هل تراجعت حكومة الوفاق عن مواقفها من تحركات حفتر بالجنوب الليبي؟

تراجعت في الآونة الأخيرة بيانات ومواقف حكومة الوفاق من العملية العسكرية للواء المتقاعد خليفة حفتر في الجنوب الليبي، بالتزامن مع أنباء تتحدث عن قرب إجراء حفتر زيارة للجنوب الليبي إثر سيطرة قواته على عدة مواقع، أهمها مدينة سبها.
وبعد ترحيب الحكومة بالغارة الأميركية التي نفذها طيران القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، ليلة الأربعاء/ الخميس، على موقع بأوباري جنوب البلاد، واستهدفت تمركزا لعناصر تابعة لتنظيم “القاعدة”، رفض المتحدث باسم الحكومة محمد السلاك أن تكون حكومته تراجعت عن مواقفها.

وقال السلاك، في تدوينة على حسابه على “تويتر”، إجابة عن سؤال أحد متابعيه عن أسباب تراجع رفض الأعمال العسكرية لحفتر في الجنوب: “لا يوجد تراجع، وبيانات الحكومة مفادها أن مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله والجريمة المنظمة هدف مشترك”، مضيفا: “دعونا لعمل منظم وتنسيق الجهود وتوحيد المؤسسة العسكرية قبل الاتجاه إلى عمل عسكري”.

وبين السلاك أن حكومته “مستمرة في التنسيق مع الجانب الأميركي لمكافحة الإرهاب، وأن الضربة الأميركية ليلة أمس جاءت عقب لقاء وزير الخارجية محمد سيالة، ونظيره الأميركي (مايك بومبيو) في الاجتماع الدولي لمكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي الأسبوع الماضي، والذي أكد فيه الطرفان استمرار التعاون في مكافحة الإرهاب والتطرف”.

وتعليقا على تصريحات السلاك، اعتبر أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية خليفة الحداد، أن استقواء الحكومة بالولايات المتحدة واضح.

وقال الحداد، في حديثه لـ”العربي الجديد”، إن “خطط الحكومة لصدّ توسع حفتر في الجنوب باءت بالفشل بكل تأكيد، ولم يكن أمامها إلا الاستقواء بأميركا، من خلال طلبها تنفيذ ضربة جوية تثبت أنها موجودة بالقرب من منطقة التوتر”، لافتا إلى أن اختيار أوباري مكانا للقصف له دلالته التحذيرية لقوات حفتر المتحفّزة لدخول المنطقة.

وفيما بيّن الحداد أهمية أوباري كونها تشرف على موقعي نفط هما الأهم في الجنوب، كما أن مؤسسات خدمية مهمة قريبة منها، كالمحطة البخارية التي تزود كامل الجنوب بالكهرباء، اعتبر أيضا أن “مشروع الفريق ركن علي كنه لايزال غامضا حتى الآن، وسط مشاورات تجري داخل قطاعات قبلية منها من يرفض ولاء السراج، وآخرين رافضين لحفتر”.

وبحسب مصدر مسؤول في شركة الأكاكوس المشغلة لحقل الشرارة، فإن اتفاقا محليا بين قبيلة الطوارق وقيادة حفتر تم بموجبه إعلان المجموعة المسلحة المؤلفة من مقاتلي الطوارق، والتي يقودها العقيد آغاس، ولاءها لحفتر، مقابل بقائها مسيطرة على الحقل وعلى موقع المحطة البخارية دون دخول قوات حفتر إليهما.

وأكد المصدر، الذي تحدث لـ”العربي الجديد”، أن “الاتفاق ليس نهائيا، ويعتبر مؤقتا، فالقبيلة معروفة بحيادها الكامل عن المعترك السياسي، وسبق أن رفضت وجود شركاء السراج، كالإيطاليين، في غات، كما رفضت وجود حفتر أيضا”، مشيرا إلى أن قوات اللواء المتقاعد ظهرت في فيديو خلال الأيام الماضية تحتفل أمام البوابة الرئيسية لحقل الشرارة البعيد عن الحقل، موهمة الرأي العام بسيطرتها عليه.

وتساءل الحداد عن مصير الفريق علي كنه، قائلا “آخر رصد له كان أثناء محاولة قصف طائرته التي هبطت به في مطار حقل الفيل، وأثناء عودتها أجبرتها قوات حفتر على الهبوط في قاعدة تمنهنت التابعة لها، ولم يظهر مع من كان على متنها بعدها”، مرجحا وجود أطراف دولية تسعى لفك الاشتباك السياسي بين روما وباريس الحاصل بسبب أوضاع الجنوب الليبي.

في المقابل، يرى المحلل السياسي الليبي عقيل الأطرش أن مشروع حفتر هو الذي فشل في الجنوب، متسائلا “لم نسمع عن أي تقدم عسكري جديد بعد طرد قواته من أوباري، والجنوب ليس أوباري فقط. فلماذا لم نسمع عنه تقدماً باتجاه مرزق وتراغن ومدن أخرى؟”، مشيرا إلى أن “عمليته العسكرية ستشمل كل الجنوب كما أعلن”.

ورجح الأطرش، في حديث لــ”العربي الجديد”، أن “الحكومة نجحت بدعم حلفائها في وقف زحف حفتر على الحقول، وهو الهدف غير المعلن لحفتر وفرنسا من ورائه”، معتبرا أن “توقيت الضربة الأميركية على أوباري له دلالته القوية، إذ تضمنت رسالة تحذيرية لحفتر بعدم التقدم باتجاه حقول النفط”.

كما تساءل المحلل السياسي ذاته عن قرار حظر الطيران الذي أعلن عنه حفتر قبل أيام، قائلا “ألم يتم القصف الأميركي بواسطة طائرة؟”، مؤكدا أن “رسالة القصف تحمل اكثر من مضمون، من بينها الرفض الدولي ضمنيا لحملة حفتر العسكرية”.

ولفت الأطرش إلى أن القضايا التي أعلن حفتر التحرك من أجلها جنوبا توجهت الحكومة إلى مناقشتها مع حلفائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، فــ”قضايا مكافحة الإرهاب وضبط الحدود وملاحقة الجريمة يقوم بمناقشتها علنا وزيرا الخارجية والداخلية محمد سيالة وفتحي باشاغا في واشنطن، ما يشير إلى قطع الطريق أمام حفتر”، كما لفت أيضا إلى أن الحكومة هددت حفتر باللجوء إلى المجتمع الدولي من خلال مجلس الأمن، وأنه بإمكانها إفشال أي مشروع توسعي يطمح إليه.​

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *