انطلاق جلسات الاستماع العلنية لضحايا القمع: توظيف سياسي أم خطوة نحو «المصارحة ثم المصالحة»؟ بقلم كمال بن يونس

ترحيب بالمنهجية وتخوفات من خطابات «التحريض»
انطلقت الجلسات العلنية للاستماع لضحايا القمع ما بين 1955 وموفى 2013 بمشاركة عائلات شهداء ثورة ديسمبر2010/ جانفي 2014 ونشطاء سياسيين من تيارات مختلفة كان من أبرزهم القيادي السابق في حركة «آفاق» جلبار النقاش والمفكر سامي ابراهم الذي اعتقل ضمن ملفات شباب حركة النهضة في التسعينات من القرن الماضي .
ومن المقرر أن تكون نظمت مساء أمس جلسة علنية ثانية مماثلة تشمل ضحايا آخرين للتعذيب والاضطهاد في العقود الماضية.
فهل يكون هذا الحدث التاريخي فعلا فرصة لتكريس شعار «المصارحة ثم المصالحة» أم ينحرف عن أهدافه ويتطور إلى «آليّة جديدة» للصراعات السياسية والحزبية والضيقة؟

من المهم أولا الإشارة إلى كون الجلسة العلنية الأولى التي نظمتها «هيئة الحقيقة والكرامة» كانت مفتوحة لممثلي قيادات نقابية برئاسة الأمين العام للاتحاد حسين العباسي وأطراف سياسية عديدة من بينهم بعض وزراء الرئيس الأسبق ـ مثل كمال مرجان ـ ومعارضون من اليسار التونسي بينهم جلبار النقاش وحمه الهمامي وآخرين من تيارات ليبيرالية ويسارية « وسطية مثل مصطفى بن جعفر وعبد اللطيف عبيد، إلى جانب قيادات من التيارات القومية والإسلامية كان من أبرزهم راشد الغنوشي وقياديين من حركة النهضة وزهير المغزاوي عن التيار القومي الناصري .

التمييز بين المصارحة و«التشفي»
لكن السؤال الكبير الذي يفرض نفسه منهجيا: هل ساد الشهادات منطق «المصارحة تمهيدا للمصالحة» أم منطق «تعميق الحقد على رموز نظامي بورقيبة وبن علي»؟
من خلال المتابعة الدقيقة لفحوى المداخلات يمكن التوقف عند أمرين :
· أولا أن شهادات عائلات الشهداء وجهت أساسا رسائل « تونس الأعماق» وأصوات «الغاضبين» إلى الأبد المتمسكين بمنطق «مواصلة المحاكمات» و«التشفي» من المسؤولين عن قتل أبنائهـــــم وتعذيبهــــــــــم.
بل إن بعض المداخلات تطورت من تقديم شهادة إلى تقديم «تعيلقات سياسية» حول ما يجري اليوم في تونس.
· ثانيا: مداخلتا سامي ابراهم وجلبار النقاش كانتا أكثر استيعابا إلى حاجة البلاد إلى المصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي مع اشتراط المصالحة واعتذار المورطين في القتل والتعذيب عن جرائم الأمس البعيد.
وبذلك يتضح أن «النشطاء الحقوقيين» أكثر استيعابا لدور هيئة الحقيقة والكرامة والرسائل التي وجهتها رئيستها ومساعدوها قبل انطلاق الأشغال.
وقد يكون مفيدا استباق الجلسات القادمة بحصص توعية للشهود بهدف حثهم على ترجيح سيناريو المصالحة الوطنية وإن تمسكوا بحقهم في اللجوء إلى التقاضي.
بعض ردود الفعل «استفزازية»؟
وماذا عن ردود الفعل على «التجربة الأولى» من هذه العملية التاريخية ؟
من خلال قراءة تفاعل نشطاء وسياسيين من تيارات مختلفة يتضح تباين واضح في التقييمات بين مؤيد ومتحفظ .
وقد تكون الزوبعة الإعلامية التي حفت بتأسيس هيئة الحقيقة والكرامة وتركيبتها وغلطات بعض أعضائها المباشرين أو المستقيلين وراء جانب من «اللخبطة» وغياب فهم واضح لأهداف هذه الخطوة التي سبق أن زكاها أغلب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي ورموز القوى السياسية والحقوقية.
لكن من بين ما يدعو للانتباه أن بعض «الحقوقيين» و»السياسيين» من ألوان عديدة تبادلوا في مواقعهم الاجتماعية بعد جلسة الاستماع الأولى الاتهامات والشتائم والتعليقات المثيرة للهلع..
كما حاول كثيرون توظيف بعض الشهادات والتصريحات للعن كل رموز نظامي بورقيبة وبن علي و«الدستوريين» و«التجمعيين» وحلفائهم في العقود الماضية، أو للتشهير بـ»المعارضين المورطين في العنف والإرهاب» وبرئيسة الهيئة سهام بن سدرين ونوابها والطعن في «حيادهم» باعتبارهم كانوا طرفا في المعارك السياسية مع نظامي بورقيبة وبن علي.

المحطات القادمة؟
لكنن مهما كانت «ثغرات» الحلقتين الأولى والثانية من جلسات الاستماع العلنية هل ستنجح هيئة الحقيقة والكرامة في إعادة النظر في منهجية عرض «الشهادات» في المراحل القادمة حتى تكون المصارحة فعــــــلا مدخلا للمصالحة الوطنية الشاملة؟
كل السيناريوهات واردة خاصة عندما ستشمل تلك الجلسات ملفات «حارقة أكثر» من بينها الصراعات الدامية بين أنصار الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة ومعارضيه اليوسفيين والقوميين والإسلاميين والنقابيين واليساريين .
كما قد تتعقد ردود الفعل عندما سوف تشمل أطرافا لا تزال على قيد الحياة ولديها تأثير قوي في سير الأحداث..
وسيبقى التحدي الأكبر استيعاب القائمين على هذا المسار وأنصاره وخصومه لتجارب العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية الناجحة في العقود الماضية وبينها نماذج جنوب إفريقيا واسبانيا وأمريكا اللاتينية وأورويا الشرقية..

كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Bu məqalədə, Pin-up Casino-nun daha əla bonusları haqqında danışacağıq və nəyin sizi gözləyə biləcəyini təsvir edəcəyik. bunun sayəsində Nedeni ise reklam alanların deneme bonusu vermediğini bir çok kez denk geldiğimizi biliyoruz. pul üçün Buna görə hər hansı vahid platformada bunu izləyən bir internet kullan? pin up mərc Kazino kataloqlarında təqdim olunan Pin Up casino seyrək rəngarəng slot maşınları demo rejimində işə salına bilər. etmək imkanı