من يعيد الأمل لمئات ملايين العرب ؟ .. بقلم كمال بن يونس

أحيت الطبقة السياسية الرسمية في تونس الذكرى ال59 لاعلان الغاء النظام الملكي واعتماد النظام الجمهوري الديمقراطي .

لكن هذا الاحتفال جاء باهتا فيما كان ملايين التونسيات والتونسيين منشغلين عنه بمشاكلهم المتراكمة ، أو بمحاولات الترويح عن النفس بين الشواطئ وحفلات الاعراس وملاهي موسم الاجازات الصيفية .

وفي صفوف النخب كان الاحتفال باهتا لأنه تزامن مع مرحلة استفحلت فيها أزمات الحكم والمعارضة والمجتمع المدني . وتعمقت الهوة بين أغلب “الرموز” وصناع القرار الاقتصادي الاجتماعي والثقافي والسياسي والحزبي.

فمن يعيد الأمل للتونسيين الذين نزلوا قبل 60 عاما بالملايين للشوارع للترحيب بزعماء الحركة الوطنية العائدين من المنافي وعلى رأسهم الزعيمان الحبيب بورقيبة و صالح ببن يوسف ؟

ومن يعيد الأمل لملايين التونسيين الذين قدموا خلال العقود الستة الماضية تضحيات جسام من لأجل بناء دولة حديثة ومجتمع متقدم فكانت الحصيلة قطيعة مع ” الجيل الجديد” الذي أصبحت تتقاذفه عصابات الانحراف والجريمة المنظمة ورياح التطرف يمينا وشمالا ؟

ومن يعيد الثقة لصناديق الاقتراع ومؤسسات النظام الجمهوري التي وقع تركيزها بناء على دستوري 1959 و2014 ، لكن الانتهاكات لها تعاقبت من قبل بعض من ائتمنهم الشعب على مصيره وعلى الإخلاص للوطن ومصالحه العليا أولا ؟

من يعيد الثقة للمراهقين والشبان التونسيين الذين أصبحوا ” تائهين ” يشكون الفراغ العاطفي والثقافي والحاجة والحرمان ” ومهددين بالتورط في جرائم تستهدف الأبرياء في المتاحف والفنادق السياحية والساحات العامة في تونس وأوربا وفي العالم اجمع ؟

لا شك أن الحل لن يكون تونسيا صرفا ..لأن أزمات البلاد لها امتداد عربي ودولي ..

ولن يبدأ الحل بالتغني بزعماء ” عمالقة ” ـ مثل الثعالبي وبورقيبة وبن يوسف ـ ممن لا يعرف الجيل الجديد الكثير عنهم ..

ولن يكون الخلاص في تنظيم مزيد من التظاهرات ” الرسمية ” و” شبه الرسمية ” التي تنوه بأمجاد من بنوا الجمهورية الاولى أو قاوموا الاحتلال الاجنبي قبل عشرات السنين ..

الحل يبدأ بالاستماع الى ملايين الشباب ومئات الملايين من المواطنين العرب الذين استفحل الاحباط بينهم بسبب ما يتابعونه يوميا عبر كل وسائل الاعلام والمواقع الاجتماعية عن تدمير منظم للانسان العربي وشخصيته ..مع تخريب ” مدروس ” لمئات من مدنه ورموزه الثقافية والعلمية والسياسية والاقتصادية من بغداد الى بيروت والقاهرة ودمشق وحلب وحمص ..من صنعاء وعدن الى بنغازي وطرابلس مرورا بمقاديشو ونجامينا والمدن المغاربية …

عسى أن تكون الاحتفالات بتضحيات الاجيال السابقة من اجل الاستقلال وبناء الدولة الحديثة والمجتمع المتقدم والقيم الكونية مناسبة للتواضع وبناء جسور جديدة من التفاهم مع الشباب والمهمشين وما تبقى من المثقفين والسياسيين النزهاء الذين يمكن أن يساهموا في اعادة الامل الى الجيل الجديد ..واعادة بناء المكاسب والانجازات التي ارتفع نسق هدمها في الاعوام القليلة الماضية .

وسينتصر الامل ..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *