مسؤوليات النداء والنهضة والجبهة .. بقلم كمال بن يونس

في الوقت الذي يتواصل فيه التحضير لتشكيل «حكومة الوحدة الوطنية»، التي سوف تكون التاسعة منذ جانفي 2014، توحي كل المؤشرات الاقتصادية والسياسية والأمنية أن خروج تونس من عنق الزجاجة سوف يتطلب وقتا أطول وأنها مقبلة على مواجهة مخاطر اجتماعية وسياسية جديدة لأسباب كثيرة من بينها ضعف الدولة وتشعب صراعات «لوبيات» المال وصناع القرار، في مرحلة استفحلت فيها معضلات الفساد والرشوة.

وعوض أن يتفرغ الجميع لمنع مزيد انهيار قيمة الدينار التونسي ولوقف عجز الميزانية، تستنزف الطاقات مجددا في معارك الكراسي والمواقع، مع تجاهل غريب لحاجة الاقتصاد الوطني والمستثمرين التونسيين والأجانب للاستقرار الحكومي والسياسي والاجتماعي.

صحيح أن كثيرا من أزمات تونس تراكمت خلال الـ60 عاما الماضية لأسباب هيكلية وتاريخية وجيو إستراتيجية.

 وصحيح أن تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في الشقيقة ليبيا وفي كامل الوطن العربي تقريبا أثر سلبا في جهود الإصلاح والتدارك والتغيير.

لكن لا بد من الاعتراف كذلك أن معارك «لوبيات المال الفاسد» والصراعات» الإيديولوجية» تساهم في إنهاك البلاد والعباد وفي إجهاض محاولات معالجة مشاكل الشباب.

لقد اتضح اليوم لكل العقلاء سلبيات الزج بتونس في مستنقع الصراعات الإيديولوجية والحزبية والجهوية والمعارك الهامشية.

ويدرك الجميع اليوم أن مشاكل تونس لا يمكن اختزالها في بعض المسؤولين على مؤسسات الدولة وطنيا وجهويا ومحليا والحاجة لتعويضهم بآخرين سوف يكونون عاجزين بدورهم عن التخلص من ضغوطات «لوبيات» المال والايدولوجيا.

إن نشطاء الـ 204 أحزاب والـ 20 ألف جمعية يمكن أن يساهموا في خدمة الأولويات الوطنية للبلاد من مواقع جديدة إذا تحرروا من ضغوطات الايدولوجيا ولوبيات المال الفاسد.

المطلوب إذن إعادة توزيعالخارطة السياسية وإعلان غالبية الأحزاب عن حل نفسها.

من حق ممثلي كل التيارات أن يعبروا عن مواقفهم وآرائهم ومقترحاتهم بكامل الحرية.

لكن لا يحق لأحد أن يشل البلاد بسبب الحسابات الضيقة والصراعات «الإيديولوجية» الموروثة عن العقود الماضية، أو أجندات بعض «مافيات الفساد والرشوة» التي تغولت في الأعوام الماضية.

إن في تونس 3 تيارات لا رابع لها يمكن أن تستقطب كل الأحزاب والجمعيات في 3 كيانات واضحة:

 تيار الدستوريين والتجمعيين والأوفياء لسياسيات الـ 60 عاما الماضية ـ بزعامة حزب النداء.

 تيار الهوية العروبية الإسلامية ـ بزعامة حركة النهضة ـ الذي أعلن تطوره نحو «حزب وطني مدني مفتوح لكل التونسيات والتونسيين».

 وتيار اليسار الاشتراكي والنقابي بزعامة الجبهة الشعبية، وقد تطور غالبية رمزه من الشيوعية والاشتراكية «الاورثودوكسية» نحو الواقعية والاعتدال و»الاشتراكيةالاجتماعية».

وفي هذه المرحلة بالذات لابد من تجاوز المعارك الإيديولوجية العقيمة، ولا مفر من أن تتوافق هذه الكتل السياسية الثلاثة حول أحد خيارين:

 إما تشكيل «حكومة وحدة وطنية «جديدة مستقرة تمنح مهلة لا تقل عن 3 أعوام.

 أو تشكيل حكومة مستقلين تصوت لفائدتها الأغلبية في مجلس النواب ثم تخضعها للمراقبة داخل قبة البرلمان بهدف دعمها.

إذا لم يتحقق هذا فسيبدأ إرباك الحكومة القادمة مباشرة بعد تنصيبها تمهيدا لمفاوضات حول «الحكومة العاشرة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *