في ندوة “ليبيا بين الصراع المسلح و التوافق السياسي” : تونس تُحذّر و تؤكد الحل ليس عسكريا

مغرب نيوز – عزيزة بن عمر

صراع جديد و فوضى أمنية خطيرة تعيشها طرابلس بسبب التخبط السياسي و الاقتصادي و الخلافات المستمرة بين الفصائل المسلحة، التي تسعى الى تحقيق مكاسب خاصة، هذه الاوضاع بحسب بعض المراقبين، ستسهم بتدمير العاصمة و تعيدها إلى سيناريو 2012 حينما كانت تحت قبضة كتائب أمنية من مختلف المدن الليبية 2011، و منذ سقوط نظام القذافي في 2011، تعاني طرابلس من هيمنة الفصائل المسلحة المتنازعة على الثروة و السلطة. و تتنازع السلطة في ليبيا حكومتان متنافستان، الأولى حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا ومقرها طرابلس ويديرها فايز السراج والثانية حكومة موازية في شرق البلاد يدعمها “الجيش الوطني الليبي” وأعلنها المشير خليفة حفتر من جانب واحد.و في هذا الإطار نظّم مركز “الدراسات الاستراتيجية و الدبلوماسية”  اليوم ندوة حول مستجدات الوضع في ليبيا، بعنوان: “ليبيا بين الصراع المسلح والتوافق السياسي”، حيث ناقش مختصون ليبيون و تونسيون التطورات الأخيرة في ليبيا، مؤكدين أنّ دور دول الجوار يبقى مهماً في تطويق الأزمة، وتجنّب مزيد من سفك الدماء.

قال الكاتب و الصحفي الليبي محمد كشادة لمغرب نيوز إن ليبيا تعاني نزاع مسلح و أزمة عميقة في غياب تام للحلول السلمية التي تهدد الوجود الليبي ، معولا على البلدان العربية خاصة دول الجوار في حل الأزمة.كما شدد الصحفي على الدور التونسي الجزائري في الوقوف إلى جانب ليبيا في “محنتها ” رغم ما تعيشه الجزائر في الأونة الأخيرة و نأمل  من أن  تونس و الجزائر أن يكون لها دورا أكبر ” جيراننا و مصير واحد و حدود مشتركة “و وصف كشادة الأزمة بالمعقدة سيما مع وجود اتفاق الصخيرات و حكومة الوفاق مع تنفيذ الاتفاق السياسي و الملتقى الجامع الذي يفترض إجراءه غدا لخلق توازن بين الفرقاء السياسيين ، إلا أن الحرب على طرابلس دفعت بالوضع إلى مرحلة أكثر تعقيدا اليوم .و قال الكاتب إن من المخاطر التي تهدد ليبيا هو استمرار الحرب التي تفتح ليبيا على جميع السيناريوهات حجم الدم و الأحقاد و سيناريو التقسيم مستقبلا و تدهور الوضع الاقتصادي ، مطالبا من المجتمع المدني و المثقفين و الإعلاميين بدعم الحل السلمي في ليبيا .

السيناريوات المطروحة اليوم الحسم السريع لقوات الثوار و جكومة الوفاق و هذا من الصعب جدا نظرا لوجود مرتزقة و قوة إقليمية و دولية توجه الصراع في ليبيا ، مؤكدا أنه سيتم وقف إطلاق النار في القريب جدا ، آملا في الوقت ذاته أن لا يكون ذلك بداية لكل طرف حتى يُهيىء نفسه لحرب جديدة .هذا و أكد الصحفي كشادة أن حفتر اختار التوقيت المناسب لضرب طرابلس حتى لا يلتئم المؤتمر الوطني الجامع الذي يفترض باتجاه حل سلمي  و سياسي .

و قال الأكاديمي و الباحث الليبي محمد إسماعيل  لمغرب نيوز إن  المواجهات دخلت يومها العاشر في ليبيا وسط صمت المجتمع الدولي الذي اختصرت ردة فعله على التنديد لا غير” هكذا استهل الأكاديمي الليبي محمد اسماعيل حديثه عن واقع الأزمة الليبية .كما أضاف اسماعيل  أن القوى الإقليمية أججت الأوضاع في ليبيا في الوقت الذي كان يستعد فيه المواطن الليبي لانعقاد الملتقى الجامع الذي كان مقررا ليوم الغد 14 أفريل و الذي كانت تُعول عليه الأطراف الليبية لتسوية الأزمة سياسية .من جهة آخرى قال الأكاديمي أن خليفة حفتر يريد الحل العسكري و هو المشروع الذي انطلق فيه منذ 2014 بإيعاز من المنظومة الدولية التي أعطت الضوء الأخضر لتنفيذه ليس حبا في حفتر بل في كيفية الاستحواذ على ثروات ليبيا، زد على ذلك دخول بعض الدول العربية على خط كالإمارات و السعودية لتتحول ليبيا إلى ساحة لتصفية الحسابات على حساب استقرار ليبيا .

كما أبدى محمد اسماعيل تخوفه من مواصلة العمليات العسكرية و التي أصبحت على مشارف طرابلس وسط صمت دولي ” رهيب” ، قائلا أذا انتصر الحل العسكري في ليبيا ستكون الفاتورة باهضة الثمن.

في السياق، قال رئيس “مركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية”؛ وزير الخارجية رفيق عبد السلام،اليوم السبت، إنّ تونس “تحاول القيام بما تستطيع رغم أنّها لا تمتلك مفتاحاً سحرياً لحل الأزمة الليبية، ولكن موقفها واضح في دعم الشرعية في ليبيا والحكومة المعترف بها دولياً”.و رأى أنّه “لا بد من حوار سياسي وتوافق وتفاهمات في ليبيا، لا سيما أنّ النزاع المسلح قطع الطريق على الاجتماع الذي كان سيعقد غداً في مدينة غدامس الليبية، بغرض الوصول إلى حلول سياسية وتفاهمات، غير أنّ الصوت اليوم هو صوت السلاح”، مشدداً على “ضرورة تغليب لغة العقل، وانسحاب القوى التي جاءت من منطقة الشرق الليبي، لفسح المجال أمام الحلول السياسية للأزمة”.

ويشدد عبد السلام على أنّه “لا حل عسكرياً للأزمة في ليبيا، لأنّ كل الأطراف تمتلك من القدرات العسكرية الكثير، ومن السلاح ما يمكّنها من المواجهة، غير أنّ أمد الأزمة سيطول أكثر، مما قد يؤثر على الوضع عموماً في ليبيا وعلى الاقتصاد، وسينعكس ذلك على التوازنات السياسية وعلى دول الجوار ومنها تونس”.العسكري في ليبيا ستكون الفاتورة باهضة الثمن.

من جهته، يشير الباحث مهدي ثابت، إلى أنّ “الوضع في ليبيا شديد الاحتقان، ودور دول الجوار كان يجب أن يكون أقوى وأكثر فاعلية، لإسكات صوت السلاح ولكن للأسف الجار الشرقي، وتحديداً مصر، بصدد عدم الدفع نحو الحل السلمي، بل دعم الاقتتال عكس الجزائر وتونس، رغم أنّ دورهما ليس في حجم انتظارات الشعب الليبي، إلا أنّهما يدفعان نحو التعقّل والحل السلمي”.

و أعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، أنّ أعداد النازحين الفارين من القتال في العاصمة الليبية طرابلس ومحيطها وصل إلى 10 آلاف شخص مدني.وأكدت أنّها “تواصل مراقبة التطورات على الأرض في ليبيا”، محذرة من أنّ “القتال يؤثر أيضاً على الوضع الاقتصادي، مع زيادة عمليات السحب النقدي من البنوك وتخزين السلع المتوقع أن يؤدي إلى تفاقم نقص السيولة وارتفاع أسعار السلع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *