الرئيس الباجي قائد السبسي : متفائل بمستقبل تونس ..رغم كل الصعوبات

· القمة التونسية المصرية ناجحة جدا
· لهذه الأسباب زرت مصر وسأزور دولا شقيقة وصديقة أخرى
· تونس ومصر ضد تقسيم ليبيا وسوريا
· “داعش” على حدود تونس .. والارهاب خطر حقيقي
· بعض الذين حكموا تونس في الاعوام الماضية مناضلون قضوا 15 عاما في السجون لكن لا خبرة لهم

تونس القاهرة . كمال بن يونس
فوجئ كثير من السياسيين والمراقبين العرب والاجانب في تونس والقاهرة عند الاعلان عن زيارة دولة يقوم بها الرئيس الباجي قائد السبسي الى القاهرة رفقة وفد رفيع المستوى شمل بالخصوص الوزير مدير الديوان الرئاسي رضا بالحاج والمستشار الديبلوماسي خميس الجهيناوي والمسشتار العسكري امير اللواء ( المتقاعد ) كمال العكروت وكاتب الدولة للخارجية التهامي العبدولي …
وكان السؤال الكبير: لماذا هذه الزيارة ؟
ثم برزت تساؤلات جديدة : لماذا الان؟
ولماذا جاءت بعد الزيارة الرمزية والخاطفة للشقيقة دولة الامارات العربية المتحدة ؟
وماذا يعني التقارب بين الرئيسين قائد السبسي وعبد الفتاح السيسي وبين ” الاستثناء التونسي” و” مصر أم الدنيا الجديدة “؟
ثم ما هي انعكاسات هذه القمة المصرية على جهود بناء نظام اقليمي جديد وعلى الحروب الدائرة في ليبيا وسويا واليمن ؟
هذه التساؤلات وغيرها كانت محور تساؤلات طرحتها على الرئيس الباجي قائد السبسي في مقر اقامته بقصر رئاسة الجمهورية بالقاهرة ـ “القبة ” ـ وتفضل بالاجابة عن بعضها بأسلوبه”الديبلوماسي” و” الصريح” وبتواضعه الذي عرفناه به منذ نحو 25 عاما في محافل علمية وديبلومساية عديدة :

· السيد الرئيس ..التونسيون ينظرون الى واقعهم والى محيطهم الاقليمي بحذر حينا وبحيرة حينا آخر .. فهل لا زلت متفائلا بمستقبل تونس وبقدرة الصادقين من أنبائها وكفاءاتها على انقاذ اوضاعها ؟
++( عقب بحزم وثقة كاملة في النفس وبلهجة لا تخلوا من التحدي ) : أنا متفائل بمستقبل تونس رغم كل الصعوبات والمخاطر.. ولو لم أكن متفائلا لما قبلت أن أكون في موقعي هذا ـ أي رئاسة الجمهورية ـ وأعتقد أن التونسيات والتونسيين جديرون بمعالجة مشاكل بلادهم المتراكمة منذ عقود والتي استفحلت منذ سنوات ..
أنا متفائل بمستقبل تونس ..وستنجح تونس في معالجة المشاكل التي تواجهها بالتدرج لأن أغلبها موروث عن العقود والأعوام الماضية لأسباب عديدة من بينها أن بعض الساسة الذين حكموا تونس في الأعوام الماضية ليس لديهم أي خبرة في تسيير شؤون البلاد والإدارة ففشلوا .. بعضهم ناضل طويلا في العهد السابق ومن بينهم من قضى 15 عاما في السجون .. لكن عندما تقضى مثل هذه المدة في السجون لا تملك بالضرورة الخبرة والكفاءة ومؤهلات فهم الملفات وتسيير البلاد ومعالجة مشاكل الشعب والتفاعل مع أولوياته ..
وقد قلت منذ سنوات : ان الشرعية النضالية لا تعوض الكفاءة والخبرة .. وتوقعت أن يفشلوا في تسيير شؤون الدولة .. لذلك ورثنا ادار منهكة ومؤسسات متعثرة .. وقد اخترنا ان نسير اليوم في مسار توافقي لتنجح جهود بناء المستقبل ..

خطر الارهاب و” داعش”

· تحدثتم في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيركم المصري عن ” تجاوب ” الرئيس المصري في المحادثات الثنائية ثم في الجلسة الموسعة بين الوفدين مع مواقف تونس من عدة قضايا من بينها معارضة الخيار العسكري في ليبيا وسوريا ورفض تقسيمهما الى دويلات ..الى جانب الموقف من الارهاب و الاعتدال والتطرف والوسطية ؟

++ بالفعل تحدثنا عن التحديات الامنية والارهابية وانتشار مخاطر حول بلدينا وداخل كل منها لاسباب عديدة من بينها بروز ارهابيين من داخل مجتمعاتنا ثم وصول ” داعش” وحلفائها الى ليبيا واقترابها الى حدود تونس .. والمعلومات التي لدينا أن ” دواعش ” ليبيا وصلوا الى مدينة صبراطة التي لا تبعد الا 70 كلم عن رأس الجدير.. وهذا خطير جدا بالنسبة لتونس ومصر وكل أجوار ليبيا ..ونحن نعلم أن أكثر من مليون مواطن ليبي فروا من القتال في بلادهم ومن الارهاب نحو تونس ومصر وبقية دول الجوار .
وكان من الطبيعي أن نبحث مع الاشقاء في مصر مقترحات تطوير التنسيق لمكافحة الارهاب والعنف السياسي والتهريب وتجارة الاسلحة والمخدرات والمننوعات.. مع التوافق على رفض الخيار العسكري وعلى تدويل الازمة الليبية وعلى حث الاشقاء الليبيين على المضي في مسار التسوية السياسية وتشكيل حكومة وحدة وطنية في كامل ليبيا تساعد على استبعاد سيناريو تقسيم البلاد مع ما يعنيه ذلك من مخاطر بالنسبة لهم ولاجوارهم وخاصة لتونس ومصر ..
ولذلك جئت الى القاهرة لاتحاور مع رئيس دولة مصر الشقيقة واعضاده حول هذه الملفات الجيو سياسية الخطيرة جدا ..

زيارات لدول شقيقة وصديقة

· هل تتضمن روزنامتكم برامج زيارات جديدة ؟

++ ان شاء الله .. سأزور دولا شقيقة مغاربية وعربية وخليجية ودولا اوربية ..
( من بينها الاردن وسويسرا والسويد والمغرب الاقصى والجزائر.. )
زيارة ناجحة جدا

· البعض يشكك في أهمية هذه الزيارة والتقارب بين تونس “الثورة” ـ الرمز للنجاح الديمقراطي عربيا ـ والقيادة المصرية الحالية ؟
++ أعتقد أن زيارتنا لمصر كانت ناجحة وناجحة جدا .. وقد لمست لدة السيسي انفتاحا على التجربة التونسية ..
ومثلما ذكرت في مؤتمري الصحفي المشترك مع الرئيس عبد الفتاح السيسي لقد لمست لديه خلال جلسة العمل المغلقة ثم جلسة العمل الموسعة استعدادا كبيرا للحوار والتجاوب وتفهم وجهة النظر الذي لم يكن مقتنعا بها قبل الحوار ..
وقد قدمت له وللسادة أعضاده ـ ثم الى رئيس الوزراء الجديد ـ وجهة نظر تونس مفصلة عن الحرب على الارهاب من جهة والتوافق السياسي من جهة ثانية .. وعن ضرورة التمييز بين الارهابيين والمتطرفين والتكفيريين من جهة والمسلمين المعتدلين والمستنيرين مثلما ومثل الغالبية الساحقة من العرب والتونسيين والمصريين ..
وقد لاحظتم أن كلمتي وكلمة الرئيس السيسي كانتا تميزان بين الارهاب والاسلام ..
كما لاحظتم أن الرئيس السيسي أعلن في البيان المكتوب الذي تلاه في المؤتمر الصحفي المشترك عقب لقائنا ـ والذي كان أقرب إلى “البلاغ المشترك” المتوج لقمتنا الثنائية ـ عن توافق في استشرافنا لمستقبل المنطقة بما في ذلك المعالجة السياسية والديبلوماسية للنزاعات واستبعاد النظرة القديمة التي روجت في المنطقة عن ” الخيار العسكري الامني فقط ” بما في ذلك للازمات في ليبيا وسوريا واليمن ..
اتفقنا على دعم الخيار السياسي والتوافقي في ليبيا وسوريا ..
لذلك أعتبر أن القمة التونسية المصرية كانت ناجحة ناجحة جدا وستتوج ثنائيا باجتماعات متابعة في مستوى الوزراء والخبراء لمقررات اجتماع اللجنة العليا المشتركة التي عقدت في تونس مطلع شهر سبتمبر الماضي ..

أهل مكة أدرى بشعابها ؟
· هل تجاوزت تونس والقاهرة نهائيا ” سوء التفاهم ” الذي برز في العامين الماضيين وتسبب مرات في ” فتور العلاقات الرسمية ” ؟
++ لمست من الرئيس المصري ومن اعضاء الوفد المرافق له ومن قبل الاعلاميين المصريين تقديرا كبيرا للتجربة التونسية والنموذج التونسي للانتقال الديمقراطي والتغيير .. وأبلغت الرئيس المصري ورئيس حكومته ووزراءه ومسشتاريه أن من بين ” ثوابت ” الديبلوماسية التونسية احترام قاعدة ” أهل مكة أدرى بشعابها ” أي “عدم التدخل في الشؤون الداخلية ” للدول الشقيقة والصديقة.. قادة مصر أدرى بشؤون بلدهم ونحن أدرى بخصوصيات واقعنا ..وكل دولة تختار ما تراه الاصلح لها .. لكننا نتبادل وجهات النظر والنصائح والمقترحات ..
في نفس الوقت أسجل بارتياح أني لمست من الرئيس السيسي استعدادا كبيرا للاستماع وتفهم وجهة النظر المغايرة والتفاعل معها واعتقد أن هذا ايجابي جدا..
لقد سبق لي أن قابلت الرئيس السيسي في مناسبتين على هامش القمتين العربية والافريقية ولكن لقاء القمة الثنائية في القاهرة كان أكثر نجاعة .. وسعدنا لأنها تزامنت باحتفالات جيش مصر العظيم وشعبها الكبير بذكرى انتصار حرب اكتوبر/ رمضان 1973..

انتصار أكتوبر1973

· كنت الرئيس العربي الوحيد الذي واكب استعراض ذكرى حرب اكتوبر1973 ..ووقع انزال مظلي كبير في الاستعراض بعلم تونس ..وكرمكتك قيادة الجيش المصري ؟ فكيف تفاعلت مع الحدث ؟

++ بالنسبة لي ولجيلي في تونس ومصر وفي كامل العالم العربي كان انتصار أكتوبر انتصارا لكل العرب ..كان الانتصار الذي أعاد للأمة العربية نخوة الانتصار بعد نكسة 1967 ..
وقد سعدت بمشاركتي في الاستعراض الرمزي وبالتكريم الذي وقع لتونس فيه من قبل رئيس مصر والقيادة العليا للقوات المسلحة ورموزها بمختلف أجيالهم وبينهم من ساهم في صنع معركة العبور قبل 42 عاما ..
وقد أهدتنا القيادة العسكرية بالمناسبة مصحفين كبيرين وأنيقين أحدهما لرئيس تونس والثاني لرئيس مصر ..
لقد زرت مصر قبل 50 عاما في مهمات رسمية وزيرا وعدت لها رئيسا للجمهورية والشعار دوما يبقى خدمة مصلحة تونس ..وتحيا تونس ..
حاوره كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *