الأزمة تستفحل في " حزب الرئيس" بقلم كمال بن يونس

 نهاية حزب أم انهيار الائتلاف الحاكم ؟ 

اختلال التوازنات داخل النداء ستؤثر في مؤتمر النهضة القادم

· 4 احزاب قد تخرج من رحم النداء اذا استمرت الازمة

· التوافق مجددا حول ” مؤتمر جويلية ” قد يوقف النزيف

تعاقبت حتى ساعة متأخرة من مساء أمس عمليات الاعلان عن الاستقالات من ” الحزب الحاكم ” ـ أو ” حزب الرئيس ” ـ الفائز في انتخابات موفى عام 2014 بأغلبية مريحة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية .

واذ تباينت الارقام حول العدد الحقيقي للنواب المستقيلين من كتلة ” النداء” وللوزراء والمؤسسين المنشقين عن الحزب الذي ساهموا في تأسيسه وتأثيثه منذ أوساط 2012، فان النتيجة سياسيا تكاد تكون واحدة :” انهيار العملاق الحزبي ” الذي ننجح في صائفة 2013 في ان يجبر قيادات النهضة والترويكا على الخروج من الحكم مقابل ” تعهدات بتنظيم انتخابات شفافة جديدة ” ترعاها ” حكومة تكنوقراط” برئاسة وزير الصناعة السابق المهدي جمعة .

لكن السؤال الأهم هو : هل ستتطور الأزمة الحالية داخل ” الندائيين ” إلى مجرد مسار يسفر عن إضعاف حزب النداء أو” نهايته” أم يتطور إلى ” انهيار شامل للبيت على كل من فيه ” بدءا من أطراف ” الائتلاف الرباعي الحاكم ” مع رئيس الحكومة المستقل الحبيب الصيد ؟

تصريحات القياديين المقتنعين بنتائج مؤتمر سوسة التاسيسي لحزب نداء تونس ـ مثل السادة حافظ قائد السبسي وعبد الرؤوف الخماسي و عبد العزيز القطي وخالد شوكات وخميس قسيلة ـ توحي بكون ” الحزب تجاوز أزمته السابقة من خلال عقد مؤتمره الوطني الاول والمصادقة لاول مرة على قيادة موسعة وعلى نظام داخلي مع اعلان الاستعداد للحوار مع بقية الاطراف من بين ” الغاضبين ” في الحزب .

جماعة مرزوق والمنشقين

لكن كل من خلال متابعتنا عن قرب لكواليس مؤتمر سوسة قبل افتتاحه واثناء الجلسات العامة العلنية والمغلقة ، يتضح منذ البدء وجود قدر كبير من ” الغموض ” و” التناقض” حول تقييم دور لجنة ال13 برئاسة السيد يوسف الشاهد وحول فهم توصياتها التي دافع عنها البعض واتهما البعض الاخر ب” الانحياز” ضد المنشقين والمنسحيبن وضد الشخصيات القريبة من السادة محسن مزروق ـ الامين العام المستقيل ـ والوزير السابق الازهر العكرمي والنقابي مصطفى بن احمد والنائب المنذربالحاج علي .

مفاجأة ” فوزي اللومي ” والدستوريين ؟

ولئن تعاقبت ” المفاجآت” بعد مؤتمر سوسة بسبب تعاقب الاستقالات من داخل الكتلة النيابية وخارجها ” فان من أبرز تلك ” المفاجآت” اعلن شخصيات وقع تعيينها في القيادة الجديدة التي أفرزها مؤتمر سوسة استقالتها .

وجاءت الرسالة السياسية الاكثر دلالة من عدد من الشخصيات الدستورية والتجمعية السابقة والمؤسسين الاوائل لحزب نداء تونس مثل فوزي اللومي عضو المكتب السياسي السابق للنداء ونائب رئيس الحزب سابقا .

وقد أعلن اللومي بوضوح اختلافه عن القيادة التي افرزها مؤتمر سوسة وعن مجموعة الامين العام المستقيل محسن مرزوق . وأعلن عن تأسيس ” كتلة ثالثة ” برئاسته تضم ندائيين وغيرهم ممن اختاروا اسم ” الامل “.

ولا يعرف ان كان كثير من الدستوريين الغاضبين سيتبعون فوزي اللومي في مشروعه الموازي لمشروعي سي حافظ وسي محسن . لكن الثابت هو تغيب قياديين دستوريين وتجمعيين بارزين عن مؤتمر سوسة بينهم رئيس لجنة الاعداد المادي للمؤتمر رجل الاعمال والسياسي المخضرم منير بن ميلاد .

العكرمي والبكوش وبن رمضان

في نفس الوقت تعاقبت في اليومين السابقين الاستقالات الرمزية من حزب النداء بين وزراء الحكومة الجديدة ـ مثل محمود بن رمضان وسعيد العايدي ـ واعضاء كتلته النيابية مثل حسونة الناصفي ـ عضو لجنة ال13 سابقا ـ والحقوقية بشرى بالحاج حميدة والناطقة الرسمية باسم الكتلة د.ليلى الشتاوي وعضو الهيئة التاسيسية وفاء مخلوف ..

يضاف هذا ” الجيش الاحتياطي الجديد ” من المستقيلين الى مشاريع اخرى بصدد ” الطبخ على نار هادئة ” لمحاولة تأسيس حزب جديد قد يتزعمه الوزير المستقيل منذ مطلع اكتوبر الماضي الازهر العكرمي وهو من بين أبرز مؤسسي الحزب ..

كما تتجه الانظار الى قياديين من بين المؤسسين والحقوقيين القدامي الذين يصعب ان يلتحقوا بفريقي حافظ قائد السبسي ومحسن مرزوق اي السادة الطيب البكوش ومحمود بن رمضان والطاهر بن حسين والحقوقية بشرى بالحاج احميدة ..وثلة من رموز ” اليسار المعتدل ” و” الدستوريين الوسطيين ” ..

استقلالية ولكن ..

ولعل التحدي الكبير اليوم بعد أن اصبحت كتلة حزب النهضة الاولى في البرلمان وليس النداء : هل سيتواصل التوافق الرباعي حول حكومة الحبيب الصيد بعد أن تأكد ” تآكل” الحزب الرئيسي ؟

وهل سيقبل الرئيس الباجي قائد السبسي والمقربون منه داخل الحكومة وقيادة حزب النداء ـ من بين المناصرين لتيار حافظ قائد السبسي ـ أن يصبحوا “تحت رحمة كتلة النهضة ” التي أكد رئيسها نور الدين البحيري أنها لا تنوي تغيير المشهد السياسي والحكومي الحالي رغم ضعف تمثيلها في حكومتي الحبيب الصيد ؟

صحيح أن الدستور أجبر الرئيس الباجي قائد السبسي على الاستقالة من منصبه قبل الدخول الى قصر قرطاج ـ مثلما اجبر المنصف المرزوقي من قبل على الاستقالة من حزب المؤتمر ـ لكن هل يمكن الحديث عن ” استقلالية كاملة ” لقيادة حزب النداء عن قصر قرطاج بعد مؤتمر سوسة الذي كرس “زعامة سي حافظ ” ودعم الفريق المناصر له على حساب خصومه انصار محسن مرزوق والطيب البكوش ومحمد الناصر والازهر العكرمي وفوزي اللومي ؟؟

مستقبل ” الرباعي الحاكم “

مصادر قيادية في حزب النداء واخرى مقربة من قصري قرطاج والقصبة رجحت أن يخرج فريق السيد حافظ قائد السبسي منتصرا من هذه ” الازمة الجديدة ” عبر تحالفات قد يعقدها مع حزب الوطني الحرب بزعامة سليم الرياحي والوزير محسن حسن ..

لكن بعدأن أصبح عدد المستقيلين من كتلة النداء ومن المؤسسات القيادية للحزب يحوم حول ال30 ، قد يصبح ” التحالف” بين النداء والوطني الحر محدود الانعكاسات..

فهل تلجأ قيادة الحزب من بين أنصار سي حافظ الى ” عمليات استباقية ” من بينها الانفتاح قولا وفعلا على شخصيات وطنية قريبة من العائلتين اليسارية والدستورية مثل السادة مهدي جمعة والمنذر الزنايدي ومحمد جغام والمنصف بن غربية وكمال مرجان وعبد الرحيم الزواري.. الخ؟؟

في كل الفرضيات فان مستقبل كامل الرباعي الحاكم ومصير حكومة الحبيب الصيد 2 في الميزان ..

الخلافات داخل النهضة

في الأثناء لا ينبغي أن تغيب عن الجميع المستجدات داخل حركة النهضة التي تستعد بدورها لعقد مؤتمر وطني يرتقي إلى درجة ” المؤتمر التأسيسي”..

وقد أورد السيد راشد الغنوشي في الكلمة التي ألقاها بمناسبة مؤتمر حزب النداء أن كل الاحزاب ” لديها مشاكل ” وخاطب المؤتمرين الندائيين قائلا : لديكم مشاكلكم ولدينا في النهضة أيضا مشاكلنا ..

ولا يخفى أن ” التجديد الفكري والتنظيمي الكبيرين ” المقترحين على المؤتمر القادم قد يتسببان في تناقضات كبيرة داخل الحركة التي تسعى لان تتحرر من بعض الشخصيات التي تعتبرها مسؤولة عن جانب من غلطات الاعوام والعقود الماضية ..أو تتهمها بعدم استيعاب المستجدات وضغوطات المرحلة القادمة ..

لكل هذه الاسباب فليس من السهل أن يقنع رئيس حركة النهضة والمقربون منه سياسيا خصومهم داخل الحركة بالبقاء في المرحلة القادمة “في الصف الرابع ” في الحكومة والبرلمان بالرغم من كون كتلة النهضة أصبحت الاولى في البرلمان والنداء يسير نحو ” الانقسام ” ثم ” الانهيار” حسب غالبية المراقبين ..

الطريق الثالث؟

قد يكون المخرج بالنسبة للنداء والنهضة وشركائهما في الائتلاف الرباعي الحاكم البحث عن ” طريق ثالث” يخرج الجميع من أزماته الداخلية ومؤسسات الدولة من حالة الانتظار والغموض والتردد..

وقد يبدأ الحل مجددا بمبادرات سياسية جدية لتفعيل مشروع ” تنظيم مؤتمر وطني انتخابي لحزب النداء ” يعقد فعلا في جويلية القادم ..على أن يبدأ منذ الان التحضير له بواسطة سياسيين ونشطاء يمثلون مختلف ” الاجنحة” وكل الندائيين الذين لا يزالون يعتبرون أنفسهم ” جزءا من مشروع 2012/2013 بالرغم من الاختلافات التي برزت منذ الصائفة الماضية ووقع تكريسهاأكثرفي مؤتمر سوسة .. لتدفع ” حزب الاغلبية ” نحو سيناريوهات قد تكون مجهولة العواقب بالنسبة للبلاد ككل وليس بالنسبة للنداء وحده ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *