معركة السيادة واختبار الإرادة .. إيران ما بعد إسقاط طائرة التجسس الأمريكية .. بقلم بحري العرفاوي

معركة السيادة واختبار الإرادة
إيران ما بعد إسقاط طائرة التجسس الأمريكية
بحري العرفاوي
أسقط الحرس الثوري في الجمهورية الاسلامية الايرانية فجر الخميس 20 جوان الجاري طائرة تجسس أمريكية وهي من طراز غلوبال هوك (تصنعها الشركة الأمريكية نوثروب غرونمان)، تم إسقاطها بنيران الدفاع الجوي للقوة الجوفضائية للحرس الثوري” في محافظة هرزمكان جنوب إيران، هذه الطائرة هي مفخرة الصناعة الحربية الأمريكية .

Résultat de recherche d'images pour "‫بحري العرفاوي‬‎"

الطائرة أقلعت من الأراضي الإماراتية يقول الإيرانيون وقد رصدوا مسلكها منذ انطلاقها حتى لحظة دخولها الأجواء الإيرانية حيث تم استهدافها على الفور بمنظومة دفاع جوي متطورة جدا ومن إنتاج إيراني خالص “منظومة الدفاع الجوي الصاروخية “3 خرداد” تعتبر منظومة ذات قدرة تحرك عالية وكانت القوة الجوفضائية التابعة الحرس الثوري أزاحت الستار عنها عام 2014”

Résultat de recherche d'images pour "‫إيران ما بعد إسقاط طائرة التجسس الأمريكية‬‎"
ترامب لم يجد الشجاعة الكافية ليعترف بأن الايرانيين أسقطوا الطائرة متعمدين وبكونه سيتخذ موقفا مناسبا بل كان موقفه موقف الخائف المرتبك حين زعم بأن عملية إسقاط الطائرة قد يكون خطأ أو لعل أحد “الحمقى” قام بالعملية دون أخذ قرار من القيادة العسكرية وكأنه يقول للإيرانيين ها أنا أوجدت لكم بابا للتملص من المسؤولية كي لا نذهب بعيدا في الأزمة.
ترامب يريد التخفيف من وطأة الحدث فأشار إلى كون الطائرة لم تكن آهلة وإلا لكان الأمر مختلفا،يريد إيجاد تبرير لنفسه إذ لم يردّ بكون الحادثة لم تسفر عن ضحايا من الجنود الأمريكان.
إسقاط طائرة التجسس الأمريكية من قِبل الدفاعات الجوية الإيرانية يُعد فصلا مرعبا من فصول المواجهة الأمريكية الإيرانية ، إذا كان ترامب يحاول اختبار جدية الإيرانيين واستعدادهم للمواجهة فها إنهم يجيبونه على الفور ليس فقط بشجاعة وإنما باقتدار وكفاءة عالية ، هذه “صفعة” أخرى يتلقاها ترامب بعد رفض خامنئي المرشد الأعلى للثورة الإسلامية تسلم رسالة ترامب من الوسيط الياباني ، رفض تسلم رسالة يُعتبر إهانة لرئيس أعظم دولة في العالم ويُعتبر شجاعة وعلوّ همة وقوة شخصية وثبات موقف لدى القيادة الإيرانية، قيادة ترفض التنازل عن سيادتها وعن أي جزء من حقوقها وهي تعي بأن التنازل يبدأ صغيرا ثم يتدحرج ليصبح استسلاما خاصة مع إدارة دولة تعودت على ممارسة الابتزاز وعلى “حلب” دول غنية بالثروات فاقدة للشجاعة.
لماذا لم يقم ترامب برد عسكري على الرد الإيراني؟ هل يضمن ألا ترد إيران مرة أخرى وبطريقة أسرع وأعنف؟
يقال أن قوات الدفاع الإيرانية تلقت أوامر مسبقة بعدم انتظار أي قرار للتصرف إذا حصل أي اعتداء بل عليها الإسراع بالردّ وحيث يكون الاعتداء في البر والبحر والجو.
ليس ترامب وحده في ورطة بل من يحتمون به أيضا هم في ورطة أكبر، الإسرائيليون والسعوديون والإماراتيون يفقدون الشعور بالأمان وتتعاظم مخاوفهم سواء انتهت الأزمة بتفاوض أمريكي إيراني ـ ويعلمون أن الإيرانيين لن يقدموا شيئا في تلك المفاوضات ـ أو باندلاع حرب محدودة أو واسعة يعرفون أن الإيرانيين سيردون بقوة على كل المواقع التي ينطلق منها العدوان، ومعلوم أن الأمريكيين سينطلقون ـ عند المواجهة ـ من قواعدهم العسكرية في دول الخليج.
ترامب يبدو متوترا مضطربا في إدارته للأزمة مع إيران فهو لا يكف عن التردد بين التهديد والتهدئة، وها هو بعد تهديده بالرد يسارع بإعلا ن استعداده لمقابلة مرشد الثورة الإسلامية أو الرئيس روحاني.

وكان قد كشف مسؤولون إيرانيون صبيحة الجمعة على كون الرئيس الأمريكي ترامب أرسل عبر العمانيين رسالة للقادة الإيرانيين يؤكد عدم رغبته في الحرب ويدعوهم إلى الحوار ويحذرهم في نفس الوقت من “هجوم وشيك” .
الذي يعرف مزاج الإيرانيين يعرف أنهم لا يفاوضون تحت التهديد وأنهم بقدر عقلانيتهم وبراغماتيتهم فإنهم عنيدون لا فرق عندهم بين تحرير الجغرافيا وتحرير المبادئ والمعاني الكبرى.
معركة السيادة الوطنية لا تُخاض دائما على الأرض وإنما تُخاض في انتصار الإرادة وفي رفض الإملاءات وفي مواجهة التهديدات وفي حماية الثروات الوطنية من الابتزاز الأجنبي والنهب الخارجي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *