اختتمت القمة العربية في الجزائر بإصدار قرارات تضمنت خاصة تنويها بالصبغة الاستراتيجية لقضية فلسطين و” لم شمل” أغلب حركات التحرر الوطني الفلسطينية ” ، والدول العربية ..
وقد تضمنت رسائل الأمين العام للأمم المتحدة و عدد من قادة العالم ، بينهم الرئيس الروسي بوتين ، وكلمات الرؤساء والملوك والأمراء العرب داخل الاجتماعية وعلى هامشها ، دعوات إلى ” المصالحة ” بين الحكومات والشعوب وإلى ” تسوية النزاعات ” داخل ليبيا والسودان وسوريا واليمن وغيرها عبر ” الطرق السياسية ” وتنظيم انتخابات ديمقراطية …الخ
وكان واضحا أن بعض الكلمات ، وبينها مداخلات رؤساء تونس والجزائر وفلسطين ووفود المغرب وقطر والأردن والكويت حرصت على اعلان ” التمسك بالثوابت الوطنية العربية ” وعلى رأسها اعتبار ” الدولة الفسلطينية المستقلة وعاصمتها القدس ” شرطا لانجاح كل جهود تحقيق ” الامن الشامل في كامل الشرق الأوسط الكبير” ، الذي يمتد من المملكة المغربية ونجيريا إلى اندونيسيا مرورا بتركيا وايران وفلسطين والدول العربية ..
لكن ماذا بعد هذه القرارات ” القومية المشتركة “؟
هل ستنجح العواصم العربية فعلا في تشكيل ” لجان وزارية عربية ” تتنقل بين دول العالم وخاصة بين الدول العظمى ، من أجل تفعيل القرارات الأممية الخاصة بقضايا فسلطين والقدس منذ 1948 وحروب 1967 و1973 ؟
وهل تستنجح الدول العربية ال 21 بالتعاون مع الخمسين دولة إسلامية ومجموعة ” دول عدم الانحياز ” في إضفاء الصبغة الرسمية للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة وفي توفير حاجيات الشعب الفلسطيني الملحة للدعم المالي ؟
و ستصبح دولة فلسطين فعلا ” عضوا كامل الحقوق” وليست مجرد عضو ” مراقب”؟
وإذا افترضنا أن الجمعية العامة أصدرت قرارا مماثلا لم يقابل ب” الفيتو” في مجلس الأمن ، فهل ستقبل حكومة اقصى اليمين المتطرف الجديدة في إسرائيل قرارات القمة العربية في الجزائر “برحابة صدر” ، وهي التي تضم شخصيات تنتمي رسميا إلى ” حركة صهيونية من أقصى اليمين ” سبق ان حوكم بعض زعمائها من قبل محاكم ومؤسسات إسرائيلية بتهم العنصرية والدعوة الى الإرهاب واحتلال كامل الضفة الغربية و طرد العرب من” فسلطين التاريخية ..”؟
++ لكن ماذا عن الملفات ذات الصبغة الثنائية في هذه القمة الإقليمية ؟
وكيف ستتأثر علاقات تونس بعدها بالدول المغاربية والعربية عموما وبالرباط والجزائر خاصة ؟
وهل ساهمت محادثات الكواليس على هامشها في الاتفاق على صفقات تونسية جزائرية وتونسية ليبية وتونسية خليجية خاصة في قطاعات المحروقات والمواد الغذائية والعلف ؟
وهل جرت في الكواليس جلسات عمل مباشرة وغير مباشرة لاحتواء ” الأزمة الديبلوماسية غير المسبوقة ” التي انفجرت أواخر شهر أوت الماضي بين تونس والمملكة المغربية بسبب الاستقبال الرسمي لرئيس جبهة البوليزاريو إبراهيم غالي الى تونس ومشاركته العلنية في قمة ” تيكاد 8″ رغم اعتراضات الرباط وحلفائها ؟
وكيف سيتعامل كبار صناع القرار في العالم والمنطقة مع مقررات قمة الجزائر ، التي من المقرر ان تعقبها قمة عربية صينية في السعودية وأخرى ” خليجية إسرائيلية أمريكية مغربية” قد تعقد في مدينة ” الدخلة ” في الصحراء المغربية حسب مصادر إعلامية دولية وإسرائيلية ؟
من الصعب تقديم إجابات قطعية في هذه المرحلة التي يتابع فيها العالم مضاعفات ” زلزال حرب أوكرانيا ” وانعكاساته الاقتصادية والسياسية والأمنية الخطيرة على اغلب الدول العربية والاوربية وعلى العالم اجمع ..
كما يصعب التنبؤ بالتطورات القادمة والعالم على أبواب انتخابات برلمانية ” نصفية ” في أمريكا يمكن أن تؤدي إلى خسارة الحزب الديمقراطي الموالي للرئيس بايدن الأغلبية في الكونغرس لصالح ” اقصى اليمين ” الموالي للرئيس السابق دونالد ترامب وصقور ” المحافظين الجدد ” و ” اليمين المسيحي المتطرف الموالي لإسرائيل جنوبي شرقي أمريكا “..
++ في كل الحالات قد يكون من مصلحة تونس والدول المغاربية بعد هذه القمة ، التي حضر أشغالها وفد مغربي كبير رغم تغيب الملك محمد السادس ، أن تعطي الأولوية مجددا للشراكات الثنائية والثلاثية والخماسية الإقليمية بما في ذلك في سياق تفعيل الشراكة بين دول الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط ..
لقد كان بيان قمة الجزائر” توافقيا ” واعترف بشرعية ” المبادرة العربية للسلام ” التي صادقت عليها قمة بيروت في 2002 ،كما نوه بدور لجنة القدس التي يرأسها العاهل المغربي محمد السادس ، وبدور المملكة الأردنية الهاشمية في الاشراف على القدس والمعالم الإسلامية والمسيحية في فلسطين المحتلة ..
فسعى أن تكون تلك ” التوافقات ” رسالة ينطلق منها كبار السياسيين في البلدان المغاربية والعربية لتفعيل شراكة أكبر تحكمها لغة المصالح ..وتدعمها المشاورات في الكواليس وفق رؤية جديدة تدعم ” سياسة الحياد الإيجابي ” و” تعدد الشركاء” والانفتاح على كل الدول ..وفق منطق ” تقاطع المصالح”..
إن ” الأولويات الوطنية “أصبحت تحرك أغلب دول العالم ودول المنطقة ولابد من أخدها بعين الاعتبار ..
–