الخبير الدولي في التنمية والتشغيل منجي البدوي : أدعو إلى سحب المخطط وتركيز الجهد على وقف مؤشرات الانحدار الاقتصادي والاجتماعي

·     الشاهد رئيس حكومة شاب يحتاج الى توجيه رسائل سريعة و مطمئنة للشباب والاطراف الاجتماعية والجهات الداخلية لمواجهة الأزمة الحادة والخطيرة التي تمر بها البلاد

 

تونس خاص

اعتبر الأستاذ المنجي البدوي الخبير الدولي في التنمية والتشغيل ـ وكاتب الدولة سابقا ومنسق مشاريع بمؤسسة “الاستشارة في التنمية الجماعية والتصرف في المؤسسات” في حديث شامل أن دور النخب ومراكز الدراسات حاليا ليس الانخراط في السباق نحو الحقائب الوزارية والرسمية ولكن لعب دور ” قوة اقتراح وبناء ” لمساعدة مؤسسات الدولة على إنقاذ البلاد من أزماتها المتراكمة ودعم الطاقات الشابة في كل المواقع لبناء تونس المستقبل .

وأعتبر أن المطلوب من الحكومة الجديدة التي اعتبرها حكومة “إنقاذ وطني” ـ  قبل أن تكون حكومة وحدة وطنية ـ اعطاء الاولوية لمجموعة من الاجراءات العاجلة والاستثمارية والاصلاحية .

وفيما يلي نص الحوار :

 

 

·        ماهي في رأيك أهم الاولويات المطرحة على الحكومة الجديدة ؟

 

++ نظراً لصعوبة الوضع الحالي الذي يمكن أن ينذر بكل الأخطار “لا قدر الله” فمن الضروري تقديم مجموعة من “الاجراءات العاجلة و الاستثمارية والإصلاحية  بصفة متكاملة وضمن رؤية موحدة للتنمية المستديمة ومنهجية متكاملة للتصرف في الأزمات “قادرة على استيعاب غضب الشباب والمناطق الداخلية والفئات الهشة وعلى اعادة الأمل إلى الفاعلين الاقتصاديين و إلى شركاء تونس وتجعل من المرحلة الانتقالية وهي مرحلة التضحيات المتقاسمة مدخلاً لإنجاز مشروع تنموي وطني متكامل ومستدام لفائدة الشباب و الأجيال القادمة فتكون التضحية ذات معنى ضمن هذا المشروع.

في هذا السياق ادعو بالخصوص الى التحرك على ثلاث محاور:

-1وقف مؤشرات الانحدار الاقتصادي والاجتماعي و تطبيق برنامج انتقالي عاجل لضمان الاستقرار في هذه الميادين.وهذه المرحلة تتطلب ثلاث سنوات من العمل الوطني لتطبيق إجراءات عاجلة واستثنائية .

 

-2العمل على وضع برنامج متوسط المدى للاستثمارات الكبرى التي تمول عن طريق الشراكة الاقتصادية الفاعلة ويكون مؤتمر الاستثمار والتنمية المبرمج تنظيمه خلال الأشهر القادمة فرصة هامة لوضع أسسه وتعميق تفاصيل مشاريعه.

 

3إعداد برنامج الإصلاحات القطاعية الجذرية للمرحلة القادمة التي تنطلق بعد نهاية البرنامج الانتقالي العاجل أي بعد ثلاث سنوات والتي تفتح أفق التنمية الشاملة للبلاد.

 

ايقاف المخطط الخماسي

 

·       ما هي الخطوات العملية لتكريس المحاور الثلاثة للخطة الوطنية المقترحة ؟

 

++ المطلوب البدء بإيقاف المخطط الخماسي  للتنمية وتأجيل عرضه على البرلمان للمصادقة . وينبغي مصارحة الشعب التونسي بحقيقة الأوضاع والتقدم بخطة وطنية للإنقاذ تتلاءم اجماليا مع توجهات برنامج حكومة الوحدة الوطنية ولكن تتميز بعملية المقترحات وخصوصية منهجية التصرف في الأزمة وتعتمد أولا على :برنامج مرحلي انتقالي يستوجب معالجة سياسية واجتماعية للازمة تعتمد على تشريك كل القوى الوطنية  والاجتماعية في تصور وتنفيذ الإجراءات العاجلة للإصلاح  المالي والاقتصادي ومنها خاصة :

 

·       أولا ، إعادة منظومة الإنتاج القائمة إلى العمل باتخاذ حزمة من التدخلات بصفة تشاوريه وعبر عقد أهداف واضحة تحفز كل الأطراف على الإنتاجوالاستفادة من نتائجه . وتستهدف هذه الإجراءات كافة المناطق الإنتاجية  وفي مقدمتها شركة فسفاط قفصة  وشركاتالبترول و  المناطق الصناعية التي تشكو حالة من عدم الاستقرار.

  

·       ثانيا ،التفعيل السريع للحوار الثلاثي بين الحكومة وإتحادالشغل وإتحاد الصناعة والتجارة من أجل معالجة أهم الملفات الاجتماعية ومنها خاصة التأمينات الاجتماعية وصناديق التقاعد والحيطة والبطالة والتشغيل والتكوين المهني. مع العلم وأن هذه الملفات تعالج في معظم الدول خاصة المتقدمة في اطار الحوار بين الأطراف الاجتماعية.

 

·       ثالثا ، احداث مجلس وطني للتوازنات المالية والاقتصادية له صلاحيات اتخاذ الإجراءات العاجلة لضمان تمكين تونس من تسديد ديونها والمحافظة على توازناتها المالية والاقتصادية الكبرى. كما يعنى متابعة نسق المبادلات من الواردات و الصادرات و انعكاساتها المالية وتأثيرات القطاع الغير منظم على الاقتصاد وأسواق العملة. ويعنى أيضا بضبط كيفية الدخول إلى الأسواق المالية وتنسيق التمويل الخارجي مع المجهود الوطني. مع العلم وأن الحلول في هذا المجال لا يمكن أن تكون إلا عبر تدخلات مرنة ومتابعة يقظة بعيدا عن “الوصفات الجاهزة”.

 

·       رابعا ، العمل على مواكبة هذا المجهود بدعم إرادات الدولة بإقرار إصلاحات جبائية عاجلة توسع قاعدة الأداء وتضمن عدالته وتوجهه نحو التشجيع على إدماج الثروة الوطنية في منظومة الإنتاج. وهو إجراء أصبح ضروريا حتى نطور الأوضاع السائدة اقتصاديا و اجتماعيا.

 

ما بعد وثيقة قرطاج

 

·       ولكن هل تعتقدون أن الوضع الاجتماعي السائد في البلاد وكثرة الاعتصامات والتحركات الاجتماعية يسمحان بتطبيق هذه الاجراءات العاجلة التي تتطلب تضحيات من الجميع؟

 

++ ان تطبيق التوصيات التي أشرنا اليها  ضمن توصرنا للخطة العاجلة ـ المستوحاة من وثيقة قرطاج ـ يتطلب مصاحبتها بإجراءات اجتماعية فورية تساعد على توفير مناخ اجتماعي مساعد على انجاز الاصلاحات.

 وتتمثل هذه الإجراءات خاصة في توفير شبكة حماية متطورة للفئات الهشة .

 

·       مثلا ؟

·       يمكن البدء مثلا بإحداث مؤسسة وطنية اجتماعية ( مثلا ” ديوان العمل الاجتماعي”) تعنى بأوضاع الفئات الهشة من فقراء وذوي الإعاقة وسائر الأوضاع الاجتماعية الصعبة.

ومن بين أهداف هذه الخطوة إقرار تحمل الدولة الوطنية والمجتمع لمسؤوليتهما في تكريس المقاربة الإنسانية الحقوقية والتعامل المؤسساتي  فضلا عن تشجيع منظمات المجتمع المدني على مزيد المساهمة في المجهود التضامني.

 

625 الف شاب عاطل

 

·       وماذا عن ملف مئات الاف العاطلين عن العمل والشباب المهمش ؟

++ فعلا لابد من التدخل الوطني العاجل لمواجهة حقيقية لأوضاع قرابة 625  ألف عاطل عن  العمل ومنهم 240 ألف من حاملي الشهادات العليا .

وقد بلغت نسبة البطالة لدى بعض الفئات وفي بعض المعتمديات 40 و حتى 50% وهو ما يهدد  أسس البناء الاجتماعي والوطني التونسي فضلا عن كونه إهدار للرأسمال البشري بعدم إدماجه في التنمية بما ينذر بمخاطر كبيرة.

 ويقتضي هذا الوضع مقاربة جديدة لمواجهة البطالة بوضعها ضمن الاهتمامات الأساسية للأطراف الاجتماعية التي لا بد أن تشرف على تمويل وتسيير الخطط العاجلة لدعم قدرات العاطلين بإحداث الصندوق الوطني لتكوين وادماج الشباب الذي يمول بمساهمة الدولة والمؤسسات الاقتصادية والشغالين وشركاء التنمية ويشرف على تسييره مجلس من أطراف الانتاج الثلاثة. وتفتح له كل مراكز ومؤسسات التكوين المهني العمومية والخاصة ويعتمد على عقود التكوين والتشغيل بالداخل والخارج من أجل التشغيل المؤجر واحداث المؤسسات.

عبر مثل هذه الخطوة فقط  نبعث رسالة طمأنة الى الشباب العاطل ونقر برنامجا شموليا للدخل النشيط لمقاومة البطالة بإقرار التكوين التكميلي ودعم قدرات العاطلين واعداد اليد العاملة المختصة لحاجياتنا بالداخل وأيضا لخارج تونس.

 

ميناء النفيضة ..وتننمية قفصة

 

·       وماذا عن المشاريع الكبرى والاستثمارات المشتركة مع اطراف خارجية ؟

 

++ المرحلة تستوجب تضحيات جسيمة من كل الأطراف لا يمكن منهجيا اعتمادها الا بمصاحبتها بالاعلان عن برنامج استثماري لمشاريع كبرى على المدى المتوسط تعطي الأمل للمواطنين وتشجعهم على التضحية  لتجاوز هذه المرحلة الصعبة.

 وتعتمد هذه الحزمة من المشاريع على المواصلة في ما بدأ العمل به  من إعداد في اطار ندوة الاستثمار المبرمجة للأشهر القادمة.

 و من بين الأمثلة على هذه المشاريع نسوق مشروع ميناء النفيضة الذي نعتقد أن قادر على إحداث تغيير نوعي بالبلاد على غرار ما أحدثه ميناء مرسيليا و ما تحدثه اليوم الموانئ المغربية (الدار البيضاء و  طنجة).

كما نسوق أيضا مشروع إقرار مجموعة من محطات تحلية المياه في المناطق الساحلية ضمن مخطط توفير مياه السدود إلى المناطق الداخلية و إدخال و تطوير الفلاحة  السقوية بهذه المناطق ضمن إصلاح زراعي متكامل يعتمد منظومات إنتاج و تمويل و تسويق. 

ولنا في تمويل البنية التحتية الطرقية والاتصالية ضمن مشاريع لزمات دولية مجالا كبيرا وهاماً لفتح أفاق  التنمية ضمن منوال جديد للشراكة بين منظومتي الانتاج  بالمناطق الساحلية والداخلية في سياق تطور أفقي للتصرف في الفضاء.

ويدعم هذا البرنامج الاستثماري متوسط المدى ما طرحه الدستور من دعم للمجالس الجهوية والاقليمية للتنمية عن طريق تشخيص المشاريع الاستثمارية الجهوية التي تهدف إلى تنويع البنى الانتاجية بهذه المناطق ( مثال مخطط تنويع البنية الانتاجية بقفصة الذي أعد منذ التسعينات ولم يمول و مخطط  التنمية المستدامة ومقاومة التلوث بقابس الذي حددته الدراسات ب 1.4 مليار دينار ولم يجد طريقه إلى الانجاز بعد…)

 

3 منظومات للتربية و التكوين

 

·       عمليا كيف يمكن الاستفادة من انجازات ال60 عاما الماضية وانجاز اصلاحات قطاعية استراتيجية تساهم في تنمية البلاد قولا وفعلا ؟

 

++ الإصلاحات القطاعية الاستراتيجية سوف تساند المشاريع الاستثمارية عل المدى المتوسط.

وفي هذا الإطار لابد من الانطلاق من المكاسب الحاصلة منذ 60 سنة في مجالات التنمية البشرية التي حققت فيها تونس المرتبة الثالثة عالمياًمن حيث نسق تحسين هذا المؤشر من 1974 إلى 2010 (حسب تقرير الامم المتحدة للتنمية البشرية 2010) و البناء عليها لإدخال جملة من الاصلاحات الأساسية على غرار :

·       إدخال إصلاحات نوعية على منظومة التربية والتعليم العالي والتكوين المهني بإقرار ثلاثة منظومات متناسقة ومتفاعلة مع الحفاظ على خصوصية كل منهاوالبعد عن ادماج أي منها في الأخرى حفاظا على مكانتها الوطنية ودعما لتفاعلها .

·       إدخال المعالجة بمنظومات الانتاج المندمجة في مختلف المواد والقطاعات  تعتمد تكامل الانتاج والتحويل والتسويق ، وهو ما يتطلب مراجعة جذرية للسياسات القطاعية الحالية. 

·       اعتماداقتصاد الذكاء المبني على الموارد البشرية والعلوم والتقنيات وإدخال آلياتللاندماج الفعال في منظومة الانتاج الدولية للاقتصاد الرقمي.

ويمكن في هذا الاطار  تعتاد الإصلاحات التي يمكن جمعها ضمن برنامج متوسط المادة للنهوض بقطاعات الموارد البشرية والانتاج.

وعلى أساس هذه الرؤية المتكاملة يمكننا حسب نظري إعادة الثقة للمواطنين والمؤسسات و لعناصر الإنتاج ومواجهة الأوضاع الحالية بخصوصياتها واعتماد منهجية للتخطيط تنطلق من رؤية واقعية للأوضاع حيث نقدم منظومة من الإصلاحات الظرفية العاجلة أولاً وحزمة من المشاريع الاستثمارية بالتعاون مع أصدقاء تونس ثانيا وخطة قطاعية وجهوية للإصلاحات متوسطة المدى ثالثا.

وهذه الرؤية تعوض اعتمادنا على المخططات بمفهومها التقليدي والتي تتطلب دولة قوية ورؤية واضحة واستقراراجتماعي و اقتصادي وسياسي واضح وهو ماتفتقده البلاد حالياً.

 

حكومة الشاهد والشباب ؟

 

·       عملياً كيف يمكن إعطاء إشارات واضحة للشباب من أجل حل مشاكله وتشجيعه على المساهمة أكثر في مجهود التنمية؟

وما هي الاجراءات العاجلة الممكن اتخذها من حكومة الشاهد في اتجاه الشباب؟

 

++ اعتقد أن الاعتماد على الشباب وتشجيعه على المساهمة في المجهود التنموي هو الشرط الأساسي   لكسب الرهانات وهذا يتطلب الانطلاق من مشاغل هذه الفئة ثم وضع البرامج العملية حسب تصورها وانطلاقا منمشاغلها من أجل تحقيق أهداف التنمية الشبابية .    

 

والمشكل الأهم للشباب حسب كل الاستطلاعات حاليا هو البطالة وفي هذا الاطار على الحكومة وضمن  إعادة هيكلة الوزارات،إعطاء إشارة واضحة بمنحها الأولوية لهذا المجال الحيوي وذلك عبر   إحداث خطة وزير ، أو وزير معتمد لدى رئيس الحكومة مكلف بالتشغيل و ذلك كي يحتل المرتبة الأولى في بروتوكول الوزارات و ليس المرتبة قبل الأخيرة كما هو موجود حاليا،ولكي يتمكن من استعمال مكانته لينسق مع بقية الوزراء  في وضع سياسة تشغيل قطاعية في كل مجال تنموي :السياحة و الصناعة و التجارة و الفلاحة و التكنولوجيات الحديثة و غيرها، لأن كل قطاع مطالب بوضع خطة للتشغيل و مساندة إحداث المؤسسات الصغرى و المتوسطة، و على وزارة التشغيل تنسيق كل هذه المخططات ليكون التشغيل من جوهر السياسات القطاعية و ليس سياسة تكميلية كما هو الوضع الحالي.

كل هذا بالتزامن مع تفعيل البرامج الخصوصية بعلاقة بالمجلس الوطني للتشغيل و بلجنة الحوار الثلاثي التي كما اقترحتها ستشرف عل ادماج العاطلين.

 

100 الف منقطع عن الدراسة سنويا

 

·       وماذا تقترحون لمعالجة معضلة نحو 100 الف شاب تونسي ينقطعون عن الدراسة سنويا ؟

 

++ الاشارة المهمة التي يمكن أن تقدمها حكومة الشاهد إلى الشباب وهو الذي يعاني من ثنائية البطالة والحصول على شهادات عليا  إعادة الاعتبار إلى التكوين المهني عبر افراده بوزارة للتكوين المهني والتدريب والتكوين المستمر تتفاعل مع وزارتي التربية والتعليم العالي ويتم توجيه التلاميذ اليها من مرحلتي التعليم الثانوي والمتحصلين على الباكالوريا وأيضا تلاميذ التدريب المهني في آخر مراحل المدرسة الأساسية.

ويمكن هذا التكوين من الحصول على جميع المستويات والشهادات وصولا إلى مستوى المهندس المهني .

من ناحية أخرى يتم الاعتماد أيضاً عل إحياء منظومة التدريب المهني في المهن من أجل توجيه قرابة 100 ألف شاب تدريب ينقطعون حالياًعن التعليم لأن غالبيتهم لهم مؤهلات مهنية وعملية لا يمكنها التأقلم مع المدرسة بطريقتها الحالية ولا مع سوق التشغيل.

 

ان اعطاء هذه المكانة المرموقة للتكوين المهني كمنظومة مستقلة تمنح الشهادات المتوسطة والعالية الى مستوى المهندس المهني وتعيد الاعتبار للمهن وتطور منظومة التدريب المهني وتفتح الآفاق أمام الشغالين والعاطلين بالتكوين المختص وتعطي مكانة أساسية لاتحاد الصناعة والتجارة واتحاد الشغل والاتحاد التونسي للفلاحة ضمن الحوار الثلاثي في تسييرها ستكون العامل الأوفر في حل اشكالية البطالة فنحن نعيش مشكل مهن وتكوين أكثر من مشكل بطالة وفقدان شغل.

 الفصل عن وزارة التربية

 

·       لكن لم لا  تختزل الاجراءات ويقع الحاق هذه المنظومة بوزارة التربية او التعليم العالي فتصبح مجددا وزارة للتربية والتعليم العالي والتكوين المهني ؟

 

++ ان ادماج هذه المنظومة الأساسية ضمن وزارة التربية أو وزارة التعليم العالي سيكون ضربة أخرى توجه الى منظومة الموارد البشرية والى المجهود الوطني لمقاومة البطالة.

 

المعارك الحزبية والسياسية

 

·       قد ركزت حديثك على ملفات التنمية في تونس و قدمت المقترحات لوضع خطة عاجلة و متوسطة المدى للنهوض الاقتصادي و الاجتماعي، ولكن الرأي السائد اليوم أن المعارك الحزبية و الشخصية و الصراع على المواقع و الاستعمال الخاطئ للحريات يؤدي اليوم إلى تعطل عجلة التنمية و عدم تنفيذ الإصلاحات؟

 

++ كثر الحديث بعد 14 جانفي 2011 عن الانتقال من مرحلة التنمية إلى مرحلة الديمقراطية في غياب التنمية، وهو تقييم خاطئ  إذ لا يمكن الفصل بين الديمقراطية و التنمية، فالواحد منها يعطل الثاني، و يمكن توضيح هذا كالاتي: 

عندما حققنا قسطاً هاماً من التنمية بعد الاستقلال كان غياب الديمقراطية عائقا أمام تفعيل دور الجهات الداخلية وادماج عديد الفئات الاجتماعية مثل العاطلين عن العمل لأن غياب الحريات حرم تلك الفئات من  حق التعبير عن مشاغلها و من ممارسة الضغط السلمي لحل القضايا الاجتماعية و تحوير منوال التنمية ليكون إدماجياً لكل الجهات و الفئات .

 وبسبب نقص الحريات لم تتمكن النخب من أن تشارك في هذه مسيرة التنمية  ، فكانت الكلفة نقصا في النمو (بنقطتين تقريباً) و التركيز على النمو أكثر من التنمية و نتج عن ذلك تعميق تهميش بعض الجهات رغم الأموال التي تضخ فيها و التي لم تتمكن من خلق دورة اقتصادية داخلها لاسباب عديدة . 

أما بعد 14 جانفي فقد وقع التركيز على الديمقراطية والحريات و تحققت نجاحات هامة في هذه المجالات، فإن العجز عن البناء عل مكتسبات تونس في الفترة السابقة وعدم القدرة على التصرف السليم في التحولات  لم يمكن من توظيف الحريات  في دعم مناهج التنمية ومنوالها ومكتسباتها، وهو ما أدى إلى عدم القدرة على توظيف الديمقراطية لدعم التنمية فاستفحلت مظاهر التهميش والاقصاء.

فالعلاقة إذاً تفاعلية وخلاقة بين التنمية والديمقراطية ولا يمكن الحديث عن تنمية مستدامة دون ديمقراطية أو ديمقراطية دون تنمية  إلا في ظل اتجاهات  مشوهة للمنظومتين.

وعلينا اذن اقرار منظومة  ديمقراطية – تنموية ترتكز على مصالحة وطنية شاملة وحقيقية تضمن الكرامة للجميع وتدعم لحمة الوطن وهو قاسم مشترك بين كل أبنائه وبناته دون اقصاء ولا تمييز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *