أيها الشعب التونسي متى تسترد ارادتك؟ .. بقلم جنات بن عبد الله

لا زالت حركات الاحتجاج والغضب متواصلة في عديد المناطق الداخلية طالبة حقها في التنمية وفي حياة كريمة، مطالب ضمنها له الدستور الجديد والمعاهدات الدولية في مجال حقوق الانسان. المطالبة بهذه الحقوق لا زالت، ومنذ الثورة، تبحث عن اذان صاغية وعن حكام يفقهون متطلبات هذه الحقوق من جهة، وقادرون على تحويلها الى برامج وسياسات اقتصادية واجتماعية من جهة أخرى، تعيد للشعب التونسي سيادته وكرامته التي عملت المؤسسات المالية الدولية والمنظمة العالمية للتجارة والاتحاد الأوروبي على سلبها ودوسها باسم القانون والتشريعات الوطنية وأحكام الاتفاقيات الدولية.
معتمدية فرنانة وعديد المناطق الأخرى تعالت أصوات أهاليها للفت نظر السلط السياسية المركزية للتهميش الذي بلغ حدوده القصوى في السنوات الخمس الأخيرة بعد الثورة والمطالبة بتوفير الحاجيات الأساسية الدنيا من ماء صالح للشرب ومؤسسات تربوية ومناهج تربوية ومؤسسات استشفائية وخدمات إدارية وبنية تحتية … وبعد أسبوعين من الانتظار تحول يوم الأحد 18 سبتمبر 2016 وفد وزاري الى المعتمدية وفي جرابه برنامج تقشف حكومة وحدة وطنية جاءت متوعدة بمزيد الضغط على عجز ميزانية الدولة وبالترفيع في الضرائب وبتقليص ميزانيات الصحة والتعليم والدعم في محاولة لارضاء المؤسسات المالية الدولية والاتحاد الأوروبي الذي أهدى برلمانه لتونس الأسبوع الماضي هدية ملغمة تتمثل في تحويل ديون تونس الى استثمارات يضمن من خلالها لشركاته العالمية اختراق سيادتنا الوطنية والاستحواذ على ما تبقى منها في قطاعات النفط والفلاحة والخدمات و”الصناعة” ان وجدت.
أسبوعان عاشها أهالي فرنانة وشبابها ينادون بالحلول للخروج من مستنقع الفقر والتهميش والاقصاء الذي شملهم كبقية الجهات الداخلية منذ الاستقلال الى اليوم حيث عملت الأنظمة السابقة وحكومات ما بعد الثورة بما في ذلك حكومة الشاهد التي تعهدت للخارج وللوبيات الداخل بعدم الانحياز عن مسار التنمية القائم، عملت وحرصت على إرساء منظومة تقوم على إعادة انتاج الفقر والتهميش، ونجحت في ذلك، والمؤشرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية تؤكد ذلك بل تكشف عبقرية حكام تونس السابقين والجدد على ضمان هذا المسار المنتهك للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لشعب لا دور له الا في انتخابات يرتقي فيها الى السلطة من هم أقل جدارة على حماية سيادة البلاد.
الزيارة المبرمجة الى فرنانة هي زيارة لامتصاص الغضب وليس لإيجاد حلول ممكنة تنتظر التنفيذ منذ الاستقلال الى اليوم. انه يشهد لهذا الشعب صبره على سلب سيادته، ولئن حالت الأنظمة الدكتاتورية دون تفعيل ارادته، فان النظام الحالي الذي رفع شعار الانتقال الديمقراطي سيكون وفيا لمسار الأنظمة السابقة من خلال مجلة استثمارات تمت المصادقة عليها الأسبوع الماضي، ومخطط تنموي يعتمد مشروع اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق ونظام أساسي لبنك مركزي اختار التبعية… اليات تم تقنينها لمواصلة تكريس سلب سيادة هذا الشعب ونهب ثرواته… الدستور الجديد لسنة 2014 الذي ضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكل شرائح المجتمع سيكون شاهدا على عبقرية حكام تونس الجدد في ابتكار تقنيات امتصاص غضب الشعب وطمس كل محاولات المقاومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *