بعد أن فازت حكومة الشاهد بثقة البرلمان مجددا : المشهد السياسي ..إلى أين ؟

بعد أن فازت حكومة الشاهد بثقة البرلمان مجددا :

المشهد السياسي ..إلى أين ؟

بقلم كمال بن يونس

 

فازت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة السيد يوسف الشاهد مجددا بثقة البرلمان بمناسبة التقييم الشامل الذي تعرضت له من قبل 180 نائبا على هامش جلسة التصويت على التحوير الجزئي في الفريق الحكومي .

وخلافا لبعض التوقعات جاء تصويت البرلمان ليدعم نتائج لقاء السبت 11 مارس بين زعامات الاحزاب والنقابات التي وقعت في أوت الماضي على وثيقة قرطاج ثم انضمت في حكومة الوحدة الوطنية .

فهل تعني هذه التطورات تطورا نوعيا لصالح تماسك المشهد السياسي أم أن البلاد لا تزال مهددة ب” هزات جديدة “؟

 

قد لا يختلف اثنان أن ” هشاشة ” الأوضاع في البلاد منذ الثورة تأثرت سلبا بحالة عدم الاستقرار السياسي التي عرفتها الحكومات المتعاقبة ..بما في ذلك بعد انتخابات 2014 التي كان مقررا ان تخرج البلاد من مسلسل ” الحكومات المؤقتة “.

كما لا يمكن التقليل من علاقة ” هشاشة ” استقرار الحكومات بحالة عدم الاستقرار الامني والاجتماعي واستفحال التحديات الاقتصادية في البلاد.

فهل تكسب حكومة يوسف الشاهد رهان رفع كل هذه التحديات بفضل ” الحزام السياسي ” غير المسبوق الذي وفرته ” آلية اتفاق قرطاج ” لها ثم الاغلبية البرلمانية ؟

حالة ارتباك في حزب النداء ؟

يعتقد المتشائمون بمستقبل الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في تونس أن حكومة الوحدة الوطنية ليست في وضع مريح بسبب تعاقب الازمات الداخلية في حزب النداء حزب الرئيس الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد.

 وقد تزايدت التخوفات على توازن المشهد السياسي والحزبي الوطني بعد مسلسل التسريبات عن اجتماع قيادة حزب النداء برئاسة السيد حافظ قائد السبسي يوم الاحد 5 مارس لمناقشة مضاعفات اقالة الوزير والنقابي السابق عبيد البريكي .

وقد تخوف انصار حزب النداء وخصومه من بين قيادات الاحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم على  مستقبل الحزب من جهة وعلى انعكاسات ” التسريبات” على تماسك حكومة الوحدة الوطنية بما أنها كشفت تعمق الخلافات بين رموز قيادات وطنية لحزبي النداء والنهضة من جهة وبين اجنحة من حزب النداء مع بعض المستشارين في رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية .

هجومات مضادة ؟

لكن الاسبوعين الماضيين لم يكشفا فقط ” هشاشة ” الحزب الحاكم الذي ينتمي  اليه رئيس الحكومة وغالبية الوزراء وكتاب الدولة والمستشارين في قرطاج والقصبة بل  شهدا سسلسة من ” الهجومات المضادة ” من قبل رئيس الجمهورية  الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد والمدير التنفيذي لل” النداء ” حافظ قائد السبسي .

رئيسا الدولة والحكومة تابعا دعمهما لمسار التنسيق مع مكونات حكومة الوحدة الوطنية واستقبلا عددا من المعارضين والزعماء النقابيين بينهم الامين العام للاتحاد العام التونسي للشعل نور الدين الطبوبي.

في المقابل نجح المدير التنفيذي لحزب النداء والمقربون منه في استقطاب عشرات الشخصيات الوطنية لقيادة الحزب بما أبرزه لأول مرة منذ عامين في موقع ” الجاذب ” و” المستقطب” بعد أن بدا منذ مطلع 2015 في مظهر ” الطارد”و”المتخلي عن كفاءته “.

حزب ليبيرالي كبير

وحسب قائمة الشخصيات التى  أكدت انضمامها إلى” النداء” مؤخرا يتضح أن الحزب الذي ينتمي اليه الرؤساء الثلاثة ـ قائد السبسي والشاهد ومحمد الناصرـ مرشح لأن يتطور إلى حزب ليبيرالي كبيريستقطب مستقلين وقياديين في احزاب ليبيرالية صغيرة مثل الحزب الوطني الحر بزعامة سليم الرياحي وحزب آفاق بزعامة ياسين ابراهيم .

وبصرف النظر عن جدية ما وقع الترويج له عن ” مشاركة  ممولين كبار بينهم رجل الاعمال المثير للجدل شفيق جراية في استقطاب 40 شخصية وطنية لحزب النداء ، فان هذه الشخصيات يمكن أن تساهم في تقديم اضافة نوعية للحزب.

وقد سجل المراقبون ان السيد حافظ قائد السبسي تعمد عند زيارته الى المنستير بمناسبة احتفالات 20 مارس أن يكون مصحوبا بعدد من السياسيين الذين التحقوا مؤخرا بحزبه بتقدمهم الاعلامي برهان بسيس مدير الشؤون السياسية الجديد في الحزب وماهر بن ضياء وزير الشباب والرياضة السابق والامين العام لحزب الوطني الحر سابقا.

كما سجل المراقبون أن من بين الشخصيات التي التحقت بفريق حافظ قائد السبسي السادة محسن حسن الوزير السابق للتجارة وماجدولين الشارني وزيرة الشباب والرياضة وخالد شوكات الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة سابقا والشيخ فريد الباجي ..

الانتخابات البلدية والجهوية

في هذا المناخ العام نجح أنصار التسويات السياسية للازمات في تحريك مسار تنظيم الانتخابات البلدية والجهوية المؤجلة لاسباب عديدة من بينها احترام الدستور الذي نص على وجوب تنظيمها قبل موفى العام الجاري وقبل موفى الدورة البرلمانية الحالية .

وكان السيد شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ورفاقه في الموعد اذ دعموا المشاورات الي اجراها رئيس الحكومة يوسف الشاهد مع الفاعلين السياسيين حول تحديد موعد الاقتراع العام القادم .

واسفرت تلك المشاورات عن اقرار بضرورة تنظيم هذا الموعد السياسي الانتخابي قبل موفى العام الجاري ” لأن التسويف سيؤدي الى تنظيم 4 انتخابات في طرف عام ونصف وهي انتخابات 2019 الرئاسية والبرلمانية وانتخابات 2018 (؟) البلدية والجهوية ” حسب تعبير السيد شفيق صرصار وأعضاده .

مشهد ما قبل الانتخابات ؟

في كل الحالات دخلت البلاد عمليا مرحلة الاستعداد الفعلي لتنظيم الانتخابات البلدية والجهوية ، وهو ما من شأنه دعم فرص استقرار حكومة الوحدة الوطنية برئاسة السيد يوسف الشاهد وبمكوناتها الحزبية الرئيسية : النداء والنهضة وافاق والجمهوري والمسار..

وبعد أن تعاقبت لقاءات الرئيسين الباجي قائد السبسي ويوسف الشاهد وقيادة النداء بزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي واعضاده من جهة وبالامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي من جهة ثانية يبدو أن المشهد السياسي القادم ستتحكم في ملامحه الرئيسية الاطراف الثلاثة : النداء والنهضة واتحاد الشغل  ..مع دور مكمل تلعبه احزاب الجمهوري والمسار وافاق والوطني الحر والجبهة الشعبية .. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *