بعد 35 عاما عن تأسيس الاتحاد المغاربي : المطلوب سياسات اقتصادية وأمنية وخارجية جديدة .. بقلم كمال بن يونس

بعد 35 عاما عن تأسيس الاتحاد المغاربي :

المطلوب سياسات اقتصادية وأمنية وخارجية جديدة

بقلم كمال بن يونس

35 عاما مرت على قمة تأسيس الاتحاد المغاربي في مدينة مراكش التاريخية يوم 17 فيفري 1989 …

بحضور مئات الخبراء والوزراء والعاهل المغربي الراحل الحسن الثاني وولي عهده الملك الحالي محمد السادس ورؤساء ليبيا وتونس والجزائر ومويتانيا معمر القذافي و زين العابدين بن علي والشاذلي بن جديد و معاوية ولد الطابع…

و 66 عاما مرت على قمة مدينة طنجة التي جمعت في افريل 1958 زعماء الحركات الوطنية المغاربية وقيادات جبهة التحرير الجزائرية وحزب الاستقلال المغربي والحزب الدستوري التونسي وزعيمه الحبيب بورقيبة.

عشرات السنين مرت كذلك على تزامن اندلاع تحركات وطنيةمغاربيةمشتركة ضد القوى الاستعمارية الفرنسية و الايطالية ثم النازية الألمانية…

رغم ذلك لم تتحقق المخططات الطموحة والالاف التوصيات التي صدرت عن المؤتمرات الرسمية والشعبية الداعية إلى المضي بنسق اسرع في تكريس شعارات “تقاطع المصالح الاقتصادية والامنية والتكامل في مختلف المجالات”…

نجحت خطوات ثنائية ثلاثية عديدة في تشجيع التنسيق الامني والاقتصادي و ترفيع قيمة المبادلات التجارية وتسهيل تنقلات المسافرين ورؤوس الأموال والسلع…

لكن الاحصائيات الرسمية تكشف ان الحصيلة ماتزال” ضعيفة جدا “..رغم أهمية الخطوات التي قطعت في مجالات الشراكة الأمنية وتحسين البنية الأساسية والاطار القانوني…

هل يمكن أحياء المشروع المغاربي مجددا؟

طبعا..وبكل تاكيد… نعم..

ففي عصر تشكل تجمعات اقتصادية و عسكرية وسياسية دولية كبرى ، تزايدت احاجة الدول المغاربية الى المضي في تفعيل القرارات والتوصيات الصادرة منذ عقود عن الزعماء الوطنيين و الحكومات والاكاديميين حول بناء آليات مغاربية مشتركة تكرس “تقاطع المصالح “بين سلطاتها ومجتمعاتها ونخبها…

فالسياسة هي “الابن الشرعي” لخدمة المصالح المشتركة…

واذا كانت المنطقة المغاربية ماتزال تعاني من مخلفات ازمات ورثتها عن الحقبة الاستعمارية ومرحلة “الحرب الباردة”، فإن مبادرات ثنائية واقليمية كثيرة احيت خلال العقود والاعوام الماضية المشروع المغاربي الذي اعتمده مؤتمر طنجة 1958 ثم بدأ مسار تفعيله منذ قمة تأسيس الاتحاد المغاربي في مراكش فبراير 1989.

وقد كانت مرجعية ذلك المسار نجاح منطقة شمال افريقيا في تحقيق وحدتها مرارا منذ كانت عاصمتها قرطاج ثم القيروان… وصولا إلى تشكيل دولة تمتد من ليبيا إلى الاندلس مرورا بتونس والجزائر والمغرب…

وتنقل العاصمة المغاربية مرارا بين القيروان وتونس وتاهرت الجزائريةوفاس ومراكش في المغرب..

واليوم تجد دول المنطقة نفسها مجددا بين خياري الرهان على “المسارات الوطنية” والاجندات المحلية من جهة وتفعيل “العمل المشترك” من جهة أخرى.

ولعل من بين ما يرجح الكفة لفائدة الخيار الثاني تراكم الازمات الاقتصادية والامنية والجيو استراتيجية عالميا و اقليميا إلى درجة تنازل دول صناعية غنية في العالم عن “الحياد” و” الاستقلالية المبالغ فيها” وانضمامها إلى تكتلات عسكرية امنية واقتصادية وسياسية مثل الحلف الاطلسي والاتحاد الاوربي او شنغهاي وبريكس وتكتلات دول أمريكا اللاتينية وشرق اسيا.. الخ

لكن من بين ما يساعد على ترجيح سيناريو تفعيل ” العمل المشترك” بين الدول المغاربية وفق قاعدة “تقاطع المصالح اولا “، الرصيد الثري من الدراسات العلمية والاف المؤتمرات والاجتماعات الرسمية والشعبية والورشات العلمية حول ايجابيات البناء المغاربي وكلفة “اللامغرب”Le coût du non Maghreb بالنسبة للمجتمعات و الحكومات والقطاع الخاص.

لذلك لا بديل عن تحرك حكومات الدول الخمسة وجامعاتها ومراكز الدراسات وقوى المجتمع المدني فيها خدمة لمصالح شعوبها ومائة مليون من مواطنيها على المستويات التالية :

اولا المستوى الاقتصادي

لان كلفة اللامغرب حرمان دول المنطقة من نسب نمو اضافية تتراوح بين نقطتين و اربعة نقاط ، وحرمان دولها والقطاع الخاص فيها من فرص تحقيق الاندماج والتكامل افقيا وعموديا جنوب -جنوب ومع الفضاءات التي تشكل “العمق الجيو استراتيجي ” لبلدان شمال افريقيا اي اوربا وبلدان افريقيا جنوب الصحراء والمشرق العربي الاسلامي .

+ ثانيا ،المستوى الاجتماعي :

تحقيق توازن بين ” المسارات الوطنية ” وتكريس “تقاطع المصالح ” بين الدول المغاربية سيفتح افاقا اجتماعية ومهنية واجتماعية لملايين الشباب والعاطلين عن العمل والفقراء والمهمشين الذين عجزت “انماط التنمية التقليدية ” للدول الوطنية في استيعابهم و الاستفادة م قدراتهم و مواهبهم.

وسيساهم ذلك في التحكم في الظواهر الاجتماعية التي انتشرت في المنطقة وبينها التفكك الاجتماعي والاسري و ارتفاع نسب الادمان على المخدرات و التسكع والانحراف والعنف والتطرف والانتحار والطلاق. الخ

+ ثالثا، المستوى الامني :

ذلك أن تفعيل المشروع المغاربي سوف يخفف الاعباء الامنية للدول الوطنية الخمسة داخليا وخارجيا ، وسوف يساهم في معالجة الاسباب العميقة لظواهر التطرف والارهاب والجريمة المنظمة و الارهاب والهجرة غير النظامية ..

ولابديل في كل الحالات عن تطوير التنسيق الامني لان امن المنطقة مسؤولية حكوماتها وشعوبها وليس الشركاء الاجانب…

+ رابعا، المستوى العسكري والاستراتيجي :

يمهد تفعيل المشروع المغاربي لتخفيف التوترات الثنائية والاقليمية بما يؤدي الى تخفيض النفقات العسكرية( التي تجاوزت مئات الالاف المليارات) واحتواء النزاعات ثم استثمار نسبة من موازنات التسلح الحالية في برامج ومشاريع تنموية مغاربية واقليمية مشتركة واخرى محلية .

+ خامسا، على المستويات السياسية و الديبلوماسية:

يساهم المشروع المغاربي و تفعيل حد أدني من تقاطع المصالح مغاربيا في احياء اليات التحرك السياسي والديبلوماسي المشترك والتفاوض الجماعي في التجمعات الإقليمية.

في نفس الوقت لابد من الإقرار، انه مهما تحقق من تقاطع في المصالح والمواقف المشتركة مغاربيا ،فان الاجندات الوطنية ومسارات كل دولة حسب اولوياتها الخاصة سوف تبقى قائمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *