الاحتجاجات في المغرب بعد «طحن» بائع السمك.. تضامن مع الضحية أم «لعبة دولية» جديدة؟ .. بقلم كمال بن يونس

مخططات استعمارية جديدة تستهدف البلدان المغاربية
توسعت التحركات الاحتجاجية في الشقيقة المغرب «فجأة» احتجاجا على جريمة «طحن» بائع السمك الشاب محسن فكري في شاحنة نقل القمامة بناء على «أوامر صدرت من ضابط أمن»..

فهل يتعلق الأمر بمجرد احتجاجات شعبية تلقائية، أم بتوظيف سياسي داخلي وخارجي لجريمة بشعة كان من الوارد محاصرتها عبر معاقبة المورطين فيها مباشرة أو بصورة غير مباشرة، خاصة بعد أن وقعت إدانتها من قبل العاهل المغربي وكبار المسؤولين في الدولة؟

وهل كانت حادثة «سحق بائع الأسماك» القطرة التي أفاضت الكأس بالنسبة لبعض الفئات الشعبية المنكوبة بالفقر والبطالة والحرمان والتي تنتظر منذ مدة «شرارة» إعلان التمرد؟

أم أنها «ورقة» تسعى بعض العواصم الدولية لتوظيفها بهدف نشر «الفوضىالخلاقة» من المشرق العربي إلى شمال إفريقيا بهدف إعادة رسم خارطة كامل المنطقة خدمة لأجندات القوى الاستعمارية الجديدة؟

نقاط استفهام كثيرة تحف فعلا بالمستجدات الاجتماعية السياسية الأمنية في المغرب الشقيق منذ جريمة قتل بائع السمك بطريقة بشعة جدا.

ولعل السؤال الكبير الذي يفرض نفسه: لماذا توسعت رقعة الاحتجاجات بسرعة في أغلب المدن في نفس الوقت؟ ولماذا واكبتها وسائل الاعلام المحلية والدولية بشكل غير مسبوق؟

إجهاض حكومة أم إرباك نظام؟

ولعل الملتف للانتباه تزامن هذا «الانفجار» الشعبي مع غليان سياسي في الكواليس في مرحلة تشكيل الحكومة الجديدة بناء على نتائج انتخابات 7 أكتوبر الماضي.

ولا يختلف اثنان في المغرب وخارجها عن كون «لوبيات» قوية تعارض إعادة تكليف رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران بتشكيل الحكومة الجديدة بالرغم من فوز حزبه بالمرتبة الأولى وحصوله على تعهدات رسمية منشركاء سابقين في الحكم بالمشاركة في الحكومة الجديدة.

فهل يكون الهدف من تضخيم حجم «الانتفاضة الشعبية» على هامش جريمة «طحن بائع السمك» إجهاض تشكيل حزب «العدالة والتنمية» لحكومته بحجة مسؤولية السلطات سياسيا عن الأمنيين الذين أعطوا الأمر بالجريمة؟

هذه الفرضية واردة..

لكن الجميع يعرف في المغرب وخارجها أن وزارات السيادة والمؤسسات الأمنية والعسكرية من أنظار الديوان الملكي وليس رئيس الحكومة والأحزاب السياسية.

إذن، وإذا سلمنا جدلا بوجود «مؤامرة»، فإن المستهدف هو القصر الملكي وليس الحكومة فقط.

بعبارة أخرى فإن من بين أهداف من يقفون وراء هذا «المنعرج» إرباك كامل النظام السياسي المغربي وليس مجرد «إفشال سيناريو تشكيل حكومة ائتلافية جديدة».

الجزائر المستهدف الأول

وبعيدا عن المشاعر النبيلة لآلاف المتظاهرين الذين خرجوا في المدن المغربية شمالا وجنوبا تعبيرا عن تعاطفهم مع بائع السمك محسن فكري وأمثاله من ضحايا الظلم، فإن التقارير الاستراتيجية تنبئ بسيناريوهات أخطر تهدد المغرب والجزائر وكامل شمال افريقيا..

وفي الوقت الذي تتواصل فيه في الكواليس «حرب باردة» بين الرباط والجزائر بسبب النزاع الصحراوي، تتضارب التقارير حول صحة ما ينشر هنا وهناك حول سيناريوهات معركة الخلافة في عدد من عواصم المنطقة وبينها الشقيقة الجزائر..

بل إن حجم الثروات الطبيعية الهائلة التي تنعم بها الشقيقة الجزائر تجعلها في نظر كثيرين «المستهدف الأول» من محاولات إضعاف السلطات المركزية لدول المنطقة من ليبيا إلى المغرب.

وبعد أن فشلت محاولات «اختراق» الجزائر من بواباتها الشرقية والجنوبية بعد تفجير الحروب في ليبيا ومالي وبقية دول الساحل والصحراء، لا تستبعد بعض الأوساط أن يكون من بين أبرز أهداف «إشعال نار الفتنة في المغرب» إضعاف الدولة المغربية بشكل غير مسبوق بهدف تسهيلمثل هذا الاختراق لكل دول المنطقة بدءا من الجزائر.

ومرة أخرى قد تكون تناقضات المواقف من ملف الصحراء والنزاعات الحدودية الموروثة عن الاستعمار «الوسيلة» لبدء الاختراق.. مع ركوب المطالب المشروعة للشباب والمهمشين والنخب والمنظمات غير الحكومية، إلخ…

صراعات مصالح؟

قد يكون من السابق لأوانه مسايرة التعليقات التي تضخم الأزمة الاجتماعية السياسية الجديدة في الشقيقة المغرب..

وقد يكون من السابق لأوانه مسايرة الاطراف التي تقلل من مهنية المؤسسات العسكرية والأمنية في المغرب والجزائر ومن قدراتها على احتواء التهديدات الخارجية والتحركات الداخلية “التي يقع توظيفها من قبل جهات أجنبية مشبوهة”..

لكن يصعب غض النظر عن العلاقة بين «التصعيد السياسي الفجئي» ضد النظام المغربي مؤخرا وما نشر في بعض الدراسات الأمنية والجيو-استراتيجية عن وجود مخططات أوروبية أمريكية دولية لاختراق شمال إفريقيا ومحاولة النيل من الوحدة الترابية والوطنية لكل من المغرب والجزائر تتويجا لمسلسل الحروب التي تشهدها ليبيا ودول «الساحل والصحراء» منذ 5 أعوام..

يذكر أن حدود جل دول شمال افريقيا والساحل والصحراء تمتد على آلاف الكيلومترات أغلبها في مناطق صحراوية وجبلية غير خاضعة كليا للمراقبة الأمنية الوطنية..

فهل تكون هذه «التغرة» المدخل لمسلسل من عمليات «الاختراق» الجديدة لدول المنطقة، تحت يافطات حقوقية حينا، وشعارات أمنية حينا آخر، من بينها محاربة التهريب والارهاب؟

كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *