بعد 8 أعوام عن الثورة.. بين رهانات السياسيين على السفارات.. و “أجندات” الدم و الثأر ؟ .. بقلم كمال بن يونس

في الوقت الذي احتفل فيه آلاف النشطاء السياسيين والنقابيين أمس في شارع بورقيبة وساحة اتحاد الشغل ، وفي مدن عديدة ، بالذكرى الثامنة لثورة جانفي 2011 ، تجاهلت أغلب القنوات التونسية الذكرى أو همشتها وخصصت أغلب فقراتها لبرامج رياضية ومنوعات “ترفيهية”…


لكن الشعارات المرفوعة وكثرة ألوان “الخيام السياسية ”  والغياب الكامل لممثلي عدة أطراف سياسية ، بينها “حزب النداء” و” انصار حزب يوسف الشاهد – سليم العزابي ” والدستوريين ، أثبت مرة أخرى خطورة التجاذبات السياسية والايديولوجية  في البلاد ، واحتمال استفحالها خاصة إذا تأكد تورط مجموعات ضغط اقتصادية وسياسية داخلية وخارجية في تأجيجها ..
أثبت الاف المتظاهرين السلميين مرة أخرى رهانا على حسم الخلافات السياسية سلميا بعيدا عن المنعرجات الأمنية والعسكرية  وعن العنف والارهاب.
لكن بعض الشعارات التي رفعت كانت ” اقصائية ” و” عنيفة ومتشنجة ” تؤكد عمق  أزمة الثقة التي وقع تفجيرها منذ 8 أعوام بين ” الإخوة الأعداء” و” حلفاء الأمس” ، في مرحلة التحركات المشتركة ضمن جبهة 18 أكتوبر2005 وغيرها من الهيئات السياسية والحقوقية والنقابية ..
+ وقد أكدت بعض شعارات أمس أن جريمة اغتيال المناضلين القوميين اليساريين محمد البراهمي وشكري بلعيد لا تزال تلقي بضلالها على المشهدين السياسي والنقابي الوطني ، وأنها تعمق الخلافات بين بعض الأطراف السياسية ، بما يذكر بأجواء 2013 عندما بلغ الأمر حد التلويح علنا ب”الثأر” و” الدم”..
و توشك التجاذبات أن تستفحل ، حسب البعض ، تحت تأثير عدد من ” اللوبيات الأجنبية” من جهة  و المهربين وبعض “المافيات” المستفيدة من اضعاف الدولة ودفع المنطقة نحو العنف والإرهاب وسقوط جرحى وقتلى وتوظيف ” دماء الشهداء والجرحى” في خطة تعميق التناقضات الداخلية من جهة أخرى ..
++ وفي الوقت الذي أكدت فيه التصريحات الجديدة الصادرة عن السفيرين الفرنسي والأمريكي ، ونظرائهم الاوربيين ، دعم دولهم ل” الانتقال الديمقراطي والمسارين التنموي والانتخابي التونسي” ، يضخم كثير من النشطاء دور السفارات الفرنسية والامريكية والالمانية والبريطانية وبعثة الاتحاد الأوربي ، ويتهمونها بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد ومحاولة عرقلة ” المسار الديمقراطي والانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة” ..
++ في الأثناء ينتقد رجال الأعمال استفحال البيرقرواطيية والرشوة ومناخ العمال ويشكو الفقراء من تدهور أوضاعهم والطبقة الوسطى من فقدان أكثر من 40 بالمائة من قدرتها الشرائية…
في المقابل تشكو الحكومة من ” تسويف ” البرلمان لعدد من مشاريع القوانين الاصلاحية وبينها قانون الصرف وقانون الطوارئ الاقتصادية ..
وتعمقت حيرة ملايين العائلات بسبب الاضطرابات و تدهور خدمات قطاعات استراتيجية ، مثل التعليم والصحة والنقل والضمان الاجتماعي والادارة …
++ فهل من الأسلم في مثل هذا المناخ تدخل كبار صانعي القرار لإنقاذ الموقف أم التورط مجددا في المعارك الايديولوجية والسياسوية والاتهامات المتبادلة بالتطرف والعنف والارهاب بما يتسبب في تعميق معاناة المواطن وأزمات البلاد؟
++ لقد أثبتت دراسات استراتيجية معمقة أن ” لوبيات ” و”مافيات” دولية كانت وراء تفجير ” ورقتي الدم والثأر” في أغلب الدول العربية بين التيارات العروبية واليسارية والاسلامية ” ، خدمة لأجندات استعمارية ولإستراتيجية ” فرق تسد”وتوريط الحكومات والأطراف السياسية في حروب استنزاف وفي حرب عالمية بالوكالة ..
فمتى يتحرر صناع القرار من الحسابات الضيقة والنظرة القصيرة ويستحضروا حجم التحولات الجيو استراتيجية والاجندات الاستعمارية التي تستهدف البلاد وكامل  الوطن العربي ؟
ومتى يتحررون من موروث المعارك الايديولوجية الموروثة عن مرحلة الحرب الباردة وتبادل الاتهامات بالتخوين والولاء للسفارات الاجنبية ؟
..عسى أن تنتصر البراغماتية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *