فيديو _ المنصف ونّاس : “خمس مراجعات” ضرورية، على الدّولة القيام بها لإصلاح الأوضاع الاقتصاديّة و الاجتماعيّة

مغرب نيوز-منية العيادي

 

أكّد أستاذ علم الاجتماع و المدير العام لمركز الدراسات و البحوث الاقتصادية و الاجتماعية، منصف وناس،ضرورة قيام الدولة و الأحزاب و غيرها من الفاعلين في المجتمع و الحقل السياسي بجملة من المراجعات، عدّها بخمس مراجعات ضرورية اليوم لا بدّ أن نصارح بها أنفسنا على الرغم من الصعوبة في الإستماع إليها و أن نشير إليها .

 

1- مراجعة فلسفة الدولة في تونس

اعتبر ونّاس في مداخلة بعنوان “معطلات الانتقال الديمقراطي” ألقاها خلال ندوة سياسية بعنوان “التجربة الديمقراطية التونسية .. التحديات و الآفاق” ، أنّ مراجعة فلسفة الدولة في تونس هي اليوم أكثر من ضرورية، مراجعة من دولة “اجتماعية” تريد أن تكون شاملة و قائمة بكل الوظائف و مشرفة على  كل كبيرة و صغيرة إقتصاديّا و إجتماعيا و تنمويا إلى دولة “إقتصادية” تبني أداءها السياسي على التحالف،التحالف مع المؤسسات النقابية و في مقدمتها اتحاد الشغل و منظمة الأعراف و المجتمع المدني لتأطير المجتمع و تقاسم الأدوار في مجال الوظائف و تقديم الخدمات .

كما اعتبر ونّاس أنّ الدولة الإجتماعية الشاملة التي كانت دائما تونس تتباهى بها و تنص على ذكرها في كل الخطب السياسية لم تعد اليوم تملك الموارد الماديّة الكافية لتنفق على كل القطاعات و هذا الأمر يدعونا إلى البحث عن موارد جديدة و عن تعاقدات جديدة صلب المجتمع  و الدولة ليست الطرف الوحيد و عليها أن تبني هذه التحالفات للنّظر في مسألة ما أسماه ب”الفجوة بين الدولة و بين مجتمع الأعمال” معتبرا أن هذه العلاقة التعاقدية مهمّة جدا لمواجهة كل هذه الضغوطات المطلبية و الإحتجاجية و النقابية و الإجتماعية و الفئوية و هو مطلب أساسي لاستقرار تونس و هذا يتأتّى بالحوار و إعادة توزيع أنماط التدخّل في الشّأن الإحتماعي و حتّى في تنظيم الشأن العام..

و ذكر أنّ الاحتجاجات التي تشهدها تونس بين الفترة و الأخرى تملي على الدولة عامّة و على الحكومة في صلبها ،اختيارات سياسية و تنموية لأنّ هذا المجتمع  لم يؤطّر بدءا من 1956 نتيجة منع المجتمع المدني من العمل بفاعلية و لأنه لم يسمح للأحزاب أن تكون ذات نجاعة و اليوم علينا أن نشتغل دولة و حكومة و مجتمعا مدنيّا و نخبا على إعادة التفكير في كيفية تأطير هذا المجتمع غير المنطم و غير المؤطَّر و الذي لديه أهمّية كبرى في تشكيل الحياة السياسية و الإجتماعية  مستدلاّ على ذلك بأحداث الكامور و جلمة .

2- مراجعة فلسفة التنمية في تونس

و خصّ منها الأكاديمي المنصف ونّاس “التنمية الجهوية و المحلية” مشيرا إلى أنّ التخطيط التنموي و طنيّا و جهويّا و محلّيّا لم يعد ينجز في مكاتب الوزارات بل ثمّة حاجة إلى تشخيص تنمويّ ينبع من القاعدة في اتجاه القمّة و ينطلق من مجتمع الأعماق في اتجاه مجتمع القرار لأن لكل جهة مواردها الذّاتية و أنماطها الإبداعية و قدراتها على انجاز التنمية المحليّة .

كما أشار إلى أنّ هذا الأمر لم يؤخد في الحسبان طيلة ستّة عقود في البرامج و الخيارات التنموية فلا يكفي أن نضخ الأموال إلى المناطق و الجهات و التي ترصد للتنمية لكن يقع تجميدها أو تسريبها بفعل الفساد الإداري و المالي.

و تابع : “نحن اليوم بحاجة إلى ديناميكية تنمويّة محليّة تشاركيّة تنطلق من موارد الجهات و إمكانياتها و للحكومة أن تبادر في خلق هذه الديناميكية في جعل الموارد و الطاقات المبدعة محلّيا أساس التنمية فإلى حد اليوم و بعد 60 سنة من الإستقلال لا نملك خارطة تشخيصية دقيقة لحاجيات المناطق الداخلية تحدد الحاجيات الفعليّة و تشخّص بدقّة إمكانيات التفاعل المحلّية.

3- مراجعة فلسفة العدالة التوزيعية للثروات الوطنيّة  

أشار ونّاس إلى أنّه كان من المفروض أن تبادر الحكومة و أن تعلن إمكانياتها الحقيقية بدل أن يفرض ذلك عليها و تنتطر أن يقال لها  “وينو البترول” .

و أضاف ” نحن اليوم في حاجة إلى استراتيجية متكاملة واضحة في عمليّة التوزيع” فالتونسي لم يعد يتقبل الفقر و لم يعد مستعدّا لأن يتحمّل التفاوت الجهوي و التفاوت الإجتماعي و الطبقي أكثر.

4- مراجعة فلسفة المديونية 

و خص منها المديونية الخارجية مشيرا إلى أنّ الدولة التونسية اعتمدت منذ فجر الاستقلال على المديونيّة و على الهبات الخارجية و قد فاقت نسبة المديونية من النشاط الإقتصادي في قائمة الديون الخارجيّة بين سنة 1956 و سنة 1996 ال40% .

و ذكر وناس أن المفارقة العجيبة أنّ هذه الديون الخارجية لا تذهب إلى التنمية و الاستثمار الجهوي و المحلي بل لدفع الرّواتب بنسبة 85% منها لعدد من الموظفين بلغ 730 ألف موظف عمومي مبينا أن جزءا منهم غير مندمج حقيقة و فعليّا في الدّورة الإقتصاديّة و الإداريّة الحقيقيّة.

5-ضرورة القبول بمبدإ المراجعة

اعتبر المنصف وناس أن المراجعة مؤلمة و صعبة و تحتاج إلى قرار سياسي جريء و توضيحات رسمية و شعبية و التزام من الدولة و الحكومة و الشعب لأنّ موارد الدّولة غير كافية و لأنّ الدولة الإجتماعية الرعائيّة تتلاشى تدريجيّا جرّاء الوضع الإقاصادي العالمي و الضغوطات الدّاخليّة و رغبة الأجيال في إيجاد حلول لأزمة البطالة، وفق تعبيره.

و تابع : “لهذا فنحن اليوم في حاجة إلى مراجعة حقيقية لهذه المسائل و الاتفاق على أنّ الحلّ ليس في الصراع على الكراسي و الغنائم بل التصارع من أجل مستقبل تونس بين من يقدم القراءة الأفضل و من يقترح الحلول الأمثل و الأدق للبلاد.

و ختم بالقول إن هذه المراجعات “مؤلمة و صعبة” لكن من الضروري أن نعرف أنّ بناء المستقبل يحتاج إلى هذه المراجعات فجزء من أزمة الشباب في فقدان الأمل و على الحكومة أن تستثمر في نشر الأمل لديهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *