تونس بعد 6 سنوات من الثورة …؟

مغرب نيوز- عزيزة بن عمر

بعد 6 سنوات من اقتلاع جذور نظام زين العابدين بن علي الاستبدادي  الجاثم فوق صدور التونسيين لعشرات السنينمن ثم تحول شرارة الثورة التونسية  إلى كرة ثلج تدحرجت في دول الربيع العربي كله لتقتلع أنظمةو تفشل في الإطاحة بأنظمة أخرى . 

المشهد السياسي في تونس بعد6 سنوات من الثورة:

ففي 21ديسمبر 2014 أقرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بفوز الباجي قايد السبسي برئاسة الجمهورية من ثم اختيار كتلة حزب “نداء تونس” التي تحوز على أغلبية الأصوات في مجلس نواب الشعب “الحبيب الصيد” رئيساً للحكومة في فيفري 2015, الحبيب الصيد  الذي كان وزيرا للداخلية في حكومة الباجي قائد السبسي الذي تولى هذا المنصب بتعيين من الرئيس المؤقت فؤاد المبزع  في 27 فيفيري 2011، بعد استقالة رئيس الوزراء محمد الغنوشي و قام الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي في 13 ديسمبر 2011 بتكليف حمادي الجبالي الأمين العام لحركة “النهضة” آنذاك بتشكيل الحكومة الجديدة، و عين الصيد مستشارا للأمن القومي للجبالي خلال حكم النهضة التي قادت البلاد عقب انتخابات المجلس التأسيسي عام2011.

فترة حكم المرزوقي: 

وقع انتخاب المنصف المرزوقي رئيسا مؤقتا للبلاد في 12 ديسمبر 2011 من قبل المجلس الوطني التأسيسي الذي تم  انتخابه من قبل الشعب بعد الثورة ،حيث حصل المرزوقي على أغلبية أصوات المجلس “153” صوتا و اعترض عليه ثلاثة أشخاص فقط ،و امتنع اثنان عن التصويت في حين ترك 44 آخرون بطاقاتهم بيضاء .

ولم يكن وصول المرزوقي للسلطة هو أحد أبرز التغيرات الكبيرة في المشهد التونسي  بعد الثورة ،فلقد سبقه و أعقبه تغييرات كبرى منها صعود حزب حركة النهضة بقيادة راشد الغنوشي و فوزه في انتخابات المجلس الوطني بحصوله على 90 مقعدا من إجمالي مقاعد المجلس البالغ عددها 217 ،وذلك في شهر اكتوبر 2011 ثم مني بهزيمة  أمام حزب نداء تونس بقيادة السبسي.

 انتخابات المجلس التأسيسي 2011:

جرت هذه الانتخابات في الفترة 20 إلى 23 أكتوبر 2011 وكانت الانتخابات الديمقراطية الأولى بعد زمن طويل من التزوير و القمع و الاستبدادوفاز فيها  حزب “حركة النهضة” الإسلامي بغالبية كبيرة.

الاغتيالات في تونس:

في 6 فيفري 2013، اغتيل المعارض التونسي شكري بلعيد، الأمين العام لحزب الوطنيين االديمقراطيين الموحد، و أحد مؤسسي تيار الجبهة الشعبيةو الذي عرف بمواقفه الانتقادية اللاذعة . 

في نفس السنة وقع  اغتيال النائب في المجلس التأسيسي محمد البراهمي في 25 جويلية بالتزامن ذكرى عيد الجمهورية ,الذي كان يشغل خطة الأمين العام  لحزب حركة الشعب.

الارهاب يطفو على الساحة التونسية:

لم تسلم تونس من انتشار السلاح العشوائي منذ عام 2011 خاصة مع تصاعد وتيرة العنف مع الجارة ليبيا و كانت سنة 2013 سنة سوداء في تاريخ تونس المعاصر عمليات ارهابية و اغتيالات سياسية و استهداف المناطق المدنية المختلفة على غرار عمليتي “باردو” و “سوسة”, وقد تبنى ما يعرف بتنظيم  الدولة الارهابية العديد من العمليات في تونسا ستهدفت أبناء المؤسستين الأمنية والعسكرية على غرار  تفجير الحافلة التي كانت تقل الأمن الرئاسي في العاصمة في 25 نوفمبر 2015 و هذا ما أدى إلى إعلان الرئيس التونسي حالة الطوارئ آنذاك. 

أحداث بن قردان الارهابية:

في 7مارس 2016 شهدت مدينة بنقردان هجوم مسلح  على الحدود مع ليبيا بانتصار القوات الأمنية و العسكرية بإيعاز من أهالي الجهة حيث تم  القضاء على 49 إرهابيا و القبض على 9 آخرين.

 دستور 2014:

بعد سنتين و نصف السنة من العمل صادق المجلس الوطني التأسيسي التونسي على الدستور  الجديد في 26 جانفي 2014بأغلبية الأصوات .

جائزة نوبل و تعاظم دور المجتمع المدني:

منحت اللجنة النرويجية القائمة  على جوائز نوبل، في 9 اكتوبر الماضي جائزة نوبل للسلام للرباعي الراعي للحوار الوطني في تونس ، لـ”دوره الفاعل في عملية بناء الديموقراطية في تونس، بعد ثورة 2011″. وهو مؤلف من أربع منظمات هي الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة و التجارة والصناعات التقليدية، و الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، و نقابة المحامين التونسية.

حيث أصبح دور المجتمع المدني دور محوري في مراقبة أداء الحكومة وممارسة الضغوط اللازمة لتصحيح الأمورمنذ الإطاحة بحكم بن علي . وهذا ما ساعد على صون المسار الانتقالي، رغم الهزات التي شهدها في محطات عدة. من أبرز هذه المنظمات الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر مؤسسة نقابية في تونس، وقد فرض متابعة ومراقبة دقيقة للأداء الحكومي، و لم يتوانَ في تنفيذ إضرابات كادت تعصف بالائتلاف الحاكم في أكثر من مناسبة. لم يكتف الاتحاد بلعب دور المراقب للأداء الحكومي، بل أمسك بزمام المبادرة أكثر من مرة، ولعب دور الوسيط بين الأطراف السياسية في بعض الأزمات التي مرت بها البلاد. كما لعب دوراً أساسياً خلال إشرافه على الحوار الوطني، واقتراح حلّ مفصّل للخروج من الأزمة السياسية حينذاك.

الحكومة الثانية بعد الانتخابات:

بعد الجدل بخصوص حكومة الحبيب الصيد وقع تكليف يوسف الشاهد في 7 أوت 2016 بتكوين حكومة وحدة وطنية بعدما منحها البرلمان التونسي الثقة بأغلبية اللأصوات ب168 مؤيدا بينما عارضها 22 و احتفظ 5 نواب بأصواتهم من أصل 195 نائبا حضروا الجلسة آنذاك و تعهد الشاهد بأنه سيعمل على تحقيق الهدف  الرئيسي الذي يتعلق بجعل تونس بعد ثلاث سنوات أكثر أمنا ولديها توازن اقتصادي و تجديد سياسي متحديا الصعوبات التي ستعرفها تونس خلال 2017.

 قانون المصالحة الاقتصادية في تونس:

أصدر الرئيس السبسي مشروعاً بقانون جديد في سبتمبر الماضي، يتعلق بطي صفحات الماضي وعودة رجال الأعمال و كبار الاقتصاديين، الذين ارتبطت أسماؤهم بالفساد في عهد بن علي، وهربوا من البلاد بعد سقوطه، وذلك بإقرار عفو عام عنهم. وقد لاقى القانون جدلاً كبيراً ليس فقط في صفوف مجلس النواب، بل أيضاً بين ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني.

جلسات الاستماع لهيئة الحقيقة و الكرامة:

تحت حكم الرئيس المخلوع  زين العابدين بن عليو سلفه بورقيبة عرفت سجون تونس أحلك فتراتها، وشهدت معاناة عشرات آلاف التونسيين. كما عانى التونسيون من القمع البوليسي و الموت تحت التعذيب إلا أن الإيمان بتحقيق الديمقراطية في تونس بدأ يتفعل و تحقيق الانتقال الديمقراطي من خلال هيئة الحقيقة و الكرامة رغم الجدل الواسع حول شخصية سهام بن سدرين إلا أن الهيئة بدأت بجلسات الاستماع العلنية في 18 نوفمبر  2016 التي اعتبرها البعض بأنها أهم حدث حصل في تونس منذ سنوات و ما لها من أهمية في كشف المستور و تحقيق أهداف العدالة الانتقالية.

 

و يبقي السؤال قائما هل تغير شيء في تونس بعد الثورة ؟

 وفقا لاستطلاع للرأى أجرته مؤسسة “سيجما كونساي”  على عدد منالمواطنين أفاد بأن 76 % ممن شملهم الاستطلاع أنهم  يعتبرون ما جرى فى تونس ثورة، وأنهامن أكبر الإنجازات في حين رأى 65 % أن الثورة لم تحقق أهدافها في مجال الحد من البطالة و تحسين الأوضاع الاقتصادية و رأى 40 % أن الوضع الأمني  قد تحسن علي وقع الضربات  ضد الجماعات المتشددة، ورأى 24 % فقط  أن الوضع الاقتصادي قد تحسن ،أما النتيجة التي لاقت تقريبا شبه إجماع من التونسيين هي أن المكسب الأول للثورة التونسية هو الحريات حيث رأي 84 % ممن شملهم الاستطلاع أن الحرية هي الشيء الوحيد الذي تحقق من الثورة التونسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *