نص مقال رئيس الوزراء الليبي فائز السراج في صحيفة التلغراف

لندن – المختار العربي (ترجمة: محمد الشاوش)
16 ماي 2016

((عندما يجتمع أكثر من 20 من وزراء الخارجية في العالم في فيينا اليوم لحضور قمة حول ليبيا، سوف يستعرضون حال الوحدة التي ينبغي أن تلهم الليبيين للعمل معا لاستعادة السلام والعدالة والوفاق الوطني لبلدنا.
ليبيا تخرج من الأزمة. بعد أكثر من عام من الحوار لدينا الآن الشرعية، الحكومة المعترف بها دوليا، شُكلت بموجب شروط الاتفاق السياسي الليبي المؤرخ في 17 ديسمبر 2015. ونحن مرة أخرى على الطريق الصحيح ونسير في الاتجاه الصحيح. إعادة الحكومة وإعادة توحيد المؤسسات المنقسمة لدينا، من شركة النفط الوطنية الى البنك المركزي وهيئة الاستثمار الليبية. ونحن نعمل ما في جهدنا من أجل حل الأزمة النقدية و عودة السيولة للنظام المصرفي لتخفيف المصاعب التي يواجهها شعبنا.
الليبيون الآن لديهم حكومة بدأت تُحكم قبضتها. لدينا برنامج واضح ؛ يمنح الأولوية لاستتباب الامن، والمصالحة الوطنية, والانتعاش الاقتصادي, والتنمية، والعدالة الاجتماعية، والإصلاح المؤسسي, والتعاون الدولي. الليبيون بحاجة ماسة للخدمات العامة الأساسية، ونحن ملتزمون بتقديمها لهم.
سنبدأ مع الأمن، والحفاظ على سيادة ووحدة ليبيا – تحقيق هذا سيكون حجر الأساس لتحقيق التقدم السياسي والاقتصادي. لقد أطلقنا إعادة هيكلة قواتنا المسلحة بإنشاء الحرس الرئاسي، مهمته الاساسية هي تأمين المؤسسات الحكومية والحيوية. وقد أنشأنا غرفة عمليات خاصة بين منطقتي مصراتة وسرت، التي يجب متابعتها قريباً من عمليات القيادة العامة ؛ هذه هي المسامير الأولى في نعش أعدائنا المشتركين الإرهابيين. وكما شركائنا, سيكتشف المجتمع الدولي في فيينا أن له حليف موثوق به مدعوم على الصعيد الوطني، وأنه يمكن التعاون معه.
ولكن علي الليبيين والمجتمع الدولي على حد سواء أن يكونوا واقعيين حول ما نحن فيه. وانه سوف يستغرقنا وقتاً طويلاً للتعافي من حالة الفوضى والانقسام.
على المجتمع الدولي مسؤوليات تجاه ليبيا. بعد عام 2011، تخلى العالم عن ليبيا بكل بساطة. مما سمح للعديد من البلدان للتدخل في الشأن الليبي وأدى بنا إلى ما نحن فيه اليوم. لكن نحن الليبيون علينا أيضا أن نلقي نظرة فاحصة على أنفسنا وإصلاح احوالنا. كان علينا التصرف بمسؤولية كرجال دولة وسياسيين، ولكن انجذبنا لمشاحنات بين السياسيين لا داع لها ؛ بينما كانت ليبيا تسقط. انتقلنا من خطوات غير ثابتة نحو الديموقراطية في سنة 2011، الى العنف المتجدد و الفوضى بسبب الانهيار الكامل للوحدة الوطنية.
الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) ليست عدونا الأكبر. ولكنه الانقسام الوطني. الدرس الصارخ من السنوات الخمس الماضية من الاضطرابات؛ هو أنه عندما يفشل الليبييون في العمل معا فإن ذلك يعمل على تمكين أولئك الذين يريدون أن يدمروا بلدنا. الوحدة الوطنية هي السلاح الأكثر فعالية ضد مروجي الكراهية وسفك الدماء. سيتم هزم الإرهابيين من قبل قواتنا المسلحة المتحدة تحت قيادة مدنية و ليس من الميليشيات المتناحرة التى تتنافس للمطالبة بالجائزة السياسية.
عندما يتعلق الأمر بهزيمة (داعش)، أود أن أذكّر أصدقاءنا أن هذا سيتحقق من خلال الجهود الليبية ودون تدخل عسكري أجنبي. نحن لا نطالب بقوات أجنبية على الأرض، ولكن نحن نطالب بالمساعدة في التدريب، ورفع حظر الأسلحة المفروض على ليبيا. فإنه لا معنى لإفشال جهودنا بينما نحن مقبلون على معركتنا الحاسمة ضد عدو لا يرحم, ولكنه في نفس الوقت ضعيف. أدعو إلى وضع حد فوري لعقوبات الامم المتحدة على الأصول الحيوية الليبية المجمدة في الخارج, حيث اننا بحاجة لهذه الموارد لهزيمة الإرهابيين.
وأنا أفهم أنه بالنسبة للعديدين في أوروبا فإن مسألة الهجرة غير الشرعية و تهريب المهاجرين من ليبيا هي مصدر قلق بالغ، وسنعمل بلا كلل للحد من هذه المشكلة. ولكن أفضل طريقة لإنهاء عمل مهربي البشر؛ هو التأكد من أن ليبيا مستقرة وآمنة، مزدهرة من خلال الإصلاح الاقتصادي. هذا هو الحل الوحيد القابل للتطبيق على المدى الطويل. القوات والقوارب الأجنبية ليست هي الحل.
وأنتهز هذه الفرصة لأؤكد على أن جميع الدول يجب أن تعمل فقط مع المؤسسات الشرعية وفقا للاتفاق السياسي الليبي. بعض الأنشطة تقوض جهودنا ولن تؤدي إلا إلى تكثيف الصراع.
لقد انهار إنتاج النفط، وارتفع النشاط الإرهابي المرعب, واقتصادنا في خطر كبير. بلغت البطالة بين الشباب مستويات غير مقبولة. إن حجم التحديات التي تواجهنا هائل. وأنا أعلم أننا سننجح، ولكن هذا لن يحدث إلا بوحدة الليبيين و العمل معا.
واستشرافا للمستقبل، أنا أقول لجميع الليبيين أنه لن تتمكن جماعة أو منطقة واحدة من السيطرة على ليبيا. يجب علينا أن نتعلم بسرعة فن التسوية السياسية في هذا العهد الجديد مع هذه الحكومة الجامعة. إنها مسألة توازن ومساواة واعتدال. هذا هو ما قاتلنا من أجله معاً خلال الثورة، وهذا هو ما فقد الكثير من الليبيين حياتهم لاجله. الطريقة الوحيدة لتكريم تضحيات الشهداء هو بناء ليبيا أفضل لجميع الليبيين. في فيينا سوف اجدد التعهد بالتزام حكومتي الثابت للقيام بذلك مع أصدقائنا في المجتمع الدولي.))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *