الإيطاليون ينبهون لخطر إشارات سياسية التقطوها حول تقسيم ليبيا

عاد الحديث عن خطر تقسيم الدولة الليبية الحالية إلى ثلاث دويلات صغيرة بعد أن زادت وتيرة حدة التصريحات الرسمية ضد وجود قوات أجنبية بكثافة فوق الأراضي الليبية، مثلما صرح رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي، فايز السراج، الذي قال إن ليبيا تلقت مساعدات من الخارج لكن القصد ليس تشريع تدخل خارجي. وقد عاد النقاش حول خطر تقسيم البلاد بعد أن نشرت صحيفة “إيل جورنالي”الإيطالية تحليلا مطولا حول رغبة بعض الدول في العالم (والتي لم تذكرها) في المرور إلى المخطط الثاني بعد محاولات توحيد القوى السياسية في حكومة واحدة التي فشلت في السابق، وهو “تقسيم البلاد إلى ثلاث دول وهي طرابلس في الغرب وبرقة في الشرق وفزان جنوبا”، وقد أثار التقرير الذي نشرته الصحيفة ردود أفعال واسعة خاصة على المستوى الرسمي.

فقد حذر وزير الخارجية الإيطالي، باولو جينتيلوني، الأحد، من مغبة تقسيم ليبيا إلى ثلاث دول كما أشارت إيل جورنالي، مشددا على ضرورة الحفاظ على وحدة الدولة وسلامة كامل التراب الليبي. وبقطع النظر عن مصالح إيطاليا في ذلك، وهي عدم تشتت قواها في المستقبل في التعاطي مع ثلاثة مجالات جغرافية مستقلة وفق المنطق نفسه وهو المستعمر القديم ومجال النفوذ وغيرهما، فإن تقسيم ليبيا سوف يؤدي إلى إشكال كبير في التنسيق في العمل الأمني بين الكيانات الثلاثة الجديدة. الرفض لن يكون إيطاليا فقط، بل إن الجيران المباشرين المعنيين بالشأن الليبي خاصة تونس ومصر لن يوافقوا على هذا التقسيم بأي شكل من الأشكال، لأن مصالحهم سوف تتضرر ويصبح الأمن الحدودي مهددا خاصة وأن الأفق المنتظر من هذه الدول الهجينة لن يكون في مستوى الآمال المطلوبة.

ونقل التلفزيون الحكومي الإيطالي عن الوزير قوله “يجب أن نعمل على مواجهة القوى النابذة في ليبيا، ونتصدى لفكرة ولادة دول ثلاث”، مضيفا “في خضم الأزمة الراهنة ينبغي الحفاظ على الدولة موحدة، ومساعدة سلطاتها على فرض نفوذها”. ورأى أن “التلاعب بحدود الدول ذات السيادة، أمر لا يتسم بالمسؤولية، لهذا علينا أن ندافع عن خيار ليبيا موحدة وألا نقبل بتقسيمها وإلا فسنكون أمام واقع مؤلم وخطير للغاية”. وشدد جينتيلوني على “ضرورة العمل بجهد من أجل إفساح المجال لكافة الأطراف الفاعلة، كي تسمع صوتها على أساس تعددي في الدولة الليبية، مما يعزز ظروف الاستقرار والحوار”، على حد قوله.

وتؤكد الصحيفة أن الإيطاليين يؤكدون منذ مدة أن السماح للطائرات الأميركية بالإقلاع من مطارات في جزيرة سيسيليا جنوبا مرتبط بمهمات أمنية معينة “لا يجب أن تمس من وحدة التراب الليبي”، حسب تصريح رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينسي. وخلال المرحلة الانتقالية التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، في ليبيا عام 2011، حدث انقسام سياسي في البلاد تمثل في وجود حكومتين وبرلمانيين وجيشين يعملان في آن واحد، ففي طرابلس توجد حكومة الإنقاذ الوطني والمؤتمر الوطني العام (بمثابة برلمان) ولهما جيش انبثق عنهما. بينما تعمل في الشرق الحكومة المؤقتة في مدينة البيضاء ومجلس النواب في مدينة طبرق، ولهما جيش آخر انبثق عنهما.

كان ذلك، قبل أن تتفق شخصيات سياسية من طرفي الصراع، في 17 ديسمبر 2015، وعبر حوار انعقد برعاية أممية في مدينة الصخيرات المغربية، على توحيد السلطة التنفيذية في حكومة واحدة هي “حكومة الوفاق الوطني” برئاسة فائز السراج، والتشريعية في برلمان واحد، هي “مجلس النواب” بطبرق. وفي فبراير الماضي، تقدم السراج بتشكيلة حكومية تضم 18 وزيرا، للمصادقة عليها، لكن برلمان طبرق، فشل على مدى أكثر من أربعة أشهر في عقد جلسة رسمية لمناقشة منحها الثقة.

المصدر : العرب اللندنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *