هل يمارس الباجي قايد السبسي صلاحياته الدستورية للخروج من الازمة …ام للسياسة منطق اخر بعيدا عن التشريعات

تونس مغرب نيوز:

ريم حمودة

اشتبكت الأحداث السياسية في تونس و توالت المبادرة السياسية و أصبحت الأطياف السياسية كل يرى في نفسه الأقدر على مساعدة البلاد و العباد للخروج من الأزمة .لكننا نسمع جعجعة و لا نرى طحينا. الأزمة تشدد يوما بعد يوما و القرارات السياسية ترتعش ليعم الكساد السياسي الذي تم ظهر من خلال جملة من التصاريح الغير مسؤولة و بعض الاقالات الوزارية و بعض الضغوطات الداخلية و الخارجية على حكومة الشاهد الذي وصف في عدة مناسبات بغير القادر على تسيير دواليب الدولة و صدرت عدة مبادرات تقضي بتغييره .

أوضاع عمقت مخاوف التونسي الذي بات في حالة من الرعب و عدم الاستقرار النفسي ولعل الأحداث الأخير زادت من حدتها خاصة بعد استقالة رءيس الهيءة العليا المستقلة للانتخابات في ظروف غامضة تحمل في طياتها معاني تعطل المسار الانتخابي الذي ظبطت رزنامته في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية و الخطاب المرتقب لرءيس الجمهورية و الذى لا نعلم محتواه و للإشارة فإن هذا الخطاب الذي يجمع كل الأطياف السياسية و حضرة الشعب من خلال تغطية إعلامية كبيرة يعتبر بادرة سياسية نادرة في التاريخ السياسي لتونس.

سيناريوهات دستورية كثيرة محتملة يمكن الباجي قاءد السبسي توخيها طبقا للصلاحيات الدستورية المتاحة له و في هذا الإطار

قال الخبير الدستوري أمين محفوظ إن حل الأزمة القائمة في تونس يتلخص في حل البرلمان الحالي والدعوة إلى انتخابات جديدة بعد تعديل القانون الانتخابي لإلغاء التمثيل النسبي واعتماد مبدأ الأغلبية في طريقة انتخاب أعضاء البرلمان، وأكد من جهة أخرى أن الرئيس الباجي قائد السبسي لم يتجاوز صلاحياته بعد اقتراحه لـ»حكومة وحدة وطنية»، ولكنه اعتبر أن هذا الاقتراح لن يحل الأزمة الحالية.
وقال أن الأزمة التونسية تحتاج الآن إلى حلين «الأول هو أن يعدل مجلس نواب الشعب القانون الانتخابي وذلك بتغيير طريقة انتخاب أعضاء البرلمان من التمثيل النسبي إلى الأغلبية في دورتين (وليس دورة واحدة)، ويمكن أن تكون إما عن الأفراد أو القائمات، والحل الثاني هو قيام رئيس الجمهورية بحل مجلس النواب والدعوة إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في أجل أدناه 45 يوماً وأقصاه 90 يوماً مثلما ينص على ذلك الفصل 99 من الدستور»

و اضاف محفوظ أن رئيس الجمهورية «مثل بقية المواطنين يتمتع بحرية التعبير وله أن يتحدث في أي موضوع، ويمكن أن يتدخل في إبداء رأيه حول الشأن الحكومي وفق الفصل 72، لأن تونس لم تختر رئيس دولة شرفياً (كما هو الحال في النظام البرلماني) بل له صلاحيات مهمة جداً فهو يمثل الدولة ووحدتها واستقرارها، وكل هذه المسائل تجعل منه شخصاً قادراً على أن يبدي رأيه في الشأن الحكومي».
وتابع «الدستور (الفصل 93) يمكّن رئيس الدولة من آلية معينة لفض أزمته مع الحكومة (في حال كان ثمة أزمة بين الطرفين) عبر الطلب من مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، وإذا لم يجدد المجلس الثقة للحكومة بالأغلبية المطلقة لأعضائه (خمسة زائد واحد) تعتبر الحكومة مستقيلة».
وأشار إلى أن رئيس الجمهورية يخالف الدستور فقط في حال أصدر أمراً رئاسياً يقيل فيه رئيس الحكومة أو أحد أعضاء الحكومة «لأن الحكومة وفق الدستور (الفصل 95) مسؤولة أمام البرلمان فقط (وليس رئيس الجمهورية)، والكلمة الأخيرة لإنهاء نشاط الحكومة تعود لمؤسستين، الأولى هي البرلمان الذي يمكن أن يصوت على لائحة لوم ضد الحكومة (الفصل 97)، ولسحب الثقة يشترط موافقة أغلبية أعضاء البرلمان مع تقديم مرشح بديل لرئيس الحكومة يُوافق عليه في التصويت نفسه».
وأضاف أن «الصورة الثانية هي طلب رئيس الحكومة نفسه من المجلس التصويت على الثقة لحكومته (الفصل 98)، وإذا لم تحصل على الثقة فتعتبر مستقيلة، ومن هنا يلجأ رئيس الجمهورية لتكليف الشخصية الأقدر لتشكيل الحكومة. لذلك فالمؤسسة التي تتحكم في بقاء الحكومة من عدمه هي مجلس نواب الشعب، ولكن يمكن لرئيس الحكومة تفادي هذه الإجراءات جميعها عبر تقديم استقالته كتابياً إلى رئيس الجمهورية طبق الفصل 98، وهنا تعد الحكومة مستقيلة برمتها.

و طبقا لمقتضيات الدستور فإنه يمكن كذلك

العمل بالفصل 80 من الدستور وهو يجسد إعلان حالة استثنائية تقريبا يجمد فيها كل شيء لمدة 30 يوما.

و ينص الفصل 80 من الدستورلرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب.

ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.

وبعد مُضيّ ثلاثين يوما على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يُعهَد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتُّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه. وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما.

ويُنهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها. ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب.

سيناريوهات دستورية محتملة شرحها بعض رجال القانون ربما يلجأ إليها رءيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لتجاوز الأزمة الخانقة التي تمر بها تونس و التي تتشابك فيها الأحداث لتعمل حدتها و تلقي بظلالها على الحياة العامة .

بعض المحللين الآخرين يعتبرون أن للسياسة أوجه كثير و ربما يكون الحل لما تعيشه تونس بعيدا عن التشريعات و الدساتير لينتج سيناريوهات أخرى عملية بعيدا عن القوانين و القواعد التقنية.

وبالنظر إلى تعقيدات المشهد السياسي والواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي تمر به البلاد وأخذا بالاعتبار الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية، رئيس الجمهورية باعتباره «رئيس الدولة ورمز وحدتها يضمن استقلالها واستمراريتها ويسهر على احترام الدستور .يمكن صلط بعض السيناريوهات الممكنة التي قد يلجأ إليها الباجي قائد السبسي ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:
– الدعوة لحوار وطني شامل جديد للبحثث في إمكانيات التوافق على مخرجات اقتصادية واجتماعية وسياسية للأزمة الراهنة: هذا المقترح قد يجد تفاعلا ايجابيا من عديد الأحزاب وخاصة من اتحاد الشغل الذي دعا مؤخرا في بيان له إلى التفكير في برنامج إنقاذ اقتصادي واجتماعي.

–  التوافق على رئيس حكومة جديد يكونن قادرا على تجاوز الأزمة، وهو مقترح نادت به عدة شخصيات وطنية وبعض الأحزاب.. وهو قابل للتحقق وأسباب نجاح متوفرة..
– الدعوة إلى تحوير شامل في الحكومةة مع تجديد الثقة في يوسف الشاهد رئيسا للحكومة، وهذا السيناريو قريب من الواقع وقد يرضي رغبات بعض الأحزاب، لكنه يتطلب بعض الوقت للتوافق على أسماء معينة، وربما يكون مدخلا أساسيا لحكومة جديدة بحزام سياسي جديد داعم لها، وقد تكون أيضا منطلقا لتأسيس حكومة الأغلبية البرلمانية مكونة من ائتلاف حزبين قويين ( النهضة والنداء) دون الحاجة إلى اشراك أحزاب أخرى ليس لها وزن تمثيلي فعلي خاصة في قبة البرلمان.
– الدعوة إلى مصالحة شاملة سياسية واقتصادية ومالية، تكون هذه المرة متناغمة مع مبادئ الدستور وقانون العدالة الانتقالية.. فمحور المصالحة الوطنية، سيكون محورا أساسيا لخطاب رئيس الجمهورية دون شك، وقد يعلن الرئيس عن تعديلات كبيرة في مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية المثير للجدل الذي تقدمت به مؤسسة رئاسة الجمهورية إلى مجلس نواب الشعب والذي جمع من حوله أكبر تجمع للمعارضة السياسية والمدنية في البلاد لحد الآن بسبب تعارضه مع الدستور وخرقه لمبادئ العدالة الانتقالية وتكريسه لمبدأ الإفلات من العقاب. وقد يقوم قائد السبسي في هذا الاتجاه بمبادرة توفيقية ترضي معظم خصومه السياسيين كما شركائه في الحكم على غرار حركة النهضة وقد يفتح بابا أمام هيئة الحقيقة والكرامة ليكون لها دور في هذا المجال..

لءن كان الوضع السياسي و الإقتصادي و الاجتماعي في تونس يمر بصعوبات معقدة في هذه الفترة و لءن تعددت المشاريع و المبادرة فإن الحل يبقى في التوافق و الحلول التشاركية في جو من الانسجام و الاتحاد و نبذ الإقصاء و الاستقطاب و مراعاة المصلحة الوطنية بعيدا عن الحسابات الشخصية و الحزبية الضيقة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *