بعد إقرار التعديل في قانون المخدرات: تخفيف عقوبات الإدمان.. هل يحد من تفشيه؟

من المقرر أن يحال مشروع القانون المنقح للقانون 52 الخاص باستهلاك المخدرات «الخفيفة» على البرلمان بعد أن صادق عليه مجلس الوزراء في جلسة ممتازة أشرف عليها رئيس الجمهورية يوم الأربعاء الماضي.

هذا المشروع «المثير للجدل» سيكون قابلا للنقاش والتعديل في مجلس النواب على ضوء الانتقادات التي ستوجه إليه ..كما قد يكون منطلقا للكشف عن نقائص وثغرات بالجملة في تونس من بينها غياب مراكز علاج وتأهيل لمئات ألاف من الشباب المدمن..وغياب سياسة»وقائية» حقيقية لمنع الغالبية الساحقة من أطفال تونس وشبابها في الوقوع في فخ عصابات الترويج في المدارس والمقاهي وكل المواقع العمومية والخاصة.

لكن ما هي أهم الملاحظات التي يمكن توجيهها لهذا المشروع الحكومي حول تعديل الفصل 52؟

أولا ما هو فحوى التعديل الذي اقترحته وزارة العدل ووافق عليه مجلس الوزراء بحضور رئيسي الجمهورية والحكومة؟

وهل سيساهم في معالجة مأساة العائلات المنكوبة بتورط أبنائها في الإدمان أم سيزيد أزماتها تعقيدا وسيسهل تورط بقية أبناء تونس وبناتها في استهلاك «المخدرات الخفيفة» ثم «حبوب الهلوسة» ثم «الثقيلة» مثل الكوكايين والهيروين..؟

من عامين إلى 6 أعوام سجنا

حسب توضيحات وزارة العدل، فإن المشروع الحكومي الجديد شدد العقوبة على المروجين للمخدرات وخففها عن المستهلكين وهو «يميز بشكل واضح بين المستهلك والمروّج» و حرص على «تشديد العقوبة والمحافظة على الطابع الزجري الرادع للجرائم المتصلة بالاتجار غير المشروع في المخدرات التي غالبا ما تكتسي طابعا منظما وعابرا للحدود الوطنية.

ما هي العقوبات بالنسبة للمروجين؟

حسب وزارة العدل فان العقوبات الخاصة «بفئة المروجين» تتمثل أساسا في المعاقبة بالسجن من عامين إلى ستة أعوام كل من يسلم أو يعرض على الغير مخدرات دون مقابل بهدف الاستعمال الشخصي في غير الحالات المسموح بها قانونا.

وستسلط نفس العقوبات «على كل من يضع مواد مخدرة في مواد غذائية أو في مشروبات أو في أي مواد أخرى، يقع تسليمها للاستهلاك وتتم مضاعفة العقوبات، إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها بالفقرة المتقدمة، دون علم المستهلك.

كما نص المشروع على فرض عقوبات قد تصل الى 20 عاما سجنا «بالنسبة للمورطين في زراعة «الحشيش»في أرضهم.

تهديدات للأطباء «المورطين»؟

وجاء في المشروع أيضا أنه ستفرض عقوبات بالسجن قد تصل الى 20 عاما وخطايا مالية ضد الاطباء الذين يتورطون في»تسليم وصفة طبية تحتوي على إحدى المواد التي تستعمل كبديل لمادة مخدرة، بنية الاتجار فيها“.

 كما نص على عقوبة بالسجن من عشرة أعوام إلى عشرين عاما وبخطية من عشرين ألف دينار إلى خمسين ألف دينار ضد «كل من خصص أو استعمل أو هيأ مكانالاستغلاله في خزن أو إخفاء أو تصنيع أو ترويج أو تعاطي المخدرات بمقابل أو دون مقابل».

الإعدام لكبار المهربين

ووقع التنصيص على كون العقوبات البدنية قد تصل حد السجن مدى الحياة ضد كبار المهربين للمخدرات فرادى او ضمن الجماعات الإجرامية المحلية والدولية.

كل هذه الإجراءات تبدو «معقولة» وإن كانت بعض الدول ـ بينها الولايات المتحدة ـ تفرض عقوبات أكثر شدة على المروجين الدوليين تصل حد الإعدام.

في المقابل تقلل عدة دراسات من أهمية العقوبات اذا لم تقترن بمنع الاستهلاك وتوفير ظروف تشجع الغالبية الساحقة من المدمنين على عدم التورط في عالم المخدرات بأنواعها.

تشجيع على الاستهلاك

وهنا تبرز انتقادات بالجملة لمقترحات تخفيف العقوبات الخاصة بالمستهلكين في المرتين الأولى والثانية (؟؟) اذ ستلغى العقوبة البدنية وتستبدل بعقوبة مالية أكبر قيمتها ألاف دينار سيدفعها الولي طبعا لان غالبية الشباب المدمن عاطل عن العمل أو قاصر؟؟

ولعل أخطر تناقض في المشروع الحكومي أنه أورد أنه لا يقع تتبع أو محاكمة من تورط لأول مرة ( وفي المرة الثانية ) في استهلاك مادة مخدرة «في صورة موافقته على الخضوع للعلاج أو وضعه تحت المراقبة الطبية»(؟) وأنه «يعاقب بخطية من ألف دينار إلى ألفي دينار، كل من استهلك مادة مخدرة أو مسكها لغاية الاستهلاك الشخصي ولم يوافق على الخضوع لنظام علاجي طبي أو نفسي أو اجتماعي أو وضعه تحت المراقبة الطبية بمؤسسة صحية.

أين مراكز العلاج؟

لكن أين هي مراكز العلاج والرعاية النفسية والطبية؟

ألم يغلق «المركز اليتيم» السابق في جبل الوسط؟

ألا تشهد أقسام الأعصاب في المستشفيات والمصحات ومستشفى الرازي منذ سنوات «زحفا عاليا» من قبل المدنين وأفراد عائلاتهم الذين انهارت أعصابهم بعد أن انتشرت المخدرات في الفضاءات التربوية والمقاهي والشوارع ليلا ونهارا؟

أليس من المطلوب البدء أولا بإحداث مراكز علاج طبي ونفسي لمئات الآلاف من المدمنين الشبان من الجنسين؟

وكيف تلغى عقوبة عن جريمة بمجرد إعلان «المتهم» عن استعداد للعلاج في مسشتفيات غير موجودة؟

في المرة الثالثة؟

ولعل من أكثر الثغرات في مشروع الحكومة عن تعديل القانون 52 أنه دعا إلى أن لا تفرض عقوبة بالسجن إلا على من يتورط في قضية استهلاك للمرة الثالثة؟؟

وفي تلك الحالة «يعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى عام واحد وبخطية من ألفي دينار إلى خمسة آلاف دينار» مع منح المحكمة «حق استبدال عقوبة السجن النافذ المحكوم بها، بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة.

هذه الصيغة تعني استحالة معاقبة المستهلك مستقبلا ..كما ستفتح أبوبا عريضة «للوساطات» و»التدخلات» وللتسويات «تحت الطاولة».؟؟

إجراءات استثنائية؟

وبصرف النظر عن الاعتراضات التي سوف يقدمها النواب على هذا المشروع الحكومي ـ الذي يعتبر البعضأنه سيلحق تونس بدول «الحشاشين» ـ هل لا يمكن استبداله بقرارات حكومية سياسية أكثر عقلانية وحرصا على وقاية بقية شباب تونس من آفة الإدمان؟

هل لا يمكن اعلان عفو عام واستثنائي (ووحيد) عن كل المساجين في قضايا استهلاك مع تخفيف الأحكام عن المساجين القدامي في قضايا ترويج شريطة توقيعهم التزاما كتابيا يتسبب في تشديد العقوبة عليهم في صورة العودة إلى الإدمان والاستهلاك؟

وهل لا يمكن أن ترصد الدولة جانبا من موازنات وزارات التربية والتعليم العالي والشؤون الاجتماعية والصحة لانجاز مراكز علاج طبي ونفسي واجتماعي لكل المدمنين؟

وهل لا يمكن أن يطالب المجتمع المدني بالمساهمة قولا وفعلا في انجاز مثل هذه المراكز الطبية والنفسية والاجتماعية وفي إنجاحها؟

ملفات تنتظر حلولا فورية..

 كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Bu məqalədə, Pin-up Casino-nun daha əla bonusları haqqında danışacağıq və nəyin sizi gözləyə biləcəyini təsvir edəcəyik. bunun sayəsində Nedeni ise reklam alanların deneme bonusu vermediğini bir çok kez denk geldiğimizi biliyoruz. pul üçün Buna görə hər hansı vahid platformada bunu izləyən bir internet kullan? pin up mərc Kazino kataloqlarında təqdim olunan Pin Up casino seyrək rəngarəng slot maşınları demo rejimində işə salına bilər. etmək imkanı