تونس.. سجال حول “حكومة الوحدة الوطنية” و”حزب التحرير”

دشّن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي بمبادرته لتشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها اتحاد الشغل واتحاد الأعراف، مرحلة جديدة من النقاش السياسي، رفع من حدته قرار وزارة الداخلية منع انعقاد المؤتمر السنوي لـ “حزب التحرير”.

وبينما لا تزال مبادرة حكومة الوحدة الوطنية غامضة، بالنظر إلى تعدد وتناقض الأطراف المدعوة للمشاركة فيها، فإن عملية التواصل والمشاورات قد بدأت بالفعل من أجل التوصل إلى توافقات حقيقية تحقق الأمن والاستقرار، وتواجه التحديات الاقتصادية.

وأشار الكاتب والمحلل السياسي التونسي كمال بن يونس في حديث مع “قدس برس”، أن مبادرة حكومة الوحدة الوطنية أمامها الكثير من العقبات، وأن امكانية نجاحها مرهونة بتوافقات بين أطراف بعضها يصل حد التناقض.

وقال: “لازالت مبادرة تشكيل الحكومة الوطنية غامضة ومعقدة، ومع أن اجتماع اليوم بين الرئيس السبسي ورئيس الحكومة الحبيب الصيد قد يجلي بعضا من هذا الغموض، إلا أن الصعوبة الحقيقية تكمن في توافق الحزبين الكبيرين، أي النهضة والنداء، لا بل الأكثر تعقيدا هو توافق الندائيين على شخصية رئيس الحكومة”.

ورأى ابن يونس، أن “مبادرة الدعوة لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية قد تكون واحدة من مظاهر الارتباك في الأولويات لدى أطراف الحكم، على اعتبار أن الأولوية في تونس اليوم تنموية واقتصادية بالدرجة الأولى وليست سياسية”.

وأعرب ابن يونس عن خشيته من أن “تُعقّد مشاورات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية من تباين لوبيات الحكم الجهوية في النداء، كما أن التباين بين الحزبين الرئيسيين النهضة والنداء من جهة والنقابات من جهة أخرى كبيرة، وبالتالي فحظوظ نجاح هذه المبادرة تبدو ضئيلة”.

وأضاف: “المواطن التونسي يريد اليوم حكومة تكون أكثر حزما في التعامل مع ملف النقابات، لأن المؤسسات العمومية التي تأخذ ثلث ميزانية الدولة تبدو شبه معطلة، وهذا يتطلب حزما أكبر”.

على صعيد آخر جدد قرار السلطات الأمنية في تونس منع “حزب التحرير” عقد مؤتمر السنوي أول أمس السبت في قصر المؤتمرات بالعاصمة، بعدما أنهى كافة الاجراءات القانونية لذلك، السجال حول وضع الحريات ومستقبل محاربة التطرف.

فقد انتقد المحلل السياسي كمال بن يونس، القرار، ووصفه بأنه “غير مفهوم وغير قانوني”، وقال: “هنالك ازدواجية واضحة لدى السلطات التنفيذية، فهي في الوقت الذي تعترف فيه بقانونية حزب التحرير، تأتي من جهة أخرى لمنعه عبر اجراءات أمنية متعددة، وهذا غير مقبول ولا مفهوم وغير قانوني، إذ الأصل إما أن يكون حزبا معترفا به ويعمل وفق القانون، أو يتم منعه وحله، أما أن يظل معترفا به وممنوعا من العمل القانوني فهذا أمر غريب”.

وأشار ابن يونس، إلى أن “الأفضل بالنسبة للحكومة وللأمن وللعمل السياسي، أن يعمل حزب التحرير تحت الشمس طالما أنه لا يقر بالعنف وسيلة للعمل السياسي، ولم يثبت عليه أنه لجأ إلى العنف، وأن العلنية ستكون أكثر جدوى من دفعه إلى السرية”، على حد تعبيره.

من جهته أكد “حزب التحرير” في تونس، تمسكه بحقه في العمل السياسي، معتبرا قرار منع عقد مؤتمره السنوي أول أمس السبت، بأنه “كان يوما من أيام بن علي في تونس”.

وأوضح عضو المكتب الإعلامي لـ “حزب التحرير” في تونس، الدكتور محمد قليديش في حديث مع “قدس برس”، أن “قرار الأمن منع المؤتمر السنوي للحزب، لم يكن قانونيا، وكان مخالفا لأحكام القضاء، الذي سمح بذلك”.

وأضاف: “ما جرى من تحشيد للقوات الأمنية قرب مقر انعقاد المؤتمر وإغلاق كل المنافذ المؤدية إليه والتضييق على المشاركين في المؤتمر، قبل وقفه نهائيا، كان عملا مسيئا للثورة ولا ينسجم مع ما تم انجازه منذ نجاح الثورة حتى الآن”.

وحمّل قليديش مسؤولية عودة التضييق على الحريات إلى التحالف الحاكم، الذي قال بأنه “لم يصدر عنه أي موقف رسمي رافض للإجراء الأمني غير القانوني لمنع مؤتمر حزب التحرير السنوي”.

ورفض قليديش تحميل حركة “النهضة”، وهي جزء من التحالف الحاكم، إلى جانب كل من “نداء تونس” و”التحالف الوطني الحر” و”آفاق”، أية مسؤولية سياسية عن إلغاء مؤتمر “حزب التحرير”، معتبرا أن القرار التنفيذي ليس بيدها وإنما هو بيد الجهاز التنفيذي للدولة”، على حد تعبيره.

وكانت السلطات التونسية قد منعت “حزب التحرير الإسلامي” من عقد مؤتمره السنوي، تحت عنوان “الخلافة القادمة منقذة العالم”،  حيث طوقت قوات الأمن مبنى قصر المؤتمرات في العاصمة، ومنعت أنصار الحزب من التنقل في الجهات لحضور المؤتمر، كما تم حجز سيارة رضا بلحاج (أمين عام الحزب)، لمنعه من حضور المؤتمر.

يذكر أن “حزب التحرير” حصل على تأشيرة العمل السياسي في 2012، ويدعو إلى “استئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة”.

ومن أهم الشخصيات في فرع تونس هو المتحدث الرسمي بإسم الحزب رضا بالحاج.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *