أسبوع بعد انطلاق الحملة الإنتخابية : استعدادات مكثفة … تجاوزات بالجملة .. و الهايكا و الليزي تثيران سخط الأحزاب و وسائل الإعلام

منية العيادي

 

أسبوع مند انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات البلدية المزمع تنظيمها يوم 6 ماي المقبل و التي ستستمر إلى غاية يوم 4 ماي متمثلة في 2074 قائمة مقبولة نهائيا ( 860 قائمة مستقلة و 159 ائتلافية و 1055 حزبية)، للتنافس على الفوز بـ7177 مقعدا في 350 دائرة بلدية ، أسبوع كان حافلا بما يكفي لتسجيل العديد من الأحداث التي لم تشهدها أية انتخابات سابقة .

 

**استعدادات و أنشطة مكثفة **

 

تجري الاستعدادات للإستحقاق البلدي بكثير من التنافس خاصّة بين الأحزاب السياسية في كل الولايات و الدوائر البلدية على كامل تراب الجمهورية مع تقديم بيانات كافة القائمات، و التعريف ببرامج الانتخابية الخاصة بها و التي كانت جلها وفق احتياجات المنطقة و الطرح المحلي الخاص بكل جهة، إضافة إلى التحركات الميدانية لرؤساء القائمات سواء مستقلة أو حزبية  و أعضاء الأحزاب المشاركة أيضا.

هذه الانتخابات التي طال انتظارها بعد تأجيلها في أكثر من مناسبة على أهميتها كونها ستمنح الجهات الداخلية قدراً كبيراً من استقلالية القرار التنموي، سجلت مشاركة مكثفة للمترشحين للانتخابات و رؤساء القائمات في الحملات الانتخابية و التواصل مع المواطنين و متساكني الجهات لشرح برامجهم الانتخابية و أهدافها و خططهم التنموية للجهة، عن قرب. 

من جهتها سخرت وزارة الداخلية، في إطار الاستعدادات الأمنية لإنجاح سير الانتخابات البلدية، 30 ألف رجل أمن مؤطرين 

و أفاد وزير الداخلية أن الوزارة جاهزة لضمان سير الإنتخابات في ظروف أمنية عادية و ملتزمة في ذلك بالحياد التام مضيفا أنه تم في هذا الإطار عقد سلسلة من الجلسات، بالتنسيق مع وزارة الدفاع الوطني و المؤسسة العسكرية، تحت إشراف رئاسة الحكومة كما تم تكوين إطارات في هذا المجال، فضلا عن توجيه توصيات إلى كافة ولاة الجمهورية، في إطار الإلتزام بالحياد و توفير كل ما يساعد على تسهيل عملية الإنتخابات و الإشراف عليها .

و بخصوص التغطية الإعلامية لمشاركة الأمنيين والعسكريين في الإنتخابات، أكد وزير الداخلية ” عدم وجود أي تعليمات لمنع الصحفيين من التغطية الإعلامية “، موضحا أنه سيتم إعطاء كل الصحفيين المحليين و الأجانب، الشارات الخاصة بهم ليتم التنسيق في ما يتعلق بالتغطية، مع المنسّق الجهوي للهيئة العليا المستقلة للإنتخابات، بكل دائرة. 

 

 

 **  تجاوزات و إخلالات قانونية ** 

حذرت عديد المنظمات المعنية بمراقبة مسار الانتخابات البلدية من مخالفات قانونية و أخلاقية  وقعت خلال الحملات الدعائية للأحزاب المتنافسة في السباق المحلي .

و عبّر مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات و دعم التحولات الديمقراطية،عن قلقه إزاء نوعية التجاوزات و كثرتها، من خلال مراقبته للحملة الانتخابية. و أوضح المرصد أن منسقيه و ملاحظيه المنتشرين في جميع الدوائر الانتخابية بالبلاد، رصدوا بعض التجاوزات و من بينها “عدم حياد الإدارة” و “عقد اجتماعات دون أي إعلام للهيئات الفرعية للانتخابات” إلى جانب “تجاوز الوقت المخصص للنشاط الانتخابي في أكثر من مكان، و وجود “خطاب يدعو للكراهية و العنف في اجتماعات حزبية”.

كما سجّل المرصد وجود صور للمرشحين الذكور دون الإناث في إحدى القائمات الانتخابية بجهة قفصة ، علاوة على عدم وضع المعلقات الانتخابية في الأماكن المخصصة لها بعدد من البلديات. و تم تعليق القائمات دون التأشير المسبق عليها من الهيئات الفرعية بعدد من المدن، بالإضافة إلى تمزيق المعلقات الانتخابية في أغلب الولايات.

كما أعرب، الاتحاد الوطني للمراة التونسية، عن أسفه للصورة “الدونية”  التي يقع الترويج من خلالها للمرأة في الحملات الانتخابية واستغلالها من قبل بعض الاحزاب كصورة وعدم التعامل معها ككفاءة قادرة على تقديم الاضافة و خدمة الشأن البلدي و المحلي”.

و أدان، الاتحاد، في بيان نشره  ، “مواصلة العنف السياسي المسلط على النساء و النظرة الدونية للمرأة” مؤكدا أن “تشريك النساء في الشأن المحلي و العام يعد مطلبا حقوقيا هادفا و أساسيا و ليس صوريا و شكليا”.

من حهته أقر رئيس الهيئة الفرعية المستقلة للانتخابات صالح الرياحي ، أنه تم رصد 40 مخالفة خلال اليوم الرابع من انطلاق الحملة الانتخابية. و أضاف أن المخالفات تعلقت أيضا بتنظيم أنشطة انتخابية في إطار الحملة لمترشحين من مختلف القائمات الحزبية و المستقلة و الائتلافية دون علم الهيئة، فضلا عن تعليق البيانات و المعلقات خارج الفضاءات المخصصة للحملة الانتخابية، لافتا إلى أن “الهيئة وجهت مبدئيا تنبيها لكل المخالفين قبل المرور إلى إجراءات أكثر صرامة”.

كما  أثارت استعانة حزب النهضة صاحب المرجعية الإسلامية بمرشحات غير محجّبات بل وصل الأمر إلى السراويل الممزقة ،انتقادات و سخرية نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي كما لجأ حزب نداء تونس “الحداثي” إلى مرشحات محجبات أو ملتزمات دينيا، كما اختارت بعض الأحزاب اليسارية كالجبهة الشعبية (أكبر تكتل يساري)، مرشحات متحجبات، في خطوة أثارت الكثير من الجدل، لكنها كشفت في الآن ذاته عن تكتيكات بعض الأحزاب  و هوس السياسيين بالفوز بالاستحقاق الانتخابي.

 

كما رصدت الجمعية التونسية من أجل نزاهة و ديمقراطية الإنتخابات ”عتيد”، تمزيق و إتلاف المعلقات التابعة للقائمات المترشحة للانتخابات البلدية التى وقع الصاقها  بالأماكن المخصص لها، منذ اليوم الأول لانطلاق الحملة الانتخابية وفق ما صرحت به رئيسة  الجمعية ليلى الشرايبي.

 

**  “الهايكا و الليزي” تثيران سخط الأحزاب و وسائل الإعلام**

 

أثار قرار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، و الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المتعلّق بضبط القواعد الخاصة بتغطية الحملة الانتخابية البلدية بوسائل الإعلام و الاتصال السمعي و البصري و إجراءاتها و القاضي بـ ”منع بث أي خطاب رسمي يتضمن أي شكل من أشكال الدعاية الانتخابية ”،  العديد من ردود الفعل المنددة من الأحزاب و وسائل الإعلام معا خاصة بعد أن حدد القرار العقوبات التي تطبق على كل مخالف لقرارهما المشترك . 

المدير التنفيذي لحركة نداء تونس حافظ قائد السبسي قال في بيان إن هذا القرار الصادر عن الهايكا و المزكّى من طرف هيئة الانتخابات كان خيارا منفردا لم يقع فيه التشاور مع وسائل الإعلام أو الاستئناس برأي الأحزاب، معتبرا أنه تسبب في غياب الإعلام عن المواكبة الجدية للحملة الانتخابية خوفا من تسليط العقوبات العشوائية من قبل الهايكا و التي لا تخضع إلى أي سلم و لا مرجع قانوني.

و أضاف حافط السبسي أنّ عزوف عدد من  وسائل الإعلام عن متابعة الانتخابات و تغطيتها تسبب في غياب الحملة و اختفاء البرامج عن الناخبين مما قلّل في فاعليتها و قد ينتهي بدعم العزوف المنتظر عن الإقبال على التصويت و لن يقدم صورة حقيقية عن واقع المشهد السياسي بالنظر للتضييقات غير المسبوقة التي فرضتها الهايكا.

كما طالب الهيئة العليا للانتخابات بالتدخل لوضع حد للتضييقات “غير المقبولة” التي تفرضها الهايكا على تغطية وسائل الإعلام للحملة الانتخابية بما ينسجم مع كل الضوابط و المقاييس العادية المعمول بها في كل ديمقراطيات العالم و يسمح بتوفير الظروف الطبيعية و العادية لإنجاح الانتخابات البلدية في بلادنا و تحفيز المواطن التونسي على الاختيار بين مختلف البرامج المتنافسة.

 

من جهته اعتبر مدير الإنتاج بقناة ”أم تونيزيا”، الصادق الحامي، في تصريح تلفزي على قناة نسمة، أن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري ”الهايكا”، تجاوزت عبر قراراتها سلطتها كهيئة دستورية لتصبح هيئة سياسية مضيفا أن هذا القرار ”تعجيزي” و ليس في مصلحة المشهد الإعلامي و المؤسسات الإعلامية.

و أشار الحامي إلى أن الهايكا تصدر قراراتها غير القابلة للاستئناف و تعاقب المؤسسات الاعلامية بمبالغ مالية هامّة، دون عقد جلسات تشاورية مع المعنيين بالأمر متسائلا عن المقاييس المعتمدة في تحديد هذه العقوبات.

 

النقابة التونسية للمؤسسات الإعلامية عبرت بدورها عن رفضها تطبيق هذا القرار ، معتبرة إياه مسقطا و فوقيا و ينم عن استهداف صريح و مباشر للمؤسسات الإعلامية الخاصة”.

و أشارت النقابة إلى عدم مراعاة خصوصية وسائل الاعلام الخاصة و محاولة دمجها في خانة القوانين و القرارات الخاصة بالإعلام العمومي، مؤكدة صعوبة تطبيق هذا القرار من النواحي التقنية و العملية لتعقيده و كثرة تفاصيله و جزئياته و خاصة من حيث تحديد نسب التوقيت المخصصة لتمثيل القائمات و الأحزاب في البرامج الاذاعية و التلفزية المخصصة للانتخابات.

كما انتقدت النقابة سن جملة من العقوبات المادية الترهيبية التي لا تحتوي سلّما واضحا و لا معايير مضبوطة بما يحرم المؤسسات الاعلامية من أبسط حقوق التقاضي في حالة الوقوع في اخطاء تستوجب العقوبة منددة باستخدام هيئة الاتصال السمعي البصري الخطايا المالية ” كسيف مسلط على الاعلام الخاص بهدف تطويعه و كوسيلة للتشفي من بعض المؤسسات التي أصبحت تستهدفها الهايكا علنا و دون واجب حق”.

 

و اعتبر نبيل القروي، رئيس النقابة، و أحد مالكي قناة “نسمة تي في” الخاصة، أن “القرار يضرب الانتقال الديمقراطي في تونس من خلال وضع شروط تعجيزية لتغطية الحملة الانتخابية البلدية”. وأضاف، في لهجة تصعيدية، أن “الهايكا هيئة سياسية تهدف من خلال هذا القرار إلى إفشال الاستحقاق الانتخابي البلدي من خلال عدم تشجيع الناخب التونسي على أداء واجبه الانتخابي”.

رأي نبيل القروي تطابق تقريباً مع رأي الإعلامي منذر ثابت الذي خصص جزءًا من حصته على قناة “نسمة تي في” للحديث على هذا القرار، معتبرًا أن الهايكا في علاقتها بالمؤسسات الإعلامية السمعية والبصرية الخاصة تقوم مقام السيف المسلط على الرقاب، من خلال تسليط عقوبات مالية عليها لعدم التزامها بقرار التغطية. وأضاف أن “مخطط تغطية الانتخابات البلدية لم يراعِ الشبكة البرامجية للمحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية الخاصة والتزامها مع متابعيها ومع المؤسسات الاقتصادية التي تقوم ببث إعلاناتها التجارية على هذه القنوات والمحطات”.

و اعتبرت الجمعية التونسية من أجل نزاهة و ديمقراطية الانتخابات “عتيد” أن القرار المشترك بين هيئة الانتخابات و هيئة الاتصال السمعي البصري لم يحترم مبدأ العدل و الإنصاف و المساواة بين كل القائمات المترشحة و تغافل عن حق القائمات المستقلة في التغطية الإعلامية.

 

 المحامي نزار عياد اعتبر من جهته أن هذا القرار يحمل صبغة سياسية زجرية و سيعمل على مصادرة أراء الأفراد خاصة و أن أغلب البرامج تٌبث على الهواء مباشرة’، و سيعمل على حرمان المشاهد من مواكبة الاحداث.

كما لاحظ أن الحديث عن عدم قيام الوسائل الاعلامية بتغطية الاستحقاق الانتخابي سيؤدي ضرورة للحديث عن عزوف التونسيين للمشاركة في هذا الاستحقاق، قائلا ‘إن عزوف التونسيين عن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي سيرتفع نتيجة قرار الهايكا’، وفق تقديره.

 و اعتبرت “عتيد” أنه هذا القرار بالإطلاع على الجدول المضمن بالفصل 19 تبين أنه غير واضح و غير دقيق و فيه تناسٍ للقائمات المستقلة التي لم تصنَّف و حتى التصنيف الموجود لا يستجيب لقاعدة الإنصاف بين مختلف الأقسام الموجودة و ان الفصل 20 لم يبين بصورة واضحة كيفية إعطاء الحق في التغطية الاعلامية بالنسبة للقائمات المستقلة و كيفية تقسيمها.

و في تعليقه على ردود الفعل بشأن التعقيدات التي تضمنها القرار المشترك بين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات و الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، قال رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، النوري اللجمي، إن الإعلام الخاص غير مجبر على تغطية كافة الدوائر البلدية.

و أوضح أنه بإمكان وسائل الإعلام الخاصة التي يصعب عليها تغطية كافة الدوائر الانتخابية بكامل تراب الجمهورية، اختيار عدد من الدوائر، شريطة تطبيق مبدأ الانصاف و الابتعاد عن الانتقائية.

و أضاف في ردّه على ما قيل بخصوص انفراد الهيئة بالقرار، أنهم يحرصون دائما على توجيه دعوات لمختلف رؤساء المؤسسات الإعلامية لحضور الورشات التي تنظمها، لكنهم يتخلفون عنها، وفق قوله.

و فيما يتعلّق باتهام الهيئة بفرض عقوبات مالية ضد بعض وسائل الإعلام “من منطق التشفي”، أكد اللجمي أن “الهايكا” تقوم بعملها في إطار القانون.

  

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *