أمير اللواء محمد المؤدب:” كيفية تمرير قانون الانتخابات مهزلة و مسرحيّة ….يتجاهل خصوصيّات الأسلاك المسلّحة

مغرب نيوز :ريم حمودة

بناء على اتفاق الكتل السياسية، تم التصويت على قانون الانتخابات برمته ب139 صوتا بعد حسم مسألة مشاركة العسكريين و الأمنيين في الانتخابات القادمة لفائدة منحهم هذا الحق هذا و تجدر الاشارة إلى ان هذه النقطة بالذات كانت محل خلاف دام عدة اشهر و كان أمير لواء (متقاعد) محمد المؤدب من أبرز معارضي هذا القانون سواءا من خلال تصريحاته و كتاباته الصحفية او من خلال الرسالة التي وجهها الى رئيس الحكومة و نواب البرلمان و التي نبَه فيها من مخاطر تمرير مثل هذا القانون . في هذا الاطار بالذات كان لنا حوار خاص معه بعد أن تمت المصادقة على المشروع و اصبح قانونا نافذا حيث بدا حديثه بالقول :”
ان التصويت على قانون الانتخابات البلدية و اقرار الفصل الذي يجيز لحاملي السلاح المشاركة في الانتخابات البلدية و الجهويّة كان نتيجة حسابات سياسيّة آنيّة ضيقة و اتفاقات بين اطراف حزبية كانت لها مواقف من تشريك الأسلاك المسلّحة في الانتخابات متناقضة تماما و منها بالخصوص تلك التي كانت ترفض بشدة هذا المقترح و تقدم مبررات لذلك . و هو ما تسبّب في تأخير تنظيم الانتخابات البلدية لأكثر من 7 أشهر. تلك الأطراف و بقدرة قادر غيّرت موقفها بعد ليلة واحدة من المفاوضات السرّية.
ان هذا التغيير المفاجئ في الموقف لا يبعث على الارتياح و لا يدعم الثقة بين الشعب و مجلس النواب لاسيما و ان هذا الطرف الحزبي لم يقدّم بمناسبة التصويت مبررات لذلك التغيير و لم تتمّ مناقشة هذا الفصل في العمق و بالتالي يمكن اعتبار التصويت على هذا القانون مهزلة و مسرحية .
كما ان الإدّعاء بان الانتخابات البلدية ليست سياسية فهي مغالطة كبرى إذ هي سياسية بامتياز ، تشارك فيها نفس الأحزاب السياسية على الساحة كما أنّ مهامّ المجالس البلديّة و الجهويّة باستثناء الشؤون الخارجيّة، لا تختلف في شيء عن مهام الحكومة التي يفرزها انتخاب مجلس نواب الشعب.

من جهة أخرى فان ممارسة عمليّة الإنتخاب تفترض من الناخب، العسكري و الأمني ، معرفة المترشّحين و الإطّلاع على برامجهم و أن يولي اهتماما بالشأن السياسي عامّة فبالتصويت هو يعبّر عن خيارات و قناعات سياسيّة يمكن أن تتطوّر إلى ميولات و من ثمّ إلى ولاءات، و من المستحيل ضمان عدم تأثيرها على كيفيّة أداء أصحابها لمهامهم و على التزامهم بالحياد التام المطالبين به بالدستور ذاته.”  علاوة على تعرّض أولائك الأعوان إلى مناورات و تجاذبات الأحزاب السياسيّة .
فالحياد السياسي حسب محمد المؤدب يقتضي من حاملي السلاح و مؤسّساتهم المحافظة على صبغتهم العسكرية الّلاسياسيّة و هو ما يعني البقاء بعيدا كلّ البعد عن الشأن السياسي، عدم الاشتغال بالسّياسة و لا لعب أيّ دور سياسي بل بالعكس الخضوع لسلطة سياسية مدنيّة.
في جانب اخر يقول محمد المؤدب ان هناك من يحاول وضع مواطنة حاملي السلاح في الميزان مقابل تمكينهم من ممارسة “حقّ الانتخاب” و كأن مواطنتهم لا تكتمل الا بالمشاركة في الانتخابات . ان هذا التفكير فيه مغالطة أيضا لان حاملي السلاح هم بطبعهم مواطنين من الدرجة الاولى و هذا القانون لا يضيف لهم و لا لمواطنتهم شيئا. كما أنّه لا يندرج في أولويّات لا الأعوان و لا المؤسّستين و لا البلاد . ان حاملي السلاح مواطنون كاملي الحقوق، إلّا آنّ صفتهم “حاملي السلاح” و مهامّهم الخاصّة و متطلّبات نجاحهم في آدائها، تجعل منهم مواطنين ذوي خصوصيّات عديدة و هامّة تفرضها طبيعة مهامّهم فهم يخضعون لأنظمة أساسيّة خاصّة تتضمّن كذلك العديد من القيود على حرّيات يتمتّع بها غيرهم من مواطنيهم.
و اضاف المؤدب أنّ الموضوع لا يتعلّق بإقصاء حملة السلاح من حقوق دستورية ، بل هو “تعليق ظرفي” لممارسة عدد من الحقوق و الحرّيات، تعليق الممارسة و لا إقصاء من حقّ دستوري كما يزعم البعض، إذن تعليق مرتبط بحمل السلاح و ينتهي مفعول هذا التعليق بصفة آليّة و بدون أيّ إجراءات، حال مغادرة المعني المؤسّسة المسلّحة و يسترجع كامل حقوقه تماما كغيره من سائر المواطنين.
يقول محمد المؤدب اذا كان اعطاء هذا الحق الدستوري لحملة السلاح و تمكينهم من المشاركة في الانتخابات البلدية و الجهويّة يجعلهم متساوين مع بقية المواطنين و اذا كان الفصل 49 لا يسمح بتعليق ممارسة أيّ حقّ مهما كانت المبرّرات، فلماذا لا نمكّنهم إذن من باقي حقوقهم الدستوريّة كاملة، بدءا بحقّ الترشّح للمناصب النيابيّة الوارد في نفس الفصل 34 مع حقّ الانتخاب و ماذا في تلك الحالة عن “حرّية الرأي و الفكر و التعبير و الإعلام و النشر” (الفصل31) و “حرّية تكوين الأحزاب و النقابات و الجمعيّات” (الفصل 35) و “حريّة الاجتماع و التظاهر السلميين”(الفصل37). و ماذا عن القيود الواردة بالأنظمة الخاصّة و التراتيب الداخليّة من تراخيص للزواج و للتنقل خارج البلاد و حتّى داخلها و الحال أنّ الدستور يضمن ” لكل مواطن الحرية في اختيار مقر إقامته و في التنقل داخل الوطن و له الحق في مغادرته” ( الفصل24).
و في ختام حواره أشار أمير لواء المتقاعد محمد المؤدب إلى خطورة المصادقة على فصل مشاركة حملة السلاح في الانتخابات البلدية و الجهويّة و أيّ انتخابات كانت، مشددا على أن مثل هذا القانون يحمل في طياته مخاطر تسييس هذه الفئة و كلّ من المؤسّستين العسكريّة و الأمنيّة و المسّ من حيادهما و بالتالي من نجاعتهما في آداء مهامهما المؤسّساتيّة كما “يتجاهل خصوصيّات الأسلاك المسلّحة و مقتضيات نجاحها في مهامها أي مقتضيات الأمن العام و الدفاع الوطني التي وردت في الدستور” و أردف المؤدب ” غريب أمر هؤلاء النواب و هذا المجلس! كان عليه إرجاء هذا الأمر لمزيد النقاش و الدّرس إلى أن تركّز في البلاد المؤسّسات الديمقراطيّة و تترسّخ السلوكيّات الديمقراطيّة في الحياة اليوميّة لدى الساسة و المواطنين، عندئذ يمكن النظر فيه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *