«الصباح»..70 سنة من الإعلام الحر..النزيه والانحياز للقضايا الوطنية

 

سبعون عاما مرت على تأسيس جريدة «الصباح» من قبل نخبة من الوطنيين التونسيين والمغاربيين وقد مرّ بمؤسسة دار «الصباح» آلاف من الإعلاميين والمثقفين من كل الأجيال من تونس والجزائر والمغرب.

بهذه المناسبة نظمت دار «الصباح» بالاشتراك مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بتونس يوم الجمعة 5 فيفري 2021 ندوة بعنوان «الإعلام المستقل وأخلاقيات المهنة، صحيفة الصباح مثالا» بحضور قدماء الصحفيين الذين عملوا بها وصحفيين لا يزالون يباشرون عملهم بها وعدد من الضيوف.

في هذا السياق قال مدير تحرير «دار الصباح» سفيان رجب في افتتاحه لفعاليات الندوة إن «مؤسسة دار الصباح تحتفل منذ أيام بالذكرى السبعين لتأسيسها يوم غرة فيفري 1951 على يد الأستاذ الكبير الحبيب شيخ روحه وهي مدرسة عريقة في النضال وفي الاعلام».

وأضاف «الصباح واكبت مراحل استقلال تونس وما بعده وأرشيفنا الثري يثبت الدور الكبير الذي قامت به هذه الجريدة في الحركة الوطنية وما بعد ذلك في بناء الدولة. فكانت هناك أقلام كبيرة جدا في مقدمتها الأستاذ الهادي العبيدي والأستاذ عبد اللطيف الفراتي وعبد السلام حاج قاسم والأستاذان محمد بن رجب ومصطفى الخماري والمرحوم أحمد عامر وحسن وحسين عطية وأقلام غادرتنا وأخرى لا تزال تناضل من أجل هذه الجريدة، و»الصباح» تبقى دائما مدرسة كونت أجيالا كبيرة تكونت مثلما تكونا نحن وأجيال جديدة أخرى بصدد البروز والظهور لحمل المشعل لتبقى «الصباح» دائما المدرسة والقاطرة في قطاع الاعلام».

وأضاف: «لقد واكبت جريدة «الصباح» بناء الدولة التونسية وتابعت كلّ مراحل تاريخ تونس الحديثة عبر 70 سنة من الاعلام الحر والنزيه والصحافة المنحازة الى القضايا الوطنية قبل الاستقلال وبعده وقبل ثورة 14 جانفي 2011 وبعدها… 70 سنة من المهنية والاحتراف ومسيرة نحتتها أقلام من خيرة الصحفيين والصحفيات الذين جعلوا من «الصباح» مدرسة للصحافة المكتوبة وتركت اثرا في تاريخ الاعلام بتونس. مسار وضع دعائمه وأسسه المؤسس الأستاذ الحبيب شيح روحه ليتواصل الى اليوم. مسيرة خطتها بأحرف من ذهب أقلام اختارت «الصباح» لتكون منطلق شرارة الكفاح الوطني ضد المستعمر  على غرار فرحات حشاد والباهي لدغم ومصطفى الفيلالي والحبيب الشطي وأحمد بن صالح والشاذلي القليبي والحبيب بولعراس ومحمود المستيري ومحمد المصمودي والهادي نويرة وزهير الشلي والهادي العبيدي وغيرهم.. لتقدم «الصباح» كل ما أمكن للقضية التونسية وساهمت في نفس الوقت في إنارة الرأي العام في الداخل واستقطاب الرأي العام الدولي حتى بلوغ الهدف وهو الاستقلال.. ليتواصل دور الصحيفة بعد 1956  وتكون شاهدة وفاعلة في كل المحطات السياسية والمجتمعية التي عرفتها تونس طيلة 70 سنة».

وأوضح سفيان رجب أن «هذه الندوة تندرج في إطار الندوات التي نقوم بها بالشراكة مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بتونس الذي يترأسه الدكتور مهدي المبروك منذ أربع سنوات كُللت بإصدار أكثر من عشرين ملحقا».

من جهته أكّد مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بتونس الدكتور مهدي المبروك في بداية الجلسة الافتتاحية أنّ «هذه مناسبة كبيرة نتشاركها بمناسبة ذكرى مرور سبعة عقود على تأسيس دار لم تكن مجرد دار نقرأ من خلالها الكثير بمختلف اللغات والأشكال الإعلامية الكلاسيكية الورقية ولكن أيضا شاهدا على تحولات تونس».

وأضاف «أعتقد أنها ظلت تُشكل وثيقة هامة للمؤرخين وللمعنيين بالأرشيف الوطني والمعنيين بالأرشيف الاعلامي الخاص بمختلف المنعطفات والتحولات التي عاشتها البلاد خلال الستينات والأزمة النقابية وأحداث قفصة على الأقل ما أتذكره وأيضا 7 نوفمبر ومرحلة الثورة».

وقال مبروك «أعتقد أنه لا يمكن لأي مؤرخ وعالم اجتماع أو إعلامي إذا ما أراد أن يفهم مختلف هذه التحولات دون أن يعود إلى مؤسسة «الصباح» باعتبارها شاهدا على العصر. كما لا يمكن لنا أن نستحضر المشهد الاعلامي ومختلف تحولاته دون أن نرى هذا المعلم الذي يبدو للناظرين من بعيد».

خلال إدارته لجلسة «الاعلام المستقل وأخلاقيات المهنة صحيفة الصباح مثلا» أكّد الاعلامي كمال بن يونس رئيس تحرير سابق بجريدة «الصباح» أنّ «الصباح حاولت أن تكرس شعار «الصباح جريدة مستقلة، فالمهنية أولا والانفتاح على جميع الأطراف مع القول إن هامش الحرية ينقص ويزيد في كل مرة. لكن بمصداقية «الصباح» هناك مجموعة من الأخبار تقريبا تنشر بكل استقلالية، وأغلب المحاكمات السياسية قد تمّ نشرها من محاكمة اليوسفيين إلى الآن كلها مرت بها صحيفة «الصباح»، أيضا الأطراف الممنوعة وغير الممنوعة تواجدت بهذه المؤسسة العريقة».

وأضاف «كما قال الأستاذ الحبيب شيخ روحه لدينا الاستقلالية وشعارنا إذا غضب علينا الحاكم يوما نغض الطرف يومين ونعود إلى نشر الأخبار وإلى عملنا» وقد حاولت مجموعة من الأقلام ومن كل الأعمار أن تكرس هذا في قضايا وطنية وفي قضايا دولية مع توفير كل الأشكال الصحفية البارزة والمهمة من تحقيقات وحوارات وأخبار وتحاليل معمقة وغيرها».

إعداد: إيمان عبد اللطيف

 

صحفيون مروا بـ«دار الصباح»

 منى مطيبع الرئيسة المديرة العامة لوكالة تونس إفريقيا للأنباء:

ندوة «الصباح» تكريم لأجيال من الصحافيين

هذا تشريف لي ولوكالة تونس افريقيا للأنباء التي احتفلت هذا العام بستينية تأسيسها، الوكالة من مؤسسات دولة الاستقلال ومواكبة لمختلف مراحل تأسيس تونس. اختيار موضوع «الإعلام المستقل وأخلاقيات المهنة جريدة الصباح مثلا» هو اختيار مهم جدا باعتباره تكريما لكافة أجيال الصحافيين في تونس على مر السنين والعقود الذين كان لهم انشغال واهتمام بمسأله أخلاقيات المهنة وشرف كبير للصحافيين من تونس أن ميثاق الشرف من أقدم المواثيق الموجودة.

في وكالة تونس افريقيا للأنباء كانت لنا تجارب في مسألة أخلاقيات المهنة منذ أولى أيام ثورة 14 جانفي حيث كانت مبادرات الصحافيين باقتراح صياغة ميثاق تحرير حيث تسعى الوكالة إلى تطويره وتحترم كل هذه القيم ومضمامين هذه المواثيق.

 

 الدكتورة حميدة البور مديرة معهد الصحافة وعلوم الأخبار: «دار الصباح» مدرسة المصداقية..

من المهم جدا أن نتحدث اليوم عن مستقبل الاعلام المستقل لأن مسألة الاستقلالية هي على المحك وقد شاهدنا ذلك بالأساس في المناسبات السياسية في تونس. ففي انتخابات سنة 2014 برزت نتائج رصد وسائل الاعلام فكان هناك نوع من الاستقطاب السياسي ونوع من الاشارات والدراسات التي أبرزت ذلك و2019 ازدادت هذه المسألة. اليوم من المهم جدا أن نتحدث عن موضوع الاستقلالية فانطلاقا من ماذا؟ ماهو مفهوم الاستقلالية؟ كيف تتبلور في ظلّ ما تعيشه بعض وسائل الاعلام من أزمات مالية وتسيير وأزمات تتعلق بالمصير لبعض هذه المؤسسات من بينها مؤسسة «دار الصباح» التي تعتبر صرحا في المشهد الإعلامي والتي كانت دائما مقياس هامش حرية الصحافة فإلى أي مدى نصل في نشر الأخبار خصوصا الأخبار السياسية والنقابية؟ إلى أي مدى يمكن أن نضمن الحد الأدنى من الظهور الصحفي لبعض الوجوه السياسية المعارضة خاصة؟ وإلى أي مدى يمكن أن نعطي الكلمة للخبراء المستقلين؟

فكان هذا الهامش فترات يكبر وفترات يتقلص وهنا أتحدث عن فترة آخر التسعينان وبداية 2000 إلى حدود 2010، فمن هذه الناحية من المهم للدارس لحرية الصحافة والإعلام في تونس أن يعود إلى «دار الصباح» ولما تنشره لنفهم هذه الفترات.

في مرحلة ثانية في تجربة التعددية في مجلس نواب إلى أي مدى نجد هذا الانفتاح السياسي صاحبه -بين ظفرين- واكبه انفتاح إعلامي لمن كانوا يعتبرون نواب معارضة في البرلمان التي تبرزها تجربة سنة 1994. ثم إلى مدى نجد التناغم على مستوى الخطاب السياسي المنفتح وما ينشر على أعمدة «الصباح»؟

تحدثت عن هذه المسائل لأنه من خلالها يمكن أن نقيس ما يسمى بالسلطة الرابعة وسلطة الاعلام التي تتبلور من خلال المسافة النقدية لوسائل الاعلام وهي من مؤشرات استقلالية الخط التحريري والصحفي عندما ينتج.

ومن ميزة «دار الصباح» أنها ضمت أقلاما من مشارب سياسية وفكرية مختلفة لكنها تلتقي في التعاطي مع الأخبار بحرفية. إذن مسألة السلطة الرابعة لا يمكن أن ننظر إليها بمعزل عما يمكن أن يتوفر لأي سلطة من مبادئ ومن آليات للمارستها.

في هذه السلطة هنالك هامش الحرية هو الذي يمكنها من الذهاب إلى أبعد الحدود الممكنة مع احترام أخلاقيات المهنة الصحفية ولكن أيضا في هذه السلطة هنالك الجانب الذاتي للصحفي وما يمكن أن يتوفر لديه من هامش ومن تكوين ذاتي ومن خيارات من الكتابة والإنتاج.

اليوم من الأيسر بكثير أن نحاول استغلال هامش الحرية في ضمان حق المواطن في المعلومة لأنه في هذا السعي لتكريس مبادئ الاستقلالية ومبادئ الحرية هنالك مصداقية تُبنى بين الصحيفة والمتلقي وبين الصحفي والمتلقي وبالتالي من الأساس أن نحاول احترام هذه الجوانب وهذه المبادئ في الممارسة الصحفية.

في جانب آخر وفي مستوى التكوين، فمن الأكيد في المؤسسات التكوينية نحن نحرص على أن يتشبع الطالب والطالبة في الصحافة بمبادئ الاستقلالية والحرية. وعندما نريد أن نبني لأنفسنا مسيرة صحفية فإنه علينا أولا أن نحترم المتلقي وعلينا في الآن ذاته أن نقدم إليه معلومات صحيحة ومعطيات دقيقة وعلينا أيضا أن نحترم التعدد فيه باعتبار أن المتلقي ليس وحدة متجانسة وإنما هو فئات مختلفة من الجماهير والقراء وهي مسألة أساسية.

فعندما نتحدث عن «الصباح» نتحدث عن مدرسة المصداقية، فأنا أراها كذلك، فلا أتذكر نفسي في مسيرتي المهنية عندما أذهب إلى أي مصدر مهما كان لا يمكن أن لا يقبلني لأنه هناك جانب الثقة والمصداقية.

لذلك رغم الأزمة التي تعيشها «الصباح» اليوم بعد 70 سنة من التأسيس من المهم جدا أن ننظر إليها بوصفها مدرسة حقيقية للصحافة المختلفة رغم المشاكل وكل الأزمات فهي في النهاية تبقى كذلك وأنا شخصيا مارست معنى الاستقلالية خلال مسيرتي بـ»دار الصباح».

اليوم عندما نتصفح الجريدة نجد المحتوى الجيد ونجد المواضيع المختلفة مثل الحوارات والتحقيقات والتحاليل المعمقة، فصحيح أن مساحات القراءة تقلصت ولكن هنالك دائما جمهور ثابت يهمه أن تصدر «الصباح» كل يوم.

 

سامي المالكي أستاذ بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار وصحفي سابق بـåدار الصباح»:

لو كانت «الصباح» حواء لعشقتها.. ولو كانت امرأة لأفنيت حياتي من أجلها

سأنطلق من ملاحظة «لو كانت «الصباح» حواء لعشقتها ولو كانت إمرأة لأفنيت حياتي من أجلها» لسببين لأنها حقيقة مدرسة إعلامية متميزة والمرأة تعطينا الثقافة وتعطينا الحب و»الصباح» أعطتنا ذلك وتفاعلنا معها وتفاعلت معنا. أعتقد أن مولودا سيضاف إلى مكتب الإعلامية هو كتاب تطلب مني العديد من الأشهر لجمع المعلومات والتفاعل معها، لذلك في البدايات شعرت بالخوف لأن أدخل في هذه المغامرة وخاصة أنها مغامرة تأريخية امتدت من سنة 1951 إلى سنة 2011 أي تصفحت الجريدة صفحة صفحة وجمعت منها العديد من المواضيع التي ستتحول تباعا إلى أبحاث علمية خصوصا وأن «الصباح» وقراءتها تجعلك تعيش على وقع تحولات المشهد السياسي في البلاد.

فجريدة «الصباح» تجعلك تعيش على وقع التحولات القانونية والفقهية والقضائية التي عاشتها الجريدة مع جهابذة القانون وكبار المحامين الذين كتبوا فيها تشريحا وفقها ومقاربات ودراسة الجوانب القانونية التي انطلقت منها المؤسسات التشريعية في إصدار قوانين ومراسيم انطلاقا مما نشرته «الصباح».

«دار الصباح» ولادة بصحفييها وكانت لي فرصة أن أعيش مع أسماء عديدة ولعل أول هذه الأسماء الأستاذ الهادي العبيدي، وأشير أن الكتاب يحمل عنوان «جريدة الصباح من النشأة إلى المصارة 1951 – 2011 مدرسة صحفية وشاهدة على العصر».

فـ«الصباح» بالنسبة لي ولادة للرجال بما تعيشه على وقع حياة الأستاذ الهادي العبيدي وما أحدثه من نقلة على مستوى الصحافة التونسية وتعيش مع ارهاصات ومحاولات وكتابات الأستاذ عبد اللطيف الفراتي والأستاذ عبد الجليل دمق والأستاذ عبد السلام حاج قاسم، وعندما تعيش على شطحات رجالات الفكر والثقافة من خلال ما قدمه الأستاذ محمد بن رجب وأحمد عامر وغيرهم.

اعتبر ما أنجزته هو بداية قراءة لهذه المؤسسة العريقة التي عاشت إلى جانب تحولات السياسة أيضا تحولات الثقافة والقانون وكانت منارة للصحفيين، هذا المشرح البحثي يشكل كتابا متميزا حاولت أن أتطرق إلى ميولات الجريدة وخاصة خطها التحريري وأيضا من أهم المحطات التي حاولت أن أدرسها الجانب الثقافي وبالتالي في مختلف المجالات.

 

محمد بن رجب صحفي سابق بـ«دار الصباح»:

«الصباح» كانت دائما مستقلة مع المحافظة على ماء الوجه

بدأت أكتب في جريدة «الصباح» منذ سنة 1970 قبل حصولي على الباكالوريا بأشهر بنشر المقالات الأدبية والنقد والقصة والشعر بصفحة أدبية تحت إشراف الأستاذ حسن حمادة، وعشت مع «الصباح» من الداخل ورسميا عام 1974 إلى غاية سنة 2007 قبل بيعها.

ما أسعدني أني اشتغلت مباشرة وتحت إشراف عمالقة الإعلام مهما كان موقفنا من هؤلاء مثل الهادي العبيدي وعبد المجيد دمق وعبد اللطيف فراتي وحسن حمادة والحاج قاسم وصالح الحاجة وأحمد عامر وغيرهم لسنوات طويلة تجاوزت 20 سنة.

اشتغلت مع الكثير من الأسماء مثل المرحوم علي الزايدي ومختار الطريفي في كتابة البرقيات، وما أريد أن أشير إليه إلى جانب هذه الأسماء أني عشت أيضا سعادة أخرى وهي أني حضرت نشأة جريدة «لوطون» وجريدة «صباح الخير» و»الصدى» في نسختها في عودتها، فشاركت في أفراح «الصباح» إلى أن أصبحت مؤسسة إعلامية ضخمة.

النقطة المثارة بخصوص الإعلام المستقل فإن الحقيقة جريدة «الصباح» هي جريدة مستقلة إلى حد ما يعني هي كانت ليست بالمعارضة ولكنها حافظت على ماء وجهها طول حياتها فلم تكن جريدة مستلقية وراكعة فحافظت على ما أمكن ولا أعرف معارضا مهما لم يكتب فيها ولا أعرف معارضا لم تظهر أخباره في جريدة «الصباح» بأشكال مختلفة من مقال إلى تحقيق إلى حوار إلى الأخبار التي كانت ينتظرها الجميع وكنت شاهدا على ذلك في مقاهي لينيفار والانترنسيونال وكافي تونيس وباريس التي كانت تعجّ بالسياسة وخاصة بالمعارضين الذين كانوا ينتظرون ملامح وأخبار في الصفحة الثانية.

كنا نتحصل على خمسة أخبار ولكن يصدر خبرا واحدا إذ كانت هناك ضغوطات وتنبيه فعشت على سحب البعض منها في آخر لحظة ولكن هذا الباب الصغير من الملامح والأخبار لا أعتقد أن هناك حزبا واحدا لم ينل حظه من هذه الأخبار إلى درجة أن الأستاذ عبد اللطيف الفراتي كنا نلومه على اختياره للمعارضين العاديين وكان له في ذلك فلسفة وحكمة للتمكن من تمرير بقية الأخبار.

فركن ملامح وأخبار لعب دورا أساسيا في بلورة حراك سياسي بسيط ولكن كان موجودا وفاعلا. وكانت لجريدة «الصباح» أيضا صفحة مهمة وهي صفحة «الجامعة» كتبت فيها كل الاتجاهات الفكرية والسياسية من اليساريين والإسلاميين.

ثم صفحة «المناظرات» ولعبت دورا مهما وأشرف عليها بشكل غير مباشر الاستاذ عبد اللطيف الفراتي فلا يصدر فيها أي شيء دون أن يمر عليه وكانت تصدر بشكل كبير ولا أعتقد أن هناك معارض يحسن الكتابة ويحلل الأحداث السياسية وقضايا الحداثة وقضايا المرأة ولم يكتب وأيضا وجدت بنفس الصفحة كتابات عن بن علي فلا أنكر هذا. ولكن لعبت دورا آخر هو أنه مرت من هنا أسماء كثيرة. وبالتالي «الصباح» كانت مستقلة مع المحافظة على ماء الوجه.

 

هشام السنوسي عضو الهيئة العليا المستقلة للقطاع السمعي البصري:

مهما كانت التجربة في «الصباح» فهي تبقى عالقة في الأذهان..

تجربتي كانت قصيرة بـ«دار الصباح» ولا تقاس بتجربة عمالقة الجريدة، ولكن أيا كان الحيز الزمني لهذه التجربة فإنها تبقى عالقة في الذهن. في تلك الأيام كنا نقول عن «الصباح» هي تونس الصغيرة بمعنى أن كل التنوع والتعدد الموجود في البلاد نجده بهذه الدار الذي كان من الصعب أن نجده في جريدة أخرى.

عشت حادثة تدل على عراقة هذه المؤسسة وهي أني كنت في فترة من الفترات رئيس تحرير نادي الصدى، وهو ملحق ثقافي باشراف عبد الحميد القصيبي والطاهر سويح، فيه ركن عبارة عن حوار مع شخصيات من بينها الراحل الحبيب بولعراس والذي كان رئيسا لمجلس النواب الذي أجاب على أسئلة «الصباح» بإجابات محرجة.

فقال الأستاذ عبد الحميد القصيبي هذا الحوار سيثير الكثير من المشاكل فأجبته هل تريد أن يُقال عنك قمت بصنصرة رئيس مجلس النواب فأجاب بلا وتم نشر الحوار وعلى إثره توقف الملحق نهائيا والسيد الحبيب بولعراس دفع الضريبة بتنحيته من رئاسة البرلمان وأصبح عضوا عاديا.

فما أردت قوله أنه في تلك الفترة كان يُعتبر خطأ مهنيا أن يتم نشر مقال بتلك الطريقة وهذا يُعبر عن قلة مسؤولية ولكن مع السيد المنصف شيخ روحه لم يتم طردي رغم أني غير مرسم وطُلب مني فقط نشر مقالاتي دون إمضاء. وبالتالي مهما كانت التجربة فإنها تبقى عالقة في الأذهان. فالناس الذين اشتغلت معهم قاموا بالكثير من الأدوار ونبقى دائما مدينين لـ«الصباح» والمهم في المستقبل في كيفية إيجاد الحلول من أجل المحافظة على «دار الصباح» في ظل الأزمة التي تمر بها الصحافة الورقية في العالم.

 

بوبكر بن عمر رئيس تحرير بمؤسسة التلفزة الوطنية

المرور بـ«دار الصباح» مفخرة لكل صحفي

أنا فخور جدا بأني مررت بـ»دار الصباح» لأنه كانت بها تجربتي الأولى في مجال الاعلام وتعلمت فيها العمل الصحفي واشتغلت مع أسماء كبيرة لا يمكن نسيانها من قبيل الأستاذ عبد اللطيف الفراتي وعبد السلام حاج قاسم وعبد الجليل دمق وصالح الحاجة ومحمد بن رجب والراحل أحمد عامر والراحل محمد قلبي.

فكانت ذكريات كبيرة ومهمة مع أسماء كبيرة وكانت تجربة نوعية من شأن أي كان أن يعتز بها والمرور بها مفخرة لأي صحفي.

 

صحفيو «دار الصباح» يواصلون النضال من أجل البقاء 

أميرة الدريدي صحفية بموقع «الصباح نيوز»:

الجميع يعرف أن تاريخ «الصباح» تاريخ عريق.. لكن يجب إنقاذها

الجميع يقر بعراقة «دار الصباح» وبتاريخها الكبير، ولا أستطيع أن ألخص هذه القيمة في فترة عمل تعتبر قصيرة. التحاقي بالمؤسسة كان سنة 2011 ولذلك لا يمكن أن أتجاوز هذا التاريخ دون أن أتحدث عن الوضع الذي مرت به المؤسسة منذ تلك الفترة أي من أزمة ولا يمكن أيضا أن أمر دون أن أوجه رسالة إلى الحكومات المتعاقبة التي استنزفت المؤسسة بسبب سياساتها.

في ظل ذلك أذكر وأثني بمجهود أولاد الدار من أجل أن تستمر المؤسسة ولا تنطفئ شمعتها وهي التي كونت أجيالا ولا تزال تواصل هذه الرسالة. فما نرجوه هو ألا تستمر وتتواصل هذه الأزمة. ورغم الظروف الصعبة فـ»الصباح» تواصل نضالها من أجل إنتاج محتوى متميز ومهني.

 

محمد صالح الربعاوي رئيس تحرير «الصباح نيوز»:

الانتماء إلى هذا الصرح الإعلامي هو فخر لكل من مر ويمر بها

الأكيد أننا نشعر بالفخر والاعتزاز بالانتماء إلى هذا الصرح الاعلامي، فدار الصباح تاريخها حافل بالعطاء والانجازات وبالنضالات فلا يمكن أن يُختزل في بعض الكلمات. فمختلف الأجيال تعلم هذا التاريخ وأهميته.

ونعتبر أنفسنا محظوظين أننا عايشنا العديد من الأجيال التي مرت على هذا الصرح الاعلامي انطلاقا من الأستاذ محمد بن رجب وكمال بن يونس ونورالدين عاشور وعلي الزايدي وعبد الحميد القصيبي محمد قلبي في سنواته الأخيرة بالجريدة.

المهم اليوم هو السعي إلى مواصلة رحلة التميز في دار الصباح ومواصلة الحرفية والمهنية ورحلة العطاء والمحافظة على الاستقلالية التي ميزت المؤسسة على مدى عقود، فتتغير الحكومات وتتلون الأحزاب لكن دائما «الصباح» محافظة على استقلاليتها وحيادها وهو الذي جعلها دائما مواصلة في اشعاعها وإبراز مكانتها في المشهد الاعلامي.

لا يمكن الحديث عن «دار الصباح» دون الحديث عن الخطاب المسؤول الذي تنتجه في ظل الأوضاع والتقلبات والصراعات والتجاذبات التي تشهدها البلاد مدى السنوات المتعاقبة والمتواترة، ولا يمكن ألا نتحدث عن محاولات وسعي أبنائها وحرصهم دائما على أن يكونوا في مستوى تاريخها ما قبل الاستقلال وانجازات ما بعد تلك الفترة.

ورغم الظروف الاستثنائية التي تمرّ بها المؤسسة بقي الجميع يسعى إلى المحافظة على نفس التوهج والعطاء والخطاب المسؤول. لذلك نتمنى أن تتعاطى الحكومة الحالية بايجابية مع ملف «الصباح» حتى تبقى منارة إعلامية بارزة ومضيئة في هذا المشهد المتخبط. صحيح أن الكثير من الأسماء اللامعة والقامات غادرت «دار الصباح» ولكن الأقلام الباقية حاليا تسعى بدورها إلى مواصلة الرحلة والمسيرة حتى تحافظ الدار على نفس المستوى والتميز.

 

اسمهان العبيدي صحفية بجريدة «الصباح»:

المؤسف أنه لا يتم التعامل مع المؤسسة على قدر أهمية تاريخها

انطلقت مسيرتي بـ»دار الصباح» منذ سنة 2006 من بوابة جريدة «صباح الخير» مع الراحل جمال الدين بوريقة الذي أشرف على تأطيرنا والسعي للمحافظة على المهنية والاستقلالية والمصداقية.

انتقلت فيما بعد إلى قسم الرياضة بجريدة «الصباح» اليومية مع حسن عطية وهو قامة كبيرة في الاعلام الرياضي، أقول إن جريدة «الصباح» جريدة مهمة كثيرا في حياتنا إلى جانب كونها مورد رزقنا فهي أيضا جريدة عريقة ولها تاريخ كبير.

ما يؤسفني أنه لا يتم التعامل مع هذه المؤسسة على أساس هذه القيمة وهذا الصرح الكبير ورمزيتها في المشهد الاعلامي التونسي بسبب التعاطي الحكومي معها، كان من المفترض أن تكون القاطرة للإعلام التونسي.

 

حياة السايب صحفية -رئيسة تحرير

بجريدة «الصباح»:

«دار الصباح» رغم الصعوبات بقيت دائما على مهنيتها ومصداقيتها

اعتبر نفسي من الجيل المخضرم، لم أكن مع جيل المؤسسين ولكن أرى أني في تواصل معهم وأشعر بعلاقة روحية معهم وهو شعور نتشارك فيه كأغلبية في دار الصباح.

عندما التحقت بـ»الصباح» كان هناك محمد بن رجب واشتغلت سنوات طويلة إلى جانب كمال بن يونس، وبالتالي ما أردت قوله هو أن الالتحاق بالصباح ليس بالمهمة السهلة حتى وإن كنت مسلحا بالشهائد العلمية فإنك تشعر دائما بأن هناك تحديا كبيرا مفروضا عليك وفي نفس الوقت كل من يرغب في العمل يجد المجال وإمكانية تكوين اسم وخلق شخصيته الصحفية.

صحيح سيكون الصحفي متأثرا بالأجيال السابقة ولكن في نفس الوقت باستطاعته تكوين شخصيته فلا وجود لكتم الأصوات وشخصيا عشت ذلك فوجدت التأطير من الجيل الذي سبقني.

في «دار الصباح» حتى في نفس القسم أو ما بين بقية الأقسام توجد علاقات شبه عائلية، فبسهولة تتكون العشرة وتشعر بنفسك منتميا إلى مدرسة وملزما بالعديد من المبادئ، فهناك أشياء حتى ولو لم تكن ملزما بها تشعر بأنك يجب أن تُشرف الجيل الذي سبقك ومستوى دار الصباح وجدير بالعرف الذي نتوارثه.

صحيح أن «دار الصباح» مرت بالعديد من الصعوبات في الفترة الأخيرة ولكن ما يهم الاستقلالية والمصداقية كان هناك حد أدنى من التمسك بها حتى عند شرائها من صخر الماطري، فكان هناك حد أدنى من حرية التعبير ومن احترام أخلاقيات المهنة.

بطبيعة الحال بعد الثورة التحقت «دار الصباح» بالمد الثوري وعبرت عن ذلك في بيان نشر حينها واستفدنا بحرية التعبير التي أصبحت شبه مطلقة.

هناك حرية التعبير لكن «الصباح» بعد الثورة أرهقت كثيرا بسبب الاشكاليات المادية وبسبب غياب الارادة من طرف الحكومات المتعاقبة لإنقاذها ولكن يبقى هناك دائما الحد الأدنى من احترام أخلاقيات المهنة والمهنية

وأستطيع أن أشبه «دار الصباح» بعد سبعين سنة كالدار الكبيرة التي توجد فيها تقاليد وأخلاقيات معينة وفيها بعض الصراعات بين من يريد المحافظة على كلاسيكيات المهنة وبين الرغبة في الانسجام مع التغييرات.

 

آسيا العتروس صحفية- رئيسة تحرير بـ«دار الصباح»:

مسار «دار الصباح» طويل وعريق.. لكن بعد 70 سنة تحتاج إلى مراجعات كبيرة

مسار «دار الصباح» كبير وطويل، واسمها عريق وعظيم ومسؤولية كبيرة، فهناك مسائل أظن أنها لم تذكر وهي أن المؤسسة انتصرت للحضور النسائي، فأتذكر عند التحاقي بهذا الصرح الاعلامي وجدت سارة عبد المقصود وهي من الصحفيات المتميزات والأسماء الكبيرة التي كانت دائما تقول وتفتخر أنها أول امرأة تقتحم «دار الصباح» والمشهد الإعلامي إلى جانب منية زروق وجنات بن عبد الله ومنية اليوسفي.

فهي مؤسسة عظيمة كلما نتحدث عنها يكون لدينا دائما الجانب العاطفي باعتبار الوقت الذي قضيناه بها أكثر من الوقت الذي عشناه بين عائلاتنا، فهي مؤسسة نتعامل معها بالكثير من العشق ومن لا يعشق هذه المهنة لا يمكن أن ينجح. «الصباح» أعطتنا الكثير وفتحت أمامنا الكثير من الآفاق والعديد منا رفض أن يغادر المؤسسة لارتباطه الشديد بها.

أقول أيضا مع «الصباح» تمكنت من السفر إلى العديد من الدول والمناطق فذهبت إلى أفغانستان وإلى الأراضي المحتلة وإلى الجولان المحتل وأجمل الريبورتاجات التي قمت بها مع القضايا الإنسانية وملفات اللاجئين.

فبعد سبعين سنة من العطاء والابداع تحتاج «دار الصباح» إلى مراجعات كبيرة، رغم أن توارثنا العديد من القيم. وما يؤلمني أنه بعدما كانت امبراطورية اعلامية وتصدر العديد من الجرائد والنشريات أغلقت منذ أسبوعين جريدة «الصباح الأسبوعي» وهذا أعتبره طعنا لنا وخسارة كبيرة للمشهد الاعلامي ورسالة سلبية وموجعة لنا.

فأتمنى أن تتم المراجعات لهذه الدار حتى تبقى شمعة مضيئة مكنت الكثير من الشخصيات الوطنية من الوصول إلى أعلى المراتب في المحافل الدولية.

 

نزيهة الغضباني صحفية بجريدة «الصباح»:

هناك دائما ثوابت مهنية مهما كانت المراحل التي مرت بها «الصباح»

من خلال تجربتي في «دار الصباح» يمكن أن أحوصلها في ثلاث مراحل منذ سنة 2005، مرحلة ما قبل شرائها من صخر الماطري حيث وجدت أشخاصا يؤمنون فعلا بثوابت «دار الصباح» تعلمت في تلك الفترة التأطير من كثير الأقلام على غرار محمد بن رجب وكمال بن يونس ومن أحمد عامر ونجيب اللوز وعلي الزايدي وحسن عطية الذي استفدت منه الكثير.

تلك الفترة لم أشعر بعدم الاستقلالية بل كنا نعمل بحرية تامة وبعد ذلك جاءت مرحلة صخر الماطري التي كانت متقبلة نوعا ما وعرفنا بعض الشيء مرحلة مختلفة وتلك الهزة أهلتنا أن نعيش مرحلة ثالثة بعد الثورة والنفس الثوري الذي ميز عملنا واجتماعاتنا ولقاءاتنا والتواصل فيما بيننا.

أقول انه في كل محطة في «دار الصباح» هناك دائما إضافة ولا وجود للروتين والثابت أن هناك دائما سعيا مستمرا لأن تكون مهنيا ومحترفا في عملك وتحترم المتلقي.

 

صلاح الدين الكريمي صحفي بجريدة «الصباح»:

أفتخر بانضمامي لهذه الجريدة العريقة

أنا اليوم اعتز وأفتخر أنني أنتمي إلى «دار الصباح» وهو كان حلما بالنسبة لي حيث وجدت التأطير والمرافقة من الجميع، وأول موضوع نشر لي كان بتاريخ 16 جويلية 2019 وتصدر عنوان مقالي الصفحة الأولى يتعلق بتخزين الحبوب.

هذه المسألة كانت مفاجأة بالنسبة لي أسعدتني كثيرا وشجعتني على أن أعمل أكثر وهي فخر لي أن يكون اسمي موجودا في أعرق الجرائد التونسية والعربية.

 

أحمد كحلاني صحفي بجريدة «الصباح»:

أتمنى أن تعود إلى مكانتها ومركزها

انضممت حديثا لجريدة «الصباح» ووجدت أساتذة يرافقونني ويقومون بتأطيري، وأنا أفتخر بهذا التواجد في هذه المؤسسة العريقة وما أريد الاشارة إليه هو في بداية هذه المسيرة المهنية أقول أنه من المؤسف أن تعيش هذه الوضعية وكل ما أتمناه أن تستعيد مكانتها ومركزها في المشهد الإعلامي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *