النقابة تتروّى والحكومة تختار الحلول السهلة غياب البوصلة في معالجة أزمة الصناديق الاجتماعية .. بقلم جنات بن عبد الله

ما يزال موضوع أزمة الصناديق الاجتماعية يراوح مكانه رغم تقدم النقاش في لجنة تنظيم الادارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح بمجلس نواب الشعب التي ارتأت أول أمس تأجيل الحسم في مشروع القانون عدد 52 لسنة 2015 المتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد والباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي باعتبار أنّ المقترح الحكومي يدفع نحو الترفيع في سن التقاعد كأحد الحلول لتجاوز العجز المالي المزمن للصناديق الاجتماعية.
اللجنة البرلمانية بادرت الى تأجيل الحسم باعتبار تباين الآراء والمواقف بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة. ففي حين يرى الطرف الحكومي في الترفيع في سن التقاعد أمثل الحلول الكفيلة بإنقاذ الصناديق الاجتماعية يصر الاتحاد العام التونسي للشغل على ضرورة احترام ما جاء في الاتفاقيات التي حصلت ضمن اللجنة الفرعية للحماية الاجتماعية ضمن العقد الاجتماعي والتي تنص على حلول أخرى مثل استخلاص الديون وتنويع مصادر تمويل الصناديق الاجتماعية والحوكمة في تسييرها.
طبيعة الخلاف بين الطرفين واضحة وجلية. ففي الوقت الذي يذهب فيه الطرف الحكومي نحو الحلول الترقيعية ذات النتائج السريعة ـ ظاهريا ـ وذلك استنادا الى طبيعة نظام الضمان الاجتماعي في تونس والمتمثل في النظام التوزيعي أي النظام التضامني بين مختلف الاجيال والذي بمقتضاه يمول 3.1 من النشطين جراية منتفع واحد حاليا لينخفض عدد النشطين الممولين في أفق 2030 الى 1.4 نشيط لتمويل جراية منتفع واحد وهو ما يكشف تواصل العجز المالي للصناديق الاجتماعية وبالترفيع في سن التقاعد رغم تنوع السيناريوهات المقترحة يمكن للصناديق تأمين موارد اضافية.
في المقابل يؤكد الاتحاد العام التونسي للشغل على ضرورة ايجاد حلول جذرية مرتبطة بالخيارات الاقتصادية والاجتماعية والتي أثرت على موارد الصناديق وتوازناتها المالية وعلى أنماط التشغيل وتفاقم الأنماط الهشة.
هذه الخيارات يجب أن تكون محل مراجعة وتدقيق في اتجاه توفير شروط تحقيق الصناديق الاجتماعية لتوازناتها المالية.
واستنادا الى توجهات الحكومة الحالية والتي اختارت الحلول السريعة والترقيعية لتحقيق نتائج ملموسة حيث برز هذا في عديد الملفات وخاصة ملفي التشغيل والتجارة الموازية فإنّ أحزاب الائتلاف الممثلة في مجلس نواب الشعب ستعمل على تكريس هذا التوجه رغم محدودية جدواه حيث أظهرت الدراسات أن الترفيع في سن التقاعد سيساهم في تحسين موارد الصناديق ولكن على امتداد خمس سنوات فقط لتضرب هذه الحكومة عرض الحائط الحلول الجذرية القادرة على توفير شروط السلامة المالية للصناديق.
المفارقة في ملف الصناديق الاجتماعية أن الطرف النقابي لم يسقط في الحلول السهلة والترقيعية وفضل التروي في معالجة ملف من أعقد الملفات في ظل اقتصاد يعاني الركود وتفاقم للاقتصاد الموازي واختار البحث عن الأسباب الحقيقية للأزمة المالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *