من النيجر الى بوركينافاصو و مالي .. الشاهد ورحلة البحث عن تعديل بوصلة الديبلوماسية الاقتصادية في افريقيا

بقلم اسيا العتروس
واغادوغو – بوركينا فاصو كتبت اسيا العتروس
تختتم مساء الخميس الجولة الماراطوتية لرئيس الحكومة يوسف الشاهد عبر ثلاث محطات بين دول افريقيا الغربية و التي انطلقت الاثنين من العاصمة النيجرية نيامي, التي كانت سجلت زيارة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة في 12 ديسمبر 1962 ليعود اليها الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي في جوان 2014 , مرورا بالعاصمة البوركينية واغادوغو على أن تختتم في العاصمة المالية باماكو .رحلة يوسف الشاهد الى هذه المنطقة لدول جنوب الصحراء الافريقية الأولى منذ توليه منصبه قبل سبعة أشهر اشبه بسباق مع الزمن وهي تمتد على نحو اثنان وثمانون ساعة زمنية مزدحمة بالمواعيد واللقاءات الرسمية وغير الرسمية بحثا عن فرص استثمارية واقتصادية جديدة في منطقة واعدة ظلت طويلة بعيدا عن اهتمامات الديبلوماسية التونسية . بين السياسي والاقتصادي اختار الشاهد أن يكون الوفد المرافق له في جولته الحكومية وبالإضافة الى قائمة وزراء التنمية و التعاون الدولي و الصحة و التشغيل و كل من منظمة الأعراف ودارالمصدر أكثر من ثمانين من رجال الاعمال من مختلف الاختصاصات و القطاعات لتعزيز فرص التعاون القائمة ولكن أيضا لاستكشاف المزيد من الفرص في منطقة تزخر بالطاقات والثروات الطبيعية و باتت محل تنافس القوى الاقتصادية الكبرى التي تبحث عن التوسع هناك .


جولة الشاهد الافريقية تأتي أيضا في أعقاب زيارة الى شمال السودان حيث تم توقيع أكثر من عشرين اتفاقية مع هذا البلد في إشارة واضحة الى صحوة ديبلوماسية تونسية للعودة الى الحضن الافريقي .
من نيامي الى واغادوغو شدد يوسف الشاهد على تطلع تونس الى تعزيز العلاقات من اجل مستقبل افضل لشعوب المنطقة مراهنا على أهمية اطلاق الرحلات الجوية المباشرة بين تونس و نيامي والتي ما انفكت تسجل ارتفاعا بمسبة 8 بالمائة شهريا منذ اطلاقها في جوان 2016 .
وهو يعتبر أن في تدشين السفارة التونسية في بوركينافاصو إشارة مهمة على الإرادة السياسية التونسية للانفتاح على المحيط الافريقي الذي يصفه بالمحيط الطبيعي .كما يعتبرأن في اعفاء بوركينافاصوالتونسيين من التاشيرة خطوة مهمة لتشجيع رجال الاعمال التونسيين على البحث على الفرص الاستثمارية المتاحة في هذا البلد .و هو أيضا ما ترجمته تصريحات رئيسة منظمة الأعراف وداد بوشماوي التي شددت على أهمية الرهان على السوق الافريقية و قالت بوشماوي خلال المنتدى الاقتصادي التونسي النيجري “نعم اخطأنا نحن الافارقة بالابتعاد عن بعضنا البعض و تجاهل بعضنا البعض و عدم الانتباه الى الإمكانيات الافريقية المتاحة ” بوشماوي دعت الى الاستفادة من دروس الازمات الاقتصادية التي أطلقت ناقوس الخطر لاعادة الارتباط مع الجذور الافريقية و لاجل أن تكون الثروات الافريقية لصالح الشعوب الافريقية أيضا ..


-افريقية ..العودة الى افريقيا والاستفادة من الفرص المهدورة
بالنظر الى لغة الأرقام فان حجم المبادلات التجارية بين تونس و شركاءها من دول غرب افريقيا و ان تضاعفت فانها تظل محدودة برغم كال الافاق و المجالات المتاحة .و في بلد مثل النيجر الذي يعد احد اكبر دول المنطقة نحو 17 مليون نسمة ولكن أحد افقر دول العالم أيضا فانه يظل ورشة مفتوحة في مختلف المجالات تتطلع الى ذكاء وفطنة الكفاءات التونسية و قدرات رجال الاعمال و الباحثين عن الفرص المستقبلية الى رصد إمكانية تكريس التجربة التونسية في اكثر من مجال لعل أهمها الصحي و الفلاحي والبناء والتجهيز وقطاع الخدمات في بلد يعاني ابناءه من الفقر والتخلف والأوبئة و ضياع الفرص رغم كل ما يزخربه باطنه من ثروات نفطية ومائية ومن يورانيون وذهب و معادن ..
بوركينافاصو وتعني في المخيال الشعبي لهذا البلد “ارض الرجال الشرفاء” فهي تبقى المفاجاة فعلا في هذه الجولة اذ وبخلاف نيامي المحطة النيجيرية فان واغادوغو تبدو مدينة عصرية اكثرتنظيما واشراقا .ولا شك أن هذا البلد الذي وجه للعالم رسالة مهمة في اعقاب محاولة الانقلاب العسكري الأخيرة في أكتوبر الماضي والتي رفضها الراي العام بإعلان تمسكه بقيم الانفتاح و الحرية والديموقراطية تعكس توجها جديدا في هذا البلد الواقع في قلب افريقيا و الذي يشترك في حدوده مع ستة دول افريقية .
بول كابا تيبيا Paul kabba thieba الوزير الأول البوركيني كان حريصا على التأكيد على أهمية الموازنة بين التنميةو بين الديموقراطية و قد أشار الى ثلاث ركائز أساسية للتطور المطلوب و أولها الحكم الرشيد و الاستقرار و شفافية الاحكام و القوانين الاستثمارية و التجارية الكفيلة بتعزيز ثقة المستثمر الى جانب الاستثمار في الراس مال البشري في بلد يعد 19 مليون نسمة و يحتاج بالتأكيد الى الاستفادة من قدرات الكفاءات التونسية في اكثر من مجال ..من الواضح أن يوسف الشاهد أعاد فتح الأبواب في هذه المنطقة الواعدة من افريقيا امام رجال الاعمال التونسيين من مختلف الاختصاصات والقطاعات ومن مختلف الأجيال لخوض المغامرة في منطقة لا تخلو من التحديات والصعوبات على مختلف المستويات واولها الصعوبات الطبيعية و الجغرافية و لكنها منطقة مستقبلية واعدة تتطلع بعد عقود من الاستعماروعدم الاستقرار الى استعادة موقعها الطبيعي و استفادة شعوبها المحرومة من ثرواتها المسلوبة لا بفعل هيمنة القوى المتنفذة فقط و لكن بحكم الامية و الجهل و التخلف وغياب الطاقات و القدرات التي جعلت مصيرها مرتهنا بعيرها ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *