مؤتمر بتونس شهد دعوات للعمل المسلح داخل إيران

عبد الستار بن موسى وراضية النصراوي وخليفة الفتايتي ضيوف حركة الأحواز

 

اتهم متدخلون خلال مؤتمر دولي حول قضية “إقليم الأحواز”، إيران بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في الإقليم، مطالبين الأمم المتحدة وهيئاتها المعنية بحقوق الإنسان إلى وضع آلية لمراقبة حقوق الإنسان في الأحواز ومناطق الشعوب غير الفارسية.

وشارك في المؤتمر الذي انعقد بنزل الشيراتون بتونس العاصمة المحاذي لمقرّ إقامة السفير الإيراني، يومي السبت والأحد 3 و 4 ديسمبر الجاري، سياسيون وحقوقيون من تونس، إلى جانب ممثلين عن منظمات أجنبية وناشطين أحوازيين.

ووضع العلم التونسي إلى جانب العلم الأحوازي على منصة جلسات أشغال المؤتمر.

حضور تونسي

وكان لافتا مشاركة حقوقيين وسياسيّين يساريين تونسيين في هذا المؤتمر الدولي الذي لم يخف الدعم السعودي لانعقاده، مثلما ألمحت إلى ذلك بعض المقالات الصحفية العربية، وكذلك انفراد التلفزات السعودية أو المقربة منها بنقل أشغال المؤتمر (الإخبارية والعربية وأوربيت والمستقبل) واشتركت صحيفتا “الجزيرة” وعكاظ” السعوديتان في نقل نص برقية وكالة الأنباء السعودية (واس) عن المؤتمر. حيث سجل حضور عبد الستار بن موسى الرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وراضية النصراوي رئيسة المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب وهي زوجة حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم ائتلاف الجبهة الشعبية في تونس، وخليفة الفتايتي أمين عام حركة البعث وعثمان بالحاج عمر القيادي بنفس الحزب، وعمر الماجري القيادي بحزب الجبهة الشعبية الوحدوية وعضو مجلس أمناء ائتلاف الجبهة الشعبية سابقا، وعفيف البوني القيادي بحزب البعث خلال الثمانينات وبداية التسعينات، وعبد الرزاق بالعربي مؤسس حزب العدالة التنمية التونسي ومحمد الهاشمي بلوزة والي بنزرت سنة 2011 وعضو سابق بمكتب اتحاد الكتاب التونسيين.

رعاية حكومة أحوازية في المهجر

وتحدث المشاركون في المؤتمر عن “الاعتداءات الممنهجة والخطيرة التي يقوم بها النظام الإيراني منذ احتلال الأحواز وسعيه الحثيث لتبديل الهوية العربية والتهجير القسري والتمييز العنصري والتطهير العرقي الممارس ضد الشعب الأحوازي”.

وأوصى البيان الختامي لهذا المؤتمر برفع مستوى قضية احتلال الأحواز إلى مستوى القضايا العربية الأخرى مثل القضية الفلسطينية.

وتوقع حبيب أسيود نائب رئيس حركة النضال العربي لتحرير الأحواز الإعلان قريبا عن الحكومة الأحوازية في المهجر ممثلا شرعيا للأحواز، وهو ما يتطلب توفير الرعاية السياسية لهذه الحكومة ودعمها، حسب قوله.

وأثنى أسيود على تونس، البلد المستضيف للمؤتمر، شعبا وحكومة على المبادرة باحتضان المؤتمر. وأضاف بأنّ العرب مدعوّون إلى “نقل المعركة داخل الأراضي الإيرانية بعد انتهاكها لحرمات البلدان العربية في لبنان وسوريا واليمن والبحرين، وفق تعبيره. وأكّد المتدخل “شرعية مقاومة الشعب الأحوازي”.

وحسب بعض المتدخلين فلا فرق بين الصهيوني والفارسي في احتلال الأراضي العربية، حسب عبارة محمد الهاشمي بلوزة والي بنزرت خلال سنة 2011.

وأشار النائب في البرلمان الأردني محمد القطاطشة إلى أنّ بلدانا عربية رفضت احتضان هذا المؤتمر، ووجّه تحيّة إلى ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز على دعمه للقضية الأحوازية.

واعتبر الناشط الأحوازي الناصر شعيب انعقاد مؤتمر الأحواز في تونس، “نصرا للقضية الأحوازية”، مؤكداً أنّ نضال الشعب الأحوازي “سيكون بأي وسيلة ممكنة للحصول على حقه في تقرير مصيره”.

وجدير بالذكر أنّ “إقليم الأحواز”  يقع شمال غرب إيران على الحدود العراقية الإيرانية وتبلغ مساحة 185 ألف كلم مربع. وبحسب إحصاء عام 2006 بلغ عدد سكان المدينة مليونا و841 ألف نسمة، والأحواز هي أكبر مدينة في ولاية خوزستان الإيرانية. وحسب بعض المصادر التاريخية فإنّ منطقة الأحواز كانت دولة مستقلة عن الخلافة العثمانية والدولة الصفوية (الإيرانية) إلى حدود سنة 1925 عندما ضُمّ الإقليم إلى إيران بدعم بريطاني. ثمّ أصبحت الأحواز محل نزاع إقليمي بين العراق وإيران، خاصة وأنّها منطقة غنية بالموارد الطبيعية من النفط والغاز كما أنّها المنتج الرئيس لمحاصيل السكر والذرة في إيران.

النضال المسلّح

واعتبر خليفة الفتايتي أمين عام حزب البعث أنّ قضيّة إقليم الأحواز هي من أهم القضايا العربية التي يتم التعتيم عليها “بتواطؤ امبريالي استعماري صفوي”، وفق قوله. وأشاد الفتايتي بحزبه الذي تبنّى ملفّ الأحواز قائلا: “شرف البعث في تونس أنّ رفاقه شاركوا في حركة النضال العربي لتحرير الأحواز”. وأشار أمين عام حركة البعث إلى حلول الذكرى 11 لتأسيس حركة النضال المسلح بالأحواز، ودعا كل الفصائل بمنطقة الأحواز إلى الرقيّ بأنشطتها الميدانية المسلحة من أجل تحرير أرضهم، حسب قوله. وأضاف أنّ البعثيين في تونس كان لهم شرف معايشة مآسي “شعب الأحواز”، وذكّر المتحدّث باستشهاد 3 منتمين إلى التيار البعثي في مواجهة “العدوّ الفارسي”، وفق قوله، وهما منير جعيدان ورشيد البحري.

وشدّد الفتايتي على أنّ “الوحدة العربية تبدأ بتحرير الأحواز ثم فلسطين”، وكشف أنّ حزبه أعطى تعليمات لجناحه الطلاّبي في الجامعة التونسية (الطليعة) برفع علم فلسطين بجانب علم الأحواز في التظاهرات الطلابية.

بن موسى: فلسطين والأحواز

ودعا عبد الستار بن موسى الرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى الاعتراف بحق الشعب الأحوازي في تقرير مصيره وإنهاء ما وصفه بـ”الاحتلال الفارسي”. وقال إنّ ملف الأحواز “قضيّة عادلة يدعمها كلّ مناضلي حقوق الإنسان في تونس، مثل دعمهم للقضية الفلسطينية”.

ودعا عمر الماجري، القيادي بحزب الجبهة الشعبية الوحدوية وعضو مجلس أمناء ائتلاف الجبهة الشعبية سابقا، الأحزاب التونسية بإدراج موضوع “دعم تحرير الأراضي العربية” ضمن برامجها.

وشهدت جلسة المؤتمر الافتتاحية حضور عدد من طلبة البعث “الطليعة العربية” ردّدوا شعارات مساندة للأحوازيين على غرار “يا أحوازي لا تهتمّ، حرّية تُفدى بالدم”.

تونس واستعداء إيران

وصفت صحيفة “اليوم السابع” المصرية سماح الدولة التونسية بانعقاد هذا المؤتمر بأنّه “ثمن مساعدات الخليج”. وقالت الصحيفة: “لم ينقض سوى أسبوع واحد على المليارات الخليجية التي تساقطت على تونس لدعم اقتصادها المنهار خلال أعمال “المؤتمر الدولي للاستثمار تونس 2020″، وبدأت الدولة الإفريقية في دفع الثمن مقابل حزمة المساعدات.. بتوجيه ضربة لعدو الخليج الأول “إيران”. وتابعت الصحيفة: “حرصت السلطات التونسية على الترتيب للمؤتمر في صمت وبهدوء ولم يتم الإعلان عنه إلا قبل انعقاده بساعات مما مثل مفاجأة للجانب الإيراني، الذى أعرب عن غضبه مما يؤشر على بوادر أزمة دبلوماسية وسياسية وشيكة بين طهران وتونس”.

البعث العراقي والبعث السوري

يثير حضور جزء من التيار البعثي والقومي في تونس في مؤتمر معاد لإيران، وترعاه بشكل خفيّ المملكة العربية السعودية، تساؤلات تتعلق بدواعي استعداء حليف النظام السوري الذي تسانده هذه التيارات في الحرب الدائرة في سوريا. ويرجّح أن يكون ولاء الشق البعثي الحاضر في المؤتمر، لتنظيم البعث العربي الاشتراكي العراقي هو الدافع لالتزامهم بالتصدّي لـ”التوسع الإيراني”، حيث يعاين البعثيون في العراق دور إيران وحضورها السياسي والعسكري المساهم في الأزمات القائمة في هذا البلد، دون نسيان ذاكرة عشرية الحرب العراقية الإيرانية التي دارت رحى جزء منها على أرض الأحواز، وكذلك إعدام الرئيس صدّام حسين بأيدي موالين لإيران.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *