الافارقة والعرب على اوربا في ” تزايد تأثير النزعة العنصرية ” على الناخبين في عدة دول اوربية بينها ايطاليا والمانيا وفرنسا ..

بأي حق ؟

لكن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا السياق : بأي حق يقرر وزير داخلية ألمانيا وغيره من المسؤولين الامنيين والسياسيين الاوربيين مسألة ” استضافة ” تونس للاجئين العرب والافارقة في مخيمات ” مؤقتة “؟

واذا كان من حق الحكومة الألمانية أن تخشى موجة جديدة من اللاجئين الوافدين عبر إيطاليا إلى ألمانيا في عام الانتخابات 2017 فبأي حق تسعى إلى تسوية أزمتها وأزمة أوربا على حساب تونس ودول جنوب البحر الابيض المتوسط ؟

وبأي حق يمكن للمسؤولين في الاتحاد الاوربي اعتبار الاراضي التونسية والحدود الليبية التونسية ” مخيما كبيرا” للإيواء اللاجئين الفارين من الفقر والحروب إلى أوروبا ؟

وإذا سلمنا بحقها في محاولة إعادة هؤلاء اللاجئين إلى “البر الأفريقي” بعد إنقاذهم من حالتهم الطارئة في البحرفهل يمكن تسوية الازمة عبر قرارات سياسية أمنية فوقة لا تكون الاطراف السياسية والاجتماعية في تونس والدول العربية والمغاربية طرفا فيها ؟.

توريط الامم المتحدة ؟

ولعل من بين المفارقات أن التقرير الالماني الاوربي أورد أن الأمم المتحدة هي من سيتولى إدارة هذه “المخيمات المؤقتة ” داخل التراب التونسي؟؟.

صحيح أنه نسب لرئيس الشرطة الألمانية الاتحادية في وزارة الداخلية، هيلموت تايخمان، أنه يبحث مع زملائه في إيطاليا وفي المفوضية الأوروبية دعم “الخطة الالمانية ” مع اقراره بضرورة ابرام اتفاقية بين ألمانيا وبين دول العبور الأفريقية للمهاجرين غير القانونيين وبينها تونس.

لكن هذه المبادرة ستكون مجددا ” اضاعة للوقت ” في الحلول الترقيعية .

لماذا ؟

لأن لجوء مئات الآلاف من مواطني الدول العربية والافريقية الى الهجرة غير القانونية سببه الفقر والحروب والازمات الامنية والسياسية والاجتماعية .

إذن فالحل يبدأ من تسوية الاسباب العميقة للهجرة ومن بينها وقف حروب ليبيا وسوريا واليمن والعراق ومالي والتشاد ونجيريا ..ثم انجاز مشاريع تنموية حقيقية توفر موارد رزق لعشرات الملايين من الفقراء والعاطلين عن العمل في الدول العربية والافريقية …ضحايا سياسات الاستغلال والاستعمار القديم والجديد ..

كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *