الإرهاب و صحة رئيس الجمهورية و وحدة التونسيين .. بقلم بحري العرفاوي

 العمليتان الإرهابيتان اللتان ضربتا تونس صبيحة الخميس 27 جوان الجاري في موقعين مختلفين من العاصمة ومتقاربين زمنيا جاءتا في زمن سياسي حساس، و هو ما يدفع إلى الاستنتاج بكون الإرهابيين يشتغلون سياسة وليسوا فقط أشخاصا مشحونين بطاقة عُنفية ومشاعر عدوانية.
تونس التي قطعت ثمانية أعوام في مسارها الديمقراطي و أشواقها الثورية و التي شهدت انتخابات مجلس تأسيسي في 2011 و انتخابات تشريعية و رئاسية في 2014 و انتخابات بلدية في ماي 2018، هي اليوم تستكمل مسارها بالاستعداد إلى انتخابات برلمانية و رئاسية في أكتوبر 2019 و هي تقدم للعالم العربي نموذجا في المدنية وفي الدربة الهادئة على الديمقراطية و التداول على السلطة بعيدا عن أساليب الانقلابات والمؤامرات التي عرفتها شعوبنا طيلة تاريخ دولة الاستقلال في جل البلدان العربية.
هل يكون الإرهابيون أعداء للديمقراطية ؟ هل يكونون أعداء لأشواق الثورة ؟ هل يكونون على علاقة بغرفة صناعة الأزمات و إعادة خلط مكونات المشهد و بعثرة أولوياته ؟. هذه الأسئلة يُنتظر أن تُجيب عنها الجهات الأمنية المختصة بعد التحري و التحقيق و تتبع خيوط ما حصل بما سبقه ربما أو بمن له مصلحة من التفجيرات كما يقول علم الجريمة، ولكن و لكون ما حدث هو في علاقة بالسياسة فإن للمهتمين بالمشهد السياسي أقوال في هذه الجرائم الإرهابية إذ لا يمكن النظر إليها بعيدا عن انتخابات 2019 و عن نتائج سبر الآراء و عن التعديلات الأخيرة في القانون الانتخابي، كما لا يمكن فصلها عن الوضع الإقليمي و الدولي بالنظر إلى ما يحصل في ليبيا و في الجزائر و ورشة البحرين و صفقة القرن.
تونس الصغيرة بحجمها و بثرواتها الطبيعية هي دولة عظمى بعراقتها التاريخية وبإسهاماتها في الحضارة الإنسانية و بتجربتها الاستثنائية الحديثة في الديمقراطية والحرية و المدنية، لذلك ثمة أكثر من جهة لا تريدها أن تترسخ و تنجح و تتحول إلى أنموذج يغري الشعوب الأخرى بتمثلها و الاستفادة منها.
هل كان تزامن العمليتين الإرهابيتين مع وعكة رئيس الجمهورية الصحية تزامنا عاديا أم كان مخططا له ؟ هل كان الإرهابيون على اطلاع بالملف الصحي للسيد الرئيس و هل كانوا يخططون لإرباك المشهد في حال حصول شغور وقتي أو شغور دائم ؟.
بعض القنوات العربية كانت على عجل من أمرها في نشر أخبار العمليتين الإرهابيتين وخبر “وفاة” رئيس الجمهورية و الحال أن المصادر الرسمية تؤكد فقط على كون حالة الرئيس الصحية بين حرجة و مستقرة، لماذا تروج تلك القنوات و من ورائها أنظمتها الحاكمة أخبارا غير صحيحة عن حياة الرئيس ؟ أو لماذا تستعجل نشر خبر الوفاة و أنها تستعجل الفوضى أو تحرض عليها.
عادة الأزمات و الحوادث الأليمة تكشف عن أعمق ما في الشعوب من قيم و مبادئ وعراقة، فقد أثبتت شدائد 27 جوان 2019 أن التونسيين على درجة عالية من الوطنية والتحضر و الإنسانية سواء في تعاملهم من الحادثتين الإرهابيتين أو مع خبر التوعك الصحي لرئيس الجمهورية أو حتى مع إشاعة وفاته.
لقد تعامل أغلب التونسيين مع حالة رئيس الجمهورية بما يليق بقداسة الحياة و جلال الموت و بما يقر للرئيس بدوره العظيم في حماية المسار الانتقالي،و بما يؤكد تحضر التونسيين و تمدنهم، فالباجي قائد السبسي هو رئيس تونس الشرعي المنتخب مارس صلاحياته المكفولة بالدستور و لم ينقلب على التجربة الديمقراطية و اذا توفاه الأجل – و كلنا ميتون – فسيذكر التونسيون أن رئيسهم قاضى مواطنا و خسر قضيته.
التونسيون تصرفوا ببرود أعصاب و بمسؤولية عالية و بنبل إنساني و هو ما يجعل شبح الفوضى ـ التي يريدها لنا أعداء تجربتنا ـ بعيدا، و هو ما يجعلنا نطمئن إلى كون بلادنا قد تجاوزت منطقة الزوابع و كونها تتجه نحو مستقرها الديمقراطي المدني و كونها قد قطعت مسافة جيدة في تدربها على أن تكون دولة مؤسسات و ليست دولة أشخاص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Bu məqalədə, Pin-up Casino-nun daha əla bonusları haqqında danışacağıq və nəyin sizi gözləyə biləcəyini təsvir edəcəyik. bunun sayəsində Nedeni ise reklam alanların deneme bonusu vermediğini bir çok kez denk geldiğimizi biliyoruz. pul üçün Buna görə hər hansı vahid platformada bunu izləyən bir internet kullan? pin up mərc Kazino kataloqlarında təqdim olunan Pin Up casino seyrək rəngarəng slot maşınları demo rejimində işə salına bilər. etmək imkanı