تونس:هل بدأ يوسف الشاهد يشتغل للحساب الخاص؟ بقلم بحري العرفاوي

1: حسن “النوايا” وفنون “الحساب”
عندما نتكلم عن سياسي ونطرح مثل هذا السؤال فقد نُتهمُ بالسذاجة لأن ما من سياسي إلا وهو يشتغل للحساب الخاص أي لحساب حزبه أو جماعته أو جبهته أو لشخصه لكونه سياسيا له طموحاته الشخصية داخل حزبه وداخل السلطة وداخل الدولة.
ولكن أرى أن طرح السؤال مستفزّ لأصحاب النوايا الطيبة وللمطمئنين لكون التوافقات يمكن أن تؤلف بين قلوب المتوافقين ويمكن أن تنزع ما في قلوبهم من “غِلٍّ” أي من حسابات خاصة ومن رغبة غريزية في “هزْم” المتوافق لجعل توافقاته لاحقا اضطرارية تابعة لا اختيارية نِدّيّةً.
الصحبي بن فرج النائب في البرلمان والتابع لحزب الشاهد كتب يوم 07 فيفري الجاري تدوينة عن المدرسة القرآنية فيها كثير من الشحن الإيديولوجي والغمز السياسي لينتهي بالقول: “هكذا تشتغل منظومة “الاسلام في خطر”، فكيف تشتغل منظومة الدفاع عن مدنية الدولة وحداثية المجتمع؟ بنفس الوحدة؟ بنفس التضامن؟ بنفس التنسيق؟
على قلب رجل واحد أم على صيغة ” كل حزب بما لديهم فرحون” ؟
أفلا تتدبّرون؟ أم على قلوبٍ أقفالها؟”


نزار عياد أحد المحامين وينتمي لحزب الشاهد كتب يوم 07 فيفري على صفحته ممتدحا خطة الشاهد في التصدي لحركة النهضة ومنتقدا أسلوب اليسار في محاربتها ـ قبل أن يحذفها بعد ثلاثة أيام سبب ردود الفعل ـ :
“درس سياسي بإمتياز لليسار الذي يكيل غباء التهم المباشرة الى حركة النهضة مما زاد في رص صفوفها و إلتفاف قواعدها حول قياداتهم، خوفا من العودة الى السجون . محاربة النهضة سياسيا ليست بالصراخ و النعيق و العويل في البرامج التلفزية ، بقدر ما هي عمل ميداني لإستئصال ما خلفه حكمها من دمار في المجتمع، دمار لم تكن لتصل إليه لولا مساندة منافسيها الأغبياء. بعد هذه الصفعة، التي نسبها الكثير ببلاهة الى الصحفي القدير حمزة، … قطع رئيس الحكومة مسافة كبيرة نحو طموحاته وكأنه يقول الي عندو ساقين يخلط” : الي عندو سقين
هدى سليم نائبة عن حزب الشاهد كتبت على صفحتها يوم 09 فيفري

#”تحيا_تونس سوف تكون الحركة التى ترجع حركة النهضة إلى حجمها الطبيعى (وهو صغير جدا) و تجمع أغلب القوى الديمقراطية المنورة و تنهض بتونس إلى أعلى المراتب. المسألة مسألة وقت، و هذا وعد ! مودتى” ! 

منذ يومين أيضا كتب وليد جلاد أحد المطرودين من “مشروع” تونس والملتحق بحزب الشاهد يزعم اصطفاف لطفي زيتون مع الباجي ضد الشاهد، وهو بغمزته تلك يهدف إلى دق إسفين في جسم النهضة للإيهام بكونها مخترقة من بعض أنصار الباجي وهو استهداف سيء وغير بريء.
عندما نُورد مثل هذه المواقف لمنخرطي حزب الشاهد وهم ليسوا من عموم الناس إنما هم على درجة من الوعي السياسي والتحصيل العلمي فإنما نُريد أن نكشف بأنها ليست مجرد زلات قدم ولا مجرد تجليات عاطفية حماسية بقدر ما هي نُطق ب”مكتوم” أو هو فضح لأسرار ولخطة ربما تُنسج خيوطها في “الخفاء” وليس في السياسة عاطفة وبرّ بالكبير، إنما تحرك دائم لقطع اللعبة المسماة “سياسة”.
ظهور السيد يوسف الشاهد التلفزي كان مدروسا بعناية إذ جاء لينفي ما اعتبره “إشاعات من هنا وهناك” وليؤكد أن الإتفاق مع نقابة الأساتذة كان اتفاقا بين الحكومة وقيادة الاتحاد وليدافع عن المربين وليعترف بمشروعية مطالبهم وليُحيي أمين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، وهو بذلك يُريد تجريد حركة النهضة من “مكاسب” سياسية ربما أراد بعض منتسبيها تحقيقها من خلال ترويج كلام للصحفي صافي سعيد مفاده أن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي هو من تدخل لدى السلطات القطرية التي التزمت بدفع قسط من المبلغ المالي المتفق عليه في إطار اتفاق زيادات للأساتذة (نفى الاستاذ راشد ذلك)، وهو بإشادته بالإتحاد ربما أراد النأي بنفسه عن خطاب التحريض ضد الاتحاد واستهداف قياداته سواء على الصفحات الاجتماعية أو من خلال مسيرة “أولياء غاضبون” حين توجهوا من شارع بورقيبة إلى ساحة محمد علي ورفعوا شعارات عديدة منها ما هو ضد الاتحاد وبعض رموزه ـ ولا نعلم إن كان في الأمر اختراق مخطط لأهدافه اللاحقة ـ.
قد تكون قيادات النهضة مطمئنة إلى شريكها في التوافق والحكم ولكن قد تُدخل تصريحاتُ متتاليةٌ لمنتسبي حزب الشاهد قلقا لدى جمهور في النهضة فيظنون أن ما يُصرح به هؤلاء السياسيون هو “الحقيقة” المخفية وأن ما يبدو عليه الشاهد إنما هو مجرد “ابتسامة” سياسية لا تُصرفُ في ميادين “اللعب” حين تحين ساعات “الفرز” بين قوى يسميها الشاهد “تقدمية” وبين قوى يَنظر إليها حلفاء الشاهد على أنها “تقليدية” وتصرخ هي عاليا أنها”وطنية” “توافقية” “ديمقراطية”.
هل يكون على الشاهد أن يُصرح بوضوح ودون احتمالات التأويل بأن ما صدر من مثل تلك المواقف لا تمثل خيارات الحزب ولا أخلاقياته ، أم إنه سيعتبر ذلك داخلا في حرية التعبير والتنوع داخل حزبه “تحيا تونس”.

2: وشهد الشاهد على نفسه
من حق يرسف الشاهد ـ كما غيره ـ اختيار حلفائه السياسيين وهو الذي ظل يؤكد على أنه ينتمي إلى الصف الحداثي التقدمي ولعله بذلك يرسل برسائل للمعرضة التي تصنف نفسها تقدمية بكونه ليس بعيدا عنها وأنه قد يعقد معها تحالفات انتخابية أو سياسية في المحطة القادمة أثناء وبعد انتخابات 2019.
ولعل ما يحول توجسات كثير من أبناء النهضة إلى “معطيات” هو ما صرح به السيد يوسف الشاهد خلال زيارته الأخيرة لباريس وفي حواره مع صحيفة لوفيغارو حين قال:”لست متحالفا مع حركة النهضة،رئس الجمهورية الباجي قائد السبسي هو من أتى بها في إطار وثيقة قرطاج وحكومة الوحدة الوطنية”.
الباجي هو نفسه من أتى بالشاهد باعتباره مؤسسا لحزب النداء الفائز بانتخابات 2014 ولكنه “خرج” عنه وكون كتلة برلمانية ثم بعث حزبا وهو رئيس حكومة، ولعل هذا ما أوقع حركة النهضة في “حرج أخلاقي” بالمعنى السياسي حين يُتهم شريكها في الحكم بكونه يستعمل سلطته ومقدرات الدولة في خدمة حزبه، غير أنها ظلت تبرر موقفها المساند للشاهد بكونها تدافع عن “الإستقرار” وليس عن شخص الشاهد ولا عن حكومته.
لعل مطالبة عديد السياسيين في المعارضة وبعض الأصوات المستقلة بضرورة حل الحكومة وبعث حكومة تصريف أعمال وإشراف على الانتخابات حماية لحظوظ الجميع على قدم المساواة هو الذي جعل الأستاذ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة يصرح يوم الأحد 17 فيفري الجاري بالمنستير بأن النهضة تتشاور مع عديد الأطراف حول “حكومة أنتخابات”.
مثل هذا الإجراء ـ رغم تعقيداته ـ سيُعفي الساحة السياسية ويُعافيها من توترات وتشكيات وسيجعل الجميع ينصرف للعمل على توفير أقصى ما يمكن من حظوظه في انتخابات تبدو كأنه تُقدم على عجلة من أمرها ومن أمر الساسة في تونس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Bu məqalədə, Pin-up Casino-nun daha əla bonusları haqqında danışacağıq və nəyin sizi gözləyə biləcəyini təsvir edəcəyik. bunun sayəsində Nedeni ise reklam alanların deneme bonusu vermediğini bir çok kez denk geldiğimizi biliyoruz. pul üçün Buna görə hər hansı vahid platformada bunu izləyən bir internet kullan? pin up mərc Kazino kataloqlarında təqdim olunan Pin Up casino seyrək rəngarəng slot maşınları demo rejimində işə salına bilər. etmək imkanı