اللعب بالنار.. وانتشار اليأس والإحباط

تؤكد كل المؤشرات تصعيد أطراف عديدة للأوضاع الأمنية والعسكرية والسياسية هذه الأيام في الشقيقة ليبيا بما ينذر بنقل حمام الدم من بنغازي وشرق ليبيا إلى طرابلس ومدن الغرب المتاخمة لتونس والجزائر..

 تتزامن هذه المستجدات مع تأزم الأوضاع أكثر في العراق وسوريا.. وفي وقت أكدت فيه التقارير سقوط مئات القتلى الجدد في بؤر التوتر العديدة التي يشهدها الوطن العربي من اليمن إلى السودان مرورا بالصومال وفلسطين ولبنان وليبيا..

وإذ أعلنت فيه حكومة بغداد وتنظيمات كردية بدء»المعركة الحاسمة» ضد قوات داعش في مدينة الموصل العراقية، برز تصعيد جديد بين القيادة التركية ـ والرئيس رجب الطيب أوردغان شخصيا ـ ورموز كردية وشيعية عراقية من بينها مقتدى الصدر وزعماء بعض «الانفصاليين الأكراد».. الذين تعارض أنقرة السماح لهم بتأسيس «دولة كردية مستقلة» شمالي العراق بعد القضاء على «قوات داعش»..

في الأثناء قدرت تقارير الأمم المتحدة وهيئات حقوقية مستقلة أن ما لا يقل عن 3 ملايين ونصف من العراقيين أصبحوا مشردين ونازحين ولاجئين بسبب «الحرب العالمية ضد داعش» ومسلسل الحروب»العرقية والمذهبية والطائفية» التي دفع نحوها العراق منذ احتلاله في 2003.

وتقدر نفس المصادر عدد الفارين من حروب «الربيع العربي» من بين النازحين واللاجئين السوريين والعراقيين واليمنيين والليبيين والصوماليين والفلسطينيين واللبنانيين بحوالي 30 مليونا.. بينهم 6 ملايين فلسطيني و18 مليون سوري ولبناني.. وما لا يقل عن 3 ملايين ليبي.. الخ

  فهل قدر لمئات المواطنين العرب أن يدفعوا حاضرا ومستقبلا لوحدهم فاتورة «الحرب العالمية بالوكالة» التي تجري على  أرضهم منذ أعوام؟

وهل ستوظف الحرب»العالمية» ضد قوات داعش في العراق وسوريا ـ ثم في الدول المغاربية والإفريقيةـ من أجل نشر السلام والأمن والأمان في المنطقة أم سيحصل العكس وتكون «مبررا» لمزيد تقسيم الدول العربية وبينها ليبيا وسوريا والعراق تحت يافطات «حقوقية» مثل احترام «حقوق الأقليات العرقية»؟

ومهل لا مفر من إعادة رسم خارطة المنطقة دون مشاركتهم؟

لقد أثبتت التجربة أن كل «مخططات» قوات الحلف الأطلسي و»استراتيجياته» في افغانستان وباكستان والخليج وإفريقيا وفي العالم الإسلامي فشلت في تحقيق أهدافها..

بل كانت الحصيلة دوما عكسية..

فهل لم يحن وقت وقف اللعب بالنار؟

لقد خسرت إيران والعراق أكثر من مليوني قتيل وجريح في حرب الثمانينات ثم خسر العراقيون والعرب منذ حربي 1991 و2003 ما لا يقل عن مليوني مواطن ومواطنة..

وكانت حصيلة حروب «الربيع العربي» في ليبيا ومصر وسوريا واليمن مئات الآلاف من القتلى والجرحى وملايين المشردين والمنكوبين..إلى جانب تدمير المجتمعات والعائلات بسبب تعميق الفقر والبطالة وتعميم انتشار الجريمة المنظمة والتهريب والإرهاب والإدمان على المخدرات وغيرها المؤثرات العقلية..

إنه لعب خطير بالنار ستكون نتيجته لا محالة تعميق انتشار مزيد من اليأس والإحباط والعنف والفوضى..

فأين دور الحكماء والعقلاء في بلدان الجنوب والشمال؟

وهل يستمع حكام الدول العظمة لنصائح خبرائهم في الدراسات الإستراتيجية؟

كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *