انقسام داخل الحزب الديمقراطي بأمريكا بشأن دعم الاحتلال.. دعوات داخلية لإعادة النظر في المساعدات العسكرية

 

تصاعد الجدل داخل الحزب الديمقراطي الحاكم في الولايات المتحدة، بشأن التأييد المطلق لإسرائيل وإرسال المساعدات الأمنية إليها، وهو ما قد يفضي إلى تغيير في الترتيبات المعهودة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بحسب تقرير لصحيفة Haaretz الإسرائيلية.

وعلى مدار شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، توالت الانتقادات الواردة من الجناح “اليساري” في الحزب الديمقراطي الأمريكي للرئيس جو بايدن، لدعمه أحادي الجانب لإسرائيل في الحرب على قطاع غزة.

وعلى الرغم من أن معظم هذه الانتقادات والدعوات لوقف إطلاق النار بدت صادرة عن المجموعة التقدمية بين نواب الكونغرس، فإن ارتفاع عدد الشهداء بين المدنيين الفلسطينيين بدأ يدفع المزيد من النواب الديمقراطيين في يسار الوسط إلى تأييد المساعي الرامية إلى إقناع بايدن بكبح جماح جيش الاحتلال الإسرائيلي.

حيث بدأ النواب التقدميون بالحزب الديمقراطي في انتقاد إسرائيل من الأسبوع الأول للحرب، مقابل تمسك الكتلة التقليدية من النواب الديمقراطيين بمجلس الشيوخ بالتأييد المطلق للحكومة الإسرائيلية، ومع ذلك، فإن الأسابيع الماضية شهدت تردداً ما في هذا التأييد بين 10 -على الأقل- من نواب الحزب الديمقراطي بمجلس الشيوخ.

وفي رسالة لرئيس الحزب الديمقراطي، كتب نواب مجلس الشيوخ: “نحن متخوفون من تفاقم المعاناة في غزة إلى حدٍّ لا يحتمله المواطنون الفلسطينيون، ويؤثر سلباً في أمن المواطنين الإسرائيليين، إذ قد تؤدي هذه المعاناة إلى تأجيج التوترات وتآكل التحالفات الإقليمية”.

ولم يحثّ هؤلاء النواب على وقف فوري لإطلاق النار مثل النواب التقدميين، لكن هذه الرسالة كشفت عن قلق متزايد بين كتلة الوسط في الحزب الديمقراطي، وأن الدعم الأحادي الجانب لإسرائيل قد بدأ “يتآكل بوتيرة متسارعة”، وفق هآرتس.

وحظي استطلاع رأي، أجرته شبكة NBC الأمريكية ونشرت نتائجه هذا الأسبوع باهتمامٍ كبير في الولايات المتحدة، إذ كشف عن تدني تأييد بايدن (40% فقط) إلى أقل مستوى له منذ توليه الرئاسة.

وعلى الرغم من تنوع أسباب التراجع، وعلى رأسها ارتفاع تكلفة المعيشة وتقادم عمر الرئيس الأمريكي، فإن هذا الاستطلاع اختلف عن غيره بالتطرق إلى الخلافات التي يشهدها الرأي العام الأمريكي بشأن الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة، فضلاً عما كشفه من تلقي بايدن وحزبه ضربة قاسية في نسب التأييد بسبب هذا الموضوع.

ذهبت نتائج الاستطلاع إلى أن 55% من الأمريكيين يؤيدون المساعدات الأمريكية لإسرائيل، وهي نسبة أقل بـ20% مما كانت عليه في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

والخلاف الأبرز مع بايدن أن معظم الأمريكيين يؤيدون وقفاً فورياً وكاملاً لإطلاق النار في غزة، وبلغت نسبة هؤلاء 80% في الحزب الديمقراطي، علاوة على أن 49% فقط من المصوّتين الديمقراطيين يؤيدون إسرائيل في هذه الحرب.

وقد كشفت استطلاعات سابقة أن المؤيدين لإسرائيل صاروا أقلية بالفعل داخل الحزب الديمقراطي.

إذ ذكرت مجلة Slate هذا الأسبوع أن أعضاء مجلس الشيوخ المؤيدين لإسرائيل بدأوا يتأثرون أيضاً بهذا التغير في استطلاعات الرأي، وانتبهوا إلى تراجع تأييد إسرائيل بين الناخبين.

وعلى الرغم من أن غالبية الديمقراطيين المنتخبين في مجلسي النواب والشيوخ لا يزالون يؤيدون بايدن علناً في دعمه لإسرائيل، فإن مجموعة من التقارير الصادرة حديثاً أظهرت أن المسؤولين المنتخبين في الحزب الديمقراطي في واشنطن باتوا يدركون أنهم لن يتمكنوا من الاستمرار على هذا المنوال، لا سيما وقد أظهر استطلاع تلو الآخر أن “الرأي العام الأمريكي يشهد تغيراً جذرياً في موقفه من إسرائيل”.

يتصدّر الشباب والتيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي هذا التغير المتصاعد في الموقف من إسرائيل، لكنهم وإن كانوا لا يزالون أقلية في الحزب، فقد أدت هذه الحرب والدمار الحاصل في غزة إلى انضمام شرائح أخرى إليهم، وهو ما دفع زعماء الحزب للبحث عن سبلٍ لرأب هذا الخلاف، واسترضاء الأقلية المؤيدة للفلسطينيين.

ويدور الحديث الآن عن الاستمرار في تقديم المساعدة الأمنية لإسرائيل، على أن تُراعى مجموعة من الشروط والقيود خلال ذلك.

في هذا السياق، جاءت خطة السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز، بشأن مساعدات إسرائيل، والتي نُشرت تفاصيلها لأول مرة في مجلة “بوليتيكو” الأمريكية.

وتتضمن الخطة مجموعة من الشروط التي وضعها ساندرز لتأييد حزمة المساعدات الأمنية الإضافية، التي طالبت بها إدارة بايدن لإسرائيل، والتي بلغت قيمتها 14.3 مليار دولار.

من بين تلك الشروط أن تتعهد تل أبيب بـ”إعادة الفلسطينيين إلى بيوتهم” بعد الحرب؛ وأن تتجنب “إعادة احتلال غزة وحصارها”؛ وأن “توقف عنف المستوطنين في الضفة الغربية”؛ وأن تلتزم المشاركة في “محادثات سلام واسعة النطاق لتعزيز المضي قدماً في حل الدولتين بعد نهاية الحرب”.

وذكر موقع “أكسيوس” الأمريكي أن مبادرة ساندرز بدأت تكتسب بعض التأييد في أروقة الكونغرس، ومن المتوقع أن تؤيدها كتلة النواب التقدميين في الحزب الديمقراطي، والتي تضم نحو 100 نائب في مجلسي الشيوخ والنواب.

وقال مجموعة من نواب الكونغرس المؤيدين لإسرائيل لموقع “أكسيوس” إنهم سيعملون على إفشال المبادرة، إلا أن واقع الأمر أن الزخم في واشنطن وفي وسائل الإعلام الأمريكية يميل نحو الجانب التقدمي في هذا الموضوع.

وقد تزايد عدد الناخبين الديمقراطيين المقتنعين بضرورة كبح جماح إسرائيل، والمسؤولون المنتخبون الذين يمثلونهم يعرفون ذلك.

وقد صاغ ساندر مجموعة من الانتقادات المدروسة ليفتح الطريق أمام تأييد النواب التقليديين لخطةِ المساعدات المشروطة لإسرائيل.

على رأس هذه البنود أن دعم إسرائيل يختلف عن دعم رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وأن “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها في مواجهة حماس، لكن حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة ليس لها الحق في شن حرب شاملة على المواطنين الفلسطينيين”.

وعلى الرغم من أن مبادرة ساندرز لا تزال مجرد اقتراح حتى الآن، فإنها أخذت تكتسب مزيداً من التأييد في جناح الوسط بالحزب الديمقراطي.

وأورد مقال بمجلة “ذا نيو ريببلك” أن مجموعة من نواب مجلس الشيوخ الديمقراطيين يرون أن تمرير المساعدات الإنسانية لغزة “مصلحة لإسرائيل” في الحفاظ على مكانتها في المجتمع الدولي.

وشدد السيناتور اليهودي بريان شاتز، على أنه “إذا كان (الإسرائيليون) يريدون الدعم الدولي ويرغبون في الحفاظ عليه، فإن عليهم أن يثبتوا احترامهم لاتفاقية جنيف، ولما نتوقعه من مطالب أساسية”.

 

عربي بوست

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *