وداعاً مظفّر النواب

غادر عالمنا، ظهر اليوم الجمعة، الشاعر العراقي البارز مظفّر النوّاب (1934 – 2022) بعد أن أنهكته سنوات المنافي ومعارضة الاستبداد، وبعد أن شيّد صرح الشعر طيلة حياته مُعذّباً ومتعباً. رحل “الشاعر الثوري” الذي نقل القصيدة العربية إلى عالم المواجهة السياسية ضد الطغاة وخلق منها عالماً رمزياً يحشد بالانتصار للمظلومين والمهمّشين وضحايا الأنظمة القمعية والفساد السياسي.

ونقلت “وكالة الأنباء العراقية” عن مدير عام دائرة الشؤون الثقافية في العراق، عارف الساعدي، أنّ النوّاب “توفى في مستشفى الشارقة التعليمي بالإمارات اليوم”.

ونعى الرئيس العراقي، برهم صالح في تغريدة عبر “تويتر” الشاعر النوّاب، قائلا: “يبقى حيّا في ذاكرة الشعب مَن زرع مواقفه السياسية والوجدانية بشكل صادق”.

وأضاف: “هو حيّ في ذهن كل مَن ترنم بقصائده الخالدات”.

كما نعى وزير الثقافة العراقي، حسن ناظم، النواب، في بيان وصفه فيه بأنه من “أهم الأصوات الشعرية العراقية”.

وذكر أن “رحيله يمثّل خسارة كبيرة للأدب العراقي لما كان يمثله كنموذج للشاعر الملتزم كما أن قصائده رفدت المشهد الشعري العراقي بنتاجٍ زاخر تميز بالفرادة والعذوبة”.

واستعاد عراقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع من قصائد النواب التي كان لها تأثير كبير في الشعر العربي والشعر الشعبي العراقي، معربين عن حزنهم لفقده.

وكتب الصحافيّ العراقيّ، سيف صلاح الهيتي في تغريدة: “لقد مات غريبا منفيا ناقما كعادة كل مبدعي هذا البلد”،

فيما غرّد الصحافي العراقي، عمر الجنابي كاتبا: “لماذا مات مظفر النواب في الإمارات؟ (…) لأنكم منذ 19 سنة تحكمون العراق” و”لأن البلد لا يصلح للعيش تحت حكمكم وحكم ميليشياتكم وعمائمكم”.

وولد صاحب “القدس عروس عروبتكم” لأسرة النواب المعروفة المتنفذة في السياسة والتجارة المهتمّة بالفن والأدب.

ودرس في كلية الآداب بجامعة بغداد وعيّن مفتّشًا فنيًّا في وزارة التربية ببغداد إبّان الحكم الملكي الهاشمي، قبل أن يغادر العراق في العام 1963 إلى إيران، التي سلّمته لسلطات بلاده حيث حكم عليه بالإعدام قبل أن يُخفف إلى المؤبّد، لكّنه بعد ذلك قام برفقة مجموعة من السجناء بحفر نفق من الزنزانة إلى خارجها، وظلّ مختفيًا في بغداد وغادرها، متنّقلا في عواصم عربية عدّة، قبل أن يستقر في دمشق حتى العام 2011، حين غادرها إلى بغداد ومن ثم استقر في الإمارات، إلى أن توفي.

ويعدّ النواب أحد أبرز شعراء العراق الذين بدأوا مسيرتهم الشعرية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.

وبرحيل النوّاب تطوى صفحات تلك المرحلة في تاريخ الشعر العراقي، والتي تميزت بالغنى، وروح التمرد، والخروج عن القوالب المألوفة.

ورغم شهرة القصائد السياسية للنواب داخل العراق وخارجه، إلا أن شعره العاطفي والغزلي وخاصة باللهجمة العامية العراقية لا يقلّ جمالا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *