الإجراءات الحكومية الأخيرة تعيد القوى السياسية والوطنية إلى الواجهة .. ومعارضو سعيّد يحشدون لمظاهرات ضده

منية العيادي

تعيش تونس منذ إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد قيامه باجراءات استثنائية يوم 25 جويلية على وقع حالة من التشنج سواء من الأحزاب أو المنظمات أو النقابات أو الهيئات، أو حتى من عامة الشعب ويتضح هذا التشنج اليوم أكثر من السابق خاصة بعد  القرارات الأخيرة التي اتخذها سعيّد ومن بينها حل المجلس الأعلى للقضاء وإطلاق الاستشارة الالكترونية والمنشور الحكومي عدد20 وأهم هذه الاجراءات الاصلاحات الموجعة التي تنوي حكومة بودن القيام بها والتي أججت الوضع الاجتماعي وأثارت حالة من الاحتقان لدى العامة.

 

“مواطنون ضد الانقلاب” تدعو إلى الاحتجاج يوم 20 مارس

دعا حراك مواطنون ضد الانقلاب، إلى ضرورة العودة إلى المسار الديمقراطي والدفع نحو الحل السياسي في ظل المأزق الذي تعيشه البلاد بعد “الانقلاب”، وهو ما من شأنه أن يقود إلى انفجار اجتماعي وشيك، وإلى الانهيار في ظل تراجع كل المؤشرات، معلنة عن تنظيم تحرك نضالي والنزول إلى الشارع احتجاجاً يوم 20 مارس المقبل بمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال.

وحضرت شخصيات وطنية وأحزاب سياسية عدة اللقاء الحواري، الذي انتظم أول أمس الأربعاء، لتباحث مستجدات الوضع السياسي والاقتصادي، والنظر في الخطوات المقبلة لحلحلة الأزمة.

وأعلن جوهر بن مبارك عضو مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” أثناء اللقاء عن فكرة سيتم طرحها حول ” المؤتمر الوطني  للبديل الديمقراطي ” موضحا أنّ هذا المؤتمر الغاية منه تفادي أخطاء الماضي من أجل الإصلاح والخروج بخارطة طريق.

 وقال بن مبارك إنّ “الإنقلاب” الذي قام به الرئيس قيس سعيد خلق فراغا مؤسساتيا أوّلا بحلّ المؤسسات على غرار البرلمان ومؤسسة الحكومة مضيفا أن الحكومة الموجودة الآن ليست حكومة حقيقية وهي مجرّد أداة تنفيذية لقيس سعيد وثانيا بحل المجلس الأعلى للقضاء  والمؤسسات الرقابية”.

وأضاف أنّ هذا الفراغ يمدّد في أنفاس قيس سعيد وفي أنفاس الإجراءات الإستثنائية الإعتباطية مؤكدا أن سعيّد أخفق بعد سبعة أشهر  من “الإنقلاب” الذي قام به وجبهة المعارضة اتسعت ضدّه ولم يعد مواطنون ضد الإنقلاب في عزلة وموازين القوى تغيّرت .

 

حركة “النهضة” تنبه إلى خطورة الوضع الاقتصادي وتدعو إلى النزول للشارع

في بيان لها أمس الخميس،اتهمت حركة “النهضة”، الحكومة بـ”ممارسة التعتيم على الحقائق المالية الخطيرة جدا، وإلهاء الرأي العام بقضايا هامشية مثل الاستشارة الالكترونية الفاشلة، عوض مصارحة الشعب بحقيقة عجز المالية العمومية في ظل التداعيات السلبية للحرب على أوكرانيا”.

وقالت “النهضة” في البيان إن “هذه السياسات تضر بالمقدرة الشرائية للمواطنين وترفع المخاطر من إفلاس الدولة وعدم القدرة على تحقيق التوازنات المالية الضرورية وتهدد الأمن الغذائي للتونسيات والتونسيين”.

وأكدت على “أهمية محاربة الفساد وظاهرة الاحتكار والمضاربة” إلا أنها “استنكرت الحملات العشوائية على التجار والمزودين في ظل عجز الحكومة عن توفير السلع الأساسية بالكميات اللازمة وضرب حلقات الإنتاج الرئيسية”.

ونبهت “النهضة” إلى “خطورة ما تشهده المؤسسات الاقتصادية من صعوبات متصاعدة خاصة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، ما أدى إلى إفلاس عشرات الآلاف منها (130 ألف شركة أفلست) وإحالة آلاف العمال على البطالة”.

وحذرت الحركة من تجاهل الحكومة لمطالب المنظمات العمالية وغلق باب التفاوض عبر المنشور عدد20 الذي يفرض على الإدارات الحصول على ترخيص مسبق من رئاسة الحكومة للتفاوض مع النقابات.

كما أكدت “حرصها الشديد” على التشارك في صياغة البدائل الاقتصادية والاجتماعية من خلال جبهة سياسية، بهدف تحقيق الاستقرار السياسي وخلق مناخات إيجابية للإصلاحات اللازمة للواقع الاجتماعي الصعب في تونس. 

الدستوري الحر يؤكد استعداده لتنفيذ أيام غضب جهوية وتنظيم مسيرة ضخمة نحو قصر قرطاج

 رغم أنه كان من بين الداعمين للإجراءات الاستثنائية ل25 جويلية يعود اليوم الحزب الدستوري الحر، رافضا للاجراءات الحكومية والرئاسية على حد سواء مستنكرا “تجاهل السلطة لحجم المخاطر المنجرة عن عدم توفير الموارد المالية التي تأسست عليها الميزانية”.

وندد الحزب في بيان له بعدم خروج المسؤولين لمصارحة الشعب بأن تلك الموارد المبرمجة والتي لم يتم تحصيل أي جزء منها إلى حد الآن لن تكون كافية مستقبلا لضمان التوازنات المالية ومواجهة ارتفاع الأسعار العالمية.

وشدد الدستوري الحر على مواصلة تحركاته لـ”إنقاذ الشعب التونسي من التجويع والمهانة ومنع استغلال انشغال المواطن بصعوبات المعيشة للسطو على إرادته ومصادرة حقوقه الأساسية”.

هذا وأعلن تمسكه بمواصلة اعتصام الغضب 2 وتوسيع مطالبه لتشمل المطالب الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب المطالب السياسية الملحة مؤكدا استعداده لتنفيذ أيام غضب جهوية في مختلف المناطق وتنظيم مسيرة ضخمة نحو قصر قرطاج في صورة “تعنت رئيس سلطة تصريف الأعمال واستمراره في تغليب رغباته وحساباته السياسية الضيقة على المصلحة العليا للوطن والتسبب في الانهيار الشامل للدولة”  حسب نص البيان.

واسنكر الحزب سياسة رئيس الدولة التي قال إنها تقوم على “ارتهان الشعب التونسي وعدم بذل أي جهد لتوفير التمويلات اللازمة لضمان قوته وإبعاد شبح المجاعة التي تهدده مجددا التزامه بمواصلة النضال للتصدي لمشروع تفكيك المؤسسات وقطع الطريق أمام “مخططات رسكلة الإخوان ومحاولات العودة إلى مربع التوافق المسموم معهم”.

تطور في مواقف اتحاد الشغل واتحاد الأعراف : تصعيد في اللهجة تحضيرا للمواجهة

يواصل الاتحاد العام التونسي للشغل على لسان أمينه العام نور الدين الطبوبي التنديد بالاجراءات الحكومية سواء التي اتخذتها مثل المنشور عدد20 أو التي تنوي اتخاذها مثل رفع الدعم وتجميد الأجور والتفويت في بعض المؤسسات العمومية .

وشدد الطبوبي على أنه من المستحيل أن يوافق الاتحاد على حزمة الإصلاحات التي عرضتها الحكومة على صندوق النقد الدولي مهددا بالتحرك إذا لم ينظم حوار اقتصادي وسياسي لإنقاذ البلاد من الانهيار مشيرا إلى أن الاتحاد لديه برنامج إصلاح وطني أعدّه قسم الدراسات بالمنظمة وهو جاهز إذا ما أرادت الحكومة الحوار.

كما حذر الطبوبي الحكومة من العمل بالمنشور عدد 20، داعيا إياها إلى سحبه فورا كما وصفه بالمنشور اللعين وسيء الذكر على أن الإتّحاد في قلب السياسة ولديه رؤية جاهزة في كل المجالات.

وشدد على أن القطاع العام خط أحمر وهو ليس للمساومة والبيع وإبرام الصفقات مؤكدا أن الاتحاد سيقف إلى جانب أبناء الشعب المفقرين، واعتبر أن مربع الاتحاد لا تحدده إلا مؤسساته وأبناؤه.

وفي نفس الوقت الذي صعّد فيه اتحاد الشغل لهجة خطابه تجاه الحكومة محذرا إياها من مواجهات اجتماعية خطيرة أصدرت منظمة الأعراف، الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بيانا تحذيريا هو الأول منذ 25 جويلية 2021 أدانت فيه “المداهمات التي تستهدف المؤسسات مؤكدة رفضها للإيقافات، وحملة الشيطنة والافتراء التي طالت أصحاب المؤسسات على مواقع التواصل الاجتماعي،

وأشار البيان إلى أن هذه المداهمات والإيقافات خلقت أزمة ثقة وأجواء من التوتر لدى هياكل الاتحاد وأسرة القطاع الخاص ودفعت بالعديد منهم إلى التفكير في إيقاف نشاطهم لأنه لا يمكن مواصلة العمل وسط هذه الاتهامات وفي هذا المناخ المشحون”.

واعتبرت منظمة الاعراف “ان الأزمة الراهنة ليست أزمة انتاج أو توزيع بل هي أزمة نقص في المواد الأولية الأساسية التي تستوردها الدولة عبر دواوينها، وأن مراحل الإنتاج ثم التزويد انطلاقا من المؤسسة تتم بكل شفافية ووفق تراتيب مضبوطة ولا مكان فيها للمضاربة أو الاحتكار”.

كما اعتبرت أن سياسة مجابهة الاحتكار فرضت على قطاع الانتاج والتوزيع وضعا غير مقبول أدخل الاضطراب على أدائها وأساء إلى سمعتها والحال أن المؤسسات العاملة في القطاع هي «الضحية» لسياسات الدولة المالية سواء بعدم صرف مستحقات القطاع او بالتوجه للسوق المالية الداخلية للاقتراض من البنوك مما فاقم ازمة السيولة التي ادت لتدهور الوضع الاقتصادي للمؤسسات.

هذا يؤكد أن السياسات التي تتبعها الحكومة ولدت غضبا كبيرا لدى المنظمتين الأكثر تمثيلا و ثقلا في البلاد فاتحاد الشغل متمسك بضرورة إجراء مفاوضات اجتماعية وبضرورة عدول الحكومة عن إجراءاتها المزمع اتخاذها وهو مستعد للمواجهة إذا ما لاقت دعوات الاتحاد الرفض من الحكومة.

ومنظمة الأعراف ولئن أشارت إلى أنها تتجنب دائما المواجهة فإنها تؤكد أنها لن تمتنع إذا ما فرضت عليها ووجهت للحكومة تحذيرا مبطنا مفاده أن العاملين في قطاع انتاج وتوزيع المواد الاستهلاكية سيتوجهون إلى ايقاف نشاطهم إذا استمر الوضع على ما هو عليه، وأن هذا سيكون سابقة لم تشهدها البلاد لا في 2011 ولا مع الجائحة.
 

نقابة الصحفيين تعلن عن التوجه لإضراب عام في مؤسسات الإعلام العمومي

 بعد قيامها بعدة وقفات احتجاجية على ما اعتبرته محاولات سيطرة على الإعلام العمومي أعلنت نقابة الصحفيين توجهها لخوض إضراب عام في مؤسسات الإعلام العمومي بالتنسيق مع الجامعة العامة للإعلام سيتم تحيد موعده في الأيام القادمة.

يأتي ذلك بعد الاتهامات بالانحراف “الخطير” بالخط التحريري لمؤسسة التلفزة التونسية وصلت إلى حد أن البرامج الدينية أصبحت تتحدث عن الاستشارة الوطنية التي أطلقها رئيس الجمهورية “.
 
وأدانت النقابة بشدة تحول التلفزة التونسية إلى منبر خاص بتوجهات الرئيس في حين أنها ليست مؤسسة للدعاية بل هي ملك الدولة وتمثلها عديد الهياكل .

وكانت النقابة قامت سابقا بتحرك احتجاجي مع منظوريها من صحفيي المؤسسة على خلفية الاتهامات الموجهة للمكلفة بتسيير المؤسسة عواطف الدالي بما أسمته النقابة انحرافا بالخط التحريري وضربا للحق النقابي وهرسلة للصحفيين والمصورين الصحفيين وترهيبهم ومنعهم من المطالبة بحقوقهم وإقصاء لكل الأصوات المخالفة لتوجهاتها.

و في تصريح صحفي أوضح نقيب الصحفيين مهدي الجلاصي أن النقابة انطلقت في تنظيم تحركات احتجاجية تصعيدية لانهاء سيطرة السلطة على التلفزة التونسية والدفاع عن حقوق العاملين فيها من صحفيين وغيرهم.

واعتبر الجلاصي أن إدارة التلفزة حولت المؤسسة إلى بوق دعاية وضربت مبادئ التعدد والاستقلالية والتنوع والموضوعية. وتقوم الان بمعاقبة كل من ينتقد هذا الوضع المتردي مضيفا أن الحكومة تتعمد تجاهل ملفات قطاع الاعلام و تواصل خرق القانون بعدم نشر الاتفاقية الاطارية المشتركة رغم صدور حكم نهائي وبات يقضي بنشرها فورا.

وقال :” أمهلنا السلطة وقتا للتفاعل مع الملفات العالقة والوضعيات المأساوية في القطاع ولكن دون رد. بالنسبة لنقابة الصحفيين انتهت المهلة وسنبدأ في التحرك القوي للدفاع عن حقوق الصحفيات والصحفيين وحق المواطنين في إعلام تعددي في خدمة الوطن والديمقراطية.”

 
 

جمعية القضاة ترفض التعامل مع المجلس الأعلى وتصفه بغير الشرعي 

اعتبرت جمعية القضاة أنّ “المجلس الأعلى للقضاء المنصّب غير شرعي، وتم إرساؤه باعتماد منطق القوّة، وفرض الأمر الواقع، في خرق صريح للدستور والقانون والمعايير الدولية لاستقلال السلطة القضائيّة وفي غياب تام لكل رؤية إصلاحية للمنظومة القضائيّة وفقاً لضوابط دولة القانون” مؤكدة على عدم التعامل معه.

وقرر المكتب التنفيذي للجمعية وفق بيان له، “مواصلة التحركات في سياق التصدّي للمخاطر المحدقة بوجود السلطة القضائية واستقلالها بتنظيم الوقفات الاحتجاجية والندوات الصحافية والعلمية والاجتماعات الدورية للقضاة وغيرها من التحركات، ويفوضون المكتب التنفيذي ملاءمة الدعوة لتلك التحركات وزمن انعقادها بحسب تطور الأوضاع”.

وأعلن القضاة تمسّكهم بموقفهم “الرافض للمرسوم عدد 11 لسنة 2022 المؤرخ في 12 فيفري 2022 والمتعلّق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء غير الدستوري وغير الشرعي، لإلغائه لمبدأ التفريق بين السلط وأسس دولة القانون وقوامها القضاء المستقل”، وشدّدوا على أنّ “ذلك المجلس المنصّب هو هيكل غير شرعي وأداة في يد السلطة التنفيذية لضرب استقلال السلطة القضائية وإلغاء ضمانات وآليات استقلال القضاء وفقاً للدستور والمعايير الدولية”.

 

الاستشارة الالكترونية “بدعة سياسية” و “إهدار للمال العام” 

تشارف الاستشارة الإلكترونية التونسية على نهايتها، يوم الأحد 20 مارس قبل أن تشرع لجنة الصياغة في تأليف مقترحاتها لوضع مسودة التعديلات الدستورية وعرضها على الاستفتاء، وسط تهكم وتشكيك في نتائجها وانتقادات لضعف الإقبال عليها ووصفها بالبدعة السياسية. 

وكان  أستاذ القانون الدستوري، أمين محفوظ، المقرّب من الرئيس، قد أفاد، منذ يومين، في تصريح صحافي، بأنّه من المنتظر أن يتولى سعيّد إصدار القرارات المتعلقة بتركيبة ومهام اللجنة التي ستتولى صياغة النظام السياسي الجديد لتونس، عقب انتهاء الاستشارة، يوم 20 مارس.

وانتقد معارضو سعيّد بشدة الاستشارة مؤكدين اعتمادها كغطاء لتمرير “مشروعه الانقلابي”.

فقد عبّرت منظمة “أنا يقظ”، الأربعاء، عن “استنكارها لاستغلال موارد الدولة وإهدار المال العام في سبيل إعداد استشارة إلكترونية صورية خدمة لمشروع شخصي لرئيس الجمهورية”. 

 وذكرت المنظمة، في بيان لها أن “ضعفاً فادحاً في التخطيط، وسوء استغلال لموارد الدولة التونسية، وانتهاكاً للمعطيات الشخصية شابت الاستشارة الإلكترونية”. 

وقالت المنظمة إنه “سبق لها أن حذرت من غياب ضمانات حماية المعطيات الشخصية للمشاركين، وأبدت تخوفها من غياب الشفافية بالنسبة إلى الأشخاص الذين تطوعوا من أجل تطوير المنصة، ووضع الأسئلة والمحاور وطريقة اختيارهم”. 

كما أشارت المنظمة إلى “الفشل الذريع لوزارات الشباب والرياضة وتكنولوجيا الاتصال والثقافة في استقطاب المواطنين وتشجيعهم على المشاركة في الاستشارة، حيث تم مشاركة حوالى 410 آلاف مواطن بمعدل 6 آلاف مشاركة في اليوم. وهو رقم ضعيف جداً”. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *