المغرب العربي ودول الجوار: هل يعالج الارهاب عقم الحلم ؟

تونس – مغرب نيوز

ناقش خبراء من تونس والجزائر والمغرب واسبانيا صباح امس الأبعاد الجيواستراتيجية والتاريخية للعلاقات المغاربية ودعوا الى ضرورة مراجعة العلاقات المغاربية الاروبية مؤكدين على تجاوز المشاكل الموجودة في ظل التحديات الامنية المطروحة لدى هذه البلدان وانتشار ظاهرة الارهاب.
وتحدثت وسائل إعلام الى البعض من هؤلاء الخبراء واستمعت الى مداخلات البعض الاخر وذلك على هامش فعاليات الندوة التي نظمها مركز جامعة الدول العربية بتونس والمؤسسة العربية والإفريقية للدراسات والأبحاث الاستراتيجية حول: «المغرب العربي ودول الجوار بقاعة المعهد العربي لرؤساء المؤسسات بالبحيرة».
تذبذب الإرادة السياسية
وذكر الدكتور رشيد التلمساني جامعي وخبير دولي من الجزائر ان النخبة العربية التقليدية انتهى عهدها ويجب وضع تفكير جديد كما يجب تجاوز مشكل الأقليات والاعتراف بها كالامازيغية التي تمثل 40 بالمائة في المغرب و20 بالمائة في الجزائر والى حدود 5 بالمائة في ليبيا.
وتساءل لماذا نقول اتحاد المغرب العربي ولا نقول اتحاد مغاربي ولماذا لانبدأ بدولتين في انتظار البقية.
ومن جهته قال الدكتور حسن الرحموني جامعي وخبير دولي بالمغرب ان بلدان شمال افريقيا على غرار جاراتها المتواجدة جنوب الصحراء او في منطقة الشرق الأوسط لازالت وسوف تظل لفترة طويلة تجر أذيال الموروث الاستعماري السلبي الناتج من ناحية عن مخلفات مؤتمر برلين المنعقد سنة 1885 ومن ناحية اخرى عن الكارثة الكبرى التي أصابت الأمة العربية نتيجة لوعد بلفور 1917.
وأضاف ان التاريخ سجل ولازال مختلف انواع الاستغلال ونهب الثروات التي تفنن الغرب في ممارستها علاوة عن استمراره الحالي في ابتكار مختلف أساليب التشريد وأحداث الفتنة مخلفا وراءه مجتمعات فقيرة ومشلولة الإرادة.
وفي توصيف المشهد الحالي والرؤية المستقبلية قال انه يوجد تذبذب في الإرادة السياسية بين الاختيارات الاستبدادية والاختيارات الديمقراطية وتدني العدل الاجتماعي داخل حدود المنطقة متمثل في مجتمعات اكثر فقرا عما كانت عليه غداة الاستقلال وتراجع القيم المجتمعية بمعنى تدني دور الاسرة والمدرسة في بناء وتقوية اقليم والمعاملات الى جانب الانتشار المهول لأنشطة التهريب وتحول المنطقة إلى منطقة عبور وكمجال داخلي لتسويق الأسلحة والسلع المزيفة والهجرة غير الشرعية اضافة الى مفعول وسائل الاتصال الحديثة وخاصة الانترنات في تمرير وانتشار الخطابات والمناورات السياسية المخلة بالأمن والاستقرار وأخيرا التهديد الارهابي متعدد الجوانب والأبعاد والأساليب.
التحديات الامنية
وتعرض الجامعي والخبير الدولي هيكل بن محفوظ الى قدرة المغرب العربي باختلافاته على معالجة مشكل التحديات الامنية والإقليمية والتي يمكن حصرها في ثلاثة مستويات حسب رايه وهي الحدود والارهاب والتهريب فالحدود اصبحت تشكل نقمة رغم انها وضعت لتثبيت الدول والشعوب وهي مصدر اضطرابات بين الدول داخل المنطقة
واشار الى وجود تنظيمات ارهابية لها بعد استراتيجي وتنتهج الرشوة والتهريب لتنشيط الانشطة الارهابية وهي عناصر لها تاثير مباشر على مستوى الامن والحدود وتؤدي الى ضعف الدول وامام هذه التحديات اصبحت هذه الدول تتجه نحو التكوين والتدريب لمكافحة الظاهرة على حساب الجانب الاجتماعي.
واشار الى انه امام ضعف التعاون والتنسيق بين الدول المعنية اصبحت الجهات الامنية غير قادرة ويصعب عليها اختراق هذه المجموعات كما ان البدائل الاستراتيجية صعبة في ظل بلدان مغرب عربي غير مندمج وغياب العقلانية مقابل الاندفاعية في التعاطي مع الوضع الجيو سياسي الجديد وإعادة رسم مجالات التعاون الثنائي على اساس المصلحة والقدرات غير المتكافئة وهذا يطرح مسألة التحديات والحكومة ومن يرعى هذه التحولات.
عقم
وذكر السفير توفيق وناس ان هذه الندوة أظهرت عقم البناء المغاربي وتعطل تقدم هذا البناء والتعاون بين بلدان المغرب العربي وهو هيكل مفرغ لم يبق منه الا جانب العقيدة وأننا نمثل منطقة متقاربة ولها مصالح مشتركة لان المغرب العربي حاليا في قطيعة مع عمقه الافريقي وتنافر مع العمق المغربي وفي ازمة مع العمق الاروبي لانه لا ينظر اليه الا كمصدر للهجرة السرية ومرتع للارهاب.
ورأى انه من الضروري مراعاة كل هذه العلاقات مع الكف عن مقاربة ان كل الدول يجب ان تصل الى أهدافها الوطنية دون الأخذ بعين الاعتبار البعد المغاربي.
ومن الضروري مراجعة السياسات الوطنية للعلاقات الخارجية داخل المغرب العربي وخارجه والتنسيق في مكافحة الارهاب لانه خطر داهم على المغرب العربي وبدا يمس عملنا في مالي والنيجر ونيجيريا واروبا ويجب توحيد السياسات الامنية والتعاون من اجل التنمية التي هي اساس محاربة الارهاب مع ضرورة إرجاع مكانة المواطن في الدولة وإشاعة الفكر الاسلامي المستنير.
الاستثناء التونسي
«الاستثناء التونسي» سيقط أسطورة «الاستثناء العربي الاسلامي» وثنائية الفوضى والاستبداد السياسي والديني هذا ما قاله كمال بن يونس رئيس المؤسسة العربية والإفريقية للدراسات والأبحاث الاستراتيجية بتونس.
مشيرا الى ان المغرب العربي يجب ان ننظر اليه من جديد في عمقه العربي والإفريقي وكارثة الباخرة التي مات فيها حوالي 900 راغب في الهجرة السرية كشفت عن العقلية الأورومركزية خاصة لما صرح احد القادة بانه يجب ان ترد على أصدقائك بالقصف.
وختم بان الوطن العربي يمر بمرحلة خطوط حمراء كثيرة بسبب تأثيرات ملفات جيو استراتيجية اقتصادية وعسكرية امنية كبرى بينها الصراع العربي الاسرائيلي و صراعات المصالح والنفوذ الجديدة على افريقيا والعالم العربي الاسلامي بين امريكا مع اوربا وحلفائها من جهة ومع روسيا والصين والقوى الصاعدة مثل الهند وايران وتركيا من جهة ثانية.
وبعد ان تسببت تلك الصراعات في تفجير حروب هامشية واعمال عنف وارهاب وجريمة منظمة تدعمت مواقع دعاة العودة إلى الأولوية الأمنية العسكرية في الاجندا الاطلسية عربيا واسرائيليا ردا على انتشار العنف والفوضى في كامل الوطن العربي بعد 4 أعوام من الانفتاح «الذي يعبترون أنه ادى إلى استبدال الاستبداد السياسي باستبداد باسم الدين».
في المقابل يعتبر أنصار الاحتكام إلى الانتخابات والحلول السياسية أن ” النموذج التونسي” ـ أو ” الاستثناء التونسي ” يؤكد سقوط ” أسطورة الاستثناء العربي والإسلامي” والمقولات ” العنصرية ” التي تعتبر العرب والمسلمين وثقافاتهم نقيضا للتعددية والانفتاح والاعتدال.
وللاشارة افتتح الندوة السيد عبد اللطيف عبيد رئيس مركز جامعة الدول العربية بتونس والسيد رضا الكزدغلي الكاتب العام للمؤسسة العربية والإفريقية للدراسات والأبحاث الاستراتيجية وطارق لطيف مدير الشؤون السياسية والاعلام والديوان وممثل الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *