تركيا تستخرج نفطها من خلال السياح

2.2 مليون طن هو احتياطي النفط في تركيا التي تحتاج سنويًا إلى 28 مليون طن لسد حاجتها. وتعد هذه الكمية المحدودة السبب الرئيسي في دفع تركيا للتخطيط إلى تحويل نفسها لمركز رئيس لنقل النفط والأنواع الأخرى من موراد الطاقة من خلال ربط ينابيع الدول المنتجة بمحطات الدول المستهلكة عبر خطوط الأنابيب الناقلة التي ستمر فوق أراضيها.

ورأى الخبير الاقتصادي “ياووز سمارجي” أن تركيا لا تملك النفط والغاز الطبيعي، ولكنها تملك مصدرًا بديلًا لذلك وهو السياحة، موضحًا أن دخل السياحة السنوي لتركيا يقابل تصدير 900 مليون برميل نفط بسعر يبلغ متوسطه 40 دولارًا للبرميل.

ولذلك يعد ترسيخ تركيا لعائدها من السياحة نقطة أساسية في تثبيت دعائم التنمية المستدامة حسب سمارجي، الذي أوضح أن الدول المنتجة للنفط بدأت تعاني من نقص حقيقي في الدخل بسبب انخفاض أسعار النفط على مستوى عالمي، وبالطبع لم تتأثر تركيا ولن تتأثر بهذه الهزة كونها تعتمد على مصدر متجدد وهو الاستقرار السياسي ومستوى عالٍ من الخدمات، الأمر الذي يجعل الحصول عليه بشكل مستمر أمرًا ممكنًا.

وفيما يتعلق بالتوزيع العادل للدخل، أكّد سمارجي أن الدخل الناتج عن السياحة يتوزع على المواطنين بشكل مباشر أو غير مباشر أكثر عدلًا من دخل النفط، مبينًا أن دخل تركيا السنوي من السياحة يتراوح بين 30 و40 مليار دولار توزع على ملايين الناس الذين يعملون في مجال السياحة والمجالات الاقتصادية الأخرى المغذية للقطاع السياحي.

ووفقًا لسمارجي، فإن تركيا لا تحتاج إلى التنقيب عن النفط بتكاليف باهظة لاستخراجه وبيعه محليًا وعالميًا من أجل رفع دخلها القومي، بل تحتاج إلى رفع مستوى خدماتها السياحية لأنه سيدر عليها أرباحًا كثيرةً في السنوات المقبلة، مشيرًا إلى دراسة نشرت مؤخرًا أفادت بأن التوقعات الخاصة بقطاع السياحة في تركيا هي على النحو التالي:

ـ يتوقع أن ترفع تركيا دخلها من السياحة إلى 50 وحتى 70 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة.

ـ اكتساء تركيا بثوب الديمقراطية الحقيقية بعد إرساء النظام الرئاسي أو بقاء النظام البرلماني أمر متوقع في السنوات الخمس القادمة، ويتضمن ذلك مستوىً عاليًا من الحريات التي تشكل العامل الأساسي في استقطاب السياح من جميع دول العالم، ولا سيما من الدول الأوروبية التي تعد المصدر الأول للسياح القادمين لتركيا.

ـ وفقًا لبيانات مؤسسة الإحصاء التركية فإن 30% من السياح القادمين لتركيا خلال عام 2015 من خريجي الجامعات، و15% منهم من طلاب الماجستير، و25% من طلاب الثانوية العامة، وهذا ينم عن تنامي السياحة العلمية في تركيا، وهذا النوع من السياحة له فائدة أكبر من الأنواع الأخرى كونها تشمل الإقامة المؤقتة.

ـ ويُتوقع أن تنمي السياحة الغربية مبادئ الحريات والديمقراطيات في تركيا، مما سيعود بنتائج إيجابية على المواطنين الأتراك، على العكس من دول النفط التي يصطبغ معظمها بصبغة سلطوية.

ـ أثبتت الدراسات أن دول النفط اضطرت لتخفيض سعر النفط لمقارعة التمدد الروسي في المنطقة، ممّا كان له أثر سلبي على وضعها الاقتصادي، ولم يصب هذا التأثير السلبي تركيا كونها تعتمد على مصادر دخل غير مرتبطة بالنفط، الأمر الذي أكسبها استقرارًا سياسيًا واقتصاديًا، ولكنها ما زالت تعاني من الهجمات الإعلامية، ولكي تقوض تركيا هذه الهجمات لا بد لها من تنشئة كوادر بخبرة ولغات أجنبية، ومن المرتقب أن تحصل تركيا على هذه الكوادر بغضون سبعة سنوات، مما يعني أنها سترد على الهجمات الإعلامية التي تستهدف اقتصادها وسياحتها بعد سبعة سنوات، ممّا ينذر بمواسم سياحية مزدهرة بعد هذه الفترة.

ويذكر أن تركيا استقبلت خلال عام 2015 36 مليون سائح، 35 مليون منهم سائح أجنبي، مسجلة انخفاضًا عن عدد السياح القادمين إليها خلال عام 2014، حيث بلغ تعدادهم 41 مليون، ويعود ذلك بحسب سمارجي إلى الأعمال الإرهابية التي استهدفت تركيا، مشيرًا إلى أن رفع هذا العدد منوط بحجم الاستقرار السياسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *