المكتب التنفيذي الجديد في حركة النهضة : مؤشرات انفتاح حقيقي

تونس مغزب نيوز

كشفت نتائج الانتخابات التي شهدها مجلس شورى حزب النهضة ـ أعلى سلطة في الحركة بين مؤتمرين ـ عن مؤشرات اصلاح حقيقي وعن تجديد حقيقي في التعيينات على رأس عدد من مؤسساتها القيادية بما في ذلك في المكتب التنفيذي ومكتب مجلس الشورى وبعض الهيئات المرتبطة بهما .

وبعيدا عن التشخيص يمكن اعتبار نتائج الانتخابات التي نظمت في اليومين الماضيين “أكبرامتحان سياسي ” واجهه الفريق الملتف حول زعيم الحركة راشد الغنوشي بعد أن كسب معركة المؤتمر.

لقد أكدت التسميات الجديدة أن الغالبية الساحقة من المكتب التنفيذي ـ بأعضائه ال25 ـ أصبحت مناصرة للمسار السياسي الذي انخرط فيه زعيم النهضة والمقربون منه منذ لقاء الغنوشي بالباجي قائد السبسي في باريس في اوت 2013 ثم توقيعه على وثيقة مغادرة حكومة علي العريض للسلطة بعد ” الحوار الوطني ” رغم معارضة عدد من أبرز أعضاده آنذاك .

وبعد أن تبنى المؤتمر العاشر للحركة ووثائقه المسار السياسي الذي سبق أن تبناه الغنوشي في ظروف داخلية صعبة كان متوقعا أن ينعكس ذلك على التسميات في المكتب التنفيذي وعدد من المؤسسات القيادية التي استبدل فيها ” المناضلون ” بكفاءات وطنية بينها فريق يستمد شرعيته من خبرته وكفاءته وليس من ” الرصيد النضالي ” و” الشرعية التاريخية “.

وفي هذا السياق تفاءل بعض المراقبين بتعيين شخصية ” محايدة ” مشهود لها بالكفاءة وطنيا ودوليا مثل زياد العذاري على رأس الأمانة العامة في حركة نشأت عقائدية وبدأت تندمج في المجتمع وفي المنظومة الاقليمية والدولية و تتحرر من ” ضغط ماكينة الحركة القديمة “(؟؟)

كما تفاءل المراقبون بتعيين شخصيات سياسية منفتحة على المعارضة وعلى المجتمع المدني ولديها خبرة طويلة في العمل السياسي بعقلية ” براغماتية ” مثل نور الدين البحيري ونور الدين العرباوي وعماد الحمامي والعجمي الوريمي وجمال العوي وسيدة الونيسي وأروى عباس ورضا ادريس ونجم الدين الحمروني ورياض بالطيب…مع تأكيد صفة النائب الاول للرئيس للمحامي والحقوقي والخطيب الكاريزماتي عبد الفتاح مورو .

ولعل من أهم العناصر الملفتة أيضا للانتباه في التركيبة الجديدة أن زعيم حركة النهضة لم يتخل عن رفاق الامس بل عينهم في مواقع قيادية مهمة أخرى بينهم علي العريض رئيس الحكومة السابق الذي عين نائبا ثانيا للرئيس .

وللمرة الأولى في تاريخ الحركة عينت سيدة ليست متحجبة عضوا في المكتب التنفيذي هي البرلمانية السيدة أروى عباس التي سبق أن رافقت الغنوشي في زيارته الرسمية لباريس مع الانسة سيدة الونيسي.

هذا التعيين على أهميته قد يكون أهم رسالة سياسية وجهت الى الليبيراليين والمستقلين والوطنيين الذين توقعوا من المؤتمر أن ينفتح قولا وفعلا على شخصيات من خارج المنظومة ” الاسلامية الاخوانية ” التقليدية ، وأن يجسم ما ورد في القانون الاساسي الجديد عن الانفتاح على كل التونسيين والتونسيات بصرف النظر عن اللباس والجنس والمعتقد …

لكن مؤشرات الاصلاح هذه ـ على أهميتها ـ سوف تبقى محدودة الاثر اذا لم تقترن بنسق اسرع يكرس المضامين التي تبناها المؤتمر ومن بينها أن يتطور الحزب من حركة احياء ديني وتيار احتجاجي الى حزب وطني مدني منفتح على الاسلاميين وغير الاسلاميين وكل التونسيين الذين يعلنون موافقتهم على البرنامج السياسي والوطني للحزب .

كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *