مغرب نيوز-منية العيادي
في مثل هذا اليوم من سنة 1981، خرجت حركة الاتجاه الاسلامي من السرية الى العلن ليتم، خلال مؤتمر صحفي، الاعلان رسميا عن أول حزب ذي مرجعية اسلامية في تونس. تقلبات عديدة عاشتها الحركة طيلة 36 عاما انتهت بها منذ أكثر من 5 سنوات في السلطة.
و تأسست حركة النهضة عام 1972 باسم “الجماعة الإسلامية”، ثم غيرت اسمها لحركة الاتجاه الإسلامي, و في عام 1989 غيرت إسمها إلى “حركة النهضة”. و تعرضت للقمع و الاضطهاد في عهدي الرئيسين الحبيب بورقيبة و زين العابدين بن علي، و سجن عدد من قادتها و هجّروا لسنوات طويلة، ولكنها عادت لتتصدر المشهد السياسي التونسي بعد الثورة التي أطاحت بنظام بن علي عام 2011.
و استلهمت الحركة أفكارها و مبادئها من فكر منظري الإخوان المسلمين في مصر وعلى رأسهم سيد قطب، بيد أن قادتها -خاصة راشد الغنوشي- أكدوا مرارا قبل الثورة التي أطاحت ببن علي و بعدها، أن النهضة طورت منهجها و باتت قريبة جدا من منهج حزب العدالة و التنمية التركي.
بدايات الحركة
ترجع بدايات الحركة إلى أواخر الستينات تحت اسم الجماعة الإسلامية التي أقامت أول لقاءاتها التنظيمية بصفة سرية في أفريل 1972 . من أبرز مؤسسيها أستاذ الفلسفة راشد الغنوشي والمحامي عبد الفتاح مورو و إنضم إليهم لاحقا عدد من النشطاء من أبرزهم صالح كركر، حبيب المكني، علي العريّض. إقتصر نشاط الجماعة في البداية على الجانب الفكري من خلال إقامة حلقات في المساجد ومن خلال الانخراط بجمعيات المحافظة على القرآن الكريم . لقي نشاط الجماعة في الأول ترحيبا ضمنيا من طرف الحزب الاشتراكي الدستوري (الحزب الواحد آنذاك)، الذي رأى في الحركة الإسلامية سندا في مواجهة اليسار المهيمن وقتها على المعارضة. و في عام 1974 سمح لأعضاء الجماعة بإصدار مجلة المعرفة التي أصبحت المنبر الفعلي لأفكار الحركة. في أوت 1979 أقيم بشكل سري المؤتمر المؤسس للجماعة الإسلامية تمت فيه المصادقة على قانونها الأساسي الذي انبنت على أساسه هيكلة التنظيم.
صدامات الثمانينات
أقامت الجماعة مؤتمرها الثاني في مدينة سوسة يومي 9 و 10 أفريل 1981 في نفس الفترة الذي عقد فيها الحزب الاشتراكي الدستوري مؤتمره الإستثنائي الذي أعلن فيه الرئيس الحبيب بورقيبة أنه لا يرى مانعا في وجود أحزاب أخرى إلى جانب الحزب الحاكم. أقر المؤتمر الثاني للحركة ضرورة اللجوء إلى العمل العلني كما أقر تغيير الاسم ليصبح “حركة الاتجاه الإسلامي”. تم الإعلان عن الحركة بصفة علنية في 6 جوان 1981 أثناء مؤتمر صحفي عقده الغنوشي و عبد الفتاح مورو. تقدمّت الحركة في اليوم نفسه بطلب إلى للحصول على اعتماد رسمي دون أن تتلقى أي رد من السلطات لا بالسلب و لا بالايجاب.
و في 18 جويلية 1981 ألقت السلطات القبض على قيادات الحركة ليقدموا في شهر سبتمبر للمحاكمة بتهم: الانتماء إلى جمعية غير مرخص بها، النيل من كرامة رئيس الجمهورية، نشر أنباء كاذبة، توزيع منشورات معادية . حكم على الغنوشي و مورو بالسجن لعشر سنوات و لم يفرج عن الأول إلا في أوت 1984 إثر وساطة من الوزير الأول محمد مزالي الذي قيل إنه لعب دورا بارزا في في ذلك في حين أطلق سراح الثاني عام 1983.
شهد منتصف الثمانينات صعودا للحركة و تناميا للصدامات مع السلطة و شهدت الصدامات أوجها سنة 1987 مع الحكم على الغنوشي بالأشغال الشاقة مدى الحياة و إتهام الحكومة للحركة بالتورط في التفجيرات التي إستهدفت 4 نزل في جهة الساحل سنة 1686 .
النهضة في حكم زين العابدين بن علي
رحبت الحركة بالإطاحة بالرئيس بورقيبة في 7 نوفمبر 1987، فيما قام النظام الجديد منذ الأشهر الأولى بالإفراج على أغلب أعضاء الحركة المسجونين. في 7 نوفمبر 1988 كانت الحركة من الممضين على وثيقة الميثاق الوطني التي دعى إليها الرئيس بن علي كقاعدة لتنظيم العمل السياسي في البلاد. شاركت الحركة في الانتخابات التشريعية في أفريل 1989 تحت لوائح مستقلة متحصلة (حسب النتائج المعلنة) على حوالي 133% من الأصوات .
في فيفري 1989 غيرت الحركة إسمها إلى “حركة النهضة” للتقيد بقانون الأحزاب الذي يمنع “إقامة أحزاب على أساس ديني” إلا أن طلبها بالترخيص جوبه بالرفض من طرف السلطة. في 28 ماي 1989 غادر راشد الغنوشي البلاد في إتجاه الجزائر ليخلفه الصادق شورو على رأس المكتب السياسي للحركة. بداية من سنة 1990 إصطدمت الحركة بعنف مع السلطة وقد بلغت المواجهة أوجها أثناء أزمة حرب الخليج. في ماي1991 أعلنت الحكومة إبطال مؤامرة لقلب نظام الحكم وإغتيال الرئيس بن علي. شنت قوات الأمن حملة شديدة على أعضاء الحركة ومؤيديها وقد بلغ عدد الموقوفين 8000 شخص. في أوت 1992 حكمت محكمة عسكرية على 2566 قياديا و عضوا في الحركة بأحكام وصلت إلى السجن مدى الحياة. واصلت السلطة في السنوات التالية ملاحقتها للمنتمين للحركة وسط إنتقادات واسعة لجمعيات حقوق الإنسان.
رغم الإفراج عن أغلب عناصرها المسجونين تبقى نشاطات الحركة محظورة بشكل كلي في تونس ويقتصر نشاطها المعروف على أوروبا و أمريكا الشمالية في أوساط التونسيين في الخارج. يرأسها حاليا راشد الغنوشي الذي يعيش في المنفى في لندن و ينوبه وليد البناني . الحركة قريبة من منهج وفكر الإخوان المسلمين لكنها غير مرتبطة بهم عضويا. تصنف أحيانا كجزء منهم لكن لا البيان التأسيسي للحركة أو برنامجها السياسي أو أدبياتها يذكر ذلك.
الثورة و صعود حركة النهضة إلى الحكم
في فيفري 2011، و بعد الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي ابان الثورة عاد راشد الغنوشي من المنفى ( لندن) و أصبح مجددا رئيسا للحركة بعد حصولها على التأشيرة القانونية في مارس 2011 و تم تعيين عبد الفتاح مورو نائبا له و حمادي الجبالي أمينا عاما.
فازت الحركة في انتخابات المجلس التاسيسي باغلبية المقاعد ودخلت في ائتلاف حاكم مع حزب المؤتمر و التكتل تحت مسمى الترويكا منذ موفى 2011 ( حكومة أولى ترأسها حمادي الجبالي الى مارس 2013 ثم حكومة ثانية ترأسها علي العريض الى جانفي 2014 انتهت بكتابة دستور للبلاد)، و اقتضت متطلبات التوافق صلب الحوار الوطني ان تستقيل حكومة الترويكا لتحل محلها حكومة تكنوقراط جديدة يرأسها مهدي جمعة.
و في نتائج الانتخابات التشريعية التي نظمت في أكتوبر 2014، حل حزب حركة النهضة في المركز الثاني بعد حزب حركة نداء تونس الذي تصدر المشهد السياسي في حين لم يترشح أي عضو منها للانتخابات الرئاسية.
حركة النهضة و الحوار الوطني
شكلت الأزمة السياسية التي هزت البلاد بعد اغتيال المعارض شكري بلعيد و النائب محمد البراهمي و الاختلاف العميق بين السلطة المتمثلة في تحالف الترويكا المتمثلة في حركة النهضة و المؤتمر من أجل الجمهورية و التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات و بين المعارضة أرضية لتقديم عدة مبادرات من طرف عديد الأشخاص و المنظمات للخروج من هاته الأزمة، و تم الاتفاق حول مبادرة الرباعي الراعي للحوار الذي يضم كل من الاتحاد العام التونسي للشغل و الاتحاد التونسي للصناعة و التجارة و الصناعات التقليدية و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و الهيئة الوطنية للمحامين بتونس و التي تضمنت خارطة طريق تحتوي الأهداف الرئيسية للخروج من الأزمة و هي:
- التسريع في المصادقة على الدستور.
- ثم إستقالة حكومة علي العريض.
- ثم التوافق على حكومة جديدة تكون حكومة تكنوقراط.
- ويتبقى التسريع في إنهاء مرحلة الانتقال الديمقراطي و المصادقة على أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات و المصادقة على القانون الانتخابي.
و شوهدت نتائج الحوار الوطني منذ شهر جانفي 2014 خاصة بعد المصادقة على دستور تونس 2014 بأغلبية كاسحة ب200 صوت من جملة 216 في المجلس الوطني التأسيسي أي أن جل الأحزاب السياسية الممثلة في المجلس التأسيسي وافقت على الدستور الجديد وتوافقت عليه وكان هذا في 26 جانفي 2014، ثم تم تكوين حكومة جديدة و هي حكومة مهدي جمعة المستقلة بالكامل في 29 جانفي 2014.
في 9 أكتوبر 2015، كللت مبادرة الحوار الوطني بفوز الرباعي الراعي لها بجائزة نوبل السلام، و ذلك لدورهم في دعم مسار الانتقال الديمقراطي في تونس، و إنقاذ تونس من خطر الإنهيار أثناء الأزمة السياسية و من أزمات و حروب أهلية و ثورات مضادة. و في 10 ديسمبر 2015، وقع حفل تسليم جائزة نوبل للسلام في أوسلو (النرويج)
فصل العمل الدعوي و الديني عن العمل السياسي
بعد أكثر من أربعة عقود على تأسيسها، اتجهت حركة النهضة التونسية إلى فصل العمل السياسي للحزب عن الأنشطة الدعوية و الدينية، ليكون نشاط الحزب سياسيا بحتا، خطوة جاءت مرافقة للمؤتمر العاشر للحركة و عدها البعض دليلا على تطور مبني على مراجعات، سيدشن مرحلة جديدة أكد خلالها مجلس شورى النهضة أن أهم شعار لها هو إصلاح أوضاع الحركة للمساهم في الإصلاحات الكبرى للبلاد .
و كان المؤتمر العاشر لحزب النهضة، الذي حضره 1185 مُفوضاً من أنحاء تونس و من خارج محيطها، منعرجا هاما للحركة اتجهت من خلاله الأنظار إلى قرار الحزب بالعدول عن العمل الدعوي كـ”حركة”، و التحول التام إلى حزبٍ سياسي استجابة لواقع الإطار السياسي المُتغير في تونس و استجابة لأولويات الواقع الإقتصادي و الإجتماعي أيضا .
مؤتمرات الحركة على مر التاريخ
ـ المؤتمر الأول صيف 1979 تونس, منوبة
ـ المؤتمر الثاني أفريل 1981 تونس, سوسة
ـ المؤتمر الثالث خريف 1984 تونس, سليمان
ـ المؤتمر الرابع ديسمبر 1986 تونس, المنزه
ـ المؤتمر الخامس مارس 1988 تونس, صفاقس
ـ المؤتمر السادس ديسمبر 1995 سويسرا
ـ المؤتمر السابع أفريل 2001 هولندا
ـ المؤتمر الثامن ماي2007 المملكة المتحدة, لندن
ـ المؤتمر التاسع جويلية 2012 تونس العاصمة
– المؤتمر العاشر ماي 2016 تونس, رادس
13 قياديا تداولوا على الرئاسة
• أفريل 1972- ديسمبر 1980: راشد الغنوشي.
• ديسمبر 1980-أفريل 1981: عبد الرؤوف بولعابي.
• أفريل 1981- جويلية 1981: راشد الغنوشي.
• جويلية 1981- أكتوبر 1981: فاضل البلدي.
• أكتوبر 1981-أوت 1987: حمادي الجبالي.
• أوت 1987-أكتوبر 1987: صالح كركر.
• أكتوبر 1987-أفريل 1988: جمال العوى.
• أفريل 1988- مارس 1991: محمد القلوي.
• مارس 1991: الصادق شورو.
• مارس 1991-أفريل 1991: محمد العكروت.
• أفريل 1991- جويلية 1991: محمد بن سالم.
• جويلية 1991-أكتوبر 1991: الحبيب اللوز.
• أكتوبر 1991: نورالدين العرباوي.
• أكتوبر 1991-نوفمبر 1991: وليد البناني.
• نوفمبر 1991- الى الآن: راشد الغنوشي.