الليبيون يتوافقون بتونس بـ غطاء دولي لماذا تاجل التوقيع إلى الأربعاء القادم؟

تزامنت مع فتح الحدود البرية

يومان من المفاوضات الماراطونية في الكواليس ثم في جلستين مطولتين بحضور الموفد الاممي في ليبيا مارتن كوبلر فكانت الحصيلة   توافقا سياسيا واسعا   حول ملامح التسوية السياسية بين الاطراف الليبية المتنازعة منذ سقوط نظام القذافي في اكتوبر2011.

وحسب المعطيات الاولية فان الفرقاء الليبيين سيوقعون بالاحرف الاولى على الاتفاق السياسي يم الاربعاء القادم بتونس .. ثم سيصدقون على حكومة الوحدة الوطنية وعلى مجلس رئاسي – من 9 او من 7 اعضاء – يوم 24 ديسمبر الجاري في مقر الامم المتحدة بنيويورك..

لكن حضور الموفد الاممي الجديد وعشرات السفراء والديبلوماسيين المعتمدين في ليبيا وعددا من كبار الرسميين التونسيين -بينهم وزير الخارجية الطيب البكوش – لم يكن كافيا   لاقناع   ممثلي برلماني طرابلس وطبرق والقوى التي تقف وراءهما بابرام فوري لاتفاق سياسي  يسبق تنقل القيادات الليبية الى العاصمة الايطالية روما..

لماذا ؟

غالبية تصريحات ممثلي   القبائل   الليبية المقربة من انصار نظام القذافي وكذلك ممثلي   البلديات   الكبرى – من سبها جنوبا الى بنغازي ومصراطة والزاوية وطرابلس والبيضاء – بدوا طوال يومين   متفائلين   على غير عادتهم في لقاءات الحوار الليبية- الليبية السابقة في عدة عواصم عربية ودولية بينها تونس والجزائر والقاهرة والرباط..

وسارت في نفس المنحى لاول مرة غالبية القيادات التي تمثل   الفرقاء   السياسيين الذين يرمزون الى   لعبة الكبار   في المؤتمر الوطني العام (   البرلمان السابق في طرابلس   ) ومجلس النواب ( برلمان طبرق ) .. فما الذي تغير ؟

تصريحات الموفد الالماني

الملفت للانتباه ان الموفد الجديد للامم المتحدة الالماني مارتن كوبلر حرص خلال لقاءاته القصيرة بالإعلاميين من جهة وبالسياسيين الليبيين والديبلوماسيين والسفراء من جهة اخرى ان يقدم انطباعا يجمع بين   مرونة الديبلوماسي   و  حزم الالمان   .. بين   الوسيط   الذي ينصح مخاطبيه بمختلف مواقعهم بواحب حقن الدماء وتشكيل حكومة وحدة وطنية و  المسؤول القوي   الذي يهدد   من يريد التمرد على الارادة الدولية   بكل السيناريوهات بما في ذلك فرض عقوبات والتعرض الى تتبعات وربما الى عمليات عسكرية تقودها قوى دولية قررت   القضاء على بؤتر التوتر والارهاب في ليبيا والمنطقة بدءا من مراكز   داعش  وحلفائها التي انتشرت في قرى ومدن ليبية عديدة خاصة في جهتي درنة وسرت..

واذا كان مارتن كوبلر اكد ان   قطار التسوية السياسية   انطلق منذ الاجتماع الاخير للفرقاء الليبيين في  الصخيرات المغربية   ، فانه سعى ان يبلغ مخاطبيه الليبيين والعواصم العربية والاجنبية التي تدعم الميليشيات المسلحة المتقاتلة انه سيكون   اكثر حزما وصرامة   من سلفه الاسباني برناردينو ليون.

مواقف امريكية واوروبية جديدة

ولئن دعت كلمة وزير الخارجية د.الطيب البكوش باسم تونس   كل الاشقاء الليبيين   الى المضي بنسق اسرع في مسار التسوية السياسية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، فان الاستاذ خميس الجهيناوي المستشار الديبلوماسي لرئيس الجمهورية اكد لـ الصباح  ان   رئاسة الجمهورية في تونس تتحرك بقوة وفي هدوء وبعيدا عن الأضواء منذ مدة مع الشركاء العرب والاوروبيين والامريكيين بهدف انجاح سيناريو التسوية السياسية في اقرب وقت   .

وكشف خميس الجهيناوي لـ الصباح  ان   الرئيس الباجي قائد السبسي وجه رسائل واضحة الى الدول  الدائمة العضوية في مجلس الامن بعد جريمة الهجوم على الحرس الرئاسي وطلب منهم باسم تونس التحرك لوقف الحرب في ليبيا والقضاء على الميليشيات المسلحة والمجموعات الارهابية المورطة في الاهاب في تونس وليبيا وكامل المنطقة

وقد تفاعل السفراء الامريكي والبريطاني والفرنسي وزملاؤهم الاوروبيون مع   الضغط التونسي   لان كل العواصم الاوروبية تعلم ان مزيدا من الهجمات الارهابية على تونس بواسطة ارهابيين يستفيدون من   غياب الدولة في ليبيا   سيؤدي الى تدفق مزيد من المهاجرين غير الشرعيين والارهابيين من كل دول جنوب المتوسط نحو الضفة الشمالية للبحر الابيض المتوسط  .

المعطيات الجديدة

وحسب تأكيدات مصادر ديبلوماسية وعسكرية تونسية وليبية واطلسية لـ الصباح  فان كل الاطراف السياسية المؤثرة في القرار السياسي في طرابلس وطبرق وفزان ومصراطة والزنتان … تلقت رسائل واضحة من الدول  العظمى ومن دول الجوار وبينها تونس : اما التسوية السياسية والتعاون في الحرب على الارهاب او العودة الى   سيناريوهات بديلة   قد يكون من بينها غلق كل حدود ليبيا مع جيرانها واصدار عقوبات ضد القادة الليبيين المعارضين للحل السياسي ثم تنظيم عمليات عسكرية واسعة ضد كل الميليشيات و  الدروع   و  كتائب الثوار   ..

في نفس الوقت مورست ضغوطات على الساسة الليبيين من كل الاطراف من بينها تحميلهم مسؤولية تدهور الاوضاع الانسانية لغالبية الليبيين ..وتشديد الرقابة على تهريب النفط والاسلحة والسلع .. في مرحلة تراجع فيها احتياطي ليبيا من العملة الصعبة الى حوالي 20 بالمائة فقط مما كان عليه عام 2011 قبل انهيار نظام القذافي

من تونس الى روما ونيويورك

لكن لماذا لم ينظم موكب توقيع   بالاحرف الاولى   على ما افرزته محادثات اليومين الماضيين بتونس ؟

لماذا وقع تاجيله الى ما بعد لقاء روما غدا الاحد بحضور وزير الخارجية الامريكي وممثلي دول الجوار وقيادات الحلف الاطلسي ؟

حسب تأكيدات مصادر مطلعة لـ لصباح  فان  الثغرة   كانت في كون الموفد الاممي لم يسلم الوفود المتفاوضة مسبقا نسخة من مسودة  الاتفاق شانه شان سلفه الاسباني ليون.. لذلك طلب قادة الوفود   مهلة   لاطلاع اعضاء البرلمانيين والحكومتين على   تفاصيل   الاتفاق السياسي الجديد..

لكن السؤال الكبير يظل : ماذا لو تدخلت قوى ليبية واقليمية ودولية على الخط قبل موعد الاربعاء القادم  بتونس ولقاء 24 ديسمبر في مقر الامم المتحدة بنيويورك ؟

الن تدفع ليبيا مجددا نحو   الحرب الشاملة   التي ستدمرها اكثر فاكثر وتتسبب في انتشار مزيد من العنف والارهاب في كامل المنطقة ؟

 كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *