من شروط إجراء الإنتخابات القادمة … حياد الدولة ؟ .. بقلم الدكتور المنصف السليطي

 يعد انتخاب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات و استكمال بقية أعضائها بعد أن منت علينا لجنة التوافقات بالبرلمان ب”مكرمة” ، خطوة في اتجاه إنجاز الانتخابات التشريعية و الرئاسية القادمة، و لكن من شروط إنجازها توفير مناخ انتخابي ملائم لابد للهيئة و لمختلف الفاعلين السياسيين و الاجتماعيين بالإضافة إلى مؤسسات الدولة من العمل على إيجاده.

نعم تكلفة الانتقال الديمقراطي لازالت مرتفعة في بلادنا و أغلب المؤشرات و الدلالات تؤكد أن أوضاعنا لم تستقر بعد على توازنات سياسية و اجتماعية و اقتصادية دائمة و مستمرة و واضحة المعالم بعد اهتزاز العالم القديم من تحت أرجلنا ؛ و سردية الانتقال السحري من الضيق الى البحبوحة و من الفقر الى الغنى و من الشدة الى الرخاء اتضح أنها تتطلب مراحل طويلة و الكثير من الحكمة و الدربة و الخبرة، و لكن اليوم بهذه الخطوة و إرجاع الروح للهيئة العليا المستقلة للانتخابات ، نأمل أن تمر البلاد إلى مربع الوضوح السياسي و الاستعداد للاستحقاقات القادمة بأكثر توازن و استقرار ، فاليافطة الكبيرة المرفوعة الآن هي أن الانتخابات مدخل صحيح لتجاوز أوضاعنا الراهنة .

و لكن العديد من الأسئلة الهامة لازالت مطروحة اليوم بإلحاح من قبل جهات عديدة متابعة للشأن الوطني ،فهل من الممكن إجراء الانتخابات في ظل تنامي الصراع المستمر بين رأسي السلطة التنفيذية و في سياقات عدم حياد الدولة و في ظل الأجواء المشحونة و المتوترة والتي تكثفت فيها التجاذبات السياسية و تبادل التهم بين مختلف مكونات المشهد المجتمعي و دخول إتحاد الشغل على الخط للمساهمة في إعادة توزيع التكتلات و النقاط الساخنة و مراكز القوة و النفوذ في الساحة السياسية ؟ و هل بإمكان تونس تحمل تكلفة صراع القوى السياسية التي يصل بها الأمر إلى استعمال أدوات و أجهزة الدولة هذا بالإضافة إلى نيران الدول الصديقة التي لا يهمها أن تستكمل التجربة التونسية دورتها العادية الانتخابية لتثبيت و تدعيم و تكريس حلمها الديمقراطي ؟ فهل بإمكان تونس تحمل تبعات هذه التعقيدات و الوصول إلى الاستحقاق الانتخابي لتأمين المسار الديمقراطي و تأمين التجربة ككل ؟

و في خضم هذه الانشغالات و المعارك الحزبية و تعدد الأجندات السياسية و تقاطعها ، نحن مطالبون بالعمل على إنجاح هذا الاستحقاق الوطني لإخراج البلاد من أوضاعها المتردية و الصعبة و السيئة التي آلت إليها و ذلك عبر المرور على صندوق الاقتراع لتشكيل حكومة قوية تتجاوز إرهاصات و أوجاع المرحلة التي تعيشها تونس اليوم ، فما العمل حتى نتفق جميعا على قانون اللعبة ولا يستأثر أحد بإمكانيات الدولة و يتوجه نحو الانتخابات المقبلة بحوافز مادية و سياسية أكبر من خصومه ؟

و لذا من الصعب عدم طرح مسألة حياد الدولة و هي من أهم شروط انعقاد انتخابات شفافة و لها مصداقية لما لها من انعكاسات مباشرة و مهمة على نتائج الانتخابات حتى ندفع البلاد في الاتجاه الصحيح و نخرجها من منطقة الضغوطات و نبنى المرحلة القادمة على الرصيد و الإمكانات الذاتية لكل حزب هذا بالإضافة إلى أن إمساك مؤسسات الدولة العليا عن كل ما يوحي بتقسيم المجتمع و ما يساهم في الاستثمار في الحقد و الكراهية و الدفع نحو مواقف مجتمعية تؤلب فئة ضد اخرى و تعمق جراحات و أعطاب الدولة .

أوقفوا هذا النزيف حتى لا نثقل كاهل الوطن و نجد أنفسنا نعيد البناء من الأول و لكن في الاتجاه المعاكس و لا عزاء عندئذ لشهود الزور و أولهم من ساهم في العبث بحياد الدولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Bu məqalədə, Pin-up Casino-nun daha əla bonusları haqqında danışacağıq və nəyin sizi gözləyə biləcəyini təsvir edəcəyik. bunun sayəsində Nedeni ise reklam alanların deneme bonusu vermediğini bir çok kez denk geldiğimizi biliyoruz. pul üçün Buna görə hər hansı vahid platformada bunu izləyən bir internet kullan? pin up mərc Kazino kataloqlarında təqdim olunan Pin Up casino seyrək rəngarəng slot maşınları demo rejimində işə salına bilər. etmək imkanı