التوافق .. أو السيناريو الليبي بقلم كمال بن يونس

تونس – مغرب نيوز

 

 كشفت المبادرات السياسية الجديدة والاجواء التي جرت فيها تظاهرات احياء الذكرى السادسة لثورة  14 جانفي 2011 في العاصمة وفي الجهات تعمق الانقسامات داخل النخب والطبقة السياسية .

ولأول مرة منذ 6 أعوام لم تنظم تظاهرة رسمية موحدة ولا تظاهرات شعبية ذات بال تخليدا للأحداث التي شهدتها البلاد في قبل 6 أعوام ووصفها المراقبون بالانتفاضة الاجتماعية الشبابية التي رفعت لاحقا سقف مطالبها الى شعارات ثورة سياسية وثقافية .

ويختلف المثقفون والسياسيون اليوم في وصف ما جرى في  موفى 2010 ومطلع 2011 : هل كان انتفاضة أو ثورة أو انقلابا ” أبيض” أم أزمة داخل السلطات الامنية و السياسية الحاكمة أسفرت عن انهيار رموز النظام بدعم من أجهزة عواصم عالمية …؟

وستبقى الكلمة الأخيرة للمؤرخين والمفكرين والخبراء المستقلين والنزهاء  .

لكن لا يمكن الاختلاف حول عمق ما شهدته البلاد في جانفي / فيفري 2011 وحول كون المنعرج الحاسم كان بسبب شيخوخة النظام السابقة واخفاق المنوال السياسي الامني الاقتصادي ثم انهياره لاسباب عديدة من بينها الفشل في معالجة مطالب الشباب والمهمشين والفقراء وعلى رأسها الحق في التشغيل والتنمية والديمقراطية .

في نفس الوقت لا يمكن لأي طرف أن يجزم اليوم أن من بين أسباب تعثر تلبية المطالب المشروعة للشباب والمهمشين وضحايا النظام السابق انتهازية بعض النخب وتورطهم في مزايدات وصراعات لا تهم عموم الشعب بعضها ايديولوجي وبعضها الاخر حركته مصالح عدد من المافيات المالية والسياسية .

ولا يمكن لأي عاقل اليوم أن يتجاهل أن من بين أبرز غلطات السياسيين الذين حكموا البلاد في الاسابيع الاولى بعد الثورة أنهم فرضوا أولويات لا تهم غالبية التونسيين مثل التعديلات الدستورية والقانونية عوض المرور مباشرة لانتخاب حوالي 50 ألف مستشار بلدي ومجالس بلدية وجهوية تكرس قولا وفعلا البدء في تكريس الديمقراطية والتعددية وتحسين أوضاع الشعب المعيشية والثقافية .

لكن في كل الحالات لا يزال التدارك ممكنا .

وهذا التدارك محكوم بشروط عديدة من بينها مراعاة الصبغة الانتقالية للمرحلة التي تمر بها البلاد ، مع مايعنيه ذلك من الحاجة إلى التوافق ونبذ الصراعات حول القضايا الايديولوجية والاجندات الشخصية  والحزبية والفؤوية والجهوية .

إن تعميق التناقضات داخل الكتل البرلمانية والصراعات داخل الاطراف السياسية الرئيسية التي تحكم البلاد لن يخدم أحدا .

 ولا يمكن الخروج من المازق الحالي عبر مزيد  من التشرذم والاعتماد على مافيات الفساد و”المال السياسي التونسي والاجنبي ” التي تحرك بوضوح بعض المبادرات السياسية الجديدة والقديمة التي ترفع شعارات ” الانقاذ” و” الديمقراطية ” و” الاصلاح”..

إن تعمق الازمات في ليبيا الشقيقة وفي بقية البلدان العربية سببه قانون ” العزل السياسي” وأجندات مافيات المال الفاسد المحلي والدولي ..

فكفى صراعات ونزاعات ساذجة على المناصب والكراسي والالقاب..

ولتعط الاولوية مجددا للتوافق مع الاحتكام للمؤسسات المنتخبة والشرعية وعلى رأسها البرلمان ومؤسسة رئاسة الجمهورية ..مع المضي بسرعة في انجاز الانتخابات البلدية والجهوية .

كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *