مفتي الجمهورية الأسبق يرد على د. الكعبي (1 – 3).. الكشف المنبي عن زيف د. الكعبي .. بقلم محمد المختار السلامي

نمط من البشر يكادون ينفجرون غيظا، وقد تفقأوا شرا وبغضا للناس، تحركهم شحنة من الاذاية، وقد انغرس في عقولهم ولهواتهم واقلامهم فيروس الاسهال.

يقدمهم الحطيئة الذي اصبح يوما وقد امتلأ من الكراهية والاذاية فأنشد:
أبت شفتاي اليوم الا تكلما بسوء
فما ادري لمن انا قائله
أرى له «1» وجها قبح الله خلقه
فقبح من وجه وقبح حامله
البيت مروي مسندا للحطيئة بياء المتكلم
هذا ما حضرني وانا أقرأ المسلسل المنشور من يوم 29/4/2016 الى يوم 27/5/2016 على اعمدة جريدة الصباح من كلام المنجي الكعبي. كنت مشفقا عليه من الحلقة الاولى الى الحلقة الثالثة. وهو يلهث لنقد نهج البيان في تفسير القرآن.
وذكرني بما قام به احد الموثقين «العدول» اثر نشر الشيخ سيدي محمد الطاهر ابن عاشور للمقدمات العشر من تفسيره فكتب رسالة سماها (البشر في نقض المقدمات العشر)
كناطح صخرة يوما ليوهنها
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
مرت قافلة التحرير والتنوير ومقدماته العشر وبلغت اقصى آفاق العالم، تمثل خلاصة المعارف الإسلامية في التفسير واللغة، مضافا اليها العلم العميق، والتحقيقات المهمة، والتدقيق المتميز، المفتوح به على الشيخ ابن عاشور رحمه الله.
ولم يضرها الاصوات النشاز التي ولدت للموت.
كنت مشفقا عليه لان كل حلقة من تلكم الحلقات الثلاث تؤكد تفاهة ما يكتب تبعا لفيروس الإسهال. ولتهري ما بينه وبين الالتزام بقواعد العربية والكتابة. وما كنت انوي أن أرد عليه او ان أناقشه لتفاهة تعليقاته ولتراكم أخطائه، واتركه يلهث.
ومن ناحية اخرى فانه قارن تقديم التفسير للطبع ان أجريت على عملية جراحية بلغت خطورتها أربعين في المائة حسب تقدير الأساتذة الذين عنوا بي شكر الله لهم ما احاطوني به من رعاية بالغة. وطالت مدة النقاهة، وأنا طريح الفراش، ورغم ذلك فانه بعون من ربي واصلت تصحيح ما يقدمه لي صاحب المطبعة في حدود طاقتي. ولما شعرت بشيء من القوة هذه الأيام راجعت المطبوع مراجعة أولية، وألقحت به أكثر من ثلاثمائة تصويب، يجد كل من اشترى نهج البيان نسخة جامعة لها عند الموزع «مكتبة سحنون» واتوقع ان القارئ الفطن يصحح تلكم الأخطاء المطبعية التي لم تؤثر على صحة التفسير، ووضوحه.
ولكني بعد أن قرأت الافتراءات والأكاذيب في الحلقات الرابعة والخامسة، رأيت
اولا: انه من الواجب علي أن أصون القارئ من التخليط في القضايا العلمية التي تعرض لها. فقد كتب معلقا على عد البسملة آية، ما لا أعيد نشره لئلا أثبت في ذاكرة القارئ كلامه. وأتولى بيان الحق والصواب باكثر تفصيل مما ذكرته في مقدمة التفسير فأقول:
يقول القرطبي: وقد اختلف العلماء في هذا:
الأول: أن البسملة ليست آية لا من الفاتحة ولا من غيرها وهو قول مالك.
الثاني انها آية من كل سورة «اي ما عدا سورة براءة» وهو قول عبد الله بن المبارك، ويعلق عليه ابن عطية بان هذا قول شاذ رد الناس عليه.
الثالث: قال الشافعي: هي آية من الفاتحة وتردد قوله في سائر السور. فمرة قال: هي آية من كل سورة «اي ما عدا سورة براءة» ومرة قال: ليست آية الا في الفاتحة وحدها. ولا خلاف بينهم أنها آية من القرآن في سورة النمل.
أما الحديث فقد علقت عليه في كتابي: أنه رواية الامام مسلم، كما هي مثبتة في اكمال الاكمال ج 4 ص 346. وهي الا من ثلاثة. واذا حذف المعدود كان المتكلم بالخيار في تانيث العدد او تجريده من العلامة حسبما يقدر المحذوف مذكرا او مؤنثا.
والله يشهد إن المنافقين لكاذبون
ثانيا: أن أفند سيل التزييف الذي تتابع في تعليقه وفيما سجله في السفر الذي خصصه لتقديم «تسهيل التفسير لمحكم آيات التنزيل» فأقول:
أ: كشف عن امر ليس غريبا عنه: أنه كان يستجدي العون من بنك الزيتونة. وزعم انه قدم النسخة التجريبية، وبقي طيلة شهرين يلح لاستعادته ، وانه كان يقال له: إنه في يد الشيخ السلامي. وانه بعد النشر عاد لاستجداء بنك الزيتونة، ويقول: ان البنك وعده بشراء نسخ منه. قد يكون صادقا فيما ذكره من اتصاله ببنك الزيتونة. وأما ما ذكره في الجواب أن النسخة كانت عندي. فلا أساس له من الصحة وليست لي أي صلة بادارة المشتريات. وما وقعت عيني على اي جملة من هذا التفسير، الا في هذه الأيام لما استعرت نسخة من احد الاصدقاء الذين غرهم تنويهه به فتملكها. وأكاد أكون على يقين أنه لم يسمع من أي موظف أن الكتاب قد أحيل علي. وأن الأمر لا يعدو أن يكون أوهاما تخيلها فأبرزها على أنها واقع.
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
وصدق ما يعتاده عن توهم
ب: ما سجله بهتانا أنه سمع وبصر أنه في أحد الاجتماعات للجنة المركزية التي هو عضو فيها في عهد الرئيس بورقيبة: أن الجنرال ابن علي عرض علي وهو يسمع ويبصر في جمع من أمثاله (أعمى الله بصره وأصم سمعه إذا كان كاذبا في الرواية المختلفة التي كتبها) عرض تنفيذ حكم الإعدام في عدد معتبر من الإسلاميين: ممكن ثلاثة عشر؟ وأن جوابي واضح سيدي الرئيس! هذا كلامه.
إن الكعبي لتحزبه، وأنه واحد من القطيع في جميع مواقف القمة في الحزب، يكون من الطبيعي أن يعلن بغضه لكل من قرر الحزب مقاومته. وقد كان الحزب في آخر أيام بورقيبة، أعنف ما يكون في مقاومة الاسلاميين. وصدرت الأحكام المستهينة بالحياة البشرية.
عجب كيف يفقد مصداقيته وهو دكتور حسب الشهادة التي يقرنها باسمه، وقد جلس على كرسي التدريس:
وإذا المعلم لم يكن عدلا مشى
روح العدالة في الشباب ضئيلا
وإذا المعلم ساء لحظ بصيرة
جاءت على يده البصائر حولا
أؤكد بما تشهد به وثائق الحزب الذي هو عضو في اللجنة المركزية فيه، أني لم أدع، ولم أحضر في أي اجتماع لهذه اللجنة طيلة حياتي. كما أنه من ناحية أخرى حسبما أذكره فإنه في الفترة بين تسمية الجنزال وزيرا أول، وبين خلعه للرئيس بورقيبة، لم تجتمع اللجنة المركزية. إذ توليه لرئاسة الحكومة حسبما أذكر لم تطل، حتى انقلب عليه وخلعه. فأي اجتماع للجنة المركزية هذا؟
ومن ناحية أخرى فإنه لا تحال على مفتي الجمهورية التونسية ملفات المحكوم عليهم بالاعدام، وليس له أي رأي يفرضه القانون أو العرف للتصديق على أحكام الاعدام. وإنما ذلك من مهام مفتي الجمهورية المصرية. وأضاف إلى الرواية الخيالية أنه كتب مقالا اختلق عنوانه أيضا الآن. وأنه كان يقصد منه إيقاف الحكم بالاعدام وأنقل عبارته بما حوته من أخطاء وسوء تعبير: (لانشره في احدى الصحف التي تعودت بالنشر فيها وكم كانت حسرتي كبيرة لما رأيت المقال يرفض للتعليمات بمعنى أنه تصعد إلى فوق…) وأنه حمل المقال إلى جريدة الحزب نفسه.
وأنه تأخر نشره فسأل عن السبب، فكان الجواب: ننتظر رد سماحة المفتي، لأنه
صاحب الشأن، ووجدناه في عمرة (هكذا) وقال ما العمل؟ ولما ألح في الاستعجال أجيب بانه طلب منا ان نوجه اليه بالمقال عبر الفاكس، ففعلنا، فقلت وبعد؟ قال: طلب منا ان نهمل ان نكون بعثنا اليه بالمقال او حصل به العلم ! نسيج يجمع بين التزييف والغباء، فهل يقبل اضعف الناس فطنة او يكون عضو اللجنة المركزية للحزب يكتب مقالا يعترض فيه على القرارات التعسفية من السلطة والمعلوم عنهم وخاصة المتزلفين: أن كل ما يقرره الحزب ورئيسه هو الحق وتأييده هو ما يضمن للعضو البقاء في اللجنة المركزية، انه ما عين في تلك اللجنة الا للتأييد والتصفيق وانه استوفى اجره بتعيينه عضوا في البرلمان المغشوش، والحزب الذي واصل تسلطه بالظلم والاستبداد والاستئثار بالسلطة وخنق الحريات انما كان يعتمد في ذلك على هياكله من القاعدة الى القمة (اللجنة المركزية) وايضا ما كانت لي أية صلة بجريدة الحزب ولم أكتب فيها كامل حياتي كلمة ولا كانت بيني وبينها مراجعة في اي موضوع واذا كنت غائبا عن تونس، فكيف يوجه لي مقاله بالفاكس، وما يضحك قوله: ووجدت الشجاعة !!! أواه، لقد فرغ الجبن من محتواه !
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومايزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا، فلم يرعو وسار على نفس النسق، ولم يكبر عليه أن يزيف تاريخ الحركة الوطنية، اذ يقول في المقدمة: والشيخ الامام عبد الرحمان خليف امام جامع القيروان الذي ارتبط اسمه بانتفاضة القيروان ضد اباحة افطار رمضان، الدعوة التي اطلقها الرئيس بورقيبة في تحد واضح لمشائخ الزيتونة (ص17).
الشيخ الامام عبد الرحمان خليف رحمه الله صديقي، تمت تسميتنا مديرين للمعاهدة الزيتونية في يوم واحد، وكنا زملاء في التدريس بالمرحلة الثانية في جامع الزيتونة، وضاق بنشاطه الدعوي والي القيروان عمر شاشية فسعى لدى محمود المسعدي وعزله من الادارة، وواصل الشيخ القيام بدروسه في الموطإ بعد صلاة الصبح والملة القرآنية التي جمعت مختلف المستويات، فشرق بنشاطه وتدخل الوالي مرة ثانية فدعي الشيخ رحمه الله الى كتابة الدولة للتربية القومية، وقبل ذهابه زارني في مكتبي، اذ كنت مديرا للمعهد اليوسفي الزيتوني وقلبنا معا الاحتمالات التي يمكن ان تكون الإدارة قد أعدتها، ثم عاد الي بعد ساعة تقريبا، وأعلمني ان الادارة قررت نقلته من القيروان، وطلب مني ان امكنه من الهاتف ليخاطب عائلته ففعل، ثم خاطب احد اصدقائه، فلما انتشر خبر نقلته التعسفية غضب محبوه من اهل القيروان وقاموا بمظاهرة نادوا فيها: «الله اكبر ما يمشيش» واتخذها بورقيبة بعد ذلك موضوعا لإحدى خطبه عبر وسائل الإعلام، وقامت اجهزة الشرطة بتفتيش بيته وأوراقه واحيل على المحكمة التي قضت بسجنه (وهي واحدة من تطويع القضاء لإرهاب التونسيين) وكما هو مثبت في سجل المحكمة فاني أحلت معه على دائرة البحث وحملوني مسؤولية تمكينه من الهاتف الذي أعدت بسببه المظاهرة، فقول الكعبي: انتفاضة القيروان ضد إباحة أفكار رمضان، كلام باطل، وكذلك توجيهه بأن بورقيبة يتحدى مشائخ الزيتونة، الواقع انه تحدى الشعب التونسي كله، وكان الرد السلبي اول هزيمة سياسية لبورقيبة، وأذكر بالمناسبة أن سلطان بورقيبة كان اقوى ما يكون في ذلك الظرف والارهاب السلطوي يصرع ويخنق الانفاس ولم تتناول وسائل الاعلام الرد على دعوته وأيده الشيخ محمد المهيري وانفردت انا بالرد عليه بمقال نشرته بجريدة «الإرادة» تحت اسم مستعار «أبو أحمد».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *