البلاد ستغرق في أزمة شاملة اذا لم تنفرج الأوضاع في ليبيا … بقلم كمال بن يونس

  • مشاغل الشباب والمهمشين ورجال الاعمال «في مهب الريح»

– البلاد ستغرق في أزمة شاملة اذا لم تنفرج الأوضاع في ليبيا

في الوقت الذي تزايد فيه لجوء الشباب الى «الحلول اليائسة» وبينها الانتحار والعنف والإجرام، كشفت مصادر البنك المركزي أن الدينار التونسي فقد مجددا حوالي 3 بالمائة من قيمته مقارنة بـ«الأورو»،عملة الاتحاد الأوروبي الشريك الرئيسي لتونس.

وأكدت تصريحات رئيسي الجمهورية الباجي قائد السبسي والحكومة الحبيب الصيد ووزير المالية سليم شاكر أن عجز ميزانية الدولة في ارتفاع وأن قيمة عجز الصناديق الاجتماعية وكبرى المؤسسات العمومية تجاوزت الـ 4 مليار دينار.

في الأثناء يتواصل «نزيف» أموال المجموعة الوطنية بسبب صندوق التعويض وأعباء «الدعم» بما يزيد من مخاطر مرحلة «الانكماش الاقتصادي الشامل» وستتعقد مشاكل البلاد الداخلية في مرحلة تتعفن فيها الأوضاع الأمنية والاقتصادية في محيطها الإقليمي وخاصة في الشقيقة ليبيا وفي أوروبا.

فهل تبدو النخب الحاكمة والمعارضة في تونس في مستوى هذه التحديات أم أن العكس هو الصحيح؟

وهل أن هذه النخب جزء من الحل أم من الأزمة؟

 تطورات المشهد السياسي في المدة القليلة الماضية تؤكد أن البلد في مفترق الطرقات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لأسباب داخلية وخارجية.

حسب بعض المؤشرات فإن فرص التفاؤل كثيرة وبينها:

·أولا: إحياء مؤسسات حزب نداء تونس بعد أن حسمت المعركة داخله لجناح الدستوريين والتجمعيين بزعامة حافظ قائد السبسي وفوزي اللومي ورؤوف الخماسي وأنصارهم الذين «تخلصوا» من منافسيهم المحسوبين على تيارات اليسار النقابي وعلى بعض «اللوبيات» المالية والسياسية الوطنية والأجنبية.

وقد جاءت هذه التطورات بعد «مصالحة وطنية غير مسبوقة» قام بها رئيس الدولة مع أجيال الدستوريين والتجمعيين والمستقلين والنهضويين خلال إشرافه على حفل «الذكرى الـ60 لتأسيس وزارة الخارجية» ثم عند افتتاحه مؤتمر النهضة الجمعة الماضي.

·ثانيا: حسم مؤتمر النهضة التنافس داخل الحركة لصالح التيار الذي يتزعمه راشد الغنوشي والمقربين منه من دعاة «تغيير هوية الحزب من» جماعة إسلامية «تقليدية ومنغلقة على نفسها الى حزب وطني مدني مفتوح لكل التونسيين والتونسيات“.

·ثالثا: تحرك قوى تيارات اليسار الاشتراكي وتشكيلهم احزابا وتجمعات سياسية حول شخصيات كارزيماتية لها رصيد في العمل السياسي والنقابي والطلابي مثل محسن مرزوق وحمه الهمامي ومحمد عبو ومحمد الحامدي وعبد المجيد الصحراوي مصطفى بن احمد

·رابعا عودة الرئيس السابق المنصف المرزوقي وأنصاره إلى المشهد السياسي ضمن خطة تهدف الى الاستعداد للمحطات السياسية والانتخابية القادمة.

انكماش اقتصادي وانتشار للجريمة والعنف

لكن كل هذه المستجدات السياسية المطمئنة تخفي «هشاشة» في مؤسسات غالبية القوى السياسية والحزبية.

كما لا يمكن «للمهرجانات» والتظاهرات المتعاقبة التي تنظمها مختلف الاقطاب السياسية والحزبية أن تخفي عجز النخب الحاكمة والمعارضة في نفس الوقت عن تحسين واقع الشباب والمهمشين في البلاد ولا في معالجة أبرز المعضلات الاقتصادية والاجتماعية الموروثة عن مرحلة ما قبل 2011 وازدادت خطورة بعدها.

ومن بين ما زاد حيرة التونسيين أن الحكومات الثمانية التي تتداول على قصور القصبة وقرطاج منذ جانفي 2011 فشلت في فتح الافاق لمئات الالاف من العاطلين عن العمل والشاب.

وكانت الحصيلة انتشارا مفزعا للعنف والجريمة الفردية والمنظمة ولظواهر الانتحار وتعاطي المخدرات والاغتصاب والقتل في الطريق العام والإرهاب والتهريب والهجرة غير القانونية…الخ

 ويؤكد علماءالاجتماع ـ مثل المهدي مبروك وفتحي التوزري وعبد الوهاب محجوب ـ أن مثل هذه الظواهر تستفحل في مراحل الازمات الاقتصادية والاجتماعية ومراحل تراجع هيبة الدولة وتفكك مؤسساتها الامنية والعسكرية وسلطاتها المركزية.

 سياسات “الضحك على الذقون

وقد اقرت بخطورة مثل هذه الظواهر لوائح المؤتمر العاشر لحركة النهضة وقبل ذلك لوائح مؤتمر النداء المنعقد في جانفي الماضي ثم مشاريع لوائح حزب «مشروع تونس» بزعامة محسن مرزوق والوثائق التي يبحثها زعماء «يسار الوسط» الذين يسعون الى تشكيل «القطب التقدمي الجديد»..

لكن ما لا يمكن أن يخفى على الجميع هو أن خيوط أوراق اللعبة السياسية ومؤسسات صنع القرار الاقتصادي والأمني لم تعد بأيدي التونسيين وحدهم. فقد تشعبت صيغ التدخل الاجنبي في الشؤون الداخلية للبلاد وفي توجيه مؤسسات الحكم والمال والأمن.

وبعد أن أنفقت دول الحلف الأطلسي وأوروبا وبعض العواصم العربية مليارات من الدولارات من أجل المساهمة في توجيه بلدان «الربيع العربي»، لم يعد واردا أن تضحي بكل «استثماراتها» وأن تنسحب وتتخلى عن مخططاتها الخاصة بـ»الشرق الأوسط الجديد» وعمقه الافريقي والآسيوي دون أن تحقق كل أهدافها فيه وبينها مزيد بسط نفوذها على أسواقه وثرواته المادية والبشرية.

لذلك يعتبر كثير من ساسة تونس وليبيا والجزائر ومصر وسوريا وفلسطين والعراق واليمن أن الحديث عن «مخططات أممية ودولية لنشر السلام في المنطقة مجرد «لعب على الذقون« .

ويتوقع مزيد من الخبراء دعم الاوضاع نحو التعفن والفوضى والعنف والإرهاب والصراعات الدموية حتى يقع «خلط مزيد من الأوراق» اعتمادا على مافيات محلية ودولية.

 صراعات فرنسا وأمريكا والصين

في هذا السياق تؤكد كل تقارير مراكز الدراسات الدولية الأمريكية والأوروبية والعربية أن تطورات الاوضاع مستقبلا في تونس وفي دول «الشرق الأوسط الكبير» ليست فقط بأيدي الفاعلين المحليين والساسة الرسميين.

ولكن «لوبيات» سياسية واقتصادية كثيرة بعضها تونسي وعربي وإسلامي وبعضها الاخر اجنبي اصبحت تؤثر مباشرة في سير الاحداث وفي القرارات المهمة داخل السلطة والمعارضة.. وفي توجهات الأحزاب ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني.

وتكشف تلك الدراسات أن ما يجري في تونس ودول عربية وافريقية مرتبط بصراعات شركات عالمية متعددة الجنسيات ـ بعضها امريكي وبعضها الاخر فرنسي او بريطاني او ايطالي أو صيني ـ على ثورات المنطقة ونفطها وغازها وأسواق الاستثمار فيها.

وحسب نفس المصادر فان مصير تونس وليبيا مثلا سيبقى رهين نتائج صراعات على صفقات المرحلة القادمة بين شركات من نوع «طوطال» الفرنسية و»انيق الايطالية» و»بريتش غاز» البريطانية و»شال» الهولندية المتعددة الجنسيات.

جبهة وطنية أم مزيد الانقسامات؟

 مرة أخرى تجد الشعوب والفئاتالشبابية خاصة أمام نخب حائرة وعاجزة.

ويظل السؤال الكبير: هل ستنجح «النخب الحاكمة والمعارضة والمستقلة» في تدارك الأوضاع و تغليب مصلحة الاوطان على مصالح بعض الزعامات والشخصيات والفئات؟

وهل يمكن أن يتأثر زعماء تونس وليبيا مثلا بمنهج ساسة ماليزيا والدول الاسيوية التي انتصرت بفضل «التوافقات الوطنية» وتحسين الإنتاجية على التخلف والفقر والاستبداد وبنت دولا متقدمة تعتمد على مجتمعات سليمة وشباب غير محبط؟

قد تكون المسؤولية الاولى ملقاة على قادة الاحزاب الكبرى وكبار الساسة بزعامة السادة الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي ومحسن مرزوق ومحمد عبو وأحمد نجيب الشابي ومنصف المرزوقي وغيرهم..

وقد تكون بأيدي «مافيات» المال السياسي و»اللوبيات» التي توجه هؤلاء وغيرهم في الكواليس..

وفي كل الحالات فإن فرص الانقاذ والإصلاح لا تزال وفيرة بالنسبة لتونس.. ونجاحها سيساهم في إنجاح التسوية السياسية في ليبيا وبلدان عربية أخرى..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Bu məqalədə, Pin-up Casino-nun daha əla bonusları haqqında danışacağıq və nəyin sizi gözləyə biləcəyini təsvir edəcəyik. bunun sayəsində Nedeni ise reklam alanların deneme bonusu vermediğini bir çok kez denk geldiğimizi biliyoruz. pul üçün Buna görə hər hansı vahid platformada bunu izləyən bir internet kullan? pin up mərc Kazino kataloqlarında təqdim olunan Pin Up casino seyrək rəngarəng slot maşınları demo rejimində işə salına bilər. etmək imkanı