الحكومة القادمة قد تكون الأضعف منذ 6 أعوام .. بقلم كمال بن يونس

السباق بين قرطاج والقصبة :

عين على الدينار وعين على وزارات السيادة

  • الحكومة القادمة قد تكون الأضعف منذ 6 أعوام

يتواصل السباق نحو قصري قرطاج والقصبة ضمن محاولات التأثير في تشكيلة فريق الحكومة القادمة بعد ان انخرطت 9 أحزاب والمنظمات الاجتماعية في “الحوار الوطني ” الجديد .

وخلافا لما كان متوقعا فإن أجل 27 جوان الذي تقرر أن يكون ” آخر أجل ” للبت في مقترحات تعديل الحكومة الحالية لم يقع احترامه بعد أن كلفت ” لجنة الصياغة ” باعادة النظر في الوثيقة الذي لخصت فيها رئاسة الجمهورية مشروعها حول تشكيل ” حكومة وحدة وطنية ” جديدة .

لكن إلى أين تسير البلاد في الأثناء ؟

وما هو المسكوت عنه وراء هذه المساعي لتشكيل ” الحكومة التاسعة ” في ظرف 5 أعوام ونصف ؟

حسب مصادر رفيعة المستوى من الحزبين الكبيرين ، النداء والنهضة ، ومن الأحزاب الصغيرة التي واكبت جلسة الحوار الجديدة في قصر قرطاج أول أمس الاربعاء ، فإن ” الاجماع ” يكاد يكون تحقق حول مسألتين :

  • أولا ضرورة ” احداث ضجة سياسية ومعنوية عبر تغيير الحكومة ورئيسها ،
  • والثانية حول ” شرعية ” مطالبة قيادة حزب نداء تونس ـ ورئيسها الشرفي ـ بتغيير رئيس الحكومة باعتبار الدستور اعطاها بوضوح هذا الحق ، على أن تكون ” الكلمة الأخيرة للبرلمان “.

لكن لماذا هذه ” الزوبعة ” الآن بالذات ؟

هل تحتاج الاوضاع ” الهشة ” في البلاد إلى مزيد من الارباك للحكومة وموظفي الدولة ؟

الدينار ..الدينار

تقارير محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري منذ موفى شهر أكتوبر الماضي تبرر في نظر كثيرين الدعوة الى ” تغيير شامل ” للفريق الحكومي بدءا من رئيسها ” لأن الحصيلة الاقتصادية والمالية سلبية وخطيرة جدا” خاصة بعد مراسلاته وتصريحات وزير المالية سليم شاكر عن ” انزلاق قيمة الدينار” وعن احتمال ” مزيد النخفيض في قيمته ” مقارن باليورووالدولار.

لكن هل يتحمل رئيس الحكومة ووزراؤه لوحدهم مسؤوليات تراكم العجز المالي والتجاري وتراجع الادخار والاستثمار واستفحال مشاكل الفقر والبطالة والتهميش ؟

كل الخبراء الاقتصاديين وبينهم عز الدين سعيدان ووزير المالية الاسبق جلول عياد والوزير المستشار السابق رضا السعيدي يقرون بكون ” الانكماش الاقتصادي الحالي ناجم عن عقود من السياسات الفاشلة ثم عن تراكم المشاكل الامنية التي اضرت بمناخ الاستثمار وشلت قطاعات السياحة والصناعات التلقيدية والخدمات في العامين الماضيين “.

الحكومة القادمة ستكون اضعف

لكن هل ستكون حكومة ” الوحدة الوطنية ” التي قد تنفتح على 9 أحزاب اقوى من الحكومة الحالية أم أضعف بحكم ” تزايد دور المتدخلين “؟

أليس من الوارد أن ” تغرق الحكومة القادمة ” أكثر في مسلسل الصراعات بين وزراء وكتاب دولة ينتمون الى حوالي 9 أحزاب والى منظمات نقابية متضاربة ؟

بعض الشخصيات الوطنية ـ مثل الوزير السابق وعميد المحامين سابقا عبد الرزاق الكيلاني ـ يرجح ذلك ، ويعتبر أن ” معضلات الرشوة والفساد قد تستفحل ” في صورة مزيد توسيع الحكومة الى احزاب ونقابات جديدة .

في نفس السياق برزت تخوفات مماثلة من وزير المالية سابقا الياس فخفاخ ومن بعض رجال الاعمال المتخوفين من مزيد ” تدخل النقابات العمالية ” في الشؤون السياسية والاقتصادية عوض أن تتفرغ لخدمة المصالح الاجتماعية لمنخرطيها .

الاطاحة بمدير عام الامن الوطني ؟

اذا كانت الاوضاع الاقتصادية والسياسية على مثل هذه الهشاشة لماذا الاصرار اذن على تغيير الحكومة ورئيسها الان بعد أن كانت النية التمديد له الى ما بعد تنظيم الانتخابات البلدية في موفى مارس 2017؟

مصادر مطلعة تقدم اجابات عديدة من بينها حرص بعض ” اللوبيات ” على الاطاحة برئيس الحكومة الحبيب الصيد لأنه رفض تغيير المدير العام للامن الوطني عبد الرحمان الحاج علي وقد يكون ” اعترض على بعض مشاريع الصفقات المشبوهة “.

في هذا السياق تعاد الى السطح قضية التحرك الذي نظمته احدى النقابات الامنية في فيفري الماضي في ساحة الحكومة بالقصبة للمطالبة بالاطاحة بعبد الرحمان الحاج علي والحبيب الصيد (؟؟) مع رفع شعارات لا أخلاقية ضدهما واقتحام مقر رئاسة الحكومة .

فهل يمكن تصديق مثل هذه الرواية في مرحلة تجمع فيها التقارير الوطنية والعالمية على استفحال ظواهر الرشوة والفساد والاستبداد ؟

وزارات السيادة ؟

في كل الحالات يبدو محور” الصراع السياسي ” بين عدد من لوبيات صنع القرار السيطرة على وزارة الداخلية ومن ورائها بقية وزارات السيادة وخاصة العدل .

لماذا ؟

الاسباب عديدة ومتنوعة ..

وهي في كل الحالات ليست محكومة بمنطق اعطاء الاولوية للمصلحة الوطنية العليا ..

بل العكس هو الصحيح ..بالرغم من الصبغة الاستراتيجية لانجاح جهود الاستقرار في مثل هذه الوزارات وخاصة في حقيبة الداخلية .

ويبدو أن أغلب السياسيين وصناع القرار الاقتصادي يخشون أن يؤدي التغيير على رأس وزارات السيادة في اعادة فتح بعض الملفات ” المجمدة ” وبينها ملفات أمنية وفضائية ” سرية ” و” خطيرة ” .

صراعات جديدة ؟

في انتظار استكمال ” الحوار الوطني ” الجديد الذي قد يتواصل الى ما بعد عيد الفطر وربما الى موفى الصائفة تؤكد مصادر مختلفة أن ” بدء الترشيحات لمنصب رئيس الحكومة والوزراء القادمين ” فجر صراعات جديدة داخل عدة اوساط وخاصة منها حزب نداء تونس .

كم قد تبرز تناقضات جديدة داخل بقية الأحزاب .

كيف الخروج من هذا المأزق ؟

يبدو أن قيادة حزب النداء قررت الخروج من هذا ” المأزق” عبر” التفويض ” لرئيس الجمهورية والرئيس المؤسس للحزب الباجي قائد السبسي كي يعين ممثلي النداء في الحكومة القادمة .

والسؤال الكبير هنا : هل تسير في نفس المنحى احزاب اخرى وخاصة الحزب الاول في البرلمان حاليا النهضة ؟

وهل تسفر المبادرة الرئاسية في هذه الحالة عن تقوية حزب النداء ام في اضعافه اكثر ؟

كمال بن يونس

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *