الشيخ راشد الغنّوشي: سياسة التوافق رشيدة و متواصلة و مؤتمر النهضة العاشر جاء لتعميق تونسة الحركة و تصالحها مع الدولة

في ظرف تاريخي متميز ومشحون بالالام والامال، ظرف تعيشه تونس ويعيشه الاقليم، يأتي المؤتمر العاشر لحركة النهضة هذه هذه السنة و قد أنهت الحركة مؤتمراتها القاعديّة و إنطلقت في مؤتمراتها الجهويّة بإنعقاد المؤتمر الجهوي بتونس اليوم السبت 27 فيفري 2016، إفتتحه الشيخ راشد الغنّوشي بكلمة تأطيريّة هنّأ فيها مناضلي الحركة و قدّم خلالها الخطوط العريضة و المهمّات الكبرى التي تنتظر الحركة في الأشهر و السنوات القادمة.
الشيخ راشد الغنوشي إفتتح المؤتمر بتهنئة المؤتمرين مؤكدا أن المؤتمر العاشر للحركة “ياتي ليقدم عدة رسائل منها ان الديمقراطية في تونس متواصلة وان الاستثناء التونسي مرفوع الرأس شامخ لا ينحني الا لله الواحد” و قال “سنة 2011 ابحرت في بحر الديمقراطية عدة زوارق كلها غرقت لكن السفينة التونسية متواصلة شامخة تغالب الرياح وتصل الى مرفاها عزيزة كريمة منتصرة بإذن الله. يشرّف حركة النهضة ان تعقد مؤتمرها العاشر شاهدة على عراقتها فهناك 9 مؤتمرات سابقة انعقدت وهذا ما يجعل هذه الشجرة اعرق شجرة في البلاد التونسية اليوم ومسؤوليتها كبيرة في المحافظة على البستان التونسي لأنه لا قيمة لبستان أو لغابة ليس فيها الا شجرة واحدة. شجرة النهضة تتعزز بوجود احزاب حولها قوية وذلك الذي نحرص عليه ويسعدنا ولذلك حضور ممثلين للرباعي هنا يدعمون هذه الشجرة ويزكونها دليل اخر على انتصار الثورة التونسية والاستثناء التونسي انه متواصل رغم كل الصعاب وان سياسة التوافق التي انتهجتها تونس سياسة رشيدة وسياسة متواصلة ونحن من هنا نحي شركاءنا الرباعي الحاكم نحن هنا نحي رباعي المجتمع المدني الذي حصل بتعاوننا جميعا على تتويج تونس بجائزة نوبل للسلام”.

الشيخ الغنّوشي قال في مفتتح كلمته الإفتتاحيّة “التحية لكل شهداء النهضة شهداء الثورة والحركة الوطنية في كل اتجاهات شهداء الحركة النقابية اليسارية وكل الطيف التونسي فتونس قوية بتوافق كل ابنائها وبناتها بكل مؤسساتها وأحزابها ومكونات مجتمعها المدني” و أضاف “ايها الاخوة والاخوات في هذا المؤتمر العاشر انتم تبعثون برسالة تواصل ان هذه الحركة عريقة ومتواصلة وأن هذه الحركة متجددة وانها حركة معاصرة وان الديمقراطية فيها ديمقراطية لم تنقطع حتى في الظروف العصيبة السرية. عقدنا 8 مؤتمرات في ظل السرية بما يؤكد المعنى الديمقراطي بان هذه الحركة عصرية وديمقراطية وان المؤتمر العاشر جاء ليؤكد هذا عندما انعقد أكثر من 270 مؤتمر قاعدي واليوم نبدأ المرحلة الثانية بكم ايها الاخوة في هذه المنطقة المناضلة من مناطق تونسنا التحية لكم ولشهادء النهضة الذي يظلوننا هنا بارواحهم الطيبة هذا الجمع الكريم من الشباب والشابات والرجال والنساء المناضلين”.

و شدد الشيخ راشد الغنوشي على اهمية الاصلاح قائلا “نحن حركة ديمقراطية تستند الى مرجعية دستورنا ومرجعية الاسلام الوسطي الذي يجمع ولا يفرق الذي كرم الانسان والمراة والشباب واعطى الاهمية الاكبر للعدالة ورعاية المستضعفين ينعقد مؤتمرها هنا تحت شعار الاصلاح. البلاد كلها تحتاج للاصلاح حركتنا تحتاج للاصلاح وظلت تغالب منذ أكثر من 40 سنة الدكتاتورية وتؤسس لمعاني الشورى والديمقراطية وبفضل الله سبحانه ثم بهذا النهج في العمل الشوري الديمقراطي برفض العنف وتبني الشورى استطاعت حركتنا ان تواصل وان تغالب كل المحن وكل العواصف ونستطيع ان نقول ان النهضة هي قصة نجاح هذا الكيان الذي صادف وواجهته الصعوبات لاسباب منها مبدئية أنه متمسك بالايمان والعقيدة انه كيان ديمقراطي قراره شوري ديمقراطي انه متفاعل مع الوطن. الوطن من أجله نشات هذه الحركة من اجل خدمة تونس من اجل ان تكون تونس مترفهة قوية عزيزة امنة تعددية ولكن ليس معنى ذلك اننا وصلنا القمة وانه لا مزيد لما وصلنا اليه بل هنالك جوانب كبيرة في حركتنا تحتاج للاصلاح والتعديل حتى نكون اكثر التصاقا بالواقع اكثر حملا لهموم الناس حتى نعتبر ان الدولة التونسية هذه الدولة التي غالبتنا مدة طويلة وغالبناها مدة طويلة هذه الدولة اليوم هي دولتنا.هذه الدولة هي أمانة. كلما انتقلت من بلاد الا ووجدت اناسا من كبار وصغار رجال نساء كلمتهم الأخيرة يا شيخ تونس امانة بين يديك تونس امانة بين اياديكم ايها الاخوة والاخوات تونس امانة بين ايدي سياسييها ومسؤوليها تونس امانة بيد صحافييها ومفكريها رجالها ونسائها ولذلك امانة ان نحفظ دماء الشهداء يعني ان تتواصل الديمقراطية في تونس وأن نسمع للاصوات التي تأتينا من سيدي بوزيد والكاف والقصرين وتالة وتطاوين وقفصة الاصوات التي تقول لقد حققت ثورتنا شيئا كبيرا وهي الاستثناء التونسي و الديمقراطية ولكن مازال الشي الكثير الذي لم يتحقق العدل الاجتماعي التنمية التشغيل النظافة الخدمات الاجتماعية التي ينبغي ان يتمتع بها الجميع هذه الخدمات والاهداف لم تتحقق بعد لذلك علينا ان نشمر نحن التونسيين على ساعد الجد وان نقول وأن ننطلق بإيمان عميق الشعب الذي صنع هذه الثورة العظيمة ثورة الديمقراطية وأضاء سماء العالم وقال للعالم بصوت صريح ان الاسلام والديمقراطية يمشيان سويا والحركة الاسلامية في تونس تضحي بنفسها من اجل الديمقراطية ومن اجل الوطن وأنها مستعدة لفعل ذلك تخلت عن الحكم من اجل أن لا يقتل التونسيين بعضهم من أجل ان تنعم تونس بالحرية والديمقراطية والتوافق. نحن إذن أمامنا طريق طويل تحديات كبيرة لا تزال امامنا. امامنا الحرب على الارهاب وهي قائمة، بالامس القريب فقط عدد من التونسيين كانوا يتآمرون على هذا الوطن كما تآمروا عليه من قبل. يجب ان نعتبر انفسنا اننا في حرب لا هوادة فيها مثل الارهاب”
.
من جهة أخرى قال الشيخ الغنوشي “كم كنت اتمنى ان يكون الامن التونسي هو الذي قضى على تلك الزمرة الفاسدة التي كانت تتآمر على تونس ولا نحتاج للامريكان لان يخلصونا من هؤلاء المجرمين كان ينبغي لأمننا ان يقوم بذلك بدل ان يتظاهر عدد من ابنائنا الامنيين في القصبة وانا هنا اتحدث عن فئة منهم ليس كل النقابة عن بعض ممن في النقابة الذي تطاولوا على الدولة وهم المعول عليهم في حماية الدولة. هناك مواطنين جاؤوا من القصرين للتظاهر في القصبة فمنعتهم الشرطة. انتم المعول عليكم ان تحموا الدولة ورئيس الدولة ورئيس الحكومة. نحن نقول لأبنائنا من الشرطة قد أخطأتم ونحن اذ نترحم على شهداء الشرطة وشهداء الجيش ينبغي ان نذكر بعضنا بعضا بأن من حق الجميع ان يطالبوا بحقوقهم ولكن عليهم قبل ذلك ان يقوموا بواجبهم الذين تظاهروا ورفعوا شعارات ليست في مكانها هؤلاء ينبغي عليهم ان يتراجعوا نحن نقول لهم بوضوح العودة الى الحق افضل من التمادي في الباط لونحن نقول لهم تونس قوية ولن يرهبها أحد” مؤكدا “هذه الثورة تصدت لبوليس بن علي وكل من اراد ان يحرم الشعب التونسي من الحرية لذلك نقول لهم انتم ابناء الشعب والشعب يحبكم انتم مهمتكم حماية هذه الدولة.بالأمس كانت هذه الدولة دولة قمع كنا ضدها وتعرضنا لما تعرضنا له لكن هذه الدولة هي دولة الشعب التونسي ومن اعتدى على رئيس الحكومة اعتدى على الشعب التونسي والذي اعتدى على رئيس الدولة اعتدى على الشعب التونسي وعلى كل مرفق من المرافق العامة نقول له اخطأت الذين تظاهروا في أكثر من بلد واعتصموا داخل مقرات الحكم يطالبون بحقوقهم نحن معهم في مطالبتهم بحقوقهم ولكن تعطيل مرافق الدولة معتمديات ومراكز الامن والولايات كتعطيل الماء والكهرباء والفسفاط هذا عمل غير ثوري مطالبكم ثورية حقيقية ونحن معها ولكن لا نعطل مواطن الشغل ومواطن التنمية ومراكز التشغيل والمعتمديات. الغاية النبيلة ينبغي ان نسير اليها من طريق مشروع بوسائل نبيلة”.

و بالعودة إلى موضوع المؤتمر العاشر للحركة قال الشيخ راشد الغنوشي “حركة النهضة تعقد مؤتمرها في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به المنطقة العربية التي تشهد حالات انتكاس والدماء سائلة وتونس نجحت رغم كل ما ذكرنا من احتجاجات اجتماعية. الاحتجاج الاجتماعي مكسب من مكاسب الثورة التونسية وفي امكان كل شخص ان يحتج بالوسائل السلمية ولكن في حدود عدم تعطيل الدولة وعدم قطع الطرقات وعدم تعطيل وسائل الانتاج لأن ذلك متناقض مع الاهداف” و أضاف “نحن اذ نحيي كل أبناء شعبنا ينبغي ان نتجه الى العمل وليس هناك اي جهة تأتي لتقوم بالتنمية في تونس وتقوم بالتشغيل بل أبناء وبنات تونس هم من يقومون بالتشغيل لذلك ينبغي ان نتجه إلى العمل والى الجد فالعمل عبادة ووطنية ورفعة وثورة مطلوبة منا ان نحول ثورة 17-14 الى ثروة وشغل وان نشجع ابداع الشباب والشابات وان يكون لكل منا فكرة مبادرة ولذلك ما قامت به وزارة التشغيل من برنامج فرصتي هو في الحقيقة يندرج في هذا الاطار وبعث الامل في أكثر من 80 ألف مواطن تونسي قدموا في الانترنات مطالبهم واخرون وقفوا امام الثكنات صفوفا صفوفا يريدون ان يتجندوا بينما كانوا من قبل يهربون من التجنيد لان التجنيد اصبح مندرجا ضمن مشروع التنمية. ينبغي ان نبعث الامل في نفوس شعبنا حتى لا تفسد هذه الثورة المباركة ونجعلها تتحول الى نموذج في العالم. الطريق الى ذلك هو ان نحقق ونثبت سياسة التوافق في هذه البلاد التي كان مؤشرها الاول يوم التقيت رئيس الدولة وكان حينئذ رئيس حزب في لقاء موعود نحي ذلك اللقاء ونعتبره نقطة انطلاق نحو تاريخ جديد لتونس نقلها من طور الصراع الي طور التوافق. مازلنا محتاجين الى تأكيد هذه السياسة وتاكيد الاصلاح تونس تحتاج الى مقاومة للفساد الذي يبلغ درجة كبيرة في تونس. نحتاج الى ان نقوم باصلاحات كبيرة على ادارتنا حتى تصبح ادارة نشطة وليست معوِّقة أو معوَّقة نحتاج لأن تكون ادارة خفيفة وسريعة واداة من ادوات التنمية هناك اليوم صناديق كثيرة للتنمية مليئة ولم تفرغ ولم تنهب ولكن هي ليست مجعولة لأن تبقى ملآنة ولكن مجعولة لأن تفرغ وتتجه الى التنمية ومشاريع هناك اموال طائلة مكدسة عشر مليارات دينار مجمدة مشاريع مدروسة والسبب هو عطالة الادارة” مؤكدا “هذا المؤتمر هو مؤتمر للإصلاح دعوة للاصلاح في البلاد وداخل الحركة نحن حركة ليست مثالية نحن حركة لها منجزاتها وتاريخها ولكنا نحتاج الى مزيد من الاصلاحات الى مزيد من تعميق تونسة هذه الحركة الى مزيد من التصالح مع هذه الدولة لاننا تاريخنا كله عشناه في صراع مع الدولة نحن الان في تصالح مع الدولة ومؤتمنون على الدولة وينبغي ان نحافظ عليها ويعني ذلك المحافظة على القانون وعلى المرافق العامة معناه ان كل واحد يتساءل ليس ماذا أعطتني تونس وانما انا ماذا سأعطي لتونس”.

و في السياق ذاته شدّد الشيخ الغنوشي “نحن نؤكد في هذا المؤتمر ونحن متفقون رغم اختلافنا واختلافاتنا الكثيرة داخل النهضة ولكن نحن متفقون مع شعبنا على دستورنا العظيم وعلى اسلامنا الوسطي العظيم متفقون على ان الديمقراطية هي اداة للحكم في البلاد وداخل الحركة ورفض العنف ومقاومة الارهاب. متفقون على رفض الحكم الفردي وتأييد الحكم الديمقراطي نحن جميعا نخضع لقرار المؤسسات وانا أطمئنكم ايها المؤتمرات والمؤتمرون واقول لكم بانكم انتم لكم السيادة في هذه الحركة ولا ينبغي ان تقبلوا وصاية من احد لا من رئيس الحركة ولا من غيره. نحن جميعا متفقون على الخط السياسي خط المشاركة والتوافق هذا ليس محل اختلاف نحن متفقون على قضايا نظرية تتعلق ما اشتهر بالعلاقة بين الحزب والدعوة. نحن أنشأنا حركة شمولية للاسلام ولكن اليوم تغير الزمن واليوم لم تعد هناك حرب هوية في تونس معركة الهوية حسمت في تونس أن هذا البلد عربي اسلامي شهد بذلك الدستور لذلك نستطيع ان نقول نجحت الحركة وكل من يؤمن بهوية هذه البلاد في ترسيخ هذه العقيدة وهذا العمود الكبير الذي هو الهوية العربية الاسلامية العريقة لتونس اليوم نحن نتجه الى نوع من التخصص. المشروع الاسلامي مشورع مترامي الاطراف الحزب السياسي الذي نتجه اليه حزب عصري متخصص في شؤون الدولة يريد أن يصلح من خلال الدولة من خلال الوصول الى الحكم يمارس الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي والاخلاقي والسياسي ولكن من موقع الدولة اما الجوانب الاخرى من المشروع الاسلامي الفنون والاداب والاعمال الخيرية والاعمال النقابية والدعوية وصون المساجد هذه كلها لها مؤسسات اخرى تتولى رعايتها لذلك نحن متجهون هنا الى التركيز على القضايا الاساسية المتعلقة بالدولة ومنها بعد قضية الديمقراطية قضية التنمية والاهتمام بالمناطق الداخلية التي لم تصلها حتى الان رياح التغيير والخدمات الجيدة والتشغيل الجيد لذلك نحن من هنا نبعث تحية الى العمق التونسي الى فقراء تونس الى الذين لم تصلهم بعد موجة التشغيل نقول لهم افتحوا نافذة فالمستقبل امامكم وسنناضل من اجل حقكم في التشغيل وفي مدن نظيفة وفي مستشفيات راقية وفي تعليم راقي. نحن متجهون الى تركيز اهتمامنا على شؤون الدولة تاركين بقية القضايا الأخرى الى المجتمع المدني”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *