النداء ومسؤوليته المصيرية في توحيد يمين الوسط … بقلم خالد شوكات

يعيش التونسيون حالة قلق كبير، ولكنّه طبيعي في رأيي، حيث تشير جلُّ عمليات سبر الآراء إلى إنّ أزمة الثقة بين النّاس والأحزاب السياسية فاقت كلّ حدٍّ، إلى درجة تدفع غالبيتهم إلى العزوف عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع القادمة، بل تدفع بعضهم للحنين إلى زمن النظام السابق والحزب الواحد، فعدد كبير من بينهم لا يقبل وجود أكثر من مائتي حزب في بلد لا يتجاوز عدد سكّانه 11 مليون نسمة، ولا يمكن للجميع قطعًا استحضار خصائص مراحل الانتقال الديمقراطي المتّسمة غالبًا بمثل هذا النوع من الانفلاتات التي تحدث كنوع من التعويض عن الحرمان السياسي وممارسة انفعالية للحرّية.

لكنَّ الأمور لن تبقى حتماً على حالها، ولا يجب أن تبقى كذلك، إذ سيُصبِح الاستقرار مطلبا أساسيا للخاصّة والعامّة، وشرطاً لا مندوحة عنه لتحقيق التنمية وتأمين استمرارية النظام الديمقراطي الناشئ، وهو ما يرتّبُ توجّه المشهد الحزبي تدريجيا إلى إعادة بناء نفسه ومراجعة خارطته على نحو يقلِّص من عدد مكوّناتِه ويعبِّأُ قواه، معتمدًا في ذلك على صيغٍ جديدة للتنظّم من قبيل الانخراط في شبكات وجبهات واتحادات وتيّارات وغيرها، ودون ذلك لن يكون متاحا بناء مؤسسات حكم مستقرّةٌ وقوية بمقدورها الاضطلاع بمسؤولياتها كاملة وخلق الثروة والتقدّم والرفاه.

إنّ تونس بأمسّ الحاجة إلى نظام ديمقراطي قويّ وناجع، تتوفّر لمؤسساته فرص الاستقرار ولحكومته فرص البقاء في الحكم بين عشر وعشرين سنة حتى تتركّز أسس منوال تنموي جديد وتطبّق مخطّطات التنمية ويخلق جيل كامل يولد ويترعرع في مجتمع حرٌّ وتعدّدي وكريم، وهو ما لا يمكن تحقيقه من خلال المشهد الحزبي الحالي المتّسم بالتشرذم والتشظٌي، ومن خلال مناخ سياسي تطغى عليه سحب التآمر والمكايدة وتنخر مفاصله ديدان الانحطاط الاخلاقي والرداءة المهنية، ومن هنا كان لزاما على القوى الرئيسية وفِي مقدّمتها حركة نداء تونس العمل حثيثا على بناء التكتلات الحزبية وتجميع الشتات السياسي ذي المرجعية الفكرية والبرامجية المتشابهة.

إنّ منطقة يمين الوسط التي تضمّ نداء وتونس وحركة النهضة والاتحاد الوطني الحر، والتي تشترك في ردّ أصولها الفكرية للحركة الوطنية الاصلاحية تونسيا كلٌيا أو جزئيا، كما تشترك في ايمانها بآليات اقتصاد السوق الاجتماعي، فضلا عن دفاعها على نمط مجتمعي يقوم على الجمع بين الاصالة والمعاصرة، باستطاعتها توفير الحل الذي تحتاجه وتنتظره تونس لكي تتقدم في طريق الاستقرار والديمقراطية والتنمية دون ان تفقد ذاتيتها الوطنية واللغوية والدينية، ولا شك عندي في ان التنسيقية البرلمانية التي نحن بصدد بنائها بين الأحزاب الثلاثة يمكن ان تشكّل مقدمة ضرورية وقاعدة صلبة لهكذا اتحاد سياسي فاعل وقوي.

إن حركة نداء تونس التي قامت قبل ما يزيد عن خمس سنوات، مسؤولة على نحو مباشر ومدعوّة لقيادة المشهد الحزبي والسياسي إلى عملية تفكيك وإعادة بناء خارجي، مثلما تشكلت هي نفسها على أساس عملية تفكيك وإعادة بناء داخلي، وهنا مجال لتميّز قيادة النداء الجديدة وحيز لتحقيقها قيمة مضافة، تجعلها مستحقّة لبقائها رائدة التحول الديمقراطي والمصالحة الوطنية والتوافق الوطني والنهوض الحضاري، فإن تقاعست عن أداء واجبها المصيري التاريخي فإن حركة التاريخ لن تقف عندها، اذ ستتجاوزها الأحداث الى قوى جديدة ستعلن نفس الهدف وترفع ذات الشعار وتقوم بالوظيفة اللازمة، وهو ما لا نقبل به لأن نداء تونس ليس سوى وريث حركة اصلاحية لطالما ادهشت القريبين والبعيدين بقدرتها على التجدٌد والتقاط معالم اللحظة التاريخية والتكيّف سريعا مع مستجدّات العصر واستحقاقات الوطن العاجلة والاستراتيجية على السواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Bu məqalədə, Pin-up Casino-nun daha əla bonusları haqqında danışacağıq və nəyin sizi gözləyə biləcəyini təsvir edəcəyik. bunun sayəsində Nedeni ise reklam alanların deneme bonusu vermediğini bir çok kez denk geldiğimizi biliyoruz. pul üçün Buna görə hər hansı vahid platformada bunu izləyən bir internet kullan? pin up mərc Kazino kataloqlarında təqdim olunan Pin Up casino seyrək rəngarəng slot maşınları demo rejimində işə salına bilər. etmək imkanı