الهجمات الإرهابية في أوروبا و تصاعد وتيرة الإسلاموفوبيا… الجالية المسلمة بين التهديدات العنصريَة و محاولة تبرئة الإسلام

مغرب نيوز- منية العيَادي
 

تشهد البلدان الأوروبيَة حالة كبرى من التَصعيد الإرهابي خاصَة بعد الاعتداء الأخير على إحدى كنائس ضاحية “نورماندي”  في منطقة روان بشمالى فرنسا، وذبح كاهنها بطريقة فاقت كل البشاعة،و في مس لرمز ديني ما جعلها تصبح نقطة تحول فارقة  فى العلاقة بين المسلمين ومواطني تلك الدول، لتصبح انطلاقة لتصاعد وتيرة الإسلاموفوبيا في هذه المجتمعات و لتفتح أبواب الجحيم على أبناء الأقليات المسلمة داخل القارة العجوز.

و توقع العديد من الخبراء تنامي موجات التَشديد و التَضييق على الجاليات العربية و خاصة المغاربية لا سيما بعد هجوم “نيس” أو ما سمي بشاحنة الموت التي حصدت أرواح العشرات من الأشخاص و أصابت عشرات آخرين مع أنَ منفذها ليس له علاقة بالتيَار الإسلامي المتشدد .

حيث أنَ تهمة الإرهاب أصبحت جاهزة للمسلمين، و ملتصقة بهم سواء في وسائل الإعلام أو بين أوساط واسعة من الرأي العام و النخب السياسية الأوروبية، فور وقوع أي عملية إرهابيَة أو إجراميَة و قبل بدء التحقيق، وبعض العمليات تبين أن منفذيها ليس لهم علاقة بالإسلام مثل عملية ميونيخ مقابل ذلك يتم التعامل ببرود إزاء عمليات إرهابية وحشية، يرتكبها أشخاص غير مسلمين، مثل الهجوم الذي نفذه هندوسي بسكين داخل منشأة للمعاقين قرب طوكيو، قتل خلاله 19 شخصاً وأصاب 25 آخرين، في أسوأ واقعة قتل جماعي في اليابان منذ عقود.

و بينما حذَر التَيار اليميني المتطرف فى بعض الدول الأوروبية ،و بلهجة شديدة، من خطورة الحادث الإرهابي على كنيسة “روان”، وصلت إلى حد التهديد بالانتقام من تلك العمليات باستهداف المساجد في اتهام واضح للمسلمين و للإسلام , جاءت تصريحات البابا “فرانسيس” داعية إلى عدم الرَبط بين الإرهاب و الإسلام  وبدا واضحاً أن لهجته تجاه العملية اتسمت بالحذر الشديد من أن يقحم الدين الإسلامى فى تلك العملية، مؤكداً أن مثل تلك الحوادث لا تمت بصلة لمبادئ الأديان السماوية، كما حذر البابا من صعود الأحزاب القومية في أوروبا، التي تنشر العنصرية والكراهية تجاه المهاجرين، مؤكدا على أنه “يمكن القتل بواسطة اللسان كما بواسطة السكين”.
فى المقابل لم نجد دوراً فاعلاً للمؤسسات العربية والإسلامية في الدفاع عن العرب و المسلمين، ووقفت موقف “المتفرج”، على مثل تلك الأحداث، وأكثر ما فعلته وتفعله هذه المؤسسات هى الإدانة والإستنكار بينما تسعى الجاليات المسلمة أن تكون فاعلة اجتماعيا و مدافعة عن حرية التعدد وحرية الانتماء لأي دين، و الانطلاق أيضا على المستوى الثقافي و الاجتماعي لدى هذه المجتمعات.

و من جهة أخرى فإنَ تبني تنظيم “داعش” لبعض تلك العمليات الإرهابية، عمق المخاوف الأوروبية من اللاجئين، وهي مخاوف كانت سبباً جوهرياً لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقدمت لليمين الأوروبي ذريعة جديدة لتصعيد ضغوطها العنصرية،ضد الجاليات الأجنبية خاصة القادمين من الدول العربية والإسلامية، ورغم أن ألمانيا استقبلت أكبر عدد من اللاجئين السوريين الفارين إلى أوروبا  لكن تزايد أعداد العمليات الإرهابية دفع المستشارة ميركل، للتفكير بترحيل اللاجئين لبلدانهم أو إلى بلدان أخرى، وفي مقدمة هؤلاء المهاجرين المغاربة غير الشرعيين.

حيث من المنتظر أن ترتفع موجة العنف ضد اللاجئين من طرف المتطرفين الأوروبيين، الذين عبروا عن عدم تقبلهم لفكرة استقبال لاجئين قادمين من منطقة تعرف الآن ببؤرة الإرهاب في العالم وتنتج انتحاريين مستعدين للقيام بعمليات في كل بلدان العالم ، وكانت البداية بحرق مخيمات اللاجئين في فرنسا في نفس اليوم الذي تعرضت فيه باريس للاعتداء أواخر العام المنقضي.

فالحديث عن تداعيات هذه الهجمات الإرهابية يحيل إلى مناقشة مستقبل سياسات أوروبا تجاه المسلمين الذين يعيشون على أراضيها، خصوصا ذوي الأصول العربية، وفي هذا الصدد قال المدير العالم  لاتحاد المنظمات الإسلامية في تصريح سابق، إنَ هذه الأحداث ستكون مقدمة لتغيير عديد الدول الأوروبية وبالأخص فرنسا لسياستها تجاه المسلمين بشكل عام، والجالية المسلمة في أوروبا بشكل خاص، لتنتهج أسلوبا أكثر تشكيكا في المسلمين، والنظر إليهم على أنهم يمثلون تهديدا للأمن.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *