بعد 6 أعوام عن ” ثورة الشباب”: المصالحة أم الفوضى الشاملة ؟

تونس – مغرب نيوز

بعد 6 أعوام عن ” ثورة الشباب”:

 المصالحة أم الفوضى الشاملة ؟

هل يتوقف الدوران في حلقة مفرغة ؟

  • هل الحل في تنظيم ” انتخابات سابقة لأوانها “؟

 

قبل 6 أعوام يوما يوما بالضبط كانت أغلب المدن التونسية ” تغلي” في أعقاب تحركات احتجاجية شبابية انطلقت في الصائفة في الجنوب وتوسعت في ديسمبر وجانفي لتشمل الوسط والشمال الغربي ثم العاصمة وكامل البلاد .

ومع اقتراب موعد 14 جانفي الذي كان منطلق ” الثورات العربية” تعود اسئلة كثيرة الى السطح .

ولعل أهم اشكالية تفرض نفسها اليوم في كل الاوساط من قصري الرئاسة والحكومة الى البرلمان وصولا الى الاحياء الشعبية في سيدي بوزيد والقصرين وتالة والزهروني وحي التضامن هو : متى يتوقف الدوران في حلقة مفرغة ؟ ومتى يتحقق الخروج من عنق الزجاجة ؟

وهل الحلول ينبغي أن تكون أساسا اقتصادية أم يجب التمادي في مسلسل ” المغامرات ” السياسية والتحويرات والدعوات للانتخابات السابقة لأوانها ؟

إذا سايرنا بعض استطلاعات الرأي وبينها ” باروماتر ايمرود” فإن نسبة التشاؤم شعبيا في ارتفاع لكن الاغلبية يؤكدون على نجاح السلطات في “تحقيق مكاسب جديدة “.

كما لايزال أكثر من ثلثي الشعب متفائلين بمستقبل البلاد رغم تأكيد 65 بالمائة من المستجوبين على وجهة نظر تعتبر أن الوضع الاقتصادي في تدّهور رغمالتعهدات المالية الكبيرة التي قدمتها الصناديق والمؤسسات العربية والإسلامية والدولية لتونس بمناسبة تنظيم المؤتمر الدولي للاستثمار والتي قدر رئيسا الجمهورية الباجي قائد السبسي والحكومة يوسف الشاهد قيمتها بحوالي 34 مليار دينار ( أي حوالي 15 مليار دولار ).

توظيف لوسائل الإعلام ؟

لكن نسبة المتشائمين والمتخوفين من المخاطر الارهابية ارتفعت حسب خبراء في الاعلام والاتصال بسبب ” تخصيص مساحات كبيرة جدا في القنوات التلفزية الصفحات الاولى للجرائد لملف الارهاب وقضية ” العائدين من بؤر التوتر” منذ زيارة رئيس الدولة الى بلجيكيا وفرنسا .

فهل يتعلق الأمر ب” توظيف ” مقصود لوسائل الاعلام ولحوارات رئيس الدولة بهدف ممارسة ضغوطات جديدة على مؤسسات الدولة من قبل أطراف لا تريد الاستقرار في البلاد؟

ومن المستفيد من انخراط وسائل إعلام ” شبه رسمية ” في هذه الحملات الإعلامية رغم سلسلة التوضيحات التي قدمها رئيس الحكومة يوسف الشاهد والمستشارة في قصر قرطاج سعيد قراش ووزير الداخلية الهادي المجدوب ثم الرئيس قائد السبسي شخصيا ؟

ما هي الطبخة التي تعد على نار هادئة ؟

قانون المالية واتحاد الشغل

وفي الوقت الذي تناقضت فيه التقييمات لحجم الاحتجاجات الشبابية الجديدة في القصرين عاد بعض السياسيين والنقابيين للتلويح ب” ثورة جديدة ” ..

وقد سبق لبعض النواب من الجبهة الشعبية أن حذروا خلال مناقشتهم لقانون المالية وميزانية الدولة من ” ثورة شبابية اجتماعية جديدة قد تكون اخطر عنفا من سابقتها ” بسبب استفحال معضلات البطالة والفقر والتهميش.

لكن ” مفاجآت” عديدة غيرت المعطيات ..

وكانت ” المفاجأة الأكبر” توصل الحكومة والبرلمان واتحاد الشغل وقيادات الأحزاب إلى توافق حول قانون المالية وميزانية الدولة وحول جدولة الزيادات في الأجورفي الوظيفة العمومية ..وعلى فتح حوار حول زيادات القطاع الخاص ..

وكانت النتيجة الايجابية الأولى الغاء الاضرابين العامين اللذين سبق للقيادة النقابية أن لوحت بهما .

وهكذا اتضح أن ” ميزان القوى الاجتماعي السياسي” أصبح لصالح التفاوض والتوافقات وليس لصاح القطيعة والتصعيد ..

لكن ماذا عن الجبهة السياسية ؟

خلافات ..ومد وجزر

حسب خبراء اقتصاديين بارزين ـ مثل الاستاذ مصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي السابق ـ ووزير المالية سابقا الياس فخفاخ لا يمكن الفصل بين الاصلاحات الاقتصادية الاجتماعية والارادة السياسية .

في نفس الاتجاه يؤكد بعض الخبراء الاقتصاديين المستقلين ـ مثل رضا الشكندالي ـ على كون حجم العجز في ميزانية الدولة وثغرات ” قانون المالية”مسائل يمكن معالجتها بسهولة إذا تحقق قدر أكبر من التوافق السياسي حول أولويات المرحلة القادمة ومن بينها التخفيض في المبلغ المخصص للطرقات والجسور والبنية التحتية وفي الزيادات المقررة في المبالغ المرصودة للسيارات الادارية والمنح الخصوصية لكبار المسؤولين في الدولة .

وكانت المواقف ” الوسطية ” لامين عام اتحاد الشغل حسين العباسي مهمة في استبعاد سيناريو القطيعة والصدام ..

وضعية ليست كارثية ؟

ولا شك أن ثقة الخبراء وعموم المواطنين في مصداقية استطلاعات الرأي تختلف حسب المراحل والفئات ..

لكن يمكن الحديث عن ” خيبة أمل ” عريضة في صفوف الشباب والفئات المهمشة والطبقات الضعيفة بعد 6 أعوام عن ” ثورة الشغل والحرية والكرامة “.

فلقد تحسن هامش الحريات عموما . لكن نسب البطالة والفقر والتهميش ارتفعت ..

ولا كرامة بدون شغل لائق ومحترم ..

لكن تقارير معاهد الدراسات الجامعية والاممية تسجل في نفس الوقت أن الأوضاع ليست كارثية في تونس رغم ” هشاشتها “.

وتفسر هذه الهشاشة بعوامل ظرفية تونسية بحتة من بينها الاضطرابات الاجتماعية والهجومين على متحف باردو وفندق سوسة ثم على حالفة الامن الرئاسي.

لكن نفس التقارير تسجل أن تونس تأثرت سلبا بدرجة غير مسبوقة بالازمة الاقتصادية العالمية التي انطلقت في امريكا وبعض بلدان أوربا في 2008 و2009 ثم توسعت لتشمل غالبية دول الاتحاد الأوربي الشريك الأول لتونس بنسب تحوم حول ال70 بالمائة .

يضاف الى كل ذلك تدهور الاوضاع الامنية والاقتصادية في الشقيقة ليبيا بما حرم تونس من عشرات الاف فرص العمل ومن مليارات من الدنانير كانت توفرها المبادلات الرسمية وغير الرسمية .

الوحدة الوطنية أم القطيعة والصدام  ؟

في هذا المناخ العام عاد الترويج في الكواليس لمقترح تنظيم انتخابات جديدة سابقة لأوانها ..

وهنا تبرز تباينات بين من يريدها برلمانية فقط ومن يطالب بأن تكون في نفس الوقت تشريعية ورئاسية ..مثل جاء على لسان سليم الرياحي رئيس حزب الوطني الحر؟؟؟

في المقابل يبدو أن قيادات الصفوف الاولى في احزاب النداء والنهضة والجبهة الشعبية والجمهوري ليست مع خوض مثل هذه المغامرة ..على الاقل حاليا..

ويبدو “الاجماع المؤقت ” كبيرا داخلها على اعطاء الاولوية للانتخابات البلدية والجهوية التي تأخرت 6 أعوام كاملة ..

في المقابل أكدت كلمة رئيس الجمهورية الى الشعب بمناسبة ليلة رأس السنة  على مطلب ” الوحدة الوطنية ” ، وعلى خيار التوافق  بين ابرز الاطراف السياسية والاجتماعية ..

في نفس الاتجاه أدلى وزير الخارجية السابق القيادي في حركة النهضة رفيق عبد السلام بتصريح أورد فيه أن ” تونس مخيرة بين التوافق الوطني والسيناريو الليبي لا قدر الله “..

فلمن ستكون الكلمة الأخيرة ؟

كمال بن يونس 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *